20-03-14, 02:43 PM
|
المشاركة رقم: 34
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
كاتب متألق |
الرتبة: |
|
الصورة الرمزية |
|
|
كاتب الموضوع :
نسيان
المنتدى :
القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
يسعد مساكم من اروع ما قرأت اليوم رساله و لكن من اروع الرسائل لن اطيل اقرأو معي التاريخ و استمتعوا و تاسوا على ما كان
رغم الألم والتفتت الذي مزق الأندلس إلى 22 دويلة، أسقطهم التخاذل والتآمر والركون إلى الدنيا، فإن هناك نماذج محدودة، كانت تمثل العزة والأنفة، والتي لا يمكن تجاوزها، لذلك لم ينسَها التاريخ ولم يظلمها.
ذكرنا أن غالبية الأمراء المسلمين في ذلك الوقت كانوا يدفعون الجزية إلى ألفونسو السادس ومن معه، عدا أمير واحد، رفض أن يدفعها اعتزازا بدينه، وهو المتوكل بن الأفطس، أمير مملكة بطليوس.
تلك المملكة الصغيرة جدا، رفض أميرها بن الأفطس، أن يدفع الجزية، ورفض أن يكون ذليلا كغيره من ملوك وأمراء مملكة الطوائف!
يذكر التاريخ أن ألفونسو السادس، أرسل إليه رسالة شديدة اللهجة، يأمره فيها بدفع الجزية، والخضوع له كما خضع غيره.
ليأتيه نبأ عظيم، حيث جاءه رد صاعق ومزلزل، من ضمن ما جاء فيه:
«.. أما نحن فإن قلّت أعدادنا وعُدم من المخلوقين استمدادنا، فما بيننا وبينك بحر نخوضه ولا صعب نروضه، ليس بيننا وبينك إلا السيوف، تشهد بحدها رقاب قومك، وجلاد تبصره في نهارك وليلك، وبالله -تعالى- وملائكته المسوّمين نتقوى عليك ونستعين، ليس لنا سوى الله مطلب، ولا لنا إلى غيره مهرب، وما تتربصون بنا إلا إحدى الحسنيين، نصر عليكم فيا لها من نعمة ومنة، أو شهادة في سبيل الله فيا لها من جنة، وفي الله العوض مما به هددت، وفرج يفرج بما نددت، ويقطع بما أعددت».
تلك الرسالة لم تكن ردا فقط، ولكنها تحمل في طياتها التهديد والوعيد، برجال يعشقون الموت، كما يحب هو وجنوده الحياة.
ذلك الرد المزلزل، جعل ألفونسو السادس يتراجع عن المواجهة، ليقينه أنه لن يحصد مع أمثال أولئك إلا الخسران المبين.
لقد اعتز بن الأفطس بدينه، رغم قلة عدد جنوده وعتاده، فأعزّ الله شأنه، في الوقت الذي أذلّ الله فيه بقية ملوك وأمراء الطوائف المتناحرة، التي لهثت خلف كراسي الحكم والدنيا، إلى أن لفظها التاريخ بأوراقه.
برودكاست: هذا هو التاريخ، لا يرحم المتخاذلين ولا المنهزمين، كما أنه ينسى مواقف الرجال، ولو خرجت متفردة بين الخيانات والطعنات.
ما أحوج أمتنا إلى تلك النماذج، في زمن عزّت فيه مواقف الأسود في أنحائها، وخيّم الذل في أركانها، وانتشرت الخيانة على أسوارها وأبوابها، حتى صرنا نبيت فيها على طعنات العدو، ونصبح على غدر القريب.
لكِ الله يا أمة الإسلام.
|
|
|