![]() |
قصص ذات عبر من التاريح القديم والحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني ... اخواتي سوف اسرد عليكم من اختياراتي قصص من القديم والحديث ذات عبر وعظات أرجو ان تنال اعجابكم وهي تعالج جوانب عده وهي ... اول قصة عن الاستبداد والظلم وعاقبته الوخيمة كما أن المستبدين عرضة للمكاره في أنفسهم وذويهم فقد كان كثير من المستبدين عرضة للقتل والتعذيب ونحوهما. وقد نقل التاريخ: أن ثلاثة من خلفاء العباسيين فقئت أعينهم وألقوا في الشارع حتى اضطروا إلى التكفف من الناس. يقول أحد المؤرخين: رأيت على باب الجامع ببغداد رجلاً يتكفف وقد فقئت عيناه وعلى جسمه قباء خلق ويقول في تكففه: ارحموني أيها المسلمون فإني كنت بالأمس أمير المؤمنين واليوم من فقراء المسلمين. فسألت من هو؟ قالوا: القاهر بالله العباسي! كان خليفة يحكم على البلاد لكنه عتى وتكبر، وطغى وتجبر، واستبد وأذل، حتى اضطر أهله إلى أن يلقوا القبض عليه ويفقؤا عينيه ويلقوه في الشارع وحيث لم يكن له مال اضطر لأن يتكفف، وهكذا فعلوا بخليفة ثان نفس الفعلة حيث قلعوا عينيه وألقوه فــي الشارع، وفعلوا بخليفة ثالث نفس الفعلة فقلعوا عينيه وألقوه في الشارع ولما اجتمع الثلاثة أخذ الأول يقول الحمد لله الذي لم يجعلني وحيداً حتى ألحق بي صديقين آخرين صنع بهما مثل ما صنع بي. |
القصة الثانية لأاحد الخلفاء وهو المتوكل
|
القصة الثالثة
وهي ذات دلاله وعبره
|
[align=center][tabletext="width:80%;background-color:black;border:4px inset silver;"][cell="filter:;"][align=center]
/ \ قصص فيها من العظة والعبرة الكثير لمن علا وأستكبر وظلم اللهم أجعلنا مظلومين ولا تجعلنا ظالمين .. أخي القدير / الخضيري جزاكم الله خيرا على ما نقلتموه من أثر عظيم نتمنى أن يكون ينفعنا وجميع العابرين منه دمت بخير منى ( عذرا : الموضوع أبعد منه للمقال وأقرب منه للعام لذا تم النقل ) [/align][/cell][/tabletext][/align] |
اقتباس:
جزاك الله الجنة احترم كل ما تفعلين بل وأقدر كل افعالك خاصة وأن فيها ادب الاعتذار ((كل الشكر والتقدير لك)) تقبلي فائق التحية والاحترام |
القصة الرابعة
قال البحتري: دار حديث في مجلس المتوكل يوماً عن السيف. فقال أحد الحاضرين: سمعت أن لشخص سيفاً هندياً في البصرة يقلّ مثيله. فأرسل المتوكل إلى عامله في البصرة: بأن يشتري له السيف المذكور مهما كانت قيمته ومهما كلفه الأمر. فكتب له عامله: بأن السيف المذكور قد ابتيع لرجل ذهب به إلى اليمن، فأرسل المتوكل بطلبه رسولاً إلى اليمن فاشتراه له بعشرة آلاف درهم وأتى به إلى المتوكل فلما رآه المتوكل فرح به فرحاً شديداً. وفي اليوم الثاني من وصول السيف قال المتوكل للفتح بن خاقان: ابحث لنا عن غلام شجاع ذي نجدة حتى أعطيه هذا السيف فيقف على رأسي ويحميني. فقال له الفتح: لقد اتصف (باغر) بهذه الصفات التي أردتها. فقال المتوكل: علي بإحضاره فحضر. وأعطاه الأمر، وسلّمه السيف، وأمر برفع رتبته وزيادة حقوقه. قال البحتري: أن السيف المذكور والذي لم يخرج من غمده لدفع أعداء المتوكل سلّه (باغر) على المتوكل وقطعه به إرباً إرباً. |
القصة الخامسة (( من الواقع المعاصر ))
******** type=text/**********>googletag.display('div-gpt-ad-1361274212657-2');*********** قصة 3 شباب حصلوا ع فتاه قصه واقعيه في السعوديه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثلاثه شباب وجدو فتاة ضايعه تعالوا شوفوا وش سوو فيها (قصة واقعية اقدم لكم هذي القصة الواقعية ...................... وليست من نسج الخيال........................ ..... إليكم هذه القصة الحقيقية: .................. كان الأخوان عائدين من الجنوب بعد أن شارفت إجازتهما الصيفية على الانتهاء، كل منهما قد استقل هو وعائلته سيارته ( السوبربان )، وبعد أن تناول الجميع طعام الغداء على جانب الطريق ركب كل منهما سيارته دون أن... يكلّف نفسه نظرة خاطفة للتأكد من وجود جميع أفراد أسرته، ولو فقد أحدهم فسيجزم أنه مع أبناء عمًه، عادت الفتاة ذات العشرين ربيعاً من قضاء حاجتها لتجد المكان خالياً من أهلها. كادت أن تجن ويذهب عقلها من هول الصدمة!! يـــا الله أين ذهبوا؟ وماذا أفعل؟ وأين أذهب؟ ظلت تبكي وتصرخ حتى كادت ضلوعها أن تختلف، وأخيراً قررت أن تتلفع بعباءتها وتمكث بعيدا عن الطريق ولكن قرب المكان الذي فُقدت فيه، لعل أهلها إن فقدوها أن يعودوا من قريب!! بعد فترة من الزمن، مرًت سيارة فيها ثلاثة من الشباب، كانوا عائدين إلى مدينتهم، حين لمح أحدهم سواداً فقال للسائق: قف؟ قف؟ صيد ثمين!!. وقفت السيارة وأقترب السائق من الفتاة، وإذا به يسمع نحيباً وما إن اقترب منها حتى صرخت الفتاة في وجهه صرخة خائف وقالت: أنا داخلة على الله ثم عليك، أنا فقدت أهلي، وأسألك بالله أن لا يقترب مني أحد. ظهرت نخوة الشاب التي تربى عليها، فلم تكن هيئته تدل على تدينه، ولكنها نخوة المسلم التي لا تخون صاحبها، قال لها: لا عليك يا أختاه، واعتبري من يقف أمامك أحد محارمك إلا فيما حرًم الله، قومي ولا تخافي فلا يزال في الدنيا خير، ولن أتركك حتى تجدي أهلك أو تصلي إلى بيت أهلك سالمة. اطمأنت الفتاة لكلام الشاب الشهم، وركبت معه وزميلاه السيارة، وأصبحت ترمق الطريق علّها ترى سيارة والدها، وفي أثناء الطريق أحست بيدٍ تريد لمسها، فقالت وهي ترتعد من الخوف: ألم تعدني أنك ستحافظ عليّ؟... أين وعدك؟ أوقف السيارة، وبعد أن أخبرته الخبر، أخرج مسدسه ووجهه إليهما وقال: أقسم بالله لو اشتكت مرة أخرى من أحدكما أن أفرغ المسدس في رأسه يا أنذال!! أليس عندكما حميّة، فتاة منقطعة وفي أمس الحاجة لكما وأنتما تساومانها على عرضها. مضى في طريقه وقبيل غروب الشمس رأى سيارة ( سوبربان ) مسرعة، نظرت الفتاة وكلّها أمل أن تكون سيارة أبيها، نعم إنه أبوها وعمها، صاحت: إنه والدي !! وقفت السيارة ونزل منها رجل هو أشبه ما يكون برجل فقد عقله وأختلّ شعوره. نزلت الفتاة وعانقت والدها، وهو يتفحصها كالذي يقول هل حدث لك ما أكره؟؟ ردت الفتاة قائلة: لا عليك يا والدي فقد كنت في يد أمينة ( تشير إلى السائق ) ووالله إنه لنعم الرجل أما صاحباه فبئس الرجال. عانق الأب والدموع تتحادر من وجنتيه ذلك الشاب الشهم، وقال له: حفظك الله كما حفظت عاري، ثم أخذ عنوانه واسمه، وطلب منه اللقاء عند الوصول. وبعد أسابيع اجتمع الجميع بعد أن طلب الأب من الشاب أن يحضر هو ووالده ومن يعزّ عليه في مناسبة تليق بالحدث. انفرد والد الفتاة بالشاب، وقال له: يا بني لقد حفظت ابنتي وهي أجنبية عنك، وستحفظها وهي زوجة لك، والأمر يعود لكما. لم تمانع الفتاة أن تسلم نفسها لهذا الشاب الذي حافظ عليها هي غريبة عنه في أن يكون زوجاً لها على سنّة الله ورسوله، وكانت المكافأة التي لم يكن ينتظرها الشاب عبارة عن عمارة سكنية أهداها له والد الفتاة، حيث سكن في شقة منها وأجّر الباقي |
القصة السادسة (( واقعية))
سر الشباب الدائم قصة حقيقية هل تعلمون ما هو سر الشباب الدائم , تأمل قصة هذا الرجل إنه رجل فقير بسيط يسكن في قرية صغيرة , استغرب الزائرون لهذه القرية كيف أن هذا الرجل بالرغم من تقدمه في العمر كأنه شاب ما شاء الله تبارك الله تعالى , أخبروا أهل القرية كل زائر عن قصته إنه إذا كان موجود في مجلس وتحدث أهل المجلس بالغيبة أو النميمة يعتذر منهم , ويترك المجلس في الحال , كما إنه بالرغم من فقره لا يقبل الصدقة أبدا وكل من يحاول يساعده يقول له الحمد لله أنا غير محتاج , وهو أحوج الناس |
هكذا علمتني الحياة بقلم :محمود شيت خطاب بنى أحد ولاة الموصل على عهد العثمانيين جامعاً ضخماً في حي: "باب الأبيض" من مدينة الموصل.. ولا يزال ذلك الجامع قائماً حتى اليوم، وخصص الوالي لذلك الجامع شيخاً من الشيوخ ليكون إمام الجامع وخطيبه. ولما اكتمل بناء الجامع، وأصبح عامراً بالمصلين، سأل الوالي يوماً من الأيام شيخ الجامع: "ما عسى أن يكون لي من أجر عند الله تعالى لقاء تشييدي هذا الجامع الكبير ؟ ". وأطرق الشيخ إمام المسجد طويلاً، ثم قال للوالي:"لابد لي من مراجعة الكتب لأستطيع أن أقدم لك الجواب". وضرب الشيخ للوالي موعداً أن يحضر المسجد مساء اليوم التالي ليسمع جواب سؤاله. ولم يكن الوالي مستقيماً في عمله ولا نزيهاً، وكان ظالماً قاسياً، يصادر أموال الناس ظلماً، ويحب المال حباً جماً، ويكتنـزه حلالاً وحراماً!!. وقدم الوالي إلى الجامع في الموعد المضروب وهو يتوقع أن يسمع من الشيخ ما (يحب) لاما (يجب) أن يسمع، وذهبت به أمانيه كل مذهب، فعاد إلى الشيخ مستبشراً مساء اليوم الموعود، مؤملاً أن يفضي إليه بالجواب الذي يشرح الصدر ولو إلى حين. وكان الشيخ من علماء الرحمن.. لا من علماء السلطان.. وكان ذلك الوالي يطربه سماع ثناء علماء السلطان، فتوقع أن يسمع ثناءً جديداً كالمريض الذي يريحه المخدر ولا يشفيه. وأخذ الشيخ بيد الوالي إلى باب الجامع، ووقفا جنباً إلى جنب، وكانت الشمس في ذلك الوقت تنحدر رويداً رويداً إلى المغيب. وكان سكان حي باب الأبيض (باب البيض) من مدينة الموصل يقتنون الأبقار والأغنام في بيوتهم، وكانوا يوكلون أمر رعايتها إلى أحد الرعاة الذي كان يأخذها من أصحابها صباح كل يوم ويعود بها إليهم قبيل غروب الشمس، ويقضي ساعات النهار في رعيها في مراعي الموصل الغنية بالأعشاب في السهول والهضاب والوديان. وكانت تلك الأبقار والأغنام لكثرة ما تخرج من دور أصحابها صباحاً، وتعود إليها قبيل حلول الظلام قد ألفت طريقها إلى دور أصحابها وعرفتها..فهي تخرج منها وتعود إليها بغير دليل. وأقبل الراعي يهش بعصاه على أبقاره وغنمه وهي في قطيع كبير، والشيخ والوالي يقفان على باب الجامع يتجاذبان أطراف الحديث، والراعي يهش على قطيعه وهي فرحة بالعودة إلى حظائرها، فانطلقت الأبقار والأغنام إلى أصحابها، وعاد الراعي إلى أهله يتوكأ على عصاه. وابتسم الشيخ الوقور وهو يرى القطيع ينفض عن الراعي ليلحق بدور مالكيه، فيعود الراعي إلى أهله وحيداً، وقال للوالي والابتسامة تضيء وجهه الوقور: "مثلك عند الله في جزاء ما أنفقت في بناء هذا الجامع كمثل هذا الراعي فإذا كان لك شيء في القطيع من الأبقار والأغنام،عدت بها إلى أهلك، وإلاّ تفرقت أبقار وأنعام القطيع، وعادت كل واحدة منها إلى دار صاحبها، وعدت أنت صفر اليدين". وازدادت ابتسامة الشيخ اتساعاً وإشراقاً، وازداد وجه الوالي تقطيباً وعبوساً وعاد الشيخ إلى مسجده لصلاة المغرب، وعاد الوالي إلى بيته غضبان أسفاً!!. وفهم الوالي أنّ أجره عند الله في بناء الجامع هو بمقدار ما قدمه في بنائه من ماله الخاص الحلال.. أما ما قدّمه من ماله الحرام فيعود أجره إلى أصحابه يوم تعود الحقوق إلى أهلها ذاتياً يوم الحساب. كان اسم هذا الشيخ الجليل عليه رحمات الله "داود الكرحة" الذي توفي سنة 1344 هـ ( 1925م) فشيّعته الموصل كلها إلى مقره الأخير، وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً.. لأنّه كان من علماء الرحمن .. لا من علماء السلطان، وهطلت عليه الرحمات من أفواه المشيعين كأنها شآبيب الأمطار في يوم مطير. لقد أثرت هذه القصة الواقعية في نفسيتي منذ كنت طفلاً، وكنت ولا أزال وسأبقى أذكرها وأذكر حكمتها: المال الحلال خير وأبقى. وقد تأثرت في حياتي العملية بثلاث قصص من الواقع، أرويها كما حدثت ببساطة.. لكنها على بساطتها أثرت فيّ تأثيراً لا تمحوه الأيام، وسيبقى تأثيرها معي ما بقيت على قيد الحياة!! وهدفي الأول والأخير من روايتها هو العبرة لمن يعتبر.. لعل الله يفيد بها غيري من الناس. أما الأولى: فقد حدثت يوم كنت طفلاً في الخامسة من عمري على أكثر تقدير.. فقد طرق باب دارنا فقير من الفقراء، فأسرعت جدتي التي كانت ترعاني إلى الباب، ثم عادت مسرعة إلى غرفتها بدون ثوب، فأخرجت من خزانة ثيابها ثوباً آخر، وأنِسَت به، وهي تحمد الله وتشكره وتثني عليه.. وقالت: ـ كان الفقير في أسماله يرتجف من البرد القارص، فخلعت ثوبي وكسوته به، ففرح بالثوب فرحاً عظيماً، ومضى إلى سبيله شاكراً ممتناً فرحاً، وهو يجهش بالبكاء من الفرح الغامر لا من الحزن الشديد!!. ومن يومها عزمت ألاّ أردّ سائلاً..فإذا عجزت عن معونته بالمال، أكرمته بما يتيسر من لباس أو متاع أو طعام، وإلاّ صرفته بالحسنى معتذراً منه، على نية أن أقدم له ما أستطيع في موعد قريب. وأكرمني الله سبحانه وتعالى بما لا أستطيع وصفه وبيانه، وحسبي أن أذكر أن فضله كان عليّ عظيماً.. فما احتجت إلى شيء مادي أبداً..وما ضاقت عليّ الأمور إلاّ وجعل الله لي من أمري مخرجاً، ومن عسري يسراً، ورزقني من حيث لا أحتسب.. ولقد حوربت في رزقي مراراً، فظنّ الذين حاربوني أنني سألجأ إليهم محتاجاً.. ولكنني لم ألجأ إلاّ إلى الله وحده، وكان الله يعوض عليّ فوراً، ويرزقني من حيث لا أحتسب . وقد يسد البشر باباً من أبواب الرزق.. فإذا وثق المؤمن بالله ، ولجأ إليه فتح له أبواباً للرزق، وصدق الله العظيم: )يمحق الله الربا ويربي الصدقات((البقرة:276). أما القصة الثانية: فحدثت يوم كنت في العاشرة من عمري، تلميذاً في مدرسة "باب البيض " الابتدائية بالموصل الحدباء.. فقد اختار مدير تلك المدرسة عدداً من تلاميذ كل سنة من سني المدرسة من الذين كان آباؤهم من ذوي اليسار والغنى، وطلب من كل واحد منهم مبلغاً صغيراً من النقود لشراء الدفاتر والأقلام والكتب المدرسية والثياب لأحد التلاميذ المعوزين في المدرسة.. وكان ذلك الطالب الفقير قد قرر أن يقطع دراسته وينقطع عن المدرسة نهائياً..