المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحــيــل مـلاكــ~~~ نـشـر أول


متاهة الأحزان
02-06-10, 08:18 PM
http://img2.imageshack.us/img2/816/11009500.gif

\
/

رحــيــل مــلاك
أخيرا وصلت للمكان المحدد من قبل الجمعية .
نظرت خلفها باستياء :وهل يحسب هذا طريقاً,حتى السيارة المصفحة لن تجيد اجتيازه
ضحك مهند :تعاملي مع الوضع بأريحية يا أسيل فأنت هنا في واحد من الأزقة المهمشة في المدينة وما أكثرها أنت هنا بمدينة عربيه لست في قلب لندن ثمة فرقٌ كبير.
نظرت له بانزعاج :سنبقى في آخر الركب ما لم تتغير أفكارنا وقناعتنا بأن العلم والتقدم لهم والفقر والتخلف والجوع لنا ...ترى ألا توجد في مدنهم أزقة مهمشة وبيوتٌ يأكلها الجوع حقا ,أم أن هذا محض خيال نقنع فيه أنفسنا لنبقى نغط بالظلام بصمت واستكانة .
أخبرني بأي شيء يمتازون عنا حتى تكون أفكارنا وقناعاتنا على هذا النحو ...؟؟؟!
قَرع جرس المنزل :أتعلمين...ستجدين هنا ما يؤلمك حقاً ...نحن نبذل جهدنا لكن مواردنا المالية محدودة وبل تكاد تكون معدومة والامكان التي تحتاجنا كثيرة .
فُتِح الباب عن وجه امرأة في خريف العمر :أهلا كيف أخدمكم ...؟
أنا مهند المهندس المسئول عن ترميم المنزل من قبل الجمعية الخيرية .
تهلل وجه المرأة بالبشر :أهلا بكم تفضلوا بالدخول .
كانت أسيل صامته تراقب بذهول هل يعقل أن هذا المكان ميتما يأوي إليه أطفالٌ فقدوا الأهل والملجأ والمعيل ...هذا مستحيل .
بقيت في الساحة تجيل النظر تحدق بالأشخاص والجدران على حدٍ سواء ...
مهند :ما بك يا أسيل ألن تنضمي لنا ...؟؟!!
تبعته بصمتٍ وشرود في حجرة الإدارة تعرفت لتلك السيدة إنها سميه متطوعة تقوم على شؤون الميتم وتدير المكان منذ زمن .
أسيل :تشرفت بمعرفتك سيدتي .
ضحكت سمية :لست سيدة أحد بإمكانك مخاطبتي بالخالة سميه كالآخرين ـ لكن من أنت مهندسه أم مسئوله من الجمعية .
مهند :أعتذر يا خاله لم أقدمها لك هي أسيل ابنة السيد سالم الذي قدم المال تبرعا لترميم المنزل .
