الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهذا يوم من أيام أبي بكر -رضي الله عنه- الذي قال عنه -صلى الله عليه وسلم-: (مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّة)،  وفيه فضيلة عظيمة لأبي بكر -رضي الله عنه- في مسابقته في الخير، وفيه حث  لنا أيضًا على أن يكون يومنا كيوم أبي بكر -رضي الله عنه-، أو أن يكون يوم  صومنا كيوم صيام أبي بكر -رضي الله عنه- حيث قال -صلى الله عليه وسلم- مرة  لأصحابه -رضي الله عنهم-: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا)؟قَالَ: أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قَالَ:(فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً)؟قَالَ: أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قَالَ: (فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا)؟قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قَالَ:(فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا)؟قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا.فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّة)(رواه مسلم).
هذه أربعة أمور:
أصبح صائمًا، وتبع جنازة، وأطعم مسكينـًا، وعاد مريضًا، إذا اجتمعت في امرئ في يوم دخل الجنة.
فها أنت -والحمد لله- قد أصبحت صائمًا في رمضان -في زمان شريف-، ويبقى أن تتبع جنازة مسلم، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّىَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ) قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ:(مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ)(متفق عليه).
قال ابن قدامة -رحمه الله- في "المغني 2/474":
"واتباع الجنائز سنة، قال البراء: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باتباع الجنائز، وهو على ثلاثة أضرب:
أحدها:  أن يصلي عليها ثم ينصرف، قال زيد ين ثابت: إذا صليت فقد قضيت الذي عليك،  وقال أبو داود: رأيت أحمد ما لا أحصي صلى على جنائز، ولم يتبعها إلى القبر،  ولم يستأذن.
الثاني: أن يتبعها إلى القبر، ثم يقف حتى تدفن؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّىَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ) قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ:(مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ).
الثالث:  أن يقف بعد الدفن فيستغفر له، ويسأل الله له التثبيت، ويدعو له بالرحمة،  فقد روى أبو داود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا دفن ميتـًا  وقف، وقال: استغفروا له، واسألوا الله له التثبيت، فإنه الآن يسأل" انتهى.
وقال أيضًا:
"ويستحب  لمتبع الجنازة أن يكون متخشعًا، متفكرًا في مآله، متعظـًا بالموت، بما  يصير إليه الميت، ولا يتحدث بأحاديث الدنيا، ولا يضحك، قال سعد بن معاذ  -رضي الله عنه-: "ما تبعت جنازة فحدثت نفسي بغير ما هو مفعول بها".
ورأى بعض السلف رجلا يضحك في جنازة، فقال: "أتضحك وأنت تتبع الجنازة، لا كلمتك أبدًا"