لأن أهله عاجزون عن سد نفقاته المدرسية، فحرص مدير المدرسة على أن يوفر له ما يحتاج إليه من نفقات مدرسية، ليستأنف دراسته كزملائه التلاميذ في المدرسة كالمعتاد. ولم يذكر مدير المدرسة اسم التلميذ الفقير المُعدم ولكن اسمه لم يبق سراً.. بل انتشر اسمه بين التلاميذ، وبخاصة التلاميذ المطالبين بجزء قليل من المال لسد نفقاته المدرسية الضرورية المعتادة. وما كانت الدولة يومها مسؤولة عن تغطية نفقات الدراسة للدارسين، ولكن التعاون الوثيق بين أولياء أمور التلاميذ والطلاب في مختلف المراحل التعليمية من جهة، وبين إدارة المؤسسات التعليمية والمعلمين والأساتذة من جهة أخرى كان يغطي تلك النفقات. فقد كان المعلم معلماً وأباً لتلاميذه، وكان الأستاذ أستاذاً وأباً لطلابه، وكانت إدارات المدارس والمعاهد والكليات تقوم مقام المعلم والأستاذ من جهة، ومقام الأب والأخ والأهل من جهة أخرى، وكانت الدنيا بخير، يجد فيها من يضعف عن إكمال دراسته من يواسيه ويعينه حسبة لله تعالى، فلا يضعف ولا يشقى. وطلبت من والدي عليه رحمة الله حين عدت إلى البيت أن يدفع لي المبلغ الصغير من المال لأقدمه لمدير المدرسة الابتدائية صباح اليوم التالي، وذكرت له أن المبلغ يضم إلى المبالغ الأخرى من التلاميذ الآخرين لينفق إلى فلان ابن فلان الفقير العاجز عن إكمال دراسته لفقر أهله الشديد. وأطرق الوالد ملياً حين سمع اسم التلميذ واسم أبيه واسم عائلته، واستغرق في إطراقه. حتى خيل إلي أنه أخذ لنفسه إغفاءة، وظننت به الظنون، ثم رفع رأسه متنهداً وقال لي: " قبل عشرين سنة تقريباً كنت في زيارة جد هذا التلميذ الذي ذكرت اسمه، وكنت برفقة جدك لأمك أستاذي وشيخي، وكان جد هذا التلميذ يشغل منصباً رفيعاً مرموقاً في الحكومة القائمة بالموصل.. ولكنه كان يستغل منصبه لمنفعته الشخصية.. لا لمنفعة الدولة والناس. وفي ذلك المجلس في ديوانه الكبير الغاص بالزائرين من علماء ووجوه انطلق جد هذا التلميذ على سجيته، يحدث زواره عن القرى والأملاك والمنافع التي أصبحت ملكاً له في الموصل وما حولها، ثم قال: ـ الحمد لله.. لقد أمنت مستقبل أولادي وأحفادي وأبناء الأحفاد.. فإذا متّ فسأرحل قرير البال على معيشتهم بنعمة وترف وثراء!!. وتنهد الوالد تنهداً عميقاً وهو يخرج كيسه ويسلمني ما طلبت منه من نقود، فتسلمت النقود واستقرت في جيبي، وارتسمت على وجهي ابتسامة عريضة.. لأن مدير المدرسة سيرضى عني.. ولكن والدي استأنف حديثه معي فقال لي: " وهذا هو حفيد ذلك الجد الذي جمع ماله من الحرام، يجمع له المدير هذا المال.. لأن والده افتقر بعد غنى.. وذل بعد عز.. لأن ماله الذي ورثه عن أبيه مال حرام.. ولو كان حلالاً لما أتلفه الله سبحانه وتعالى بهذه السرعة وهذا الوقت القصير !!". وسكت والدي طويلاً، وكنت ساهماً أتدبر كلماته: مصير المال الحرام، ثم قطع عليّ تفكيري بقوله: " هذه نقود إضافية ادفعها للمدير أيضاً، والحمد لله على المال الحلال ". ولا تزال كلمات والدي ترن في أذني كل ساعة وكل يوم: . "الحمد لله على الرزق الحلال" كأني أسمعها منه في هذه اللحظة، وقد مضى إلى جوار ربه قبل سنوات، وسمعتها من قبل ستين سنة تقريباً.. وكلما مرت السنون بأحداثها ازددت يقيناً بهذه الحكمة: "الحمد لله على الرزق الحلال". بل ازددت إيماناً بحكمة جديدة بعد أن تبدلت النفوس، وتضاعف تكالب الناس على المادة.. فقد علمتني الحياة أن المرء الذي يريد أن يصون شرفه من أن تنهشه الألسنة التي لا تخشى الله، وتخوض في أعراض الناس، عليه ألاّ يبتعد عن المال الحرام فحسب.. بل عليه أن يبتعد عن كثير من المال الحلال أيضاً ليصون شرفه وعرضه في الدنيا.. وهو بحرمان نفسه من الحلال لا يكاد ينجو بشرفه وعرضه إلاّ بشق الأنفس!!. أما بركة الاقتصار على الرزق الحلال فهي نعمة عظيمة تشمل الأهل والولد، والحاضر والمستقبل.. وهي حماية وضمان.. ولكن يا ليت قومي يعلمون. أما القصة الثالثة التي تركت عبرتها الباقية في نفسي فقد حدثت يوم كنت في العشرين من عمري.. حيث كنت ضابطاً صغيراً في مقتبل حياتي العسكرية، أعمل طالباً في مدرسة الفرسان ببغداد. فقد عرضت للبيع أرض للأوقاف النبوية على الضباط والموظفين بثمن بخس، وجرى تعميم هذا العرض على الضباط وأصحاب المناصب العليا من الموظفين، فتسلمت نسخة من هذا العرض. كان ثمن المتر الواحد من تلك الأرض الوقفية عشرة فلوس(قرش واحد)، وكانت الأرض قريبة جداً من أبنية بغداد وأسواقها وقلب العاصمة، وكان باستطاعة الضابط أن يتملك من تلك الأرض آلاف الأمتار ببضعة دنانير يدفعها أقساطاً. وحملت هذا العرض في ورقته الرسمية إلى والدي، فقرأ العرض، وتوقعت أنه سيفرح به.. ولكني رأيته قد تمعر وجهه، واتَّقد غضباً لله تعالى، ثم رمى العرض بوجهي قائلاً: " يا ولد!! هذه الأرض أوقاف نبوية لا تباع، وهذه الورقة لا تحلل ولا تحرم، ولا ينجيك كاتبها والآمر ببيع الأرض من عذاب الله.. إنها نار..نار.. فحذار أن تدخلها". ولم أكن في حينه أعرف الأوقاف ولا الأوقاف النبوية بل لم أكن قد سمعت بأنها حلال أو حرام.. فابتعدت عن شراء قطعة من تلك الأرض التي أصبحت بعد سنوات قليلة قصوراً ضخمة، وبقيت أتنقل من دار مستأجرة إلى مثلها تسمى: داراً في التعبير المجازي لبساطتها وقدمها وضيق مرافقها وحرمانها من الشمس والخضرة والهواء النقي، ولأنها صغيرة المساحة. ولكن فرحة الذين تملكوا تلك الأرض لم تطل، لأنهم احترقوا بنارها، فقتل قسم منهم ، وأعدم آخرون، وسحل بعضهم، ومات عدد منهم في الغربة بعيدين عن قصورهم مشردين مطاردين، ووقع البلاء على ذرياتهم، فمرضوا أو أصيبوا بسمعتهم وأعراضهم، ولا تزال لعنة تلك الأرض تلاحق ذراريهم حتى اليوم. وقد أصبح ثمن المتر الواحد من تلك الأرض خمسمائة دينار، فما انتفع الذين اشتروها ولا ذريتهم بغلائها. وهل ينتفع بالمال أهل القبور؟!. وحملني الخوف من نار الأوقاف أن أدافع باستقتال عن الأملاك الموقوفة.. وقد حدث أن استولت إحدى المؤسسات الحكومية على أرض موقوفة وتصرفت فيها،فرفعت معاملة الاستملاك إلى المراجع العليا للموافقة على الاستملاك وتقرير الثمن المناسب. وكانت المؤسسة التي استملكت الأرض الوقف قد أصبحت بإمرتي، وكان المفروض أن أدافع عن مصلحة المؤسسة الحكومية ووجهة نظرها في الاستملاك والتصرف بين الزملاء.. ولكنني لم أفعل.. كان الزملاء في حينه معي قلباً وقالباً.. لأنهم ينسجمون في الدفاع عن مصلحة الحكومة وحدها دون مصلحة الناس.. ولأنهم ـ غالباً ـ لا يفرقون بين الأرض الموقوفة وغير الموقوفة.. بل لا يعرف أكثرهم عن الأوقاف الإسلامية شيئاً مذكوراً، وكان المسئول عن الأوقاف معي أيضاً، فكان الجو السائد ملائماً لاستملاك الأرض الموقوفة أو نهبها لقاء دراهم معدودات، وكانت المؤسسة الرسمية التي أصبحت بإمرتي قد استملكت الأرض وتصرفت فيها قبل أن أكون مسئولاً في الدولة.. فهل يتم استملاك أرض الوقف على مسئوليتي بثمن رمزي زهيد، وأتقبل الاحتراق بنار لم أكن من دعاة إضرامها ولا أرضى بإضرامها؟!!. ووقفت معارضاً الاستملاك بثمن بخس، وطلبت إعادة تقدير ثمن الأرض من جديد ليصبح ثمنها كأمثالها تماماً، فارتفع سعرها أربعين ضعفاً، لأن سعر المتر المربع قُدِّر أول مرة بربع دينار، وقدر في المرة الثانية بعشرة دنانير.واستغرب الزملاء من موقفي المعارض لمصلحة المؤسسة التي بإمرتي ومصلحة الحكومة.. والمفروض أن أكون المدافع الأول عن تلك المصالح.. وما ذكروا أن كلمة والدي خطرت ببالي في أثناء مناقشة الاستملاك. وكانت تلك الكلمة تصرخ بشدة في أذني: " هذه أوقاف نبوية .. إنّها نار..نار.. نار.."!!. وهربت من النار التي كادت تحرقني.. ولكن الله سلم!!. وبالطبع كان الزملاء الذين أرادوا استملاك أرض الوقف بثمن بخس، والزميل المسئول المباشر عن الوقف الذي تسامح بالاستملاك يظنون أن ذلك يرضيني وأنني راغب فيه..ولكن خاب ظنهم حين وجدوني معارضاً لهم لا منسجماً معهم دون أن يعرفوا سر معارضتي التي اعتبروها شذوذاً لا مسوّغ له !!. واليوم أكشف عن سر معارضتي لذلك الاستملاك، بعد أن كتمته أكثر من عشرين سنة، ليكون عبرة لمن يعتبر، بعد أن أصبح أكثر أولئك الزملاء في جوار الله، وبعد أن يئست من تولي المناصب الحكومية، أو هي يئست مني على أصدق تعبير..وما أسعدني في حياتي والحمد لله..فأنا في نعمة سابغة عظيمة أحمد الله عليها وأشكره صباح مساء. إن الناس الذين يظنون أن السعادة تكون بالثراء العريض والمناصب الرفيعة والجاه المزيف مخطئون كل الخطأ، أو مغرر بهم كل التغرير.. فالمناصب والمال والجاه ليست كل شيء في هذه الحياة الدنيا .. وبخاصة إذا جاءت بشكل أو أسلوب غير مشروع. بل إن المال الحرام والمناصب والجاه وغيرها من متاع الدنيا الزائلة التي تقتنص بأساليب غير مشروعة أو تؤخذ غلاباً واغتصاباً ليست إلاّ شقاءً دائماً، وعذاباً مقيماً، لأن السعادة تكون في راحة الضمير، واطمئنان النفس.. وهما ثمرتان يانعتان من ثمرات الحلال لامن دغل الحرام. والذين يغترون بمظاهر السعادة للأغنياء وأهل السلطان والجاه العريض واهمون.. فرُبَّ سعيد في مظهره شقي في مخبره.. أما إذا كان الثراء والجاه والسلطان على أسس من الرمل..أي من الحرام ..فلابد من أن تنهار بأصحابها اليوم أو غداً.. وحينذاك يحمد الله الذين تمنوا مكان ومكانة أولئك النفر الذين شيدوا بنيانهم على جرف هار فانهار بهم لأن أمانيهم لم تتحقق،ففازوا بالسلامة على الأقل.. وصدق الله العظيم: )إنّ قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم، وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة.إذ قال له قومه: لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين.. وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك .ولا تبغ الفساد في الأرض. إن الله لا يحب المفسدين. قال إنما أوتيته على علم عندي. أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً. ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون. فخرج على قومه في زينته. قال الذين يريدون الحياة الدنيا: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم. وقال الذين أوتوا العلم: ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون. فخسفنا به وبداره الأرض. فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين. وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون: ويْكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر. لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويْكأنه لا يفلح الكافرون تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين ((الايات الكريمة من سورة القصص). لقد عجزت عن تبيان ما أردته بكلماتي وأسلوبي، فجاءت آيات الله في كتابه العزيز مفصلة ما عجزت عن تبيانه، بكلمات القرآن الكريم المعجزة وأسلوبه البياني المُعجز البليغ..فالحمد لله على أفضاله في كل حال. وما على المرء الذي يريد أن يكون سعيداً بحق في الدنيا والآخرة سعادة كاملة إلا أن يتفهم معاني هذه الآيات الكريمة، ويعمل بها في حياته، ويلتزم بها نصاً وروحاً التزاماً كاملاً. وطالما سمعت قسماً من الإخوة يتذمرون من حالتهم المادية بحجة أن فلاناً أغنى منهم.. وهو دونهم في كفايته وعلمه، وفلاناً أوسع منهم داراً وهو أقلهم علماً واقتداراً. وكان ردي على كل متذمر منهم: ـ إنك أغنى من النبي r مالاً، وأدسم طعاماً، وأوسع داراً والسعيد هو الذي يقتفي آثار الذين فازوا باستقامتهم، لا بالمنحرفين الذين شقوا.. والحد الفاصل بين الحق والباطل هو الالتزام بالحلال، ورفض الحرام، ويجب أن نرثي للملوثين بالحرام، ولا نغبط إلا المتمسكين بالحلال. وقد مرت بكل إنسان حي أحداث كثيرة، خسر فيها أصحاب الحرام الدنيا والآخرة، وربح بها أهل الحلال الدنيا والآخرة، وكان أهل الحلال هم السعداء، وكان أهل الحرام هم التعساء، وصدق الله العظيم: )من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينهم أجرهم بأحسـن ما كانوا يعملون ((النحل:97). إن الرزق الحلال هو الذي يبقى ويدوم، ويحمي الأسرة وعائلتها ويصونه ويبارك فيه وفيهم في الحاضر والمستقبل. والرزق الحرام هو الذي لا يبقى ولا يدوم، ويهدم الأسرة وعائلتها، ولا يصونهم، ولا يبارك فيهم في الحاضر ولا في المستقبل. إن السعادة في الحلال، والشقاء في الحرام!!. تلك هي بعض ما تعلمته من حياة أقدمها لإخوتي في الله.. لعل فيها فائدة لهم ولمن يعولون، وحسبنا الله ونعم الوكيل. |
دخل جراح إلى المستشفى بعد أن تم استدعائه على عجل لاجراء عملية فورية لأحد المرضى
...لبى النداء بأسرع مايمكن وحضر إلى المستشفى وبدل ثيابه واغتسل استعدادا لإجراء العملية . قبل أن يدخل الى غرفة العمليات وجد والد المريض يذرع الممر جيئة وذهابا وعلامات الغضب بادية على وجهه وما إن رأى الطبيب حتى صرخ في وجهه قائلا : علام كل التأخير يادكتور ؟ ألا تدرك أن حياة ابني في خطر ؟ أليس لديك اي إحساس بالمسؤولية ؟ ابتسم الطبيب برفق وقال : أنا آسف يا أخي فلم أكن في المستشفى وقد حضرت حالما تلقيت النداء وبأسرع مايمكنني والآن أرجو أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي وكن على ثقة أن ابنك سيكون في رعاية الله وأيدي أمينة . لم تهدأ ثورة الاب وقال للطبيب : أهدأ ؟ ما أبردك يا أخي لو كانت حياة ابنك على المحك هل كنت ستهدأ ؟ سامحك الله ماذا لو مات ولدك ما ستفعل ؟ ابتسم الطبيب وقال : أقول قوله تعالى الذِين إذا أصابتهم مصيبَة قالوا إِنا لِلّهِ وإِنَـا إِليهِ راجعون وهل للمؤمن غيرها ؟ يا أخي الطبيب لايطيل عمرا ولايقصرها والاعمار بيد الله ونحن سنبذل كل جهدنا لإنقاذه ولكن الوضع خطير جدا وإن حصل شيء فيجب أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون, اتق الله واذهب إلى مصلى المستشفى وصل وادع الله أن ينجي ولدك . هز الأب كتفه ساخرا وقال : ما أسهل الموعظة عندما تمس شخصا اخر لايمت لك بصلة . دخل الطبيب إلى غرفة العمليات واستغرقت العملية عدة ساعات خرج بعده الطبيب على عجل وقال لوالد المريض : ابشر يا أخي فقد نجحت العملية تماما والحمد لله وسيكون ابنك بخير والآن اعذرني فيجب أن أسرع بالذهاب فورا وستشرح لك الممرضة الحالة بالتفصيل . حاول الأب أن يوجه للطبيب أسئلة اخرى ولكنه انصرف على عجل انتظر الأب دقائق حتى خرج ابنه من غرفة العمليات ومعه الممرضة فقال لها الأب : ما بال هذا الطبيب المغرور لم ينتظر دقائق حتى أسأله عن تفاصيل حالة ولدي؟ فجأة اجهشت الممرضة بالبكاء وقالت له : لقد توفي ابن الدكتور يوم أمس على إثر حادثة وقد كان يستعد لمراسم الدفن عندما اتصلنا به للحضور فورا لأن ليس لدينا جراح غيره وهاهو قد ذهب مسرعا لمراسم الدفن وهو قد ترك حزنه على ولده كي ينقذ حياة ولدك . .. اللهم ارحم نفوسا تتألم ولا تتكلم |
قصه مؤثره ... عن الام ... قصه جميله ومعنى ولااا اروع
كنا في مجلس فإذا بالهاتف ...يرن على أحد الحاضرين رد على الهاتف بوجه مكتئب ... ... مش درك قلتك خلاص ميش درك من بعد هكذا توالت الكلمات قلنا لعله يخاطب إحدى قريباته ثم أغلق الجوال وقال : أزعجتنا العجوز!! ما أقبحه لم يتلطف مع أمه في الكلام ولا في الوصف!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! سكت وسكت الحاضرون ثم سمعنا صوت بكاء خفي فإذا أحد الزملاء تدمع عينه نظرنا إليه بدهشة لأن دمع الرجال ليس هينا فلما علم أننا حولنا النظر إليه قال : ليتني رأيت أمي وليتها حية لتزعجني كي أقول لها : فداك روحي يا أمي اطلبي الذي يرضيك صاحبنا الأول صار في حرج وحاول الدفاع عن نفسه فتكلم المجلس كله دفعة واحدة وقالوا : اسكت !!! لا تتكلم ولا بكلمة ما لك أي عذر اذهب لأمك وقبل رأسها واسترضها .......................................... صديقنا الذي بكى توفيت أمه وهو صغير بعد ولادته فورا يعيش حياته كئيبا لأنه يظن أنه سبب وفاة أمه نشأ وهو صغير يسمع من الأطفال : أمي قالت أمي تقول أمي أمي ولكنه لا يستطيع أن يقول هذه الكلمات بركان داخله يتفجر فينزوي في إحدى زوايا البيت ليبكي بكاء مرا كبر وكبرت معه همومه يسمع زملاءه العقلاء هم يقولون ردا على أمهاتهم سمعا وطاعة أمرك أمي الله يحييك على طاعته إذا اتصلت ترك الدنيا من أجلها عندها يتنفس صاحبنا الصعداء ويكاد ينفجر من البكاء ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ أخي قارئ هذه السطور، أختي قارئة هذه السطور إذا كانت أمك حية ترزق ، فاترك الآن النت بسرعة ، وتوجه إلى أمك وقبل رأسها وقل لها : هل أنت راضية عني؟ فإن قالت : نعم فأنت أسعد الناس وإن قالت : لا فاذهب إلى زاوية في البيت : وابك بكاء على غضب والدتك عليه وإن كانت أمك ميتة : فارفع الآن يديك إلى السماء وقال : اللهم اجعلها في الفردوس الأعلى (اللهم ارحمهما كما ربياني صغيرا ) |
حيبت أنقل لكم هذه القصة المؤثرة جدا .. الله يكفينا شر الظلم يارب ..