قامت سميه ترحب بها ترحيب الملوك وتقدم لها فروض الاحترام والشكر والتقدير وتمتن لوالدها على هذه المنحة الكريمة التي تاقوا إليها حاجة وشوق .
أسيل :على رسلك يا خاله لم نبذل شيئا من عند أنفسنا فهذا عطاء الله لنا جميعا ...لكن هل لي بالإطلاع على حاجة الميتم علنا نقضيها أو بعضا منها .
أخذت تشرح لها عن معاناة الأيتام كبارا وصغار في هذا المنزل بعد اجتماع مطول قامت برفقة سميه تطلع على المكان وتتعرف إليه
مضى نصف النهار الأول ...مهند غارق في إحصاء المال اللازم للترميم وأسيل مع الخالة تتعرف لما يحتاجه سكان المنزل فهو يعج بالأطفال والشباب من الجنسين كلٌ له ألآمه أحلامه وطموحاته كلٌ له حاجته ولا يجدون غير الهم الكدر والأسى شيئا يأكل أوقاتهم ويقضم أعمارهم .
في إحدى الغرف استنشقت أسيل رائحةٌ ما ...أصابها الدوار فطلبت قسطاً من الراحة .
رمت بجسدها فوق أحد الأسرة تأن تحت وقع الصداع الذي جاء بغتة حضرت سميه بالدواء وكأس ماء على أنها صدمت بدموع أسيل .
سميه بذهول :هل أنت متعبه إلى هذا الحد يا ابنتي ...!!؟
أسيل :هناك رائحةٌ ما ...
سميه :لم أشتم أي رائحة ـ هل هي مزعجة إلى هذا الحد {وراحت تتفقد الغرفة }
أسيل :أكاد أجزم ,إنها رائحة عطرٍ ما ولكن ...
سميه :لكن ماذا ...؟؟؟هل أتصل بالطبيب ...؟
أسيل :لمن تعود هذه الحجرة ...؟
سميه :لأربعة شباب يعيشون هنا لكنهم الآن في عملهم خارج المنزل .
دخل أحدهم بسرعة ودون انتباه ألقى بجسده على أقرب سرير ...بدا متعبا حد الانهيارـ
قامت سميه مذهولة :ليست عادتك يا أحمد أن لا تلقي التحية .
رفع رأسه بكسل :خالة سمـ{صعق حين رأى أسيل على السرير الآخر ونهض مسرعاً}أنا أسف لم أنتبه أسف أسف سأغادر الآن .
استوقفته أسيل :مهلاً توقف أنا من تعتذر سأغادر لتنعم بقسطٍ من الراحة تبدو متعبا إلى حدٍ بعيد .
بقي صامتا محدقا بها فهذا الوجه بدا مألوفا لديه وكأنه رآه قبل اليوم .
سميه :حسناً يا ابنتي هيا بنا سأرشدك لغرفة مريحة إلى حدٍ ما .
سارت في طريقها,همت أسيل بالخروج لكن ذات الرائحة العبقة انبعثت من ثياب أحمد.
اقتربت منه :هو عطرك أنت ...؟؟؟
\
\

