كابوس (( 4 ))
أين أعيش ؟
ردني سؤاله إلى واقع مروع . أعيش في ساحة حرب ولا املك أي سلاح ولا اتقن استعمال أي شيء غير هذا النحيل الراكض على الورق بين أصابعي تاركاً سطوره المرتجفة كآثار دماء جريح يزحف فوق حقل مزروع بالقطن الأبيض .
أين أعيش ؟ يبدو أنني اسكن بيتاً من الشعر (بكسر الشين) . وسادتي محشوة بالأساطير ، وغطائي مجلدات فلسفية ، وكل ثوراتي وقتلاي تحدث في حقول الأبجدية وقذائف اللغة.
أين تعيشين؟ ودوى انفجار .. وشعرت بوخزة : لماذا لم أتعلم المقاتلة بالسلاح - لا بالقلم وحده - من اجل ما أؤمن به ...؟ كم هو خافت صوت صرير قلمي على الورق حين يدوي صوت انفجار ما ..وقررت : أن الوقت ليس وقتاً لتقريع الذات على عادة الأدباء الذين يقعون في أزمة ضمير كلما شب قتال ويشعرون بلا جدوى القلم ... المهم أن أعيش ، فالحياة هي وحدها الضمان لتصليح أي خطأ إذا اقتنعت فيما بعد أنني على خطأ..والوقت ليس وقت مراجعة ذاتية أو حوارات فلسفية .. كانت الانفجاريات تتلاحق ، وقررت أن أواجه الواقع الملموس حالياً وان احدد موقعي من ساحة الحرب بطريقة عسكرية ، وإحصائية !