/
عملية اللوزتان ...
حدثٌ آخر يتقلب في عمق الذاكرة ـ حين قررت لي عملية اللوز ...
اللوزتان هما خط الدفاع الأول عن جسم الإنسان إلا أنهما عندي كانتا سببا قوي لمرضي الدائم .
كشفت الفحوصات الطبية المتأخرة عن تعفن إحداهما وبدء الأخرى بالتآكل حد التعفن وقد قررت لي عملية طارئة سريعة
هي ليست خطيرة أو مربكة لكنها بالنسبة لي كطفلة عملية ...
لكم أن تتصوروا خيال الأطفال وتضحكوا منه
عملية لاستئصال اللوزتين هذا يستدعي وجود السكين أو المشرط ربما أربط بحبل أو قيد كي لا أتحرك ربما أراهم وأحس بهم حين يستعملون الأداة الحادة لجرح عنقي وقطع اللوزتين من مكانهما.
حسناً أي الإبر تستخدم لإغلاق الجرح ...؟!نوع الخيط ولونه ترى هل يكون ذاك الجرح ظاهرا حد قدرتي على رؤيته في المرآة أو تلمسه بيدي ...؟
تلك العملية بالنسبة لي كانت خطوات واسعة سريعة نحو النهاية فأنا وبظني أمضي للموت بلا رغبة من طفولتي وبإصرارٍ منقطع النظير من والدي .
أفكر الآن في حماقتنا حين نترك المجال مفتوحاً لمخيلة طفلٍ يمضي للمشفى دون أن نوضح له أهمية ما يقدم عليه وبساطته كما فوائدة ...
مخيلة الطفل دائما سترسم له الخطوات الآتية بصورٍ أكثر تعقيدا منها بالواقع شئنا أم أبينا { هذه حقيقة وجب على الآباء النظر لها بعين الاهتمام والجدية }
جديرٌ بي القول أن أمي وأبي جهدا بإخفاء أمر العملية عني كي لا أخاف ولكن للجيران دورٌ كبير في اتضاح معالم الغد وما يأتي معه.
خرجت من العملية متعبة لأبعد الحدود صاحبتني الآلام الحادة لاسبوعٍ أو يزيد
منعت عن تناول الطعام خوفا على جرحي عشت فترة على السوائل اللبن والبوظة .
وأستغرب كيف الحرمان من أساسيات الحياة يجعل ما نشتهيه بلا طعم
قبل العملية كنت أتحرق شوقا للحصول على قطعة بوظة ولو حصلت عليها كوجبة رئيسية لن أمانع بل سأكون سعيدة .
بعد العملية حرمت الطعام وأتيحت لي وجبتي المفضلة في كل وقت وبل أضحت تشكل وجباتٍ رئيسية ـ وأتعجب من نفسي
كيف فقدتُ طعمها ولذة نكهتها بل كرهتها ورفضت تناولها وكثيراً ما تمنيت الحصول على كسرة خبزٍ جافه عوضا عنها .
يقال { كل ممنوعٍ مرغوب } وقد أدركت حينها أي لذةٍ نجدها في ما منعنا عنه
الآن لن أستغرب كون جهنم حفت بالشهوات
أما الجنة فقد حفت بالصبر وجهاد النفس وما تشتهيه ...
نعم الطريق إلى الجنة طويل شاق على البشر الضعفاء لا يعبرها بسلام إلا من رحم ربي ...أللهم لا تُزِل خطانا واجعل مصيرنا إلى جنة عرضها السماء والأرض
\
/
لكم أن تضحكوا من أحاديثي فأنا كما الكنغر أقفز من حديثٍ لآخر من زاوية لزاوية دون ربط حقيقي بين ما كان وما يعتمل بالنفس
صدقا لا زلت أجهل مدى نجاحي أو حتى فشلي بما أحدثكم به عن الأنا ها هنا
إلى حين عودة
لقلوبكم جنائن الزهر تنحني