يتبع

الــمُــنـــى
03-06-10, 04:58 PM
/
\


سعادتي هنا لثلاثة أسباب

* عودة قلمك الذي غاب عنا زمنا وما أثقل الغياب يا رفيقة.
* أن تحظى سماء القطرات بالنشر الأول لهكذا رائعة ..
* أننا سنعانق الجمال مرارا وتكرارا هنا فكما يبدو أن حلقات من الجمال متتالية

ما أسعدني أن أكون أول المصافحين لهذا الحرف
وبعد طول غياب

المعذرة للتأخر هنا ..
لك الألق يا عذبة
فقط لا تتاخري علينا بالحضور
دمتِ بود

متاهة الأحزان
03-06-10, 06:02 PM
الـمــنــى

\
/

بالقلب فيضا من رضا

وميضا من شروق

فغيابي عنكم

يثقل كاهلي ويردي قلمي صريعا دون أنفاس

لكم أهازيج الأشواق أغني

\

سعيدة كوني هنا من جديد

أكثر سعادة وإنطلاق بحضورك المخملي

حرفك عقدٌ ماسيٌ

تشتاقه كل الصفحات يانقيه

قد تطول الرحلة هنا

وقد تقصر

لكني وفي جميع الأحوال

أنتظر عبورك الشيق لأطلق صافرة الرحيل للمحطة القادمه


نعم

أنت الهطول الذي أنتظره بشوق وأمل

دمت شمسا في أحضان الشروق

لقبك جنائن الحب

متاهة الأحزان
03-06-10, 06:06 PM
ج2
{دهش من سؤالها وتلفت من حوله ضحكت بعفويه }هذه الرائحة تنبعث من هناك أيضا لست متأكدة لكنها رائحة جميلة بدت مألوفة لي ...حدقت بوجهه مع دمعة ساخنة تحبسها بمرارة
طأطأ برأسه خجلا :إذن رائحة عطري مألوفة لك كوجهك تماما ...وكأني أعرفك منذ زمن ٍ بعيد .
مدت يدها المرتجفة لتصافحه .حدق بها ثم بيدها مذهولاً
أسيل :أتعلم ...عدت لوطني منذ أسبوع واحد فقط أنا لا أعرف أحدا هنا إلا قله من أصدقاء والدي لا أصدقاء ولا صديقات لدي كذلك لا إخوة ولا أخوات .
أحمد :لكني مجرد
أسيل :لم أسألك من تكون ...فقط أريدك صديقا وعون
مد يده وصافحها بحرارة قلبه بشوق وحب دفنا تحت التراب منذ سنين طويلة غادرت الغرفة يغمرها الرضا رغم الشرخ الذي شق صدرها بمجرد أن صافحته ,بعد فترة قصيرة قدّرَ لها أن تلتقي بصديقة عرفتها قبل ستة سنوات كانت تستعد للعودة إلى منزلها برفقة مهند حين رأتها تدخل الميتم .
حدقت بها للحظات ثم رددت بثقة :أنت لبنى ...ألست محقه ...؟؟؟
تبسمت الأخرى :ولازلت تذكريني ــ هل يعقل هذا ...؟؟
اقتربت تصافحها وبل تعانقها حبا وشوق .
سميه :هل تعارفتما سابقا ...؟؟؟
لبنى :تلك قصة مضت منذ زمن ,على أن ذاكرة أسيل حية عميقة فهي لم تنساني رغم أننا لم نتعارف لوقت طويل .
أسيل :أتعلمين يا صديقة ...لا يوجد في ذاتنا ذاكرة ضعيفة لكنه التنكر للصديق والجحود من يجعلها تتآكل ـ كنت فخورة بمعرفتك وها أنا سعيدة بلقائك مرة أخرى.
لبنى :آه منك يا أسيل لازلت طيبة القلب رقيقة النفس ,شرفٌ لي أن التقيك من جديد
أسيل بكل تعالي :حسناً أيتها الخادمة المهذبة أعدي لي لنا لقاء جميل .
انحنت لبنى بشيء من الذل :حاضر يا سيدتي حتما سأفعل ...
وانفجرتا بالضحك كما الأطفال وسط ذهول الجميع ودهشتهم
{ هل هما منسجمتان إلى هذا الحد ؟؟كيف هذا ومتى حدث؟؟؟
أخيرا عادت أسيل لمنزلها كانت على غير العادة مشغولة التفكير متعبة بل حزينة رغم البسمة الذائبة فوق شفتيها .
جلست بالصالة مع والدها ومهند للحديث بخصوص منزل الأيتام وما يحتاجه من مال
سالم :تبدو أسيل في عالم آخر ـ هل حدث أي مكروه ؟؟؟