https://www.qtrat.com/vb/images/smilies/rose.gif ◕◕◕◕◕◕◕◕◕◕◕◕◕ https://www.qtrat.com/vb/images/smilies/rose.gif قال بعضهم :رايت رجلا مقطوع اليد من الكتف وهو ينادى :من رانى فلا يظلم احدا ...فتقدمت اليه فقلت له ياأخى ماقصتك فقال قصة عجيبة وذلك انى كنت من اعوان الظلم فرايت يوما صياد وقد اصطاد سمكه كبيره فاعجبتنى فحئت اليه فقلت اعطنى هذه السمكه فقال لن أعطيكها انا اخذ بثمنها قوتا لعيالى فضربته واخذتها منه قهرا ومضيت بها قال فبينما انا امشى بها حاملها اذ عضت على ابهامى عضه قويه فلما جئت بها الى بيتى والقيتها من يدى ضربت على ابهامى والمتنى الما شديدا حتى لم انم من شدة الوجع والالم وورمت يدى فلما اصبحت اتيت الطبيب وشكوت اليه الالم فقالت هذه بدء الاكله اقطعها والاتقطع يدك فقطعت ابهامى ثم ضربت على يدى فلم اطق النوم ولاالقرار من شدة الالم فقيل لى اقطع كفك فقطعته وانتشر الالم على الساعد وآلمني ألماً شديداً ولم اطق القرار وجعلت استغيث من شدة الالم فقيل لى اقطعها الى المرفق فقطتها فانتشر الالم العضد وضربت على عضدى اشد من الم الاول فقيل اقطع يدك من كتفك اليسرى الى جسدك كله فقطعتها فقال لى بعض الناس ماسبب ألمك فذكرت قصة السمكه فقال لى لوكنت من اعضائك عضوا فذهب الان اليه واطلب رضاه قبل ان يصل الالم الى بدنك قال فلم ازل اطلبه فى البلاد حتى وجدته فوقعت تحت قدميه واقبلها وابكي وقلت ياسيدى سالتك بالله الاعفوت عنى فقلت ومن انت قلت انا الذى اخذت منك السمكة غصبا وذكرت ماجرى واريته يدى فبكى حين راها ثم قال ياخى قد احللتك منها لما رأيته بك من هذا البلاء قلت ياسيدى بالله هل كنت دعوت علي لما أخذتها قال نعم هذا هو الدعاء قلت اللهم ان هذا تقاوا علي بقوته على ضعفى على ما رزقتنى ظلمنا فارنى قدرتك فيه |
الملك
يحكى أن ملكاً كان يحكم دولة واسعة جداً أراد هذا الملك يوما القيام برحلة برية طويلة وخلال عودته وجد أن أقدامه تورمت بسبب المشي في الطرق الوعرة فأصدر مرسوماً يقضي بتغطية كل شوارع مدينته بالجلد ولكن احد مستشاريه أشار عليه برأي أفضل وهو عمل قطعة جلد صغيرة تحت قدمي الملك فقط فكانت هذه بداية الأحذية إذاأردت أن تعيش سعيدا في العالم فلا تحاول تغيير الناس بل أعمل التغيير في نفسكومن ثم حاول تغيير العالم بأسره |
الإعلان والأعمى
جلس رجل أعمى على إحدى عتبات عمارة واضعا ً قبعته بين قدميه وبجانبه لوحة مكتوب عليها: ' أنا أعمى أرجوكم ساعدوني' فمر رجل إعلانات بالأعمى ووقف ليرى أن قبعته لا تحوي سوى قروش قليلة فوضع المزيد فيها دون أن يستأذن الأعمى أخذ لوحته وكتب عليها عبارة أخرى وأعادها مكانها ومضى في طريقه. لاحظ الأعمى أن قبعته قد امتلأت بالقروش والأوراق النقدية فعرف أن شيئاً قد تغير وأدرك أن ما سمعه من الكتابة هو ذلك التغيير فسأل أحد المارة عما هو مكتوب عليها فكانت الآتي : ' نحن في فصل الربيع لكنني لا أستطيع رؤية جماله' .. غير وسائلك عندما لا تسير الأمور كما يجب وغير كلامك عندما لاتسير الأمور كما يجب فلكل(حدث حديث) |
(3)
لو سقطت منك فردة حذاءك .. واحدة فقط.. أو مثلا ضاعت فردة حذاء .. واحدة فقط ..؟؟ مــــاذا ستفعل بالأخرى ؟ يُحكى أن غانـدي كان يجري بسرعة للحاق بقطار ... وقد بدأ القطار بالسير وعند صعوده القطار سقطت من قدمـه إحدى فردتي حذائه فما كان منه إلا خلع الفردة الثانية وبسرعة رماها بجوارالفردة الأولى على سكة القطار فتعجب أصدقاؤه !!!!؟وسألوه ماحملك على مافعلت؟ لماذا رميت فردة الحذاء الأخرى؟ فقال غاندي الحكيم أحببت للفقير الذي يجد الحذاء أن يجد فردتين فيستطيع الإنتفاع بهما فلو وجد فردة واحدة فلن تفيدهولن أستفيد أنــا منها أيضانريـد أن نعلم انفسنا من هذا الدرس أنــه إذا فاتنــا شيء فقد يذهب إلى غيرنــا ويحمل له السعادة فــلـنــفــرح لـفـرحــه ولا نــحــزن على مــافــاتــنــا فهل يعيد الحزن ما فــات؟ كم هو جميل أن نحول المحن التي تعترض حياتنا إلى منح وعطاء وننظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس وليس الفارغ منه منقول بتصرف __________________ |
قرأت هذه القصه في صيد الفوائد ونقلتها لكم للفائدة. |
سوف اكمل بقية القصص والوقائع بعد انقطاع
لنشر الفائدة والخير ولعلمي ان للقصص فوائد جمة وبتاريخ هذا اليوم 20/8/1436 سوف اعاود التكملة |
السلام عليكم و رحمة الله
قصة مؤثرة جدا إن رجلاً عجوزاً كان جالسا مع ابن له يبلغ من العمر 25 سنة في القطار. وبدا الكثير من البهجة والفضول على وجه الشاب الذي كان يجلس بجانب النافذة. اخرج يديه من النافذة وشعر بمرور الهواء وصرخ "أبي انظر جميع الأشجار تسير ورائنا"!! ... فتبسم الرجل العجوز متماشياً مع فرحة إبنه. وكان يجلس بجانبهم زوجان ويستمعون إلى ما يدور من حديث بين الأب وابنه، وشعروا بقليل من الإحراج فكيف يتصرف شاب في عمر 25 سنة كالطفل!! فجأة صرخ الشاب مرة أخرى: "أبي، انظر إلى البركة وما فيها من حيوانات، أنظر..الغيوم تسير مع القطار".. واستمر تعجب الزوجين من حديث الشاب مرة أخرى. ثم بدأ هطول الامطار، وقطرات الماء تتساقط على يد الشاب، الذي إمتلأ وجهه بالسعادة وصرخ مرة أخرى : "أبي إنها تمطر، والماء لمس يدي، انظر يا أبي". وفي هذه اللحظة لم يستطع الزوجان السكوت وسألوا الرجل العجوز: "لماذا لا تقوم بزيارة الطبيب والحصول على علاج لإبنك؟" هنا قال الرجل العجوز:" إننا قادمون من المستشفى حيث أن إبني قد أصبح بصيراً لاول مرة في حياته". تذكر دائماً: "لا تستخلص النتائج حتى تعرف كل الحقائق" |
قصة مؤثرة جدا
يحكى أن رجلا كان يتمشى في أدغال افريقيا حيث الطبيعة الخلابة وحيث تنبت الأشجار الطويلة، بحكم موقعها في خط الاستواء وكان يتمتع بمنظر الاشجار وهي تحجب اشعة الشمس من شدة كثافتها ، ويستمتع بتغريد العصافير ويستنشق عبير الزهور التي التي تنتج منها الروائح الزكية. وبينما هو مستمتع بتلك المناظر سمع صوت عدو سريع والصوت في ازدياد ووضوح والتفت الرجل الى الخلف واذا به يرى اسدا ضخم الجثة منطلق بسرعة خيالية نحوه , ومن شدة الجوع الذي الم بالأسد أن خصره ضامر بشكل واضح . أخذ الرجل يجري بسرعة والأسد وراءه وعندما اخذ الأسد يقترب منه رأى الرجل بئرا قديمة فقفز الرجل قفزة قوية فإذا هو في البئر وأمسك بحبل البئر الذي يسحب به الماء وأخذ الرجل يتمرجح داخل البئر وعندما أخذ انفاسه وهدأ روعه وسكن زئير الأسدواذا به يسمع صوت زئير ثعبان ضخم الرأس عريض الطول بجوف البئر وفيما هو يفكر بطريقة يتخلص منها من الأسد والثعبان اذا بفأرين أسود والآخر أبيض يصعدان الى أعلى الحبل , وبدءا يقرضان الحبل وانهلع الرجل خوفا وأخذ يهز الحبل بيديه بغية ان يذهب الفأرين , وأخذ يزيد عملية الهز حتى أصبح يتمرجح يمينا وشمالا بداخل البئر وأخذ يصدم بجوانب البئر , وفيما هو يصطدم أحس بشيء رطب ولزج ضرب بمرفقه واذا بذالك الشيء عسل النحل تبني بيوتها في الجبال وعلى الأشجار وكذلك في الكهوف , فقام الرجل بالتذوق منه فأخذ لعقة وكرر ذلك ومن شدة حلاوة العسل نسي الموقف الذي هو فيه , وفجأة استيقظ الرجل من النوم فقد كان حلما مزعجا !!! وقرر الرجل أن يذهب الى شخص يفسر له الحلم , وذهب الى عالم واخبره بالحلم فضحك الشيخ وقال : ألم تعرف تفسيره ؟؟ قال الرجل: لا. قال له : الأسد الذي يجري ورائك هو ملك الموت , والبئر الذي به الثعبان هو قبرك , والحبل الذي تتعلق به هو عمرك , والفأرين الأسود والأبيض هما الليل والنهار يقصون من عمرك . قال : والعسل يا شيخ ؟؟ قال : هي الدنيا من حلاوتها أنستك أن وراءك موت وحساب . |
اقتباس:
قرأت القصة ... وكنت منفعل معها .. لكن لما وصلت لهذا الموقف تعجبت من قلب هذا الرجال ... قلبه فضيخه ما يحس ولا ينس عسل ينسيه أسد فوق راسه .. وثعبان تحته .. وفأرين ملعونان يقطعون الحبل لو انا مكانه .. كان عديت أن النحل بلاء رابع وخشيت من لسعه |
اقتباس:
|
حكي عن أحمد بن سعيد العابد عن أبيه قال:
كان عندنا بالكوفة شاب متعبد ملازم للمسجد الجامع لا يكاد يخلو منه, وكان حسن الوجه حسن الصمت, فنظرت إليه امرأة ذات جمال وعقل فشغفت به , وطال ذلك عليهما. فلما كان ذات يوم وقفت له علي طريق وهو يريد المسجد , فقالت له يا اسمع مني كلمة أكلمك بها ثم اعمل ما شئت. فمضي ولم يكلمها. ثم وقفت له بعد ذلك علي طريق وهو يريد منزله فقالت له : يا فتي اسمع مني كلمات أكلمك بهن. قال : فأطرق مليا وقال لها: هذا موقف تهمة وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعا. فقالت : والله ما وقفت موقفي هذا جهالة مني بأمرك , ولكن معاذا الله أن يشرف العباد لمثل هذا مني, والذي حملني علي أن ألقي في هذا الامر نفسي معرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير , وأنتم معاشر العباد في مثل هذا القري يغيركم أدني شئ , وجملة ما أكلمك به أن جوارحي مشغولة بك , فالله الله في أمري وأمرك. قال: فمضي الشاب إلي منزله فأراد ان يصلي فلم يعقل كيف يصلي , وأخذ قرطاسا وكتب كتابا وخرج من منزله , فإذا المرأة واقفة في موضعها , فالقي إليها الكتاب ورجع الي منزله. وكان في الكتاب : (( بسم الله الرحمن الرحيم . اعملي أيتها المرأة أن الله تبارك وتعالي إذا عصي مسلم ستره, فإذا عاد العبد في المعصية ستره , فإذا لبس ملابسها غضب الله عز وجل لنفسه غضبة تضيق منها السموات والأرض والجبال والشجر والدواب. فمن يطيق غضبه! فإن كان ما ذكرت باطلا فإني أذكرك يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن وتجثو الأمم لصولة الجبار العظيم فإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي فكيف عن غيري. وإن كان ما ذكرت حقا فإني أدلك علي طبيب يداوي الكلوم الممرضة والاوجاع المومضة ذلك رب العالمين , فاقصديه علي صدق المسألة , فأنا متشاغل عنك بقوله عز وجل : (وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدي الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع , يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والله يقضي بالحق) . فاين المهرب من هذا الاية!)). ثم جاءت بعد ذلك بأيام فوقفت علي طريقه , فلما رأها من بعيد أراد الرجوع الي منزله لئلا يراها. فقالت له : يا فتي لا ترجع فلا كان الملتقي بعد هذا إلا بين يدي الله عز وجل. وبكت بكاء كثير شديدأ , وقالت: أسأل الله الذي بيده مفاتيح قلبك أن يسهل ما عسر من أمرك. ثم تبعته فقالت : أمنن علئ بموعظة أحملها , وأوصني بوصية أعمل عليها. فقال لها الفتي: أوصيك بتقوي الله وحفظ نفسك وأذكري قول الله عز وجل :(وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) قال : فأطرقت فبكت بكاء شديدأ أشد من بكائها الاول , و لزمت بيتها , واخذت في العبادة , فلم تزل كذلك حتي ماتت كمدا. فكان الفتي يذكرها بعد ذلك ويبكي رحمة لها. أنتهت. فهذه المرأة , وأن لم تنل من محبوبها أملا, فقد نالت به قصد صالحا وعملا , فرزقها الله بسببه الانابة وسهل عليها بموعظته العبادة ولعلها في الآخرة يتحصل قصدها ويجتمع بمن أحبته شملها. |
بعض الناس .. تشتاق نفسه إلى الهداية ..
لكنه يمنعه الكبر من اتباع شعائر الدين .. نعم يتكبر عن تقصير ثوبه فوق الكعبين .. وإعفاء لحيته ومخالفة المشركين .. فجمال مظهره أعظم عنده من طاعة ربه .. وبعض النساء كذلك .. لا تزال تتساهل بأمر الحجاب .. حرصاً على تكميل زينتها .. وحسن بزتها .. أو تعصي ربها بنتف حاجبها .. أو تضييق لباسها .. وإذا نصحت استكبرت وطغت .. ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر .. فكيف إذا كان هذا الكبر مانعاً من الهداية .. كان جبلة بن الأيهم .. ملكاً من ملوك غسان .. دخل إلى قلبه الإيمان .. فأسلم ثم كتب إلى الخليفة عمر رضي الله عنه .. يستأذنه في القدوم عليه .. سرّ عمرُ والمسلمون لذلك سروراً عظيماً .. وكتب إليه عمر : أن اقدم إلينا .. ولك مالنا وعليك ما علينا .. فأقبل جبلة في خمسمائة فارس من قومه .. فلما دنا من المدينة لبس ثياباً منسوجة بالذهب .. ووضع على رأسه تاجاً مرصعاً بالجوهر .. وألبس جنوده ثياباً فاخرة .. ثم دخل المدينة .. فلم يبق أحد إلا خرج ينظر إليه حتى النساء والصبيان .. فلما دخل على عمر رحَّب به وأدنى مجلسه ! .. فلما دخل موسم الحج .. حج عمر وخرج معه جبلة .. فبينا هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزاره رجل فقير من بني فزارة .. فالتفت إليه جبلة مغضباً .. فلطمه فهشم أنفه .. فغضب الفزاري .. واشتكاه إلى عمر بن الخطاب .. فبعث إليه فقال : ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك في الطواف .. فهشمت أنفه ! فقال : إنه وطئ إزاري ؟ ولولا حرمة البيت لضربت عنقه .. فقال له عمر : أما الآن فقد أقررت .. فإما أن ترضيه .. وإلا اقتص منك ولطمك على وجهك .. قال : يقتص مني وأنا ملك وهو سوقة ! قال عمر : يا جبلة .. إن الإسلام قد ساوى بينك وبينه .. فما تفضله بشيء إلا بالتقوى .. قال جبلة : إذن أتنصر .. قال عمر : من بدل دينه فاقتلوه .. فإن تنصرت ضربت عنقك .. فقال : أخّرني إلى غدٍ يا أمير المؤمنين .. قال : لك ذلك .. فلما كان الليل خرج جبلةُ وأصحابُه من مكة .. وسار إلى القسطنطينية فتنصّر .. فلما مضى عليه زمان هناك .. ذهبت اللذات .. وبقيت الحسرات .. فتذكر أيام إسلامه .. ولذة صلاته وصيامه .. فندم على ترك الدين .. والشرك برب العالمين .. فجعل يبكي ويقول : تنصرت الأشراف من عار لطمة * وما كان فيها لو صبرت لها ضرر تكنفني منها لجاج ونخوة * وبعت لها العين الصحيحة بالعور فياليت أمي لم تلدني وليتني * رجعت إلى القول الذي قال لي عمر وياليتني أرعى المخاض بقفرة * وكنت أسير في ربيعة أو مضر وياليت لي بالشام أدنى معيشة * أجالس قومي ذاهب السمع والبصر ثم ما زال على نصرانيته حتى مات .. نعم .. مات على الكفر لأنه تكبر عن الذلة لشرع رب العالمين .. |
إعدام علي مائدة العشاء!
الشاعر التغلبي هاجم الخليفة الأموي فأمر بإعدامه! قصة مثيرة موجودة بين طيات كتب التراث، عن شاعر هاجم أقوي خلفاء بن أمية، وكان مصيره الموت، وعندما ضاقت به الأرض بما رحبت لجأ إلي حيلة أنقذته من موت محقق! أنه الشاعر التغلبي وقصة هذا الشاعر أنه في لحظة من اللحظات التي مرت به، حاول أن يهاجم الخلفية الوليد بن عبدالملك، والوليد بن عبدالملك لم يكن مجرد خليفة من خلفاء بني أمية، بل كان من أعظم هؤلاء الخلفاء علي الاطلاق، فقد كان قويا، وفي عصره امتدت الفتوحات الاسلامية لتشمل الشمال الافريقي كله، ثم عبرت جيوشه عبر الاطلنطي لتكتسح الاندلس، وتصبح حدود دولة الاسلام بالقرب من فرنسا بعد أن اجتاحت جيوشه إحدي الدول الاوربية وهي الاندلس، بل امتدت فتوحاته لتشمل السند في شبه الجزيرة الهندية وبلاد ما وراء النهر. امبراطورية بكل هذه العظمة وبكل هذا الاتساع ماذا يمكن أن يكون عليها القابض علي أمورها في دمشق؟ بل إن عظمة هذا الخليفة لا تقتصر علي الفتوحات الاسلامية، بل تعدت ذلك الي الاصلاحات الهائلة التي قام بها ومنها توسعة مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم في المدينة والذي اشرف علي ذلك عمر بن عبدالعزيز ابن عم الخليفة. كما انه بني المسجد الاقصي في القدس ومسجد دمشق. يقول عنه الطبري: 'كان الوليد عند أهل الشام أفضل خلائفهم بني المساجد، مسجد دمشق، ومسجد المدينة، ووضع المنابر ،واعطي الناس واعطي المجذومين، وقال: لا تسألوا الناس، واعطي لكل مقعد خادما، ولكل ضرير قائدا، وفتح في عهده فتوح عظام'. وهذا الخليفة العظيم ولد عام 50 ه ومات عام 96ه. * * * هذا الخليفة الوليد بن عبدالملك تصل الي أذنه أبيات من الشعر، كما يؤكد ذلك أبوالحسن المدايني فيقول: أتنسي يا وليد بلاد قومي بملك والزبيريون صيد أتنسانا اذا استغنيت عنا وتذكرنا اذا صل الحديد! وهذا الشعر يشرحه الاستاذ أحمد حسن الباقوري بقوله: يقول الشاعر يؤنب أمير المؤمنين الوليد بن عبدالملك: انه لا يليق بك أن تنسي قومي وصنيعهم معك.. ومع ابائك مما ثبت ملكك، واتباع الزبير والمنتسبين اليهم لهم قوة وصوله، وملك بني أمية مهدد بهم. وأن هذا لا يليق بأخلاق الكبار أن ينسوا حسن صنيع الناس اليهم اذا ادركهم الرخاء، وزالت عنهم الشدة ثم يذكرونهم اذا احتاجوا اليهم ليزودوا عنهم شرا أو يدفعوا نازلة! وهذا الشعر * علي ما يبدو للمتأملين * شعر شديد القدح يتأذي به سوقة الناس فضلا عن امرائهم ورؤسائهم لأن فيه وصفا للوليد بن عبدالملك بأخلاق تليق بالسوقة ولا تليق بالملوك، ويأتيها الصغار من الناس ويتنره عنها كبار النفوس' * * * وكان من الطبيعي أن يصل هذا الي أسماع الوليد، فما أسرع الذين ينقلون لأصحاب السلطة والجاه ما يدور في دنيا الناس، فما بالك بشاعر يهجو أمير المؤمنين، ويتهمه بما ليس فيه.. وكان من الطبيعي أيضا أن يتأذي الخليفة مما سمع ويغضب لنفسه غضبا شديدا، فهو الخليفة الذي رفع راية الاسلام في كل مكان، وهو الخليفة الذي يدعي له علي المنابر من حدود الصين حتي الاندلس، هل يمكن له أن يتقبل كلمات هذا الشاعر الذي فقد عقله في لحظة طيش أو غضب! وكان من الطبيعي أن يأمر الخليفة باحضار التغلبي لمحاكمته ويجازيه بما اقترف لسانه! * * * وعرف التغلبي أنه تهور بهذه الكلمات، وأنه سوف يطلب للمحاكمة، وأن مصيره الموت، فترك بلاده وهرب ينبغي طريقا لخلاص. ولكن الهرب الي أين؟ وكيف يختفي وشرطة الخليفة وعيونه في كل مكان؟ وإن استطاع أن يختفي أياما أو شهورا، فهل يمكن أن يختبيء إلي الابد؟ وما مصير أولاده وزوجته؟ * * * وأحس التغلبي أن الارض تضيق عليه بما رحبت، وأنه سوف يمثل أمام الخليفة لا محالة! وأدرك أيضا أنه من الصعب عليه التخفي الي الابد وأنه عندما يمثل في حضرة الخليفة، فسوف يأتون به مقيدا بالاغلال، وهو لا يدري إن كانوا سيحضر منه الي الخليفة أم يعاقبونه دون أن يراه الخليفة!! وأخذ يفكر في طريقة للخلاص. ووجد أن هذه الطريقة هو أن يذهب الي قصر الخلافة في دمشق، فهو يعرف أن الخليفة يقيم مائدة لرعاياه، وعليه أن يحضر هذه المائدة ثم يستعطف الخليفة ويعتذر! انه في هذه الحالة سوف يكون ضيفا علي أمير المؤمنين، وبذلك يستثير النخوة العربية التي يتحلي بها الخليفة ويطلب العفو! * * * وذهب التغلبي وحضر العشاء مع الخليفة، وعرفه بعض من كانوا علي مائدة الخليفة، وأخبروا الوليد بن عبدالملك. واستدعاه الخليفة قائلا له: يا عدو الله لقد امكنني الله منك وأخذ الشاعر التغلبي يتوسل ويسترحم وهو يقول: لقد قلت في نفسي أن امهلك حتي اطأ بساط الخليفة، وأكل طعامه، فقد امنت، وأن عوجلت فقد هلكت، وقد امهلت حتي وطئت بساطك يا أمير المؤمنين، واكلت طعامك، فقد أمنت اذن. * * * لقد نجحت حيلة الشاعر. وصمت الخليفة وهو يسمع كلام التغلبي، وأنه جاءه يطلب العفو، وأنه أكل معه علي مائدة واحدة، وأنه ما جاء اليه الا طمعا في كرمه ومروءته. وتأمل الخليفة الموقف.. فهو يري أمامه رجلا جاد يلتمس العفو، ولعله في هذه اللحظات طافت بخياله المواقف التي مرت برسوله الكريم، وهي مواقف أصعب وأشد، ومع ذلك عفا النبي وأكرم من تربصوا به الدوائر، وأهانوه! ألم يكن له في رسول الله أسوة حسنة. ولعله شاهد الرجل في لحظات ضعفه وبأسه وهوانه، وقد ضاقت عليه الارض بما رحبت فلجأ الي الخليفة نفسه يسترحمه ويستعطفه ويوقظ في أعماقه احترام الضعف الانساني وقد فعل! * * * لقد عفي عنه الخليفة علي كل حال، وقال له: انصرف آمنا راشدا! * * * يقول الشيخ الباقوري تعليقا علي هذه الحكاية الطريفة: 'فأمنه الوليد فانصرف آمنا راشدا فلما ولي لم يتمثل الوليد بأية من كتاب الله ولا بأدب من أدب رسول الله صلي الله عليه وسلم ولكنه تمثل بشعر عربي أصيل يقول فيه الشاعر: شمس العداوة حتي يستقاد لهم وأعظم الناس أحلاما اذا قدروا. يعني أنهم من بعد الهمته، وكبر النفس بحيث لا تسهل عداوتهم. فاذا امكنتهم الفرصة من عددهم فقدروا عليه فانهم يعفون عنه لانهم كبار الهمم، كبار النفوس. والعفو عند المقدرة من مكارم الاخلاق' * * * وهذه الحكاية من أجمل قصص التراث لما فيها من نزعة انسانية، ولما فيها من تصوير النفس البشرية عندما ينطلق لسانها بما لا تقوي علي تحقيقه، وعندما تصطدم بالواقع لا تجد الا رجع بكاء.. ولا تجد الا الاستعطاف حتي لا يقع المحظور، وتنتهي حياتهم بكلمة تخرج من فم حاكم أو أمير! مراجع: قطوف من أدب النبوة .. أحمد حسن الباقوري العصر الاموي .. أ. د. عبدالشافي محمد عبدالل |
أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ..
ومن سعة رحمته .. أنه عرض التوبة على كل أحد .. مهما أشرك العبد وكفر .. أو طغى وتجبر .. فإن الرحمة معروضة عليه .. وباب التوبة مشرع بين يديه .. وانظر إلى ذاك الشيخ الهرم .. الذي .. كبر سنه .. وانحنى ظهره .. ورق عظمه .. أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهو جالس بين أصحابه يوماً .. يجر خطاه .. وقد سقط حاجباه على عينيه .. وهو يدّعم على عصا .. جاء يمشي .. حتى قام بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم .. فقال بصوت تصارعه الآلام .. يا رسول الله .. أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها .. فلم يترك منها شيئاً .. وهو في ذلك لم يترك حاجة .. ولا داجة .. أي صغيرة ولا كبيرة .. إلا أتاها .. لو قسّمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم .. فهل لذلك من توبة ؟ فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره إليه .. فإذا شيخ قد انحنى ظهره .. واضطرب أمره .. قد هده مر السنين والأعوام .. وأهلكته الشهوات والآلام .. فقال له صلى الله عليه وسلم : فهل أسلمت ؟ قال : أما أنا .. فأشهد أن لا إله إلا الله .. وأنك رسول الله .. فقال صلى الله عليه وسلم: تفعل الخيرات .. وتترك السيئات .. فيجعلهن الله لك خيرات كلهن .. فقال الشيخ : وغدراتي .. وفجراتني .. فقال : نعم .. فصاح الشيخ : الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. فما زال يكبر حتى توارى عنهم .. الحديث : رواه الطبراني والبزار ، وقال المنذري : إسناده جيد قوي ،وقال ابن حجر هو على شرط الصحيح . |
هو شيخ كبير .. نجلس إليه .. بعدما كبر سنه .. ورق عظمه .. وكف بصره ..
وهو يحكي ذكريات شبابه .. نجلس إلى كعب بن مالك رضي الله عنه .. وهو يحكي ذكرياته .. في تخلفه عن غزوة تبوك .. وكانت آخر غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم .. آذن النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم .. وجمع منهم النفقات لتجهيز الجيش .. حتى بلغ عدد الجيش ثلاثين ألفاً .. وذلك حين طابت الظلال الثمار .. في حر شديد .. وسفر بعيد .. وعدو قوي عنيد .. وكان عدد المسلمين كثيراً .. ولم تكن أسماؤهم مجموعة في كتاب .. قال كعب – كما في الصحيحين - : وأنا أيسر ما كنت .. قد جمعت راحلتين .. وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد .. وأنا في ذلك أصغي إلى الظلال .. وطيب الثمار .. فلم أزل كذلك .. حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم غادياً بالغداة .. فقلت : أنطلق غدا إلى السوق فأشتري جهازي .. ثم ألحق بهم .. فانطلقت إلى السوق من الغد .. فعسر علي بعض شأني .. فرجعت .. فقلت : أرجع غدا إن شاء الله فألحق بهم .. فعسر عليَّ بعض شأني أيضاً .. فقلت : أرجع غدا إن شاء الله .. فلم أزل كذلك .. حتى مضت الأيام .. وتخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فجعلت أمشي في الأسواق .. وأطوف بالمدينة .. فلا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق .. أو رجلاً قد عذره الله .. نعم تخلف كعب في المدينة .. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مضى بأصحابه الثلاثين ألفاً .. حتى إذا وصل تبوك .. نظر في وجوه أصحابه .. فإذا هو يفقد رجلاً صالحاً ممن شهدوا بيعة العقبة .. فيقول صلى الله عليه وسلم : ما فعل كعب بن مالك ؟! فقال رجل : يا رسول الله .. خلفه برداه والنظر في عطفيه .. فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت .. والله يا نبي الله ما علمنا عليه إلا خيراً .. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال كعب : فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك .. وأقبل راجعاً إلى المدينة .. جعلت أتذكر .. بماذا أخرج به من سخطه .. وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي .. حتى إذا وصل المدينة .. عرفتُ أني لا أنجو إلا بالصدق .. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة .. فبدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين .. ثم جلس للناس .. فجاءه المخلفون .. فطفقوا يعتذرون إليه .. ويحلفون له .. وكانوا بضعة وثمانين رجلاً .. فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم .. واستغفر لهم .. ووكل سرائرهم إلى الله .. وجاءه كعب بن مالك .. فلما سلم عليه .. نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم تبسَّم تبسُّم المغضب .. ثم قال له : تعال .. فأقبل كعب يمشي إليه .. فلما جلس بين يديه .. قال له صلى الله عليه وسلم : ما خلفك .. ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ قال : بلى .. قال : فما خلفك ؟! فقال كعب : يا رسول الله .. إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا .. لرأيت أني أخرج من سخطه بعذر .. ولقد أعطيت جدلاً .. ولكني والله لقد علمت .. أني إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به علي .. ليوشكن الله أن يسخطك علي .. ولئن حدثتك حديث صدق .. تجد عليَّ فيه .. إني لأرجو فيه عفوَ الله عني .. يا رسول الله .. والله ما كان لي من عذر .. والله ما كنت قط أقوى .. ولا أيسر مني حين تخلفت عنك .. ثم سكت كعب .. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه .. وقال : أما هذا .. فقد صدقكم الحديث .. فقم .. حتى يقضي الله فيك .. فقام كعب يجر خطاه .. وخرج من المسجد .. مهموماً مكروباً .. لا يدري ما يقضي الله فيه .. فلما رأى قومه ذلك .. تبعه رجال منهم .. وأخذوا يلومونه .. ويقولون : والله ما نعلمك أذنبت ذنباً قط .. قبل هذا .. إنك رجل شاعر .. أعجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون .. هلا اعتذرت بعذر يرضى عنك فيه .. ثم يستغفر لك .. فيغفر الله لك .. قال كعب : فلم يزالوا يؤنبونني .. حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي .. فقلت : هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم .. رجلان قالا مثل ما قلت .. فقيل لهما مثل ما قيل لك .. قلت : من هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع .. وهلال بن أمية .. فإذا هما رجلان صالحان قد شهدا بدراً .. لي فيهما أسوة .. فقلت : والله لا أرجع إليه في هذا أبداً .. ولا أكذب نفسي .. * * * * * * * * * ثم مضى كعب رضي الله عنه .. حزيناً .. كسير النفس .. وقعد في بيته .. فلم يمضِ وقت .. حتى نهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلام كعب وصاحبيه .. قال كعب : فاجتنبنا الناس .. وتغيروا لنا .. فجعلت أخرج إلى السوق .. فلا يكلمني أحد .. وتنكر لنا الناس .. حتى ما هم بالذين نعرف .. وتنكرت لنا الحيطان .. حتى ما هي بالحيطان التي نعرف .. وتنكرت لنا الأرض .. حتى ما هي بالأرض التي نعرف .. فأما صاحباي فجلسا في بيوتهما يبكيان .. جعلا يبكيان الليل والنهار .. ولا يطلعان رؤوسهما .. ويتعبدان كأنهما الرهبان .. وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم .. فكنت أخرج .. فأشهد الصلاة مع المسلمين .. وأطوف في الأسواق .. ولا يكلمني أحد .. وآتي المسجد فأدخل .. وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه .. فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه .. فأسارقه النظر .. فإذا أقبلت على صلاتي .. أقبل إلي .. وإذا التفتُّ نحوه .. أعرض عني .. * * * * * * * * * ومضت على كعب الأيام .. والآلام تلد الآلام .. وهو الرجل الشريف في قومه .. بل هو من أبلغ الشعراء .. عرفه الملوك والأمراء .. وسرت أشعاره عند العظماء .. حتى تمنوا لقياه .. ثم هو اليوم .. في المدينة .. بين قومه .. لا أحد يكلمه .. ولا ينظر إليه .. حتى .. إذا اشتدت عليه الغربة .. وضاقت عليه الكربة .. نزل به امتحان آخر : فبينما هو يطوف في السوق يوماً .. إذا رجل نصراني جاء من الشام .. فإذا هو يقول : من يدلني على كعب بن مالك .. ؟ فطفق الناس يشيرون له إلى كعب .. فأتاه .. فناوله صحيفة من ملك غسان .. عجباً !! من ملك غسان ..!! إذاً قد وصل خبره إلى بلاد الشام .. واهتم به ملك الغساسنة .. فماذا يريد الملك ؟!! فتح كعب الرسالة فإذا فيها .. أما بعد .. يا كعب بن مالك .. إنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك .. ولست بدار مضيعة ولا هوان .. فالحق بنا نواسك .. فلما أتم قراءة الرسالة .. قال رضي الله عنه : إنا لله .. قد طمع فيَّ أهل الكفر .. هذا أيضاً من البلاء والشر .. ثم مضى بالرسالة فوراً إلى التنور .. فأشعله ثم أحرقها فيه .. ولم يلتفت كعب إلى إغراء الملك .. نعم فُتح له باب إلى بلاط الملوك .. وقصور العظماء .. يدعونه إلى الكرامة والصحبة .. والمدينة من حوله تتجهمه .. والوجوه تعبس في وجهه .. يسلم فلا يرد عليه السلام .. ويسأل فلا يسمع الجواب .. ومع ذلك لم يلتفت إلى الكفار .. ولم يفلح الشيطان في زعزعته .. أو تعبيده لشهوته .. ألقى الرسالة في النار .. وأحرقها .. * * * * * * * * * ومضت الأيام تتلوها الأيام .. وانقضى شهر كامل .. وكعب على هذا الحال .. والحصار يشتد خناقه .. والضيق يزداد ثقله .. فلا الرسول صلى الله عليه وسلم يُمضي .. ولا الوحي بالحكم يقضي .. فلما اكتملت أربعون يوماً .. فإذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى كعب .. فيطرق عليه الباب .. فيخرج كعب إليه .. لعله جاء بالفرج .. فإذا الرسول يقول له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك .. قال : أطلقها .. أم ماذا ؟ قال : لا .. ولكن اعتزلها ولا تقربها .. فدخل كعب على امرأته وقال : الحقي بأهلك .. فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر .. وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحبي كعب بمثل ذلك .. فجاءت امرأة هلال بن أمية .. فقالت : يا رسول الله .. إن هلال بن أمية شيخ كبير ضعيف .. فهل تأذن لي أن أخدمه ..؟ قال : نعم .. ولكن لا يقربنك .. فقالت المرأة : يا نبي الله .. والله ما به من حركة لشيء .. ما زال مكتئباً .. يبكي الليل والنهار .. منذ كان من أمره ما كان .. * * * * * * * * * ومرت الأيام ثقيلة على كعب ..واشتدت الجفوة عليه ..حتى صار يراجع إيمانه .. يكلم المسلمين ولا يكلمونه .. ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يرد عليه .. فإلى أين يذهب ..!! ومن يستشير !؟ قال كعب رضي الله عنه : فلما طال عليَّ البلاء .. ذهبت إلى أبي قتادة .. وهو ابن عمي .. وأحب الناس إليَّ .. فإذا هو في حائط بستانه .. فتسورت الجدار عليه .. ودخلت .. فسلمت عليه .. فوالله ما رد علي السلام .. فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟ فسكت .. فقلت : يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟ فسكت .. فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟ فقال : الله ورسوله أعلم .. سمع كعب هذا الجواب .. من ابن عمه وأحب الناس إليه .. لا يدري أهو مؤمن أم لا ؟ فلم يستطع أن يتجلد لما سمعه .. وفاضت عيناه بالدموع .. ثم اقتحم الحائط خارجاً .. وذهب إلى منزله .. وجلس فيه .. يقلب طرفه بين جدرانه .. لا زوجة تجالسه .. ولا قريب يؤانسه .. وقد مضت عليهم خمسون ليلة .. من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامهم .. * * * * * * * * * وفي الليلة الخمسين .. نزلت توبتهم على النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الليل .. فقالت أم سلمة رضي الله عنها : يا نبي الله .. ألا نبشر كعب بن مالك .. قال : إذا يحطمكم الناس .. ويمنعونكم النوم سائر الليلة .. فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر .. آذن الناس بتوبة الله علينا .. فانطلق الناس يبشرونهم .. قال كعب : وكنت قد صليت الفجر على سطح بيت من بيوتنا .. فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى .. قد ضاقت علي نفسي .. وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت .. وما من شيء أهم إليّ .. من أن أموت .. فلا يصلي عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم .. أو يموت .. فأكون من الناس بتلك المنزلة .. فلا يكلمني أحد منهم .. ولا يصلي عليَّ .. فبينما أنا على ذلك .. إذ سمعت صوت صارخ .. على جبل سلع بأعلى صوته يقول : يا كعب بن مالك ! .. أبشر .. فخررت ساجداً .. وعرفت أن قد جاء فرج من الله .. وأقبل إليَّ رجل على فرس .. والآخر صاح من فوق جبل .. وكان الصوت أسرع من الفرس .. فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني .. نزعت له ثوبيَّ فكسوته إياهما ببشراه .. والله ما أملك غيرهما .. واستعرت ثوبين .. فلسبتهما .. وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فتلقاني الناس فوجاً .. فوجاً .. يهنئوني بالتوبة .. يقولون : ليهنك توبة الله عليك .. حتى دخلت المسجد .. فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهو يبرق وجهه من السرور .. وكان إذا سُرَّ استنار وجهه .. حتى كأنه قطعة قمر .. فقال لي : أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك .. قلت : أمن عندك يا رسول الله .. أم من عند الله ؟ قال : لا .. بل من عند الله .. ثم تلا الآيات .. فلما جلست بين يديه .. قلت : يا رسول الله ! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله .. وإلى رسوله .. فقال : أمسك عليك بعض مالك .. فهو خير لك .. فقلت : يا رسول الله ! إن الله إنما نجاني بالصدق .. وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت .. |
فارسة الخوارج!
غزالة .. المرأة التي خشي الحجاج منازلتها بالسيف! كانت تقاتل بجوار زوجها شبيب وتسعدها رؤية الدماء والأشلاء! التاريخ مليء بالحكايات المثيرة ، والأحداث الخطيرة.. إن قارئه أشبه بقاريء رواية الأديب المؤرخ ه. ج ديلز (آلة الزمن) حيث يستطيع من يركب هذه الآلة أن ينتقل عبر العصور بسهولة ويسر، ويري ماجري وماسيجري في العالم من أحداث. والسؤال الذي يبرز في الذهن: كيف نستفيد من هذه الرؤي وتلك الأحداث.. هل نقرأها حبا للاستطلاع أم نقف امامها مستفيدين من دروس التاريخ.؟ وقد وقفت امام هذه القصة المثيرة التي قرأتها في كتاب (نساء محاربات) للأديبة صوفي عبدالله .. لقد توقفت أمامها كثيرا، لانها تجعلك تقف امام بعض المواقف مشدوها.. كيف يشكل الفكر والعقيدة سلوك الناس، فيعيش لهذه الأفكار ويدين بها حتي لو كانت بعيدة عن الصواب. القصة تتحدث عن امرأة اسمها (غزالة).. وغزالة تلك كانت من الخوارج، وكانت شجاعتها مضرب الأمثال، كما كان زوجها (شبيب بن يزيد) أيضا مضرب الامثال في الشجاعة، وكان شبيب هذا أميرا للخوارج، قيل عنه إنه قتل خمسة من قواد الحجاج بن يوسف الثقفي، وهزم له عشرين جيشا.! وكانت زوجته هذه خطيبة بارعة في الخطابة، كما كانت تحارب وتقاتل معه في ميدان القتال، غير آبهة بخطر، ودون ان تخشي منازله الفرسان.. بما فيهم تحديها للحجاج بن يوسف الثقفي نفسه علي غلظته ودمويته ووحشيته! وقبل ان نتحدث عن قصة (غزالة) تلك لابد ان نعرف شيئا عن فكر الخوارج، والخوارج اسم يطلق كما يقول الدكتور محمد عبدالمنعم القيعي علي كل من خرج علي الامام الحق المتفق عليه، وهم المتمردوين علي طاعة الإمام دون ان يعتنقوا مذهبا معينا او يكون لهم رأي خاص بهم، لكن صار هذا الاسم عاما علي طائفة لها منطقها ورأيها ، وقد اطلقت عليهم اسماء عديدة! المهم أن هذه الطائفة أحدثت في المجتمع الاسلامي فتنة عارمة لتكفيرهم كل من لم يكن معهم علي من يحاربونه ولو كان موقفه سلبيا أو محايدا. * * * ومع ذلك فقد امتاز هؤلاء المتطرفون بالجرأة والشجاعة النادرة ، حتي اننا نراهم وهم يتصدون لمن يحاربهم بعنف وشراسة.. وقد حاربهم الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد عبدالملك بن مروان بلا هوادة.. وكان الحجاج بن يوسف شديد الوطأة علي من يحاربه.. ولم يكن يعمل لأي إنسان أي حساب، حتي أنه قسا علي (أنس بن مالك ابن النضر) خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم،ولم يسلم منه الا بعد أن وبخه الخليفة عبدالملك بن مروان، الذي أمره أن يعتذر لخادم الرسول، وتعجب من جرأته أن بعنف أنس خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي كان يطلعه علي سره، ويفشي له الاخبار التي تأتيه من ربه' كما جاء في كتابه الي الحجاج ثم عقب ذلك بأن أمره أن يمشي علي قدميه راجلا غير راكب. وأطاع الحجاج أمر الخليفة، واعتذر له، وطلب منه أن يكتب إلي الخليفة يلتمس منه الرضا والصفح عنه. * * * الحجاج هذا بكل غلظته، وقفت أمامه (غزاله) في إحدي المعارك، بعد أن قتلت العديد من فرسانه، ثم طلبت منه المبارزة، فخاف منها الحجاج، وهرب من هذه المواجهة.. فيره عمران بن قحطان بتلك الأبيات اللاذعة التي تقطر تهكما وزراية؟ أسد علي، وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر هلا برزت إلي غزالة في الوغي بل كان قلبك في جناحي طائر!! أما زوجها فهو رجل من جبابرة الخلق وعتاتهم، له امرأة علي غراره، قيل أنها كانت فقيهة أيضا وخطيبة، فهي معتزة بجبروت رجلها، حتي أنها قالت له يوما: باشبيب..!.. لقد نذرت لله نذرا سألتك أن تعينني علي الوفاء به؟ وماذاك ياغزالة يرحمك الله؟ أن أصلي في مسجد الكوفة الجامع ركعتين، أقرأ في الأولي سورة البقرة، وفي الثانية سورة آل عمران. وما أدراك ما الكوفة آنزاك. انها حاضرة الجبار العنيد ابن يوسف الثقفي الذي قتل له شبيب القواد، وأفني له الاف الاجناد، وجعله مضغة في أفواه العباد، وان للحجاج في الكوفة لستين ألفا جمعهم لحرب شبيب وغزالة. ولكنه الجبروت والعزة بالفتوة! وناهيك بالبقرة وآل عمران: انهما أطول سور القرآن قاطبة، فآيات البقرة مائتان وست وثمانون آية، وآيات آل عمران مائتان. وناهيك بصلاة تتلي فيها هاتان السورتان وسط عدو عدته ستون ألفا.. أنها ليست صلاة الواجف العجلان، بل هي فعلة المستأني أناة الاستهانة بعدوه الجرار. ولكنه الجبروت والعزة بالفتوة * * * والعجيب ان شبيب حقق أمل زوجته (غزالة) فزحف بجيشه نحو الكوفة، وقتل في طريقه من قتل من رجال الحجاج، ودخل الكو فة نفسها وفيها الحجاج وجنده، وسار في شوارعها وبجواره غزالة حتي دخلت المسجد لتصلي فيه، ووقف هو وبعض جنوده عند البا بالحراستها، حت أدت نذرها وعاد من حيث قدم !! ويقال عنها انها كانت تهاجم المدن ومعها مجموعة من النساء، حتي قال فيها خزيمة بن فاتك الأسدي: أقامت غزالة سوق الضرار لأهل العراقين حولا قميطا سمت للعراقين في جيشها فلاقي العراقان منها أطيطا (والاطيط) هو الصوت يخرج عند اشتداد الكرب، او هو حنين الابل الي معاطفها، والمعني: أن أهل العراق لقوا منها الويل والحرب!! والمحللون لشخصية هذه المرأة الجريئة التي لاتعبأ بالحروب، ولاتخشي الرجال، والتي كانت تقاتل وتقتل، ولاتخشي رؤية دماء الضحايا، ولاتعاف رؤية الأشلاء، ماكانت تفعل كل ذلك، إلا أنها كانت تري في زوجها شبيب القدوة والمثال. فهو جريء لايعرف الخوف، شديد لايعرف اللين، يدافع عمعا يعتقد دفاعا دونه الموت. وكانت هي تقلده في كل ذلك. تراه لايهاب الموت فلم تهب نهاب الموت.! وتراه متعطشا للدماء، فتاقت نفسها لرؤية الدماء.! لم تحارب عن فكر.. ولم تحارب عن دين.. بل حاربت وهي تعتقد ان مايخالف رأيها أو يخالف رأي الخوارج مصيره الموت.. كانت تحارب عن ضيق أفق. وتحارب عن تعصب ممقوت او كما يقول الامام الغزالي في كتابة المنقذ من الضلال: 'إن للإسلام عدوا من الخارج، هو أقل خطرا كالمشركين والوثنيين. وعدوا من الداخل هو أشد خطرا كمسلم جاهل لايفهم دينه، ويتعصب لجهله وضلاله.! * * * وتمر الأيام ويغرق زوجها شبيب عندما نفر به جواده، وسقط في دجلة.. وانتهت حياته! وإذا بغزالة وقد فقدت الرجل التي كانت تري فيه كل مثلها، قد انهارت قواها، ولم تعد لديها القدرة علي التحدي والقتال.. ماتت فيها هذه الروح، ووهن فيها العزم، ولم تعد هي هي التي تخوض المعارك ولايهمها يجور الدم.. حتي انها في أول مواجهة منيت بهزيمة ساحقة، وقتلت في هذه المعركة.. و.. أسدلت الايام ستار النسيان علي امرأة كانت في يوم من الايام تملأ الحياة خوفا ورعبا، لانها كانت تتمثل بزوجها الذي عاش حياته، وهو يري انه علي حق، وغيره علي الباطل، ولم يفكر او يعمل عقله مرة واحدة، حتي يثوب لرشده وتثوب معه الجماعة التي تعلقت به، وآمنت بفكره! مراجع نساء محاربات .. صوفي عبدالله تاريخ العالم الاسلامي ... د. حسن حسني عقيدة المسلمين .. د. محمد عبدالمنعم القيعي. والعقائد الباطلة. |
أبونواس والنهاية الغامضة!
كان ابونواس 'الحسن بن هانيء' من شعراء الدولة العباسية وكان شاعرا ماجنا محبا للخمر وقد ولد سنة 139هـ علي ارجح الاقوال، وقد حفظ القرآن الكريم في سن صغيرة كما تفتحت موهبته الشعرية في سن صغيرة ايضا وقد درس بجانب الشعر اللغة الفقة والتفسير وعلم الكلام، كما كان يجيد الفارسية لانه من اصل فارسي. وكان بجانب ذلك يحب الفكاهة وهي التي قربته من الخلفاء والوزراء. فخرج من البصرة الي بغداد.. حيث تعرف علي الرشيد الذي اغدق عليه الكثير من المال وما كاد يجري في يده المال حتي اخذ ينفقه في الحانات وشرب الخمر، وتمرغ في اوحال النساء وقد رحل الي مصر حيث كان والي الخراج بها فارسيا مثله ولكن لم يطق العيش في مصر فقد شده الحنين الي بغداد ولياليها.. وقد اقترب من الامين بعد وفاة الرشيد، حتي ان اخاه المأمون قد جعل من تقريبه ابونواس ذريعة للهجوم عليه.. لأنه قرب الي مجلسه من كان ينهم بالشراب وهتك المحارم.. فهو القائل ألافاسقني خمرا وقل لي هي الخمر ولاتسقني سرا اذا امكن الجهر دبح باسم من تهوي ودعني من الكني فلا خير في اللذات من دونها ستر ويبدو ان الخليفة العباسي الامين قد ضاق ذرعا بفضائحه مما اغري وزيره الفضل بطلب الي الخليفة ان يحبسه فحبسه في سجين 'المطبق'.. وهذا السجن كان قد اقامة الخليفة ابوجعفر المنصور عندما قام بتخطيط مدينة بغداد.. وقد شيد هذا السجن بصورة يصعب علي السجين الهروب منه، وربما فعة الي ذلك انه كان هناك سجن في 'الهاشمية' بناه ابوالعباس السفاح، وقد استغلت جماعة 'الراوندية' وهم اتباع ابي مسلم الخرساني، ضعف بناء هذا السجن، فقاموا باخراج المساجين موا بعد مهاجمته، في محاولة منهم لمهاجمة قصر المنصور ومن هنا فقد قرر المنصور ان يكون سجن المطبق حصينا من الصعب مهاجمته اوالهروب منه وكان هذا السجن يسجن فيه من يخاف الخليفة غدرهم او اذا غضب علي احدهم من كبار القواد او الساسة *** وقد اتهم الشاعر ابونواس بالفساد والزندقة ودخل هذا السجن، ولم يطق الحياة فيه في عهد الرشيد فأرسل استعطافا الي الرشيد حتي يفك سجنه.. يقول في رسالته تلك. بعفوك بل بجودك عذت بل بفضلك يا امير المؤمينا فاني لم اخنك بظهر غيب ولاحدثت نفسي ان اخونا *** ودخل السجن مرة اخري في عهد الامين، واخذ يتمني ان يئول الحكم للمأمون حتي ينقذه من هذا السجن وقال: اما الامين فلست ارجو دفعه عني، فمن لي اليوم بالمأمون؟! حتي يقول الرواة ان المأمون عندما سمع هذه الابيات التي قالها ابونواس مستنجدا به من عذابات سجنه، وكان الخلاف علي اشده بين الاخوين الامين والمأمون فقال: والله لئن لحقته لاغنينه غني لايؤمله ولكن الشاعر ابونواس مات قبل دخول المأمون بغداد.. فقد مات سنة 198ه *** ولم ينس ابدا هذا الشاعر ماشعر به من هوان داخل السجن، وطاعته للسجان، الذي وصفه بأنه جعل من حياته جحيما لايطاق، حتي انه شعر بأنه أثقل علي قلبه من الحديد الذي يكبل يديه، وكان هذا السجان الذي دخل التاريخ لان ابونواس ذكره في اشعاره، وشكواه الي الخليفة منه.. وقال له فيما قال من شكواه واعف مسامعي من صوت رجس ثقيل شخصه يدعي 'سعيدا' ويقول عنه الباحث محمد عبدالغني حسن: وقد احاطت تهمة الزندقة والكفر بأبي نواس من كل جانب حتي لم ينقطع الاتهام عنه لحظة طوال حياته، وهو ملوم في ذلك كل اللوم، فما كان اغناه* لو عقل* عن ركوب هذه المزالق الخطرة وكثيرا ما كان يلجأ الي الخلاص من تهمة الزندقة بحركات وافعال تدل علي ايمانه، وقد أجدت عليه هذه الوسيلة مرة، وخذلته غير مرة فقد حدث عاصم بن حميد بن غنيم الوراق، وعنه روي ابن منظور المصري صاحب لسان العرب قال: رأيت ابانواس وهو في سراويل، والناس يجرونه، ويضربونه في قفاه بالنعال ويقولون: زنديق.. ويرمونه بالحجارة حتي ادخلوه الي محمد بن زبيده* يعني الخليفة العباس الامين فقال: ما هذا؟ قالوا: زنذيق فقال: علي بالسيف والنطع! فقال ابونواس: دعوني اصلي ركعتين، فأفرجوا عنه؟ فتهيأ للصلاة ثم رفع رأسه الي السماء وكبر وصلي ركعتين وقال: سبحان من خلق الخلق من ضعيف مهين فساقة من قرار الي قرار مكين في الحجب شيئا فشيئا تحاردون العيون حتي بدت حركات مخلوقة من سكون. فقال الامين: ماهذا زنديق.. أعطوه ألف درهم، واخلعوا عليه، فخرج تحت الخلع، وطردوا الناس عنه *** ولم يكن سجنه بسبب الزندقة فقط، فقد سجن ايضا بسبب تعاطيه الخمر، اكثر من مرة وفي احدي المرات استعطف الخليفة الامين من وراء قضبان السجن بقصيده طويلة قال في احد ابياتها وهو يمدح الخليفة: فديتك ان ليل السجن ياس وقد ارسلت: ليس عليك باس فلما بلغت الابيات الخليفة، عفا عنه واخرجه من السجن الي عالم الحرية ويقول عنه الدكتور شوقي ضيف: ......... وفي اخباره مايدل علي نه تنسك مرارا ثم عاد الي غيه او ربما رقيت فيرات هذا النسك الي زمن الرشيد، وحين كان يلقي به في السجن، اذ يقال انه حج سنة 190ه وكأنما هي صحوات كان يفيق فيها ثم يرجع الي حكاياه، وتوفي الامين، ولم يلبث ان توفي بعده. وقد اختلف الرواة في تاريخ وفاته.. فمنهم من تقدم به الي سنة 195ه ومنهم من تأخر به الي سنة 199ه وقيل بل توفي بعد المائتين بقليل، وفي ديوانه رثاء للأمين يشهد بأن وفاته لم تكن قبل سنة 198ه. واختلف الرواة ايضا في سبب وفاته. فقيل انه توفي وفاة طبيعية.. وقيل بل هجا اسماعيل بن فوبخت هجاء فقد مقذعا فيه أمه ورماه بالبخل والرفض، فوس له شربة من سم قتلته بعد اربعة اشهر، وقيل بل وشي له من ضربه حتي مات! *** ولاشك ان ابانواس كان شاعرا كبيرا، ولكن افسد حياته بشعره الماجن الناجم عن نفسية معقدة، مليئة بالعقد النفسية والتي يرجعه بعض النقاد انه كان يتأزم من سيرة أمه المنحرفة، وهذا مادفعه ان يعيش حياته بالطول والعرص، ضاربا عرض الحائط بالاعراف والتقاليد بل وبالدين ايضا فهو القائل: انما العيش سماع وفدام وندام فاذا فاتك هذا فعلي الدنيا سلام ويظهر عدم مبالاته بالقيم ولابالناس، عندما قال بمرأة عجيبة: لاتبك ليلي ولاتطرب الي هند واشرب علي الورد من حمراء كالورد كأسا اذا انحدرت في حلق شاربها اجدته حمرتها في العين والخد فالخمر ياقوته والكأس لؤلؤة في كف جارية ممشوقة القد تسقيك من يدها خمرا ومن فمها خمرا فمالك من سكرين من بد وكان من الطبيعي ان يجر هذا الشعر عليه المشاكل خاصة عندما تتلاعب برأسه الخمر فيعلن بأنه لايؤمن ببعث ولاحساب ولابجنة ولانار..! ولو كان هذا الشاعر الماجن قد وعي الحقيقة حقيقة الحياة والموت ومابعد الموت، التي تحدث عنها في بعض لحظات جده بعيدا عن الخمريات التي اذهلت عقله فنأي عن الصواب، ودخل بسببها السجن.. لو عرف البعد عن المجون والخمر والهلوسة، وكتب شعره الجميل وهو متمسك بالقيم والفضائل لكان واحدا من اعظم الشعراء الذين عرفهم التاريخ الادبي ولما عرف ايضا ظلام السجون! مراجع العصر العباسي الاول... د. شوقي ضيف في صحبة الشعر والشعراء* محمد عبدالغني حسن حديث الاربعاء... د. طه حسين |
انتحار روميو العرب
قتل الحيوان المفترس محبوبته فقطع المحب رأسه ثم انتحر بنفس السيف! لو قرأنا أو سمعنا هذه الأيام أن هناك من قتل نفسه لانه وقع في الحب، أو لأن حبيبته ماتت، لارتسمت في أذهاننا العديد من علامات الاستفهام الحائرة.. وربما تداعي إلي أذهاننا أن هذا الرجل قد فقد عقله.. وأن مكانه الطبيعي هو أحدي المستشفيات العقلية، ولكن هذا الشيء الذي نري فيه غرابة قد لاتصدق، تحدثت عنه وروته كتب التراث!. نحن نعرف أنه في صدر الاسلام وخاصة في العصر الأموي ساد ما يعرف بالحب العذري.. وهو الحب المنزه عن الهوي.. الحب النقي الطاهر الذي يعيش به وله الانسان دون أن يلتمس من ورائه شهوة أو رغبة حسية.. ان الانسان الذي يشعر بالحب عليه أن يعيش علي هذا الاحساس الجميل حتي لو فقد عقله!! فقد كان أملهم من هذا الحب أن يعيشوا أجواء الحب نفسه، وبما فيه من متعة روحية لايحسها الا من يتذوق لوعة هذا الحب..! فمادام قد عرف الحب، فعليه ألا يدنس شرف من يحب. ومن هنا فقد كان العرب يفرقون بين الحب الحقيقي والحب الذين كانوا يطلقون عليه الحب الدفيء، كما كان فلاسفة الاغريق القدامي يميزون بين ثلاثة أنواع من الحب: الحب الجسدي الحب الروحي الحب المثالي. *** ويري الدكتور شوقي ضيف في كتابه (الحب العذري عند العرب).. أن للحب عندهم منازل ومراتب متعددة، وأول مراتبه الهوي وهو الميل إلي المحبوب، ويليه الشوق وهو نزوع المحب إلي لقائه، ثم الحنين وهو شوق ممزوج برقة، ويليه الحب وهو أول الألفة، ثم الشغف وهو التمني الدائم لرؤية المحبوب، ويليه الغرام وهو التعلق بالمحبوب تعلقا لايستطيع المحب الخلاص منه، ثم العشق وهو إفراط في الحب، ويغلب أن يلتقي فيه المحب بالمحبوب، ثم التتيم وهو استبعاد المحبوب للمحب، يقال يتمتني حبا، ويليه الهيام وهو شدة الحب حتي يكاد يسلب المحب عقله، ثم الجنون وهو استلاب الحب لعقل المحب، وتتكرر مع مراتب الحب كلمات مثل الولع وهو شدة التعلق بالمحبوب، والشجن وهو الهم والكرب، واللوعة وهي الألم، تباريح الحب وهي شدائده، والجوي وهو كتمانه والضيق به، والكمد وهو الحزن الشديد، والوجد وهو الصبابة وشدة الحب، والوله وهو التحير من شدة الوجد، والكلف وهو الاستغراق في الحب.. إلي غير ذلك'. *** هذه المعاني دارت في ذهني وأنا أقرأ قصة هذا الاعرابي الذي توله في الحب، وكانت الحبيبة ابنة عمه، ولكن عمه رفض أن يزوجها له، رغم علمه بأنها تحبه كما يحبها..! وهذه القصة تناولها أكثر من كتاب من كتب التراث، بصيغ مختلفة، ولكن المضمون واحد.. هو أن هذا الاعرابي قد هام حبا بابنة عمه، ورفض عمه أن يحقق له أمله في الزواج بها، فخرج عن أمواله، وكل ما يملك، ليعيش قريبا منها حتي يتمكن من رؤيتها بعد أن تزوجت بآخر.. وأن يكون هذا اللقاء بهدف الاستمتاع باللقاء ليس أكثر ولا أقل.. وكانت هي الاخري حريصة علي هذا اللقاء، بعيدا عن أعين الزوج والوالد..!! ولكن ما نهاية ذلك؟ وما الهدف منه؟ ان الرواة لايحدثوننا عن شيء من ذلك، فلا أمل في زواج فقد تزوجت ورضخت لرغبة والدها! ولكن الهدف الأول والأخير هو ان كان الأب قد استطاع ان يفرق بينها وبين من تهوي، فعلي الأقل لابد أن يستمتعا باللحظات الروحية التي يستشعرها المحبون. *** ويحدثنا الراوي لهذه الحكاية فيقول ما ملخصه.. أنه خرج في نشدان ضالة له، فاتجه إلي خيمة أحد الأعراب، ونزل ضيفا عليه، حيث أكرمه هذا الاعرابي، وقدم له ما يجب أن يقدمه أي اعرابي طبع علي الكرم من اكرام ضيفه.. من طعام وايواء. ثم يحكي هذا الرائي قائلا: فبينما أنا بين النائم واليقظان، اذ أنا بفتاة قد أقبلت لم أر مثلها جمالا وحسنا، فجلست، وجعلت تحدث الاعرابي ويحدثها، ليس غير ذلك، حتي طلع الفجر، ثم انصرفت. وقلت: والله لا ابرح موضعي هذا حتي أعرف خبر الجارية والاعرابي. قال.. كما يروي ذلك الدكتور عبدالحميد ابراهيم في كتابة (قصص العشاق النثرية في العصر الأموي). : فمضيت في طلب ضالتي يوما، ثم أتيته عند الليل فأتي بقربي، فبينما أنا بين النائم واليقظان، وقد أبطأت الجارية عن وقتها، قلق الاعرابي فكان يذهب ويجييء وهو يقول: ما بال ميه لاتأتي كعادتها أعاجها طرب أم صادها شغل لكن قلبي عنكم ليس يشغله حتي الممات ومالي غيركم أمل لو تعلمين الذي بي من فراقكم لما اعتذرت ولا طابت لك العلل إلي آخر ما قال من أبيات ويتابع الراوي روايته: ثم أتاني فانبهني وقال: إن خلتني التي رأيت بالأمس قد أبطأت علي، وبيني وبينها غيضه. وقال: ولست آمن عليها، فانظر ما ها هنا، حتي أعلم علمها.. ثم مضي، فأبطأ قليلا، ثم جاء بها يحملها، واذا السبع قد أصابها، فوضعها بين يدي، ثم أخذ سيفه ومضي، فلم أشعر به إلا وقد جاء بالأسد يجره مقتولا، ثم أنشأ يقول: ألا أيها الليث المضر بنفسه هبلت لقد جرت يداك لك الشرا أخلفتني فردا وحيدا مولها وصيرت آفاق البلاد لها قبرا أأصبح دهرا خانني بفراقها معاذ إلهي أن أكون لها برا *** لقد عرفنا من سياق القصة كما رواها الراوي أنها حين تباطأت عليه، ولم يطق صبرا علي ذلك، خرج ليجد أن أحد الأسود قد فتك بها، فما كان منه أن حملها إلي خيمته، وعاد يحمل سيفه ويقتل الأسد..!! وإنه لم يكتف بقتله كما تقول الرواية، ولكنه يجره جرا حتي خيمته. وأمام الغموض الذي يكتنف الراوي، كان لابد أن يشرح له هذه القصة بما يلخصه أنه أحب هذه الفتاة التي صرعها الأسد، حبا عنيفا، ولكن هذا الحب لم يشفع له عند عمه، الذي زوجها إنسانا آخر، وأنه بعد أن خرج من ماله كله ليعيش بالقرب منها في هذه الخيمة، حتي يمكنه أن يراها وأن يقابلها.. لا لشيء.. ولا لغرض إلا أن يشعر بما يشعر به المحبون عندما يلتقون بمن تعلق بهن قلوبهم.. ومادامت قد فارقت الحياة.. فلا معني للعيش في هذه الحياة! فلا معني.. ولا قيمة للحياة بعد أن فقد من كان يعيش لها. ثم التفت صاحب هذه القصة، أو هذا الاعرابي الذي فجع بمقتل حبيبته، إلي الراوي، وأوصاه وصية، بأن يدفنه مع حبيبته في ثوب أحضره له، وأن يدفنهما في قبر واحد، اذا هو مات!! ثم نظر الاعرابي إلي هذا الراوي لتلك القصة يوصية وصيته الأخيرة، وهو أن يكتب علي القبر هذا الشعر. كنا علي ظهرها والدهر في مهل والعيش يجمعنا والدار والوطن ففرق الدهر بالتصريف ألفتنا فاليوم يجمعنا في بطنها الكفن *** ولابد لهذه الحكاية المثيرة من نهاية مثيرة، كما عرفنا ذلك في العديد من القصص التي تروي قصص الحب العربية.. فما هي هذه النهاية.. يقول لنا الرواي: '.. ثم اتكأ علي سيفه فخرج من ظهره، فسقط مغشيا عليه، فلففتهما في الثوب، وحفرت لهما، فدفنتهما في قبر واحد، وكتبت عليه كما أمرني'. ويعلق الدكتور عبدالحميد ابراهيم علي هذه القصة.. بأنها من أصلح الأشياء لأن تتحول إلي (أوبرا موسيقية) ففيها هذا الجو الساذج، وتلك المواقف الرائعة.. وتصور معي تلك المواقف الخلابة وقد أضيفت اليها الموسيقي التصويرية المعبرة.. موقف الاعرابي وهو يحمل معشوقته علي كتفه، أو موقفه وهو يجرجر الاسد، وينشد الأشعار، أو موقفه وقد اتكأ علي سيفه فخرج من ظهره، أو موقف الرجل الذي لفهما في ثوب واحد، ودفنهما في قبر واحد، وكتب عليه أبياتا من الشعر. مراجع قصص العشاق النثرية في العصر الأموي د. عبدالحميد ابراهيم الحب العذري عند العرب د. شوقي ضيف |
كل الناس يذكرون الله عند الشدائد ..
لكن منهم من يذكره ويطيعه .. فإذا زالت الشدة عصاه ونساه .. ومنهم من يستمر صلاحه وتوبته .. يونس عليه السلام .. دعا قومه إلى الإيمان .. فأعرضوا وتكبروا .. فغضب .. وركب البحر مع سفينة .. فلما ثقلت بهم خافوا أن يغرقوا جميعاً .. فعلموا أنه لا بد أن يخففوا الحمل بإلقاء أحد ركابها إلى البحر .. عملوا القرعة مراراً فوقعت على يونس .. ألقوه في البحر .. فالتقمه الحوت .. ثم نزل به إلى الأعماق .. كل شيء حدث بسرعة .. يونس في الظلمات .. تسمع حوله .. فإذا به يسمع تسبيح الحصى الذي في قعر البحر .. فانتفض .. ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) .. فقرعت كلماته أبواب السماء .. فنزل عليه الفرج .. هذا خبر يونس النبي عليه الصلاة والسلام .. أما يونس اليوم فيقول : كنت شاباً أظن أن الحياة .. مال وفير .. وفراش وثير .. ومركب وطيء .. وكان يوم جمعة .. جلست مع مجموعة من رفقاء الدرب على الشاطئ .. وهم كالعادة مجموعة من القلوب الغافلة .. سمعت النداء حي على الصلاة .. حي على الفلاح .. أقسم أني سمعت الأذان طوال حياتي .. ولكني لم أفقه يوماً معنى كلمة فلاح .. طبع الشيطان على قلبي .. حتى صارت كلمات الأذان كأنها تقال بلغة لا أفهمها .. كان الناس حولنا يفرشون سجاداتهم .. ويجتمعون للصلاة .. ونحن كنا نجهز عدة الغوص وأنابيب الهواء .. استعداداً لرحلة تحت الماء.. لبسنا عدة الغوص .. ودخلنا البحر .. بعدنا عن الشاطئ .. حتى صرنا في بطن البحر .. كان كل شيء على ما يرام .. الرحلة جميلة .. وفي غمرة المتعة .. فجأة تمزقت القطعة المطاطية التي يطبق عليها الغواص بأسنانه وشفتيه لتحول دون دخول الماء إلى الفم .. ولتمده بالهواء من الأنبوب .. وتمزقت أثناء دخول الهواء إلى رئتي .. وفجأة أغلقت قطرات الماء المالح المجرى التنفسي... وبدأت أموت .. بدأت رئتي تستغيث وتنتفض .. تريد هواء .. أي هواء .. أخذت اضطرب .. البحر مظلم .. رفاقي بعيدون عني .. بدأت أدرك خطورة الموقف .. إنني أموت .. بدأت أشهق .. وأشرق بالماء المالح.. بدأ شريط حياتي بالمرور أمام عيني .. مع أول شهقة .. عرفت كم أنا ضعيف .. بضع قطرات مالحة سلطها الله علي ليريني أنه هو القوي الجبار .. آمنت أنه لا ملجأ من الله إلا إليه... حاولت التحرك بسرعة للخروج من الماء .. إلا أني كنت على عمق كبير .. ليست المشكلة أن أموت .. المشكلة كيف سألقى الله ؟! إذا سألني عن عملي .. ماذا سأقول ؟ أما ما أحاسب عنه .. الصلاة .. وقد ضيعتها .. تذكرت الشهادتين .. فأردت أن يختم لي بهما .. فقلت أشهـ .. فغصَّ حلقي .. وكأن يداً خفية تطبق على رقبتي لتمنعني من نطقها .. حاولت جاهداً .. أشهـ .. أشهـ .. بدأ قلبي يصرخ : ربي ارجعون .. ربي ارجعون .. ساعة .. دقيقة .. لحظة .. ولكن هيهات.. بدأت أفقد الشعور بكل شيء .. أحاطت بي ظلمة غريبة .. هذا آخر ما أتذكر .. لكن رحمة ربي كانت أوسع .. فجأة بدأ الهواء يتسرب إلى صدري مرة أخرى .. انقشعت الظلمة .. فتحت عيني .. فإذا أحد الأصحاب .. يثبت خرطوم الهواء في فمي .. ويحاول إنعاشي .. ونحن مازلنا في بطن البحر .. رأيت ابتسامة على محياه .. فهمت منها أنني بخير .. عندها صاح قلبي .. ولساني .. وكل خلية في جسدي .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمد رسول الله .. الحمد لله .. خرجت من الماء .. وأنا شخص أخر .. تغيرت نظرتي للحياة .. أصبحت الأيام تزيدني من الله قرباً .. أدركت سرَّ وجودي في الحياة .. تذكرت قول الله ( إلا ليعبدون ) .. صحيح .. ما خلقنا عبثاً .. مرت أيام .. فتذكرت تلك الحادثة .. فذهبت إلى البحر .. ولبست لباس الغوص .. ثم أقبلت إلى الماء .. وحدي وتوجهت إلى المكان نفسه في بطن البحر .. وسجدت لله تعالى سجدة ما أذكر اني سجدت مثلها في حياتي .. في مكان لا أظن أن إنساناً قبلي قد سجد فيه لله تعالى .. عسى أن يشهد علي هذا المكان يوم القيامة فيرحمني الله بسجدتي في بطن البحر ويدخلني جنته اللهم أمين .. |
احمد محمد ابو بكر
- قصة اسلام شقيق مايكل جاكسون شقيق مايكل جاكسون: إشهار إسلامي في السعودية فاجأ أفراد أسرتي بأميركا اشتهرت عائلة جاكسون الاميركية بالغناء والموسيقى. فقد كون جاكسون الأب فرقة غنائية موسيقية ناجحة من ابنائه. وكانت فرقة "جاكسون فايف" في بادئ الامر من انجح الفرق الغنائية الموسيقية في الولايات المتحدة الاميركية، وذاع صيتها في السبعينات وحصلت على شهرة عالمية واسعة. وسارت هذه الفرقة الغنائية الموسيقية من نجاح الى نجاح وتربعت على قمة الغناء الموسيقي الشعبي في اميركا. كما ان اسطواناتها واشرطتها حصلت على اعلى الايرادات. وتصدرت اغنياتها قائمة الاغنيات الاكثر مبيعا على نطاق العالم في ذلك الوقت. ومن ثم كبر هؤلاء الفنانون الموهوبون، وتفرقت بهم سبل الحياة الغنائية الموسيقية، فكون كل واحد منهم فرقته الخاصة. ولكن ظلت الاسرة ككل مرتبطة ارتباطا وثيقا بالغناء والموسيقى. ففي وسط هذا الجو الغنائي الموسيقي نشأ جيرمين جاكسون شقيق المغني الاميركي المعروف مايكل جاكسون. فجيرمين ينتمي لاسرة فنية لا يجهل احد شهرتها واثرها في خارطة الاغنية الشعبية الاميركية. وكانت تنشئته وتربيته في هذه الاجواء الفنية التي تركت اثرا واضحا في مسار حياته الى يومنا هذا. لقد بدأ جيرمين جاكسون رحلته الايمانية التي قادته الى اعتناق الاسلام من رحلة فنية الى عدد من دول منطقة الشرق الاوسط، حيث كان مرافقا لاخته الكبرى. فهناك عرف حقيقة الاسلام من افواه الاطفال. قال جيرمين جاكسون: عند زيارتي الى عدد من دول منطقة الشرق الاوسط في عام 1989 بصحبة اختي الكبرى، حيث زرنا خلال هذه المرحلة البحرين ورحب بنا الكثيرون. وكنت مرة اتبادل الحديث مع الاطفال في المنامة خلال تلك الرحلة. فمن جملة اسئلتهم البريئة سؤال كان عن ديني، فأجبتهم بأنني مسيحي، وسألتهم بدوري عن دينهم، فأجابوني بصوت واحد ان دينهم الاسلام. وكانوا فخورين جدا بالانتماء لهذا الدين، وانطلقوا في الحديث عنه. وسألتهم اكثر عنه وصار كل واحد منهم يحدثني عن الاسلام بطريقة ادهشتني، فهؤلاء الاطفال الذين احببتهم كانوا فخورين جدا بدينهم ويتحدثون عنه بسعادة غامرة. اعتناق الإسلام ويروي جيرمين قصة اسلامه وتفاصيلها في حوار اجرته معه مجلة "المجلة" في العدد 966 قائلا: انني بعد عودتي من البحرين والحديث مع اولئك الاطفال عن الاسلام تيقنت من انني سأصبح مسلماً. وتحدثت مع صديق لي اسمه علي قنبر عن هذا الشعور الذي بدأ ينتابني منذ فترة وافصحت له عن رغبتي في تعلم المزيد عن الاسلام. وسافرت معه الى المملكة العربية السعودية لأتعرف على الاسلام اكثر فأكثر، وهناك اعلنت اسلامي. ولما كان جيرمين جاكسون محبا لاسرته وعاشقا للغناء والموسيقى منذ نعومة اظفاره، رأى انه لن يتخلى عن الغناء والموسيقى، بل اصبحت له رسالة من نوع جديد، فبدلا من ان يعتزل الفن، بدأ يشعر من خلال اسلامه بدفعة جديدة لتقديم المزيد ضمن مشواره الفني راغبا في الاستفادة من الاضواء وآلاف المشجعين المحبين له، وذلك بتقديم رسالة من نوع جديد. إجابات على أسئلة حائرة ويواصل جيرمين جاكسون الحديث عن بداية مشواره في رحلته الايمانية التي قادته الى اعتناق الاسلام، حيث يقول: سافرت مع صديقي علي قنبر الى مدينة الرياض لمعرفة المزيد عن الدين الاسلامي، ومن هناك سافرت الى جدة واصطحبتني اسرة سعودية كريمة بعد اعتناقي للاسلام الى مكة المكرمة لاداء العمرة. ويصف جاكسون انه بعد اسلامه شعر بأنه ولد من جديد بحق وحقيقة. ويقول: كانت لدي العديد من الاسئلة الحائرة التي ابحث لها عن اجابات، خاصة الاسئلة المتعلقة بالمسيحية وعيسى عليه السلام، فوجدت اجابات جاهزة ومقنعة لكل هذه الاسئلة لحظة اعتناقي الاسلام. وقد كنت في حيرة من امري كمسيحي نشأ في اسرة متدينة، اذ كان يحيرني دائما ان الانجيل مكتوب على ايدي اشخاص عاديين. وكان دائما يخطر ببالي ان هؤلاء بشر فكل واحد منهم سيراعي نفسه ومجموعته في ما يكتب، بينما القرآن كتاب الله حفظه الله على مر السنين والاجيال "انا نزلنا الذكر وانا له لحافظون". وفي السعودية وجدت اشرطة جميلة جدا للمغني البريطاني السابق والداعية الاسلامي يوسف اسلام، وفيها مناظرة حول الاسلام والمسيحية ومنها تعلمت الشيء الكثير. حملة إعلامية جائرة ويتطرق جاكسون الى ان هناك حملة اعلامية سيئة ضد الاسلام والمسلمين في الولايات المتحدة الاميركية، ومما اعجب له ان الناس العاديين في اميركا يصدقون هذه الحملة الاعلامية الجائرة لجهلهم بحقيقة الاسلام وسماحة هذا الدين. ومن العجيب ايضا انه رغم التشابه الكبير بين الاسلام والمسيحية في كثير من الطروحات الا ان التشويه الموجه ضد الاسلام اكبر بكثير. وقال جاكسون: ان الحملة الاعلامية الجائرة في اميركا ضد الاسلام والمسلمين لم تقتصر على اجهزة الاعلام المختلفة، بل ان هوليوود عاصمة صناعة السينما الاميركية تحاول في ما تنتجه من افلام ان تصور للناس ان المسلمين ارهابيون وقتلة واشرار. ولقد عرفت من خلال تجربتي قبل اعتناقي الاسلام وبعده ان الناس عليهم الا يصدقوا ما تنتجه هوليوود من افلام تسيء الى الاسلام والمسلمين. وان هذا التشويه يؤلم كل مسلم ويجعله يتمنى لو انه يستطيع تغيير هذه الصورة بصورة الاسلام الحقيقية اسلام الحضارة والنور، اسلام التسامح والاخاء. الإسلام.. والحل وقال جاكسون: لقد قدم لي الاسلام حلا لكل مشكلاتي، فأصبحت انسانا بلا اي مشاكل. وكنت من داخلي اتغير بشكل رائع، حيث امتنعت عن شرب الخمر تماما وغيرها من الاشياء المحرمة امتثالا لاوامر ديني الجديد. وخشية من تأثيري على بقية افراد اسرة جاكسون واقناعهم باعتناق الاسلام، نظمت ضدي حملة واتهموني باني عدو للسامية، وانه بحكم اسلامي لا يمكن لي التعايش مع الاخرين، وهذا هراء، فان الدين الاسلامي دين تعايش في سلام وامان مع الاخرين. الحكمة من تعدد الزوجات اما عن صدى اسلامه وسط افراد اسرته، يقول جيرمين جاكسون: ان والدته علمت بخبر اسلامه من وسائل الاعلام قبل وصوله الى الولايات المتحدة الاميركية من المملكة العربية السعودية، حيث اشهرت اسلامي وقمت بأداء عمرة في مكة المكرمة. فوالدتي انسانة متدينة وملتزمة بدينها، فلذلك كان سؤالها لما جئت الى المنزل، اذا ما كنت متأكدا تماماً من هذا الخيار الذي اريده فعلا، وكان جوابي ان الاسلام هو الخيار الذي اريده فعلا. اما عن صدى اسلامه وسط اخوته واخوانه، يقول جيرمين: كان قراري باعتناق الاسلام قرارا مفاجئا لكل افراد اسرتي، ولذلك اندهشوا لقراري، ولما يسمعونه عن الاسلام والمسلمين من وسائل الاعلام المختلفة، منها مثلا ما يسمعونه عن تعدد الزوجات، فالاميركيون لا يفهمون ابدا الحكمة من اباحة تعدد الزوجات بالرغم من ان الخيانة الزوجية منتشرة في المجتمع الاميركي، بينما يبيح لك الاسلام ما دمت قادرا على الانفاق على الزواج باكثر من زوجة واحدة بدلا من مشاكل الطلاق والخيانة الزوجية. واضاف جيرمين: ان المسلمين في العالم العربي محبون لزوجاتهم واطفالهم، والمرأة عندهم معززة مكرمة ولكن كثيرا من الاميركيين لا يفهمون هذا، ولقد اعجبت كثيرا باسلوب التربية في المجتمعات الاسلامية. وقال جيرمين جاكسون انه عادة لا يقرأ الا القرآن الكريم، على الرغم من انه يمتلك الكثير من الكتب الاسلامية، لكنه يشعر بان هذه الكتب تصدر جميعها من القرآن الكريم، فلذلك يحرص دائما على قراءة كتاب الله. ----------------------------------------------- |
خرج عطاء بن يسار وسليمان بن يسار حاجين من المدينة ومعهم أصحاب لهم، حتى إذا كانوا بالأبواء نزلوا منزلا لهم، فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم، وبقي عطاء قائما يصلي فدخلت عليه امرأة من الأعراب جميلة، فلما شعر بها عطاء ظن أن لها حاجة فخفف صلاته، فلما قضى صلاته قال لها : ألك حاجة ؟
قالت : نعم. فقال : ماهي ؟ قالت : قم فأصب مني، فإني قد ودقت (أي رغبت في الرجال) ولا بعل لي. فقال : إليك عني، لا تحرقيني ونفسك بالنار. ونظر إلى المرأة الجميلة فجعلت تراوده عن نفسه وتأبى إلا ما تريد، فجعل عطاء يبكي ويقول : ويحك، إليك عني، إليك عني. واشتد بكاؤه، فلما نظرت المرأة إليه وما دخله من البكاء والجزع بكت المرأة لبكائه، فبينما هو كذلك إذ رجع سليمان بن يسار من حاجته، فلما نظر إلى عطاء يبكي، والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت، بكى لبكائهما، لا يدري ما أبكاهما. وجعل أصحابهما يأتون رجلا رجلا، كلما أتاهم رجل فرآهم يبكون جلس يبكي لبكائهم، لا يسألهم عن أمرهم حتى كثر البكاء، وعلا الصوت. فلما رأت الأعرابية ذلك قامت فخرجت، وقام القوم فدخلوا، فلبث سليمان بعد ذلك وهو لا يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلالا له وهيبة، ثم إنهما قدما مصر لبعض حاجتهما، فلبثا بها ما شاء الله، فبينما عطاء ذات ليلة نائما استيقظ وهو يبكي فقال سليمان : ما يبكيك يا أخي ؟ قال عطاء : رؤيا رأيتها الليلة. قال سليمان : ما هي ؟ قال عطاء : بشرط أن لا تخبر بها أحدا مادمت حيا. قال سليمان : لك ما شرطت. قال عطاء : رأيت يوسف النبي عليه السلام في النوم، فجئت أنظر إليه فيمن ينظر، فلما رأيت حسنه، بكيت فنظر إلي في الناس. فقال : ما يبكيك أيها الرجل ؟ قلت : بأبي أنت وأمي يا نبي الله، ذكرتك وامرأة العزيز وما ابتليت به من أمرها، وما لقيت من السجن، وفرقة الشيخ يعقوب فبكيت من ذلك، وجعلت أتعجب منه. فقال يوسف عليه السلام : فهلا تعجب من صاحب المرأة البدوية بالأبواء ؟ فعرفت الذي أراد، فبكيت واستيقظت باكيا. فقال سليمان : أي أخي وما كان حال تلك المرأة ؟ فقص عليه عطاء القصة، فما أخبر بها سليمان أحدا حتى مات عطاء، فحدث بها امرأة من أهله. |
قال بعض الصالحين : دخلت إلى مصر
فوجدت حداداً يخرج الحديد بيده من النار!!! ويقلبه على السندال .. ولا يجد لذلك ألماً ..!! فقلت في نفسي (( هذا عبدُ صالح لاتعدو عليه النار)) فدنوت منه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت له :: (( ياسيدي بالذي منّ عليك بهذه الكرامة إلا مادعوت لي فبكى وقال :: (( والله ياأخي ماأنا كما ضننت فقلت له :: ياأخي أن هذا الذي تفعله لايقدر عليه إلا الصحالون فقال أن لهذا الأمر حديثا عجيبا فقلت له :: أن رأيت أن تعرفني به فاأفعل قال :: نعم كنت يوماً من الأيام جالساً في هذا الدكان وكنت كثير التخليط إذ وقفت عليّ أمراءة لم أرا قط أحسن منها وجهاً فقالت :: ياأخي هل عندك شيئاً لله ..!! فلما نظرت إليها فتنت بها وقلت لها هل لكِ أن تمضي معي إلى البيت وأدفع لكِ مايكفيك فنظرت إليّ زماناً طويلاً فذهبت فغابت عني طويلاً ثم رجعت وقالت :: ياأخي لقد أحوجتني الضرورة إلى ماذكرت قال : فقفلت الدكان ومضيت بها إلى البيت .. فقالت لي :: ياهذا أن لي أطفالاً وقد تركتهم على فااقة شديدة !!! فإن رأيت تعطيني شيئاً أذهب به إليهم وأرجع إليك فاأفعل قال :: فاأخذت عليها العهود والمواثيق ودفعت لها بعضا من الدراهم فمضيت وغابت ساعة ثم رجعت .. فدخلت بها إلى البيت وأغلقت الباب .. فقالت :: لمَ فعلتَ هذا ؟؟ فقلت لها :: خوفاً من الناس فقالت :: ولمَ لاتخاف من رب الناس فقلت لها :: أنه غفور رحيم ثم تقدمت إليها فوجدتها تظطرب كما تظطرب السعفه يوم ريح عاصف ..!! ودموعها تنحدر على خديها فقلت لها :: مما أظطرابك وبكاؤك ؟؟؟؟!!ّ فقالت :: خوفاً من الله عزوجل ثم قالت لي :: ياهذا أن تركتني لله ضمنت لك أن الله لايعذبك بالنــــار لافي الدنيا ولافي الآخرة .. قال :: فقمت وعطيتها جميع ماكان عندي وقلت لها :: ياهذه قد تركتك خوفاً من الله عزوجل قال : فلمَ فارقتني غلبتني عيني فنمت .. فرأيت امراءة لم أرا قط أحسن منها وجهاً وعلى رأسها تاج من الياقوت الأحمر .. فقالت لي :: جزاك الله عنا خيراً قلت لها :: ومن أنتِ ؟؟ قالت :: أنا أم الصبية التي أتتك وتركتها خوفاً من الله عزوجل لاأحرقك الله بالنار لافي الدنيا ولافي الآخرة فقلت لها :: عرفيني بها ؟؟ ومن أي نسل هي يرمحكِ الله ؟؟!!ّ فقالت :: هي من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذكرت قول الله عزوجل :: أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) ثم أفقت من منامي ومن ذلك الوقت لم تعدو عليّ النار وأرجو أن لاتعدو عليّ في الآخرة .. |
استقر الإسلام في المدينة، وأصبحت له مكانته بين القبائل العربية خاصة بعد انتصار معركة بدر، وعندما حاولت قريش أن تأخذ بثأرها في 'أحد' لم يتحقق لها الانتصار الكامل.
فلولا أن الرماة عصوا أوامر الرسول عندما طلب منهم ألا يغادروا أماكنهم إذا لاحت بوادر الانتصار.. إلا أنهم تركوا هذه الأماكن بحثا عن الغنائم، وانتهز خالد بن الوليد* الذي كان مايزال علي الشرك* هذه الفرصة فأحاط بالمسلمين وأوقع بهم خسائر كبيرة، ولكن قريشا خشيت أن تستمر في قتال الرسول خشية أن تنقلب المعركة في غير صالحها، فآثرت الانسحاب والعودة إلي مكة، فلم يكن انتصار مكة كاملا. ومع ذلك فقد كانت المدينة تنعم بتسامح الإسلام ومبادئه وفضائله.. فساد العدل ولم يعد هناك هذا االصراع بين الأوس والخزرج والذي كان يذكيه اليهود.. ورغم أن هذا المجتمع كان ينعم بقيم الإسلام مما جعله مجتمعا متآلفا قويا.. رغم كل ذلك فقد كان هناك بعض المنافقين وعلي رأسهم، عبدالله بن أبي بن ابن سلول، الذي كان يحقد علي الرسول وعلي الإسلام، وأعلن إسلامه نفاقا، لأنه كان قد أوشك أن يصبح ملكا علي يثرب، ولكن أمله خاب بعد هجرة الرسول إلي المدينة، والتفاف الناس حوله وحول دعوته، مما أثار حقده علي الإسلام وبني الإسلام. وحدث في شهر شعبان في السنة الخامسة من الهجرة أن تناهي إلي سمع الرسول صلي الله عليه وسلم أن (الحارث بن أبي ضرار).. سيد بني المصطلق.. وهم بطن من خزاعة.. وكانوا قد ساعدوا مكة في قتالها الرسول في (أحد) سمع النبي أن الحارث هذا يريد أن يهاجم المدينة فخرج النبي لملاقاته.. وطلب منهم الإسلام، ولكنهم رفضوا، فهزمهم المسلمون هزيمة منكرة، وأخذوهم أسري.. وكان من بين الأسري (جويرية بنت الحارث) التي استغاثت بالرسول، فتزوجها عليه الصلاة والسلام، وبالتالي أصبح هذا البطن من خزاعة أصهارا للرسول، فأسلموا. وفي هذه الغزوة تخاصم أجير لعمر بن الخطاب مع رجل حليف للخزج علي الماء.. فقد تنافس كل منهما علي أن يكون هو الأسبق إلي الماء، وضرب حليف الأجير حليف الخزرج الذي استنجد بالخزرجيين.. وكادت تكون فتنة، عندما استنجد أجير عمر بالمهاجرين.. ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم أخمد الفتنة في مهدها.. وعادت النفوس إلي التآخي والصفاء..ولكن عبدالله بن أبي سلول الذي كان من آماله أن تندلع الفتنة بين المهاجرين والأنصار، وحتي يشفي غليل نفسه، وأخذ يثير الناس.. فكان مما قاله للناس وهو يبغي اندلاع الفتنة: والله ما رأيت كالليلة مذٌلة، قد نافرنا القوم وكاثرونا في بلدنا، وأنكروا فضلنا. والله ما نحن وهؤلاء إلا كما قال القائل: 'مسَمٌِن طلبك بأكلك!! ولئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعزّج منها الأذلَّ! وقال لقومه: هذا ما فعلتم بأنفسكم: أحللتموهم في بلادكم، وأنزلتموهم منازلكم. آسيتموهم في أموالكم حتي استغنوا. أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلي غير بلادكم، ثم لم ترضوا ما فعلتم حتي جعلتم أنفسكم أغراضا للمنايا! فَقجيتم دونهم، فأيتمتم أولادكم وقللتم وكثروا.. فلا تنفقوا علي من حوله حتي ينفضوا!'. وسمع أحد غلمان الأنصار وهو (زيد بن الأرقم) قول هذا المنافق، فأخبر الرسول بذلك. وغضب الرسول من هذا المنافق الذي يريد أن يشعل الفتنة بين المسلمين، ويدعو من جديد إلي العنصرية، فقال عمر بن الخطاب: 'يا رسول الله مجرْ به عَبٌاد بن بشر فليقتله وليأتك برأسه'! فقال عليه الصلاة والسلام: لا.. فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ولكن أذن بالرحيل. وأمر الرسول أصحابه بالرحيل رغم شدة الحر، حتي تنتهي هذه الفتنة. والعجيب أن (ابن أبي) عندما علم أن الرسول قد علم بأمر ما كان يضمره من إحداث فتنة، ذهب إلي النبي صلي الله عليه وسلم، وأنكر أنه تحدث بشيء مما سمع! ولكن الرسول صمت ولم يجبه ومضي يسير متجها نحو المدينة ونزل علي الرسول قوله تعالي في شأن المنافقين: (إذٌا جٌاءٌكٌ َمينٌافقيونٌ قٌاليوا نٌشهٌدي إنٌَكٌ لٌرٌسيولي َلٌَه واللٌَهي يٌعلٌمي إنٌَكٌ لٌرٌسيوليهي واللٌَهي يٌشهٌدي إنٌَ َمينٌافقينٌ لٌكٌاذبيونٌ اتٌَخٌذيوا أٌيمٌانٌهيم جينٌَةْ فٌصٌدَيوا عٌن سٌبيل َلٌَه إنٌَهيم سٌاءٌ مٌا كٌانيوا يٌعمٌليونٌ). (المنافقون 1، 2) وقال تعالي: (هيمي الذينٌ يٌقيوليونٌ لا تينفقيوا عٌلٌي مٌن عندٌ رٌسيول َلٌَه حٌتٌَي يٌنفٌضَيوا وللٌَه خٌزٌائني َسٌَمٌوٌات والأٌرض ولٌكنٌَ َمينٌافقينٌ لا يٌفقٌهيونٌ يٌقيوليونٌ لٌئن رٌَجٌعنٌا إلٌي َمٌدينٌة لٌييخرجٌنٌَ الأٌعٌزَي منهٌا الأٌذٌلٌَ وللٌَه العزٌَةي ولرٌسيوله وللميؤمنينٌ ولٌكنٌَ المننٌافقينٌ لا يٌعلٌميونٌ) . (المنافقون8) ***** وقد استغل 'عبدالله بن أبي' ما حدث لأم المؤمنين عائشة ليبث سمومه، محاولا زرع الفتنة بين المسلمين.. فقد حدث أن أسرع النبي مع أصحابه إلي المدينة، وكانت عائشة* رضي الله عنها* معه في هذه الغزوة.. وكانت قد تخلفت عن ركب رسول الله حي انفرط عقدها، وأخذت في جمعه.. بينما ظن المسلمون أنها في هودجها.. فساروا بالهودج علي ظن أن أم المؤمنين عائشة به.. وعندما وجدت السيدة عائشة نفسها وحيدة لم ترتجف أو تخاف، فقد أيقنت أن الرسول سوف يرسل إليها من يعيدها إلي المدينة، فظلت في مكانها.. وأثناء ذلك رآها (صفوان بن المعطل السَّلَمي).. الذي تخلف هو الآخر عن الآخرين.. بعض الوقت.. وعندما رآها عرفها، وأركبها بعيره وانطلق بها إلي المدينة التي دخلها في وضح النهار. ولم يكن في هذه القصة شيء يستحق أن يجثار حوله الشبهات، إلا أن عبدالله بن أبي، اتخذ من هذا الحادث وسيلة لأن ينفث سمومه، ويشيع ما لا ينبغي، ويقول عن أم المؤمنين مالا يجب أن يقال.. وبدأ يتحدث عن سبب عودتها مع صفوان الشاب الوسيم، وردد كلماته حمنه بنت جحش أخت زينب زوجة الرسول، لأنها كانت تعرف منزلة عائشة في قلب رسول الله.. كما فعل ذلك حسان بن ثابت.. وبدأت سهام عبدالله بن أبي تنتشر حتي وصلت الأخبار إلي الرسول، فحزن حزنا شديدا، ولم تكن عائشة تعرف عما يدور عنها شئ، ومرضت عائشة ولكن لاحظت أن هناك جفاء من قِبَل الرسول، فلم يلاطفها كما كان يلاطفها وهي الزوجة الأثيرة إلي نفسه، مما جعلها تطلب من الرسول أن تذهب عند أمها لترعاها في مرضها، وظلت في مرضها أكثر من عشرين يوما، إلي أن عرفت عندما شفيت ما يجقال عنها، فحزنت حزنا شديدا، وحزن الرسول لأن ألسنة بعض المنافقين لم تتورع في الخوض في حديث الإفك، حتي أنه خطب الناس وقال لهم: 'أيها الناس: ما بال رجال يأذونني في أهلي ويقولون عني غير الحق، والله ما علمت منهم إلا خيرا.. ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا، وما يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي' وعندما سمع أسيد بن حضير ما قاله الرسول قال: يا رسول الله أن يكونوا من إخواننا الخزرج فمرنا بأمرك. فوالله أنهم لأهل أن نضرب أعناقهم. وكان سعد بن عبادة حاضرا فرد علي أسيد أنه قال ذلك لأنهم من الخزرج! وكادت تحدث فتنة لولا أن احتواها الرسول بحكمته. وعتبت عائشة علي أمها بأنها لم تخبرها بما تلوكه ألسنة البعض عنها. وأخذت تفكر في الأمر.. وألمها أن يشك فيها أحد، وعندما ذهب الرسول إلي بيت أبي بكر ومعه عليا وأسامة بن زيد وسألهما الرأي.. فنفي أسامة أن تكون عائشة قد فعلت ما يشينها.. وأنها بريئة مما نجسب إليها.. بينما تكلم عليٌ فقال: يا رسول الله إن النساء كثير.. وضرب جارية لعائشة، عندما طلب منها أن تصدق رسول الله، وكان جوابها: والله ما أعلم إلا خيرا. وقال لها الرسول: 'يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتقي الله إن كنت قد قارفت سوءا مما يقولون، فتوبي إلي الله فإن الله يقبل التوبة من عباده'. فقالت للنبي وهي باكية: 'والله لا أتوب إلي الله مما ذكرت أبدا، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم أني بريئة لأقولن ما لم يكن. ولئن أنا أنكرت لا تصدقوني. وصمتت برهة وقالت: أنا أقول كما قال أبويوسف: فصبر جميل والله المستعان علي ما تصفون'. ونزل الوحي ببرائة عائشة: (إنٌَ ٌََذينٌ جٌاءيوا بالإفك عيصبٌةِ مَنكيم لا تٌحسٌبيوهي شٌرَْا لٌَكم بٌل هيوٌ خٌيرِ لٌَكيم لكيلَ امرئج مَنهيم مٌَا اكتٌسٌبٌ منٌ الإثم والٌَذي تٌوٌلٌَي كبرٌهي منهيم لٌهي عٌذٌابِ عٌظيمِ) (النور: آية 11 وما بعدها) إلي قوله تعالي: (ٌلٌولا إذ سٌمعتيميوهي قيلتيم مٌَا يٌكيوني لٌنٌا أٌن نٌَتٌكٌلٌَمٌ بهٌذٌا سيبحٌانٌكٌ هٌذٌا بيهتٌانِ عٌظيمِ (16( يٌعظيكيمي َلٌَهي أٌن تٌعيوديوا لمثله أٌبٌدْا إن كينتيم مَيؤمنينٌ (17) وييبٌيَني َلٌَهي لٌكيمي الآيٌات واللٌَهي عٌليمِ حٌكيمِ (18) إنٌَ ٌََذينٌ ييحبَيونٌ أٌن تٌشيعٌ َفٌاحشٌةي في ٌََذينٌ آمٌنيوا لٌهيم عٌذٌابِ أٌليمِ في َدَينيٌا ¤ٌالآخرٌة ¤ٌاللٌَهي يٌعلٌمي ¤ٌأٌنتيم لا تٌعلٌميونٌ) ونزلت عقوبة رمي المحصنات: (الٌَذينٌ يٌرميونٌ َميحصٌنٌات ثيمٌَ لٌم يٌأتيوا بأٌربٌعٌة شيهٌدٌاءٌ فٌاجلديوهيم ثٌمٌانينٌ جٌلدٌةْ ولا تٌقبٌليوا لٌهيم شٌهٌادٌةْ أٌبٌدْا وأيولٌئكٌ هيمي َفٌاسقيونٌ) (النور 4) وقد طبقت هذه العقوبة علي من رددوا حديث الإفك وهم مسطح بن أثافة، وحسان بن ثابت، وحمنه بنت جحش. فقد ضجرب كل منهم ثمانون جلدة. ومع الأيام عفا الرسول عن شاعره حسان كما طلب من الصديق معاملة مسطح كما كان يعامله قبل حديث الإفك. والدارس لأحداث (حديث الإفك) يعرف كيف صبر الرسول عليه الصلاة والسلام كل هذا الصبر، وما تحملته السيدة عائشة بما يفوق طاقة البشر. وقد طاق عبدالله الابن من ابيه ابن أبي ذرعا وبمكائده، حتي أنه ذهب إلي رسول الله قائلا له: يا رسول الله.. انه بلغني أنك تريد قتل (عبدالله بن أبي) فيما بلغك عنه، وقلت من يعذرني في رجل أذاني في أهلي. فإن كنت لابد فاعلا فمرني به، فأنا أحمل لك رأسه! فوالله ما علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبرَّ بوالدي مني. وإني لأخشي أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن أنظر إلي قاتل أبي يمشي في الناس فاقتله. فاقتل رجلا مؤمنا بكافر فأدخل النار' فقال عليه الصلاة والسلام: بل نرفق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا. وقال الرسول لعمر: كيف تري الآن يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله لأرعدت له أنجف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته! فقال عمر: قد والله علمت لأمر رسول الله أعظم بركة من أمري. و... انتهت هذه الفتنة وعادت عائشة كما كانت أقرب النساء إلي قلب زوجها.. الرسول الأعظم محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام. بقي أن نعرف أن حسان بن ثابت حاول أن ينفي عن نفسه خوضه في حديث الإفك.. وقال مادحا السيدة عائشة في قصيدة يقول فيها: مهذبة قد طيب خيمها وطهرها من كل سوء وباطل فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم فلا رفعت سوطي إلي أناملي وهو القائل مدافعا عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.. ويهجو من يتعرض له بسوء.. ومن ذلك قوله موجها حديثه لأبي سفيان.. هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء ولكثرة دفاعه عن الإسلام ونبي الإسلام.. كان بحق هو شاعر الرسول |
يقول طاووس بن كيسان .. وهو من تلاميذ ابن عباس الاخيار الاطهار وهو من رواة البخاري ومسلم ، يقول :
( دخلت الحرم لأعتمر ، قال : فلما أديت العمرة جلست عند المقام بعد أن صليت ركعتين ، فالتفتت إلى الناس والى البيت ، فاذا بجلبة الناس والسلاح .. والسيوف .. والدرق .. والحراب .. والتفتت فاذا هو الحجاج بن يوسف ، وهو الامير السفاك !! يقول طاووس : فرايت الحراب فجلست مكاني ، وبينما أنا جالس وإذا برجل من أهل اليمن ، فقير زاهد عابد ، أقبل فطاف يالبيت ثم جاء ليصلي ركعتين ، فتعلق ثوبه بحربة من حراب جنود الحجاج ، فوقعت الحربة على الحجاج ، فاستوقفه الحجاج ، وقال له : من أنت ؟ قال : مسلم . قال : من اين انت ؟ قال : من اليمن . قال : كيف أخي عندكم ؟ ( يعني أخاه الظالم مثله ، اسمه محمد بن يوسف ) قال الرجل : تركته سميناً بديناً بطيناً ! قال الحجاج : ما سالتك عن صحته ، لكن عن عدله؟ قال : تركته غشوماً ظلوماً ! قال : أما تدري أنه اخي ! قال الرجل : فمن أنت ؟ قال : أنا الحجاج بن يوسف . قال : أتظن أنه يعتز بك أكثر من اعتزازي بالله ؟!؟! قال طاووس فما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت ! قال : فأفلته الحجاج وتركه !!! لماذا؟ .. لانه توكل على الله (فالله خير حافظ وهو ارحم الراحمين) !! |
قصـة عجـيبـة في الأمانة !
نحن في زمان قلت فيه الأمانة ، وكثرت فيه الخيانة ، وأصبح كثير من الناس لا يؤتمنون ، و إذا اؤتمنوا خانوا ، وأصبحوا يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة ، حتى أصبح يقال : إن في بني فلان رجلاً أميناً ، لندرة الأمانة بين الخلق ، وكأن الناس ما علموا أن الأمانة والرحم يقفان يوم القيامة على جنبتي الصراط يميناً وشمالاً ، لعظم أمرهما وكبر موقعهما ، وليطالبا من يريد الجواز بحقهما . وأما سلفنا السابقون فقد تجذرت الأمانة في قلوبهم ، فبها يتبايعون ، ويتعاملون ، ولهم في ذلك قصص وأخبار ، من ذلك ما حكاه ابن عقيل عن نفسه : حججت فالتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر ، فإذا شيخ ينشده ، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه ، فقال : خذ الدنانير ، فامتنعت وخرجت إلى الشام ، وزرت القدس ، وقصدت بغداد فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع ، فقدموني ، صليت بهم ، فأطعموني ، وكان أول رمضان ، فقالوا : إمامنا توفي فصل بنا هذا الشهر ، ففعلت ، فقالوا : لإمامنا بنت فزوجت بها ، فأقمت معها سنة ، وأولدتها ولداً بكراً ، فمرضت في نفاسها ، فتأملتها يوماً فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر ، فقلت لها : لهذا قصة ، وحكيت لها ، فبكت وقالت : أنت هو والله ، لقد كان أبي يبكي ، ويقول : اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد العقد عليّ ، وقد استجاب الله منه ، ثم ماتت ، فأخذت العقد والميراث ، وعدت إلى بغداد . وقال ابن المبارك : استعرت قلماً بأرض الشام ، فذهبت على أن أرده ، فلما قدمت مرو نظرت فإذا هو معي ، فرجعت إلى الشام حتى رددته على صاحبه . |
وفاء قاتل!
أوفي بعهده وعاد لتنفيذ حكم الإعدام الصادر ضده! الإنسان هو الإنسان في كل العصور.. تتنازعه عوامل الخير والشر، الغدر والوفاء.. ومهما كانت العوامل التي تؤثر فيه من ظروف البيئة والتربية وما مر به أحداث، إلا أنه في لحظات معينة تبرز قيمة الرجال ومعادن الرجال. والقصة التي نرويها اليوم حدثت في أزهي عصور الإسلام، حيث أخذ الإسلام ينتشر في كل بقاع الدنيا، ودانت له امبراطورية الفرس، وتقلصت امبراطورية الروم.. كان ذلك في زمن الخليفة العظيم الفاروق عمر بن الخطاب. من ومع شدة عمر في الحق، وعدله الذي فاق كل المقاييس، حدث هذا الحدث الذي تكلمت عنه كتب التراث. فقد تناولت الكتب هذه القصة لما فيها من عظات، ولما فيها من كشف عن معادن الرجال. كان الفاروق جالسا في مجلسه وحوله بعض الصحابة، إذ فوجئ بشابين قويين يحضران شابا وسيما إلي مجلس الخليفة، ولم يبد علي هذا الشاب أي اضطراب أو خوف. وقص الشابان للخليفة حكاية هذا الشاب، وملخصها أنه قاتل والدهما.. فقد ذهب الأب إلي حديقته ليقطف بعض ثمارها غير أن هذا الشاب قاتله وقتله!! واستمع عمر بن الخطاب إلي الشاب وهو يتحدث عن حقيقة ما حدث برباطة جأش، دون أن يعتريه الخوف، وقال ما ملخصه كما تروي كتب التراث هذه الحكاية: إنه أعرابي يعيش في البادية، وأنه كان يسير خلف بعض نياقه. وأسرعت النياق نحو الحديقة، حيث كانت تتدلي بعض غصونها خارج أسوار الحديقة، فمدت أفواهها لتأكل بعض أوراق أشجار الحديقة، وإذا بشيخ يزمجر وتسوٌّر السور، وفي يده حجر كبير، فضرب فحل الإبل بهذا الحجر حتي قتله.. فما كان من هذا الشاب إلا أن تقدم وأخذ من الرجل نفس الحجر وضربه به حتي قتله هو الآخر! ومن هنا كانت الجريمة حقيقة اعترف بها القاتل وإن كان المبرر أنه انتقاما من الرجل الذي لم يرع حق (الفحل) وقتله بسبب تافه وهو امتداد فمه علي بعض أوراق من أشجار حديقته! * * * قال عمر: قد اعترفت بما اقترفت، وتعذٌّر الخلاص، ووجب القصاص، ولات حين مناص. قال الشاب: سمعا لما حكم به الإمام، ورضيت بما اقتصته شريعة الإسلام، لكن لي أخ صغير كان له أب كبير خصه قبل وفاته بمال جزيل، وذهب جليل، وأحضره بين يديٌ، وأسلم أمره إليٌ، وأشهد الله عليٌ. وقال: هذا لأخيك عندك، فاحفظه جهدك، فاتخذت لذلك مدمنا (دار قديمه) ووضعته فيه، ولا يعلم به إلا أنا، فإن حكمت الآن بقتلي ذهب الذهب، وكنت أنت السبب، وطالبك الصغير بحقه يوم يقضي الله بين خلقه، وإن أنظرتني ثلاثة أيام أقمت من يتولي أمر الغلام، وعدت وافيا بالزمام، ولي من يضمنني علي هذا الكلام. فأطرق عمر ثم نظر إلي من حضر وقال: من يقوم علي ضمانه والعود إلي مكانه؟ * * * وتقول كتب التراث أن الشاب نظر حوله، ووقعت عينيه علي أبي ذر، وأشار إليه بأنه هو الذي سيضمنه، وافق أبوذر علي الرغم من أنه لا يعرف الفتي، كذلك وافق الشابان مادام أبوذر قد وافق علي أن يضمنه، حتي يرد الحق لأخيه ويعود لينفذ فيه القصاص! * * * وتمضي الأيام الثلاثة. ويجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وحوله بعض الصحابة، ومنهم أبوذر، والشابان اللذان قتل والدهما، ولكن الشاب لم يظهر له أثر، وبدا الاضطراب علي وجه الجميع، فابن الخطاب معروف شدته وعدله، وأنه لابد أن ينفذ القصاص، وبدأ القلق يعتري الصحابي الجليل أبي ذر، فهو لا يعرف الفتي! ولا يعرف من أي القبائل هو! ومع ذلك، فقد أحس بالتعاطف معه، عندما طلب منه أن يضمنه عند أمير المؤمنين، فوافق لا لشيء إلا لأنه أحس ألا يخذل من التجأ إليه، وطلب معونته، فتحركت فيه النخوة ووافق علي أن يضمن هذا الشاب الذي لم يسبق له أية معرفة به. وهاهو اليوم الثالث قد أوشك علي الرحيل، ولم يأت هذا الشاب، حتي أن الصحابة قد أشفقوا علي أبي ذر، وطالبوا الشابين بأن يصفحا عن أبي ذر، وأن يأخذا الدية، وأنهما بهذا العمل سيذكر الناس هذه القصة ويثنون عليهما، ولكن الشابين رفضا أن يأخذا الدية! * * * وبينما أخذ الصحابة يتداولون الرأي، وأعينهم تتطلع إلي الأفق البعيد لعل الشاب يحضر في ميعاده، ويوفي بالوعد الذي قطعه علي نفسه، وينقذ في نفس الوقت الصحابي الجليل الذي ضمنه دون سابق معرفه، بينا هم علي هذا الحال إذ رأوا شبح الشاب يأتي من بعيد، ثم تقدم حتي وصل إلي مجلس أمير المؤمنين، حتي يوقع القصاص حسب شريعة الإسلام! وتنفس الناس الصعداء. ووقف الشاب أمام الفاروق رابط الجأش، مطمئن البال، بعد أن أدي لأخيه حقه حسب وصية والده، ولم يعد يشغله شاغل سوي أن يقع عليه القصاص. وعندما سجئل الشاب عن السبب الذي جعله يرجع مع أنه كان في إمكانه الفرار والهروب من الموت.. وكان رد الشاب أنه يخشي أن يجقال أن الوفاء قد ذهب من الناس! * * * فقال أبوذر: والله يا أمير المؤمنين.. لقد ضمنت هذا الغلام، ولم أعرفه من أي قوم، ولا رأيته قبل ذلك اليوم، ولكن نظر إليٌ دون من حضر فقصدني، وقال: هذا يضمنني! فلم استحسن رده، ورأيت المروءة أن تجيب قصده، إذ ليس في إجابة القاصد من بأس، كيلا يقال: ذهب الفضل من الناس! * * * وأمام هذا الموقف النبيل، لم يجدا الشابان بدا من التنازل عن دم هذا الرجل الذي كان في إمكانه أن يهرب من العدالة ولكنه آثر الوفاء بوعده.. كما خجلا من موقفهما من أبي ذر الذي ضمن الغلام دون سابق معرفة، لا لشيء حتي لا يقال أنه ذهب الفضل بين الناس. ومن هنا فقد قررا أن يكون لهما موقف نبيل لا يقل عن موقف الغلام وموقف أبي ذر فقد وهبا للشاب دم أبيهما، حتي لا يقول الناس: ذهب المعروف بين الناس! * * * يقول صاحب كتاب نوادر الخلفاء: فاستبشر الإمام بالعفو عن الغلام، وصدقه ووفائه، واستغزر مروءه أبي ذر دون جلسائه، واستحسن اعتماد الشابين في اصطناع المعروف، وأثني عليهما أحسن ثنائه، وتمثل بهذا البيت: من يصنع الخير لم يعدم جوائزه لا يذهب العرف بين الله والناس ثم عرض عليهما أن يصرف من بيت المال دية أبيهما فقالا: إنما عفونا ابتغاء وجه ربنا الكريم، ومن نيته هكذا لا يتبع إحسانه منٌّا ولا أذي. * * * ومغزي هذه الحكاية التراثية الجميلة لا تخفي علي أحد. فالإنسان هو الإنسان في مختلف العصور.. تمتلئ نفسه بالخير والشر.. بالهدي والضلال.. ويطفئ نار أحقاده القيم النبيلة، والكلمة الطيبة فيسمو إلي مستوي الإنسان، ويبتعد عن مستنقع الجريمة. المراجع: نوادر الخلفاء: للعالم الأديب محمد بن دياب الأتليدي تحقيق أيمن عبدالجابر البحيري |
كان من أعظم أيام العرب ، وأبلغها في توهين أمر الأعاجم ، وهو يوم لبني شيبان ، وهوأول يوم انتصرت فيه العرب على العجم . وخبره كالتالي :
ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي ، وكان في مجلسه رجل عربي يقال له : زيد بن عدي ، وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله ، فقال له : أيها الملك العزيز إن خادمك النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة . وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة ، فلما دخلا على النعمان قالا له : إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب ، فأراد كرامتك ، وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات . فقال له ا لنعمان : أما في مها السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى ، قل له : إن النعمان لم يجد فيمن يعرفهن هذه الصفات ، وبلغه عذري . ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره ، وقال له : إن النعمان يقول لك : ستجد في بقر العراق من يكفينك . فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه ، ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه ، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة ، فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه وسلاحه ، وذهب إلى كسرى ، فمنعه من الدخول إليه وأهانه ، وأرسل إليه من ألقى القبض عليه ، وبعث به إلى سجن كان له ، فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه . وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصة الطائي ، وكلفه أن يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ما عنده من نساء النعمان وسلاحه وعتاده ، فلما تلقى هانئ خطاب كسرى رفض تسليم الأمانات ، فخيره كسرى إما أن يعطي ما بيده ، أو أن يرحل عن دياره ، أو أن يحارب ، فاختار الحرب ، وبدأ يعد جيشاً من بكر بن وائل ومن بني شيبان ومن عجل ويشكر والنمر بن قاسط وبني ذهل . وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من أبطال الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية له وخصوصاً قبيلة إياد ، ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى. فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ : نحن قدمنا إلى قتالك مرغمين ، فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم : بل قاتلوا مع جنود كسرى ، واصمدوا إلينا أولاً ، ثم انهزموا في الصحراء ، وإذ ذاك ننقض على جيش كسرى ونمزقهم . وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء لا ماء فيها ولا شجر ، وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم ،فبدأ الفرس يموتون من العطش ، ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق ، وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها ، فأثخنت فيهم ومزقتهم ، وقتل كل أبطال فارس الذين أرسلهم كسرى لإحضار هانئ حياً ، فلما رجعت بعض فلول الفرس إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت . وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطي الزفت والقطران كثيراً من أرضها ، فلما رآهم كسرى على ذلك الشكل قال لهم : أين هانئ ؟ وأين أبطالكم الذين لا يعرفون الفرار، فسكتوا فصاح بهم ، فقالوا : لقد استقبلنا العرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات جميع القادة وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بني جنسهم ، فكاد كسرى يفقد عقله ، ولم يمضي عليه وقت قصير حتى مات حسرة ، فتولى مكانه ابنه شيرويه . وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصحبوا من خلفهم نساءهم وانقضوا على الجيش الفارسي ، فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقض عليه عربي من بني يشكر اسمه برد بن حارثة اليشكري فقتله ، وكان هانئ قد نصب كميناً من وراء الجيش الفارسي ، فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاً للنعمان بن المنذر ، وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الأخوة التي تنتظمهم ، فانسحب من جيش فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولاءهم لفارس من قبائل تميم وقيس عيلان فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون بالولاء لهم ، وعرف العرب أنهم كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به على بعض أذنابه منهم . وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما بلغه انتصار قبائل بكر بقيادة هانئ بن مسعود الشيباني على عساكر الفرس قال : ( هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ، وبي نصروا ) . والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركة القادسية التي أعز الله فيها قبائل العرب بنور الإسلام ، ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام . |
اغتيال جمال الدين الأفغاني
شاه إيران أمر بربطه في الجياد وسحبه علي الجليد! اختلف المؤرخون حوله.. فبعضهم قال انه ولد في افغانستان، وقال البعض الآخر أنه ولد في إيران ونشأ في بلاد الأفغان، وقيل انه ينتسب الي الامام الحسن بن علي رضي الله عنهما. مهما يكن من شيء فقد درس الفلسفة الاسلامية والتصوف وتعمق في دراسة الحضارة الغربية، وقرر ان يعيش بلا زواج حتي يفرغ لقضية هي قضية عمره وتتمثل في تحرير الشرق من الطغاة، سواء أكان هؤلاء الطغاة حكام الشرق نفسه أم الذين جاءوا ليستعمرونه من أوربا. وقد ساعده علي ذلك.. شخصية جذابة.. يملك الثقافة.. ويملك الموهبة.. ويملك قدرة التأثير علي الأخرين.. وقد جاء الرجل الي مصر.. اشعل فيها الشعور بالذات، وكون له تلاميذ من أمثال الشيخ محمد عبده وسعد زغلول، وعبدالله النديم وغيرهم، بل ان تأثيره امتد الي ثورة عرابي وثورة .19 من أجل هذه الاحداث التي آل علي نفسه أن يحققها عرف النفي والتشرد وظلمات السجون، كما نال حظه من التعذيب أيضا.. وفي النهاية دفن في قبر مجهول في تركيا.. وقال البعض أنه كانت هناك مؤامرة أدت الي وفاته! * * * يقول لنا الامام محمد عبده في بحث له (ابتداء النهضة المعنوية في مصر): .. وجاء الي هذه الديار سنة 1286ه رجل غريب بصير في الدين، عارف بأحوال الأمم، واسع الاطلاع، جم المعارف، جريء القلب وهو المعروف بالسيد جمال الدين الأفغاني، وتعرف إليه في باديء الأمر بعض طلبة العلم، ثم اختلف إليه كثير من الموظفين والأعيان، ثم انتشر عنه ماتخالفت أراء الناس فيه من أفكار وعقائد، فكان ذلك داعيا بطلب الاجتماع به لتعرف ماعنده، ثم اشتغل بالتدريس ببعض العلوم العقلية، فكان يحضر دروسه كثير من طلبة العلم، وتردد علي مجالسه كثير من العلماء وغيرهم، وهو في جميع أوقات اجتماعه مع الناس لايسأم من الكلام فيما ينير العقل، أو يطهر العقيدة، أو يذهب بالنفس الي معالي الأمور، أو يستلفت النظر في الشئون العامة مما يمس مصلحة البلاد وسكانها. وكان طلبة العلم ينتقلون بما يكتبونه من تلك المعارف الي بلادهم أيام البطالة، والزائرون يذهبون بما ينالونه الي أحبائهم، فاستيقظت مشاعر، وانتبهت عقول، وخف حجاب الغفلة في أجزاء متعددة من البلاد خصوصا القاهرة. * * * استطاع الرجل أن يثير الرأي العام في مصر.. وفي كل بلد ذهب إليه.. سواء في الهند، أو ايران أو تركيا، أو روسيا وكان كل همه هو تحرير الناس من عبودية حكامه أو من عبودية مستعمريه كما قلنا. في مصر مثلا.. تتأمل الناس قوله.. وهو يحث المصريين علي النهوض والحرية والاستقلال بأسلوب معبر.. عميق ورشيق: 'أنظروا أهرام مصر، وهياكل ممفيس، وأثار طيبة، ومشاهد سيوة، وحصون دمياط، فهي شاهدة بمنعة ابائكم وعزة أجدادكم، هبوا من غفلتكم، اصحوا من سكرتكم، عيشوا كيان الأمم أحرارا سعداء' .. وقال بعض المؤرخين كانت هذه الكلمة هي الشرارة المفجرة للثورة العرابية. وعندما قامت ثورة 19، قال سعد زغلول في احد خطبه الوطنية: 'لست انا خالق هذه النهضة كما قال بعض خطبائكم.. وأنا لايمكنني أن أقول هذا أو أدعيه، بل لا أتصوره.. انما نهضتكم قديمة قامت منذ عرابي.. وللسيد جمال الدين الافغاني وأتباعه وتلاميذه أثر كبير فيها.. وهذا حق يجب ألا نكتمه.. لأنه لايكتم الحق إلا الضعيف' * * * وقد استطاع السيد جمال الدين الافغاني أن يضع يده علي نقطة الضعف في الشرق.. وهي عدم اتفاقهم علي رأي.. تمتعهم بخاصية الانقسام.. حب كل واحد منهم علي أن يسير علي هواه.. اسمعه وهو يقول: 'فالشرق الشرق.. لقد خصصت دماغي لتشخيص دائه وتحري دوائه، فوجدت أقتل أدوائه داء انقسام أهله، وتشتت أرائهم، واختلافهم علي الاتحاد، واتحادهم علي الاختلاف، فعملت علي توحيد كلمتهم وتنبيهم الي الخطر الغربي المحدق بهم والأخذ بخناقهم'. * * * والغريب أن الخديو توفيق كان يحب السيد جمال الدين الافغاني عندما كان وليا للعهد، ولكنه عندما تقلد الأمور أنقلب عليه ونفاه من مصر، خوفا منه، والسبب ان توفيق قال انه يحب المصريين ولكن أكثر الشعب جاهل، لايصلح ان يلقي عليه مايقوله السيد جمال الدين وهذا يسبب التهلكة لهم وللبلاد. وقد قال له جمال الدين الافغاني: 'ليسمح لي صاحب السمو أن أقول بحرية واخلاص ان الشعب المصري كسائر الشعوب لايخلو من وجود الخامل والجاهل بين أفراده، ولكنه غير محروم من وجود العالم والعاقل، فبالنظر الذي تنظرون به الي الشعب المصري ينظر إليكم، وان قبلتم نصح هذا المخلص وأسرعتم في اشراك الأمة في حكم البلاد عن طريق الشوري فتأمرون باجراء انتخابات نواب عن الأمة، تسن القوانين وتنفيذها بأسمكم وارادتكم يكن ذلك اثبت لعرشكم وأدوم لسلطانكم'. وكانت هذه النصائح السبب في نفي جمال الدين الافغاني من مصر. * * * قصة مثيرة.. تلك! فالرجل الذي لم تطق بلاده نصائحه ذهب الي الهند، وفي الهند حرضهم علي الثورة علي الاستعمار الانجليزي، ولم تطق حكومة بريطانيا العظمي وجوده في الهند فأمرت بنفيه عنها.. فجاء الي مصر وأمضي بها أربعين يوما.. بعدها استدعاه عبدالعزيز لتركيا، ولكنه لم يطق اقامته بها عندما ألتف حوله العلماء والادباء، فعاد الي مصر عام 1871م.. وعندما بدأ نشاطه العلمي والثقافي والحث علي الحرية والاستقلال، نفي من مصر، وذهب الي الهند مرة ثانية حيث أقام في حيدر أباد.. ولكنه سجن هناك وبعد خروجه من السجن ذهب الي لندن، حيث كتب المقالات النارية ضد الاستعمار الانجليزي في مصر والهند ثم رحل الي باريس حيث ذهب الامام محمد عبده فأنشا جمعية ومجلة (العروة الوثقي).. ولكن المجلة أغلقت بعد سبعة أشهر من الصدور لمحاربة الانجليز لها، ومنعها من دخول البلاد الخاضعة للسيطرة الانجليزية! * * * والعجيب انه ذهب الي ايران.. وبدأ يدعو هناك بضرورة ان يعرف المواطن حقوقه مما جعل الشاه ناصرالدين يقلق من نشاط السيد جمال الدين، وبدأ يرسم طريقه للتخلص منه، مما حدا بالسيد جمال الدين الافغاني وقد استشعر الخطر، أن يفر الي روسيا! وقد نفي في روسيا مدة أربع سنوات، ظل كعادته يهاجم الاستعمار الذي يفرض قيوده علي الشرق، وينادي بضرورة ان يتحرر الشرق من هذا الاستعمار الذي يسومه سوء العذاب ويستولي علي أقداره ومقدراته، وأنه آن الآوان أن يتحرر الشرق من هذا الكابوس الجاسم علي صدره. وتقول بعض الدراسات التي قامت حول جمال الدين الافغاني انه قابل قيصر روسيا، وانه ناقشه في بعض الأمور، وأن الافغاني طلب من القيصر ان يعطي الشعب حقوقه، وأن تكون هناك حياة برلمانية حقيقية، مما جعل القيصر يخشي من تأثيره علي الشعب الروسي، ويأمر بطرده خارج حدود روسيا!! * * * والغريب أنه قابل شاه ايران وهو في طريقه الي باريس، وأن الشاه رحب بعودته الي ايران، وصدق الرجل وعود الشاه، ولكن الشاه لم يعجبه ماوصله من أنباء حول حديث الرجل عن الحرية وحقوق الشعب، وكان يعيش في أحد الأضرحة، ولكن الشاه أمر بأن ينفي خارج البلاد! وقبضوا علي الرجل، وأخذوه من فراشه مقيدا بالسلاسل.. بل بلغ بهم البطش أن ربطوه في جيادهم وسحبوه علي الجليد في هذا الوقت الشديد البرودة من أيام الشتاء.. ثم رحلوه الي العراق!! * * * وظل في العراق.. فترة حتي بريء من آلامه وأمراضه، فغادر البصرة الي لندن، حيث أصدر مجلة شهرية أطلق عليها (ضياء الخافقين).. وكانت باللغتين الانجليزية والعربية، وفيها كان يهاجم الأنظمة المستبدة في العالم العربي والاسلامي، مركزا علي مصر وايران، وقد بلغت هذه الحملات أوج قوتها، حتي أن شاه إيران عرض عليه عن طريق سفيره في لندن، أن يكف عن هذه الحملات علي أن يرسل له مايشاء من أموال. وكان رد السيد جمال الدين الافغاني: 'والله لن أرضي إلا ان يقتل الشاه وتبقر بطنه ويواري التراب'. * * * وتمضي الأيام.. وتتوالي الرسائل عليه من السلطان عبدالحميد حتي يأتي الي تركيا، وأمام كثرة هذه الرسائل قرر الرجل أن يذهب الي تركيا، ولم يكن يدري ان القدر يدبر له أمرا، فقد ذكر بعض المؤرخين ان طبيب الاسنان الذي كان يعالجه دس له في فمه ماسبب له المرض الذي مات به، ويرجحون أن وراء موته كان مؤامرة، لأنه عندما مات أمر السلطان ان يدفن بلا احتفال وأن تصادر كل أوراقه.. ولم يسر وراء جنازته إلا ثلاثة من أصدقائه، ثم دفن في قبر مجهول.. ولم يكتشف هذا القبر إلا بعد ثلاثين عاما علي يد أحد المستشرقين! مراجع أقلام ثائرة..... حسن الشيخة رواد الوعي الانساني..... د.عثمان أمين أبطال ومعارك حاسمة...... كمال زكي |
تعذيب صحابي جليل
خباب بن الأرت ذاق أشد أنواع العذاب علي يد سيدته أم أنمار دعا عليها الرسول فأصابها السعار وظلت تعوي مثل الكلاب! خباب بن الأرت صحابي جليل، تحمل في سبيل عقيدته بما هو فوق طاقة البشر، وقراءة مسيرة حياته وإسلامه ومواقفه، تعطي الإنسان صورة علي الإنسان أن يعيش للمبدأ، ولا يقايض بمبادئه ملء الأرض ذهبا. فما أكثر ما عذب عندما أعلن إسلامه، فقد حوله الاسلام إلي إنسان آخر.. إنسان أصبح لحياته هدف وغاية، وأصبح للحياة نفسها هدف وغاية، علي أساس أنها معبر لعالم خالد لا يعرف الفناء. وخباب عربي من بني سعيد، من تميم، اختطف من أهله عندما كان غلاما وبيع كرقيق في أسواق مكة، واشترته امرأة اسمها (أم أنمار) وهي امرأة من خزاعة كانت تشتغل خاتنة في مكة. وكبر خباب، وشب علي الطوق، وأصبح ماهرا في صناعة السيوف والدروع.. واشتهر بمهارته تلك في مكة، فكان الناس يقبلون عليه لشراء سيوفهم ودروعهم. وفجأة تغيرت حياته تماما، فقد سمع بالدعوة الاسلامية، وما ينادي به محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، وسرعان ما أقتنع بهذه الدعوة، وذهب إلي الرسول وأعلن اسلامه. ثم سرعان ما عرف الناس بهذا الخبر، وعندما سألوه عن ذلك لم ينكر، ولكنه لم يفق إلا بعد وقت طويل، فقد أخذوا في ضربه في كل مكان يقع عليه سياط الظالمين. أما 'أم أنمار' سيدته، فقد أذاقته ألوانا من العذاب لا يخطر علي بال، فقد كانت تربطه في عمود من أعمدة البيت، وتشعل النار في الكور، وتضع فيه الحديد، حتي يصبح كالجمر، وتكوي به جسد خباب وهي تقول له: ستظل هكذا حتي تعود إلي ملتنا، وتظل تعذبه بقطع الحديد الساخن كلما أفاق!! *** ذهب خباب إلي رسول الله يشكو له ما يلاقي من عذاب، وقال للرسول الكريم: يارسول الله.. ألا تدعو الله لنا فيخفف عنا عذابنا ويريحنا من موالينا؟ فطلب منه الرسول الصبر، وقال له: إنه كان من قبلكم ليمشط أحدهم بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب! ويوضع المنشار علي فرق رأس أحدهم فيشق.. ما يصرفه عن ذلك عن دينه، وليظهرن الله تعالي هذا الدين، حتي يسير الراكب من صنعاء اليمن إلي حضرموت لايخاف إلا الله والذئب علي غنمه'! *** فما كان من خباب بعد ما سمعه من الرسول إلا أنه أخذ يلوذ بالصبر الجميل، متحملا كل هذا العذاب من امرأة انتزع الله من قلبها أي رحمة. *** ومر رسول الله به ذات يوم وهو يعذب، فرفع كفيه إلي السماء وقال: اللهم انصر خبابا واستجاب الله لدعاء رسوله، فقد أصيبت أم أنمار بسعار غريب فجعلها تعوي مثل الكلاب! ونصحها البعض بأن علاجها هو أن تكوي رأسها بالنار! وهكذا ذاقت من نفس الكأس التي أذاقته لخباب بن الأرت. وتفرغ خباب للعبادة وحفظ القرآن الكريم حتي قال عنه عبدالله بن مسعود: من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه بقراءة أبن أم عبد'. *** وكان خباب هذا هو الذي يعلم فاطمة بنت الخطاب، وزوجها سعيدبن زيد القرآن الكريم، والذي فاجأهم ذات يوم عمر بن الخطاب، وقد كان ممسكا سيفه يريد به الاعتداء علي رسول الله، ولكنه عندما قرأ أيات القرآن الكريم، لان قلبه، وطلب من أخته أن تدله علي محمد، يومها كان خباب مختبئا، فما كاد يسمع عمر، حتي خرج من مخبأه ليبشره بقوله: يا عمر.. والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه صلي الله عليه وسلم، فإني سمعته بالأمس يقول: 'اللهم أيد الاسلام بأحب الرجلين إليك.. أبي الحكم بن هشام وعمر بن الخطاب' وعرف عمر أن الرسول في بيت الأرقم بن أبي الأرقم فذهب وأعلن اسلامه، وكان اسلامه له أثره العظيم في تقويه الدعوة. *** وقد شهد خباب جميع المواقف والغزوات مع الرسول الكريم، وعندما انتقل الي جوار ربه وكان له دخل كبير من بيت المال لسابقته في الاسلام، قرر أن يشتري بيتا متواضعا في الكوفة.. وكان يعطي من هذا المال المحتاجين. *** ويقول الرواة إنه بكي حين حضرته الوفاة، وعندما سأله أصدقاؤه عما يبكيه، وهو سوف يلاقي الأحبة الذين سبقوه الي الدار الآخرة.. قال لهم: أما أنه ليس بي جزع، ولكنكم ذكرتموني أقواما، واخوانا مضوا بأجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيئا. وإنما بقينا بعدهم حتي نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعا إلا التراب. وكان قد أعد كفنه، وقال للذين جاءوا لعبادته: انظروا هذا كفني.. لكن حمزة عم الرسول صلي الله عليه وسلم لم يوجد له كفن يوم استشهد إلا بردة ملحاء.. إذا جعلت علي رأسه قلصت عن قدميه، واذا جعلت علي قدمه قلست عن رأسه!. *** ويرسم خالد محمد خالد هذه اللوحة لنهاية هذا البطل الذي عاش لله وبالله، لم يرهبه عذاب ولا تعذيب، ولكنه كان قرير العين، راضيا بما تجري به الأقدار مؤمنا بفوزه بنعم الآخرة، لرضاء الله ورسوله عليه. يقول خالد محمد خالد في كتابه (رجال حول الرسول) ومات خباب في السنة السابعة والثلاثين للهجرة. مات أستاذ صناعة السيوف في الجاهلية.. وأستاذ صناعة التضحية والفداء في الاسلام! مات الرجل الذي كان أحد الجماعة الذين نزل القرآن يدافع عنهم، ويحييهم عندما طلب بعض السادة من قريش أن يجعل لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم يوما، وللفقراء يوما.. من أمثال (خباب) و(صهيب) و(بلال) يوما آخر. فإذا القرآن العظيم يحتضن رجال الله هؤلاء في تمجيد لهم وتكريم، وتهل أياته قائلة للرسول الكريم: 'ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين'. 'وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا، أليس الله بأعلم بالشاكرين. 'وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم، كتب ربكم علي نفسه الرحمة'. وهكذا لم يكن الرسول صلي الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآيات، حتي يبالغ في اكرامهم، فيفرش لهم رداءه، ويربت علي أكتافهم ويقول لهم: أهلا بمن أوصاني بهم ربي. أجل مات واحد من الأبناء البررة لأيام الوحي، وجيل التضحية. *** 'ولعل خير ما نودعه به كلمات الامام علي كرم الله وجهه حين كان عائدا من معركة صفين، فوقعت عيناه علي قبر غض رطب فسأل: قبر من هذا؟ فأجابوه: إنه قبر خباب فتملأه خاشعا آسيا وقال: رحم الله خبابا لقد أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا' هذه صورة لمجاهد عظيم، ومكافح عظيم، لم يترك الدنيا إلا بعد أن ترك سيرة عطرة تتداولها الأجيال في كل العصور. مراجع رجال حول الرسول *خالد محمد خالد سيرة النبي العربي *أحمد التاجي |
الساعة الآن 09:23 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع قطرات أدبية 2009