هل هناك علاقة بين اليتم والعبقرية؟
 

ما سر الطاقة الابداعية؟
من اين يأتي الابداع؟
وهل تولد الحياة من رحم الموت؟
وهل هناك علاقة بين اليتم والعبقرية؟

هذه دعوة مفتوحة للحوار حول واحدة من اهم السمات للشخصية الانسانية؟

لا بد ان هذا السؤال " من اين يأتي الابداع؟" قد شغل المفكرين والمبدعين والمهتمين بالعملية الابداعية منذ القدم....
والذي يغوص في تاريخ الابداع يكتشف بأن المفكرين والمبدعين والمهتمين حاولوا تقديم تفسير لهذه السمة الانسانية الاهم ربما منذ بدء التفكير الابداعي....

فما هو سر الابداع ومن اين يأتي ؟

البعض ظل يعتقد ان سر الطاقة الابداعية ومصدرها شيء مجهول ولا يمكن معرفته...

والبعض قال ان الابداع غريزة تولد مع الانسان

والبعض ظن ان للابداع وادي يسكن فيه الجن وان مصدر الابداع له علاقة بالسحر والجن
وان المبدع انسان تلبسه الجن واعانه على ابداعه؟؟؟؟

فما سر الطاقة الابداعية فعلا وما مصدرها؟؟!!!!

ومع التطور والتراكم المعرفي اصبح ينظر الي الابداع على انه سمة يمكن فهمها وفهم مصدرها وحصل ذلك على وجه الخصوص بعد التوصل الى قانون الطاقة في مجال الفيزياء والذي ينص على ان "الطاقة لا تفنى ولا تستحدث ولكنها تتحول من حالة الي اخرى".... هنا صار البعض ينظر الى الابداع على انه طاقة...

ظل سر الطاقة الابداعية غامضا وقائما حتى القرن التاسع عشر وظل الناس يعتقدون ان امر غامض وربما ان مصدره الجن صانع العباقرة وهم من وادي عبقر ولكن عندما ولد علم النفس وبدأ علماء النفس يدرسون الشخصية الانسانية على اساس ان الانسان نظام طاقة وان التفكير جزء من نظام الطاقة ذلك ومن ثم فان الابداع هو احدى افرازات ذلك النظام....*

فكان ابو علم النفس فرويد اول من وضع نظرية عن مصدر الطاقة الابداعية وتقوم على ان الانسان نظام طاقة.

ويعتقد فرويد ان شغل الانسان الشاغل ومحركه الاساسي هو الجنس . ويرى فرويد ان الانسان الفرد في صراع دائم مع المجتمع الذي يحاول كبح جماح الفرد الساعي للحصول على اللذة الجنسية حتى وهو طفل رضيع . وهو ما يدفع الانسان الي كبت مشاعره حينما تتناقض رغباته الجنسية مع عادات وتقاليد المجتمع. وهذا الكبت يتفجر في لحظة لاحقة فتكون المخرجات على شكل إبداع او ربما جنون؟؟!!

ولذلك يعتقد فرويد ان مصدر الطاقة الابداعية والجنون واحد وهو الكبت الجنسي الناتج عن صراع الفرد الساعي لاشباع رغباته الجنسية مع المجتمع الذي يقف حجر عثرة امام تحقيق الفرد لرغباته. *

طبعا المعروف ان فرويد توصل الي نظريته في التحليل النفسي من خلال علاجه لفتاة مريضه كان اسمها Ann O .

حيث كان طبيبا نفسيا اكلينيكيا يعالج مرضاه عن طريق التحليل النفسي.

وقد مرضت ان او وهي صبية 14 سنة ويقال انها اصبحت بين ليلة وضحاها تتكلم الانجليزية من بين أعراض مرضية اخرى ، رغم عدم معرفة مسبقة بها.

المذكورة كانت قد فقدت الاب وهي في سن الثامنة. ولذلك ربط فرويد بين موت الاب لدى الفتاه وما أصابها من مرض. واعتبر ان العلاقة التي تربط البنت بأبيها هي علاقة جنسية وقد اطلق فرويد على تلك العلاقة اسم عقدة الكترا.

وعزا فرويد اذا وحسب نظريته الي ان ما أصاب الفتاة ليس سوى احباطات جنسية حدثت نتيجة لغياب الاب ولذلك فقدت السيطرة وأصيبت بالمرض النفسي.

يلاحظ هنا ان فرويد لم يجعل لموت الاب بذاته وغيابه من خلال الموت قيمة ذات اثر نفسي الا من خلال اثره الجنسي اي انقطاع العلاقة الجنسية المفترضة بين الابنة ووالدها ( عقدة الكترا ) والابن وامه (عقدة اوديب ) ....

ونذكر هنا بان فرويد اعتبر ان الاحباطات التي تصيب الفرد في تحقيق رغباته الجنسية وما يترافق معها من كبت هي التي تتفجر على ىشكل إبداع او مرض نفسي وفقدان للتوازن .



*

ادلر عالم نفس اخر وهو تلميذ من تلاميذ فرويد وضع نظرية التعويضcompensation theory وافترض ان الابداع عبارة عن حالة تعويض عن إعاقة وحتما هو لم يربط بين اليتم والعبقرية per sea ولم يقل ان العبقرية تأتي من اليتم رغم ادراكه هو ومجموع علماء النفس وعلى راسهم فرويد اهمية الفقد في صنع الابداع.

*

كارل يونغ هو عالم نفس اخر وتلميذ اخر من تلامذة فرويد جاء بنظرية اخرى مغايرة لتفسير مصدر الطاقة الابداعية قائلا بان مصدر الابداع هو حجرات دماغية اسماها archetypes تتراكم فيها المعرفة والخبرة الانسانية وتكون هي مصدر الطاقة الابداعية وهو مثل الاخرين أعطى اهمية للأحداث المأساوية في حياة الطفل لكنه لم يربط بين الابداع والموت . *