أتحدث عن نفسي
حين أحدق بالماضي ...بتلك الطفلة التي غلبتها أحلام جاءت من فرط الخيال
أضحك من نفسي وطفولتي ـ هي أحلام لم تكن قد نضجت كما هي الطفولة تماما.
أحلام وردية جعلت مني طفلةٌ في مهب الضحك والسخرية من قبل الآخرين لم أكن أدرك وربما لا زلت أجهل ...
لماذا ضحكوا من أحلامي ...؟
لماذا نعتوها بالجنون ...؟
كطفلة يتراوح عمرها ما بين السادسة والثانية عشرة من الطبيعي أن تكون أحلامي بسيطة حد السذاجة أو الحمق كما رأى البعض وتتكور في رأسي لتكبر في صدر أمنياتي دون سبب حقيقي فهي أحلام كانت وكذلك تبقى
لا زلت أذكرها ...هي على كثرتها بسيطة ساذجة ورغم بساطتها مستحيلة
لقد حلمت ذات طفولة ــ
أن أكون فارسة تمتطي الجواد لتسابق على ظهره الريح فتكون لها الغلبة أن أمتلك مزرعة كبيرة فيها الكثير من الخيول العربية الأصيلة الشامخة
يــاااااه كم عشقت تلك المخلوقات طفلة وكم هو الحب الذي أكنه لها حتى اليوم كبيرا لا يخضع لسلطة التقلص والرحيل.
نعم يا سادة ...الفرس العربي الأصيل كان معشوقِ طفلة كما أنه لا زال ذاك المعشوق المتربع في أكبر مساحة لهذه النفس .
لن أبحث عن أسباب حبي للخيول كما حبي لوفاء الحيوانات بجميع فصائلها
هذا الحلم لم يكن عيبا أو سخف ربما ...لكنه واجه الكثير من الضحكات الساخرة والكلمات التي لا تحمل أي معنى إلا كسر النفس وعنفوان الحلم .
رغبت أيضا وبشدة أن أسافر إلى أم الدنيا ـ مصر ـ أتجول في شوارع القاهرة أطلع على معالم الإسكندرية وأزور الأهرامات
لقد عشقت مصر في طفولتي وحلمت بها كثيرا وهذا الحلم ضربٌ من جنون
كما هو حلمي بمدينة الحب تلك المدينة التي لم أرسم قلبا ينبض يوما إلا دونت اسمها فوقه إنها ــ باريس ــ
قد يضحك مني كل من مر من هنا ...وكيف لطفلة أن تنظر لباريس على أنها مدينة الحب بل أي الأشياء تعرفُ كطفلة عن تلك المدينة البعيدة القاطنة بالمخيلة والنبض معا.
كون الإنسان حفنة أحلام تمتزج لتنبض في ذاته وترشده أي الدروب يسلك سمحت لنفسي أن تطاول في حلمها
فقد أردت أن أكون رسامة أن يأتي يوما أفتتح به صالة كبيرة أعلق على جدرانها رسوماتي وأعرضها لمتذوقِ الجمال في هذا الفن الرفيع الراقي
\
هنا أتوقف قليلا لأشيح بوجهي صوب ذاك الحلم وتلك الأمنية ...
في طفولتي وقبل صحبة الحروف مارست الرسم لأعبر فيه عن أقاصيص تعتمل في رأسي كطفلة
رسمت موسم القطاف وحاولت تجسيد الحب في قلوب القرويين حول أشجار الزيتون
كما رسمت الطرقات والأزقة الحافلات والمارة كما رأتهم عين الطفولة في شوارع المدينة الصاخبة
رسمت حبات المطر تداعب حين وتأتي كالطوفان أحيان وتلك البيوت الحجرية التي قامت تعلو أنقاض بيوت الطين كما أفسحت للقرية ببساطتها وجمالها وهدوئها في صفحات دفاتري مساحاتٌ بحجم النبض
رسمت الطائرات والصواريخ والبيوت التي تسقط على رؤوس قاطنيها قوافل الحق تمضي للحرية وأعلام فلسطين
كما رسمت أعراس الشهداء حين تزفهم الجموع إلى الأرض أفراح النجاح وتراقص الزهور على ضفاف الأنهار .
بعد فترة بدأت أذيل الرسومات بالكلمات لتكون أكثر نطقا وإفصاح عما يدور في خلدي واستمر الحال إلى أن نبهتني تلك الفاتنة لقدرتي على صياغة القصة
\
من أحلام طفولتي الكثيرة قيادة السيارة ...وأضحك من نفسي وهل ذاك حلم طفلة أيتها الحمقاء ...من أين تسرب إلى ذاتي
بل أي مستحيلٍ كنت أعدو خلفه بلا تردد
\
/
إلى حين عــودة
كونوا بخير