تبسم مهند :بل على العكس تماما لقد التقت صديقة قديمة وسعدت بهذا اللقاء الغير متوقع كثيراً .
ذهل سالم :صديقة قديمة!!عن أي شيء تتحدث ...؟؟؟أسيل لا تعرف أحدا هنا فهي قضت عمرها كله في لندن .
أسيل :والدي هي فتاةٌ عرفتها بالرحلة السياحية قبل ستة سنوات .
استرخى سالم مبتسماً :أهااا قد أكون عرفتها ...لازلت ذاكرتك تحتفظ بتلك الفتاة ..؟؟
نظرت له بأسى مفرط :كيف لا وهي تحتفظ بصورٍ أكثر قدما رغم تشوهها وضياع كل ملامحها وتفاصيلها ؟ ليتني أعرف سر تلك الصور يا أبي .
غضب سالم :لقد عدنا ألن تكفي ...؟؟ يالك من عنيده ـ قلت لك مرارا هذا مجرد خيال ربما يخالطه شيئا من طفولتك العذبة ...ليس عدلاً أن تعذبي نفسك بالسعي وراء وهمٍ أوقعت روحك بين براثنه منذ زمن .
أخذت نفساً عميق وأطلقت بضع دمعاتٍ حارة ثم غادرت بصمت إلى فراشها مخلفه ورائها سالم بقلقه توتره وندمه على قرار العودة .
كالعادة وعلى صوت الخالة سميه تهتز جدران المنزل في تمام السادسة صباحا
وقف أحمد على الشرفة المطلة على باحة المنزل الواسعة حيث تقف الخالة سميه ,
بتثاؤب وكسل :أسعد الله صباحك
سميه :تبدو على غير عادتك لم أنتظر أن أجدك نائما حتى هذا الوقت ...
أحمد :يا خالة لازالت الساعة السادسة اليوم عطلة كلنا نحس بالإرهاق ,دعينا ننعم بقسطٍ من الراحة .
تنهدت بألمٍ مفرط :ليتني لم أعبث بمصيرك يا ولدي {غادرت تخفي الدموع عن عينيه
ليعود الآخر إلى فراشه ـ هو لم يذق طعم النوم لم يشعر بالراحة لقد ساوره القلق طويلاً كلا ...لم يكن قلقاً بل هو طيفٌ لطيف قضى في ذاته الليل الطويل
أسيل أي ملاكٍ أنت ـ تبسم وطرق رأسه بحافة السرير ـ نسيت الملائكة لم ولن نراها أنت بشرٌ كمثلنا ,تنهد بحزن .
كيف تغلغلت في أعماق قلبٍ تعفن من كثرة الجروح والألم ,كيف أبعدتي عني طيف ملاك طوال الليل ,أي سرٍ يحمله وجهك المشع كما الشمس...؟؟؟؟
غرق بتساؤلاته وغصة الحسرة تخنقه طويلا .
عاد من بحر ذكرياته ومواجعه على يد لبنى حيث امتدت تمسح دمعة سافرت على خده دون وعيٍ منه ,انتفض وكأنه استيقظ فجأة .
لبنى :ألن ترحم قلبك من ألمه القديم ...؟؟؟
ردد دامعا :أنى للقلب أن يلفظها وجراحه ...أنى لذاكرتي أن تخونها يوما ...عذراً عزيزتي فهي تملكني بكل المعاني .
لبنى :لن أدخل معك في جدالٍ عقيم ...هيا لتناول الفطور .
أحمد :لست جائعا ـ لا رغبة لي بالطعام .
دمعت لبنى بحرقه :حسناً كما تشاء .
وآثرت الانسحاب ,تركته على مضض فهي لن تستطيع المسح على آلامه الكثيرة ,لن تستطيع الصمود أمام دموعه المقهورة .
بعد فترة وجيزة خرج مسرعاً راقبته بأسف فهي تعلم إلى أين يمضي
اعترضت طريقه سميه دامعة :أما يكفيك كل ما بذلته من عمر أمام ذلك الضريح الصغير ؟؟ألن تنساه ...؟؟؟
بصمتٍ مميت معهود استمع لها ثم غادر ...بدا هذا النهار مختلفا
فالشمس لم تكن حارة كما العادة نسائم الريح الباردة تداعب كل شيء حتى قلبه الذي لم يسبق لها أن تصله ...
أحس بالقشعريرة ـ هل هو البرد ؟وهل يكون هذا في تموز ..؟؟؟
جلس أمام الضريح كعادته يروي الزهور بجانبه ويحدث روحا تسكنه ,توقع حضور لبنى فهي لم تتركه يوما في هذا المكان وحيداً.
تنبه على صوت همسها متسائلة : من صاحب الضريح يا لبنى ...؟؟؟

\
\

يتبع

متاهة الأحزان
04-06-10, 12:57 PM
ج3
لبنى :الصغيرة ملاك .
نهض ينفض عن ثيابه التراب يحدق بأسيل وبسمة ترف على شفتيه : أنت هنا أهلا بك ـ لبنى لماذا حضرت بها إلى هذا المكان ...؟؟؟!
أسيل :أعتذر إن كنت قد قطعت عليك خلوتك مع هذا الضريح .
أحمد :لا عليك لقد أسعدني حضورك .
اقتربت من الضريح الصغير بتردد وجثت إلى جانبه تقرأ الفاتحة على روح الطفلة ملاك
بينما اتكأت لبنى على صدر الحبيب تمسح دموع الرهبة من المكان وقاطنيه عن وجنتيها
مسح على رأسها بلطف :كم مرة طلبت إليك ألا تحضري إلى هنا ..؟؟
حدقت بوجهه :لم ولن أستطيع تركك مع ضريح لا روح تسكنه ـ ملاك في السماء يا أحمد في السماء .
بكى بألم مفرط وكأنه نسي وجود أسيل التي نهضت تحدق بوجهه تحبس دموعها بجلد بعد فترة اقتربت منه
مردده : يكفي أرجوك يكفي ,دموعك هذه تحرق قلبي .
نظر لها بصمت وكأنه لا يعي ما تقول ولبنى كذلك ...أشاحت بوجهها حيث الضريح
: أعتذر لكن صدقني دموعك تحرق قلبي تحفر بصدري عميقاً ,أتعلم اعرف هذه المقبرة ربما زرتها سابقاً لا ...لا لم أفعل لكنها مكانٌ أعرفه تماما تماما كرائحة عطرك كجدران ذلك البيت المتهالك .
نظرت للبنى }وأنت تعيثين بالقلب ألما لازلت مذ عرفتك توقظين تلك الصور تدفعيها بإلحاحٍ لمخيلتي ,حسناً لست متأكدة لكن بك شيءٌ أعشقه كعشقي للحقيقة للشمس في أحضان الشروق بك شيءٌ يثير سؤالي الدفين
من أنتِ ...؟؟؟ ومن أكون أنا ...؟؟؟
ضحكت لبنى بعفويه ونظرت لأحمد :يا الله لطفك ...هل هي بكامل وعيها أرجوك دعنا نغادر المكان .
كان مذهولا حد عدم الاستجابة هزته لبنى بلطف هز رأسه وكأنه يلقي بعض الأفكار
منه :هيا بنا نغادر { مد يده لأسيل التي حدقت بها لبرهة ثم قبضت عليها بشدة
مبتسمة مردده :أحتاجها يا أحمد فلتكن إلى جانبي كن عوناً لي أرجوك عدني بهذا .
أشرق وجهه ببسمة من القلب :أعدك هيا بنا نغادر إلى الشاطئ حيث الهواء العليل {طرقت لبنى الأرض بقدمها فضحك بملء قلبه} الفرس الجموح غضبت ...ترى ألا يروق لك الشاطئ ؟؟
رددت بتذمر :أيها الشهم الكريم لم أتناول فطوري هذا اليوم بسببك .
ضحكت أسيل :أها لقد عرفت الآن من أين يأتي صوت العصافير
في تلك اللحظة تجلت السعادة على القلوب تمحو كل الهم والأسى حقاً هذا النهار مختلف.
انطلق الثلاثة إلى مطعم شعبي بطرف المدينة هو مطعمٌ صغير لكنه يجتذب الزبائن من كل مكان فوجباته لذيذةٌ رائعة يبقى مذاقها في الفم لفترةٍ طويلة دخل أحمد برفقة لبنى المطعم لكن أسيل تأخرت عنهما .
فعاد أدراجه :هل من مشكلة ...؟؟؟
كانت تحدق باللافتة الكبيرة :حدسي يخبرني أنها لم تكن هكذا ,قلت لي ستأتي بنا إلى مطعمٍ شعبي عرفته منذ الطفولة ...
حدق باللافتة ثم بها :قصدت هذا المكان ,أنت محقة تم ترميمه منذ اثنتي عشرة سنة وقد غيرت اللافتة لتناسب شكله ووجباته الجديدة التي أضحى يقدمها للزبائن .
تبسمت :توقعت هذا فالعمر يأخذ حقه حتى من الجدران
تركته غارقا بالحيرة ولحقت بلبنى التي طلبت الطعام وجلست بانتظارهما .
لبنى :أخيرا حضرتِ ما الذي حدث ...لماذا تأخرتِ وأين هو أحمد ...؟؟؟!!
رد عليها مبتسما :ها أنا لقد حضرت.
انضم الثلاثة لمائدة الطعام ,كانت أسيل تراقب أحمد بسعادةٍ غامره هي لم تتجاهل بريق الخاتم في يده أو حتى ذات البريق بيد لبنى ...تلك الخواتم لم تعني لها أي شيء حتى نظرات الحب المتبادلة بين الخطيبين لم تهزها لم تصل إلى قلبها المتيم بأحمد
تساءلت كثيراً :هل هذا هو الحب أن أعشق رجلا ارتبط بفتاة أحلامه...هذا محال...لا أحبه ولكن كيف ابرر تعلق قلبي به .
حدقت بهما لبرهة ثم غادرت إلى بوابة المطعم تراقب زبائنه متسائلة :
أي شيء يحمله الغد ...؟؟؟
أي سرٍ ستعريه الأيام ...؟؟؟
\
\
يتبع

الــمُــنـــى
04-06-10, 01:45 PM
/
\


رحيل ملاك .. هذا العنوان يجعلني مترقبة للختام وبفارغ الصبر
لكم أتمنى أن لا تُبكيني نقطة السطرالأخير كعادتها.

متآهة الأحزان
لا زلتُ هنا أترقب هطول الحرف
مودتي وتحيتي

متاهة الأحزان
05-06-10, 02:44 PM
الــمــنـــى

\
/

قد تأتي الرياح بمالا ننتظر

\

لست أعلم

هل يستطيع هذا القلم الصغير أن يبثكم شيئا من سرور ...؟؟؟

ربما

فقط كوني بالقرب لتشتد عزيمة قلمي

ويسطع حرفي

لك ودي ووردي

متاهة الأحزان
05-06-10, 02:47 PM
رونــق

\
/

لخطوك هنا ينحني القلم شكرا وثناء

أحمد لبنى وأسيل

وشيءٌ من وجع دفين

حتما بمثل هطولك سينجلي الظلام لتظهر تفاصيل الحرف

أكثر إشراقا جمالا ونور

كوني بالقرب

لتتفتح على أريج انفاسك أزهاري

لقلبك القابع هنا

جنائن حب

ولروحك أطواق الفل والياسمين

متاهة الأحزان
05-06-10, 02:50 PM
ج4
هل أنا قادرةٌ على خيانة صديقتي وأخذ حبيبها منها ؟!!
انتفضت :إياك يا أسيل أنت لم تكوني هكذا يوما ولن تكوني {وضعت يدها على صدرها حيث ينبض قلبها بقوة } لكني أحبك يا أحمد أقسم بأني أحبك أقسم أنك ملكت هذا القلب بنبضه
سمعت صوته فنظرت له بإمعان ولبنى إلى جانبها تحدق بها بصمتٍ وقلق ...هكذا إلى أن غادروا المكان لم يتحدث أي منهم لكن هل قلوبهم صامتة كما الشفاه؟!
أخيرا وصلوا للشاطئ ...صوت الأمواج رائع فهي تعزف لحناً خالدا أزليا لا يتغير .
أحمد :هيا بنا أعرف مكاناً رائع يقدم العصائر الطازجة له إطلالة أكثر من رائعة .
هزت لبنى رأسها بالقبول ـ لكن أسيل لم تصغي للحديث وبل نسيت أنها برفقة آخرين يقفا ورائها ويراقبان بصمت
اقتربت من الماء حتى لامس قدميها وحدقت بعيداً لم تعد تصغي لأي صوت إلا صوت قلبها وأصوات الأمواج أيضاً ...بعد فترةٍ وجيزة أخذت تتلفت من حولها تنظر في كل اتجاه وكأنها تبحث عن شيءٍ فقدته هنا...
وضعت لبنى يدها على كتف أسيل بحنان :عن أي شيءٍ تبحثين ...؟؟؟
أسيل :عن مكانٍ مرتفع أراقب منه الأمواج المتكسرة على وجه البحر البعيد .
لبنى :أعرف مكانا رائع هيا معي .
دون تفكيرٍ أو نقاش سارت معها يتبعهما أحمد بصمتٍ وسرور ,أخيرا وصلت أسيل لصخرة تبرز في قلب البحر مرتفعة جداً لكنها متينة تبدو كباخرة ضخمه داهمها الموت في عرض البحر لتبقى شامخة على وجهه على أن الأمواج تنهش في جسد الصخرة من كل مكان
أخذت تسير حتى بلغت نهايتها وكلٌ من لبنى وأحمد يراقبان بصمت بعد فترة وجيزة
ناداها أحمد بصوته العذب :يكفي يا أسيل عودي إلى هنا فالمكان خطر هو عرضة للأمواج العالية القوية .
لم تستمع بدت غارقة لكن بأي شيء انقضى النهار الجميل بسرعة رغم الحيرة التي لفته والغموض الذي تجلى بشخص أسيل وتصرفاتها .
في طريق العودة مروا أمام المطعم الشعبي مجدداً
رددت أسيل :سنتناول طعام العشاء وهذه المرة أنا من ستدفع ,ما رأيكما ؟؟؟
لبنى :هل أنتِ جادة ...!!؟؟
ضحكت بعفويه :بالطبع جادة ...هيا بنا .
أحمد :لكننا تناولنا وجبة سريعة قبل ساعةٍ واحده فقط.
أسيل بشيْ من ألم :أرجوك ...بصدق لست جائعة لكني راغبة بالعودة إلى هذا المكان ,بي حنينٌ إليه .
أحمد :حسناً هيا بنا يوجد قسم يختص بالحلويات الشرقية الرائعة .
لبنى باندفاع :يا سلام هذا يوم سعدي بالتأكيد
ضحك الثلاثة ضحكة دفنت مواجع أسيل الصامتة لفترةٍ وإن لم تطول ...
أحمد :هيا إلى هناك تلك الزاوية رائعة مليئة بعبق الريحان
جلس الثلاثة تلوح على وجوههم علامات السعادة والرضا
أسيل :أنتما مخطوبان منذ زمن ...؟؟؟
لبنى :منذ سنة تقريبا.
أسيل :ألم تقررا الزواج بعد ...؟؟؟ {حدقت لبنى بأحمد وقد تورد خديها خجلاً} أعتذر يبدو أنني أحرجتك صديقتي الرائعة .
أحمد : كنا سنفعل قبل شهرين لكن اعترضتنا بعض العقبات لذلك أجل الزواج لنهاية الصيف .
أسيل :عقباتٌ مادية ...؟؟
أحمد :شيءٌ من هذا القبيل
أسيل :بإمكاني المساعدة إن احتجتما لها.
لبنى :لا عليك يا صديقتي لقد تعاهدنا على اجتياز الصعاب معا مهما كانت بجهدنا وحدنا لنحس بحلاوة كل خطوةٍ ننجزها في طريق المستقبل .
أسيل :هكذا هم العشاق دائما {حدقت بعيدا تحبس مواجعها بالصمت .
أحمد :هل لي أن أسألك عن سر هذا الشرود أي شيء يشغل تفكيرك ...؟؟!
تبسمت :قُل أشياء ...ستعرف كل ما تريده لكن ــ
أحمد :لكن ماذا ...؟؟
أسيل :الأيام كفيلةٌ بهذا يا أحمد ,هو وجعٌ مدفون في أعماق الصدر بذاكرةٍ مشوهة تحت ثقل الأيام ـ ليتني أستطيع معرفة سر ألمي ...
لبنى :هل حقا أثير بقلبك الألم يا أسيل ...؟؟؟ وأي صورٍ تلك التي أدفعها لمخيلتك ؟!
نظرت لها :لا تثيري الألم بل قلبي من يجلد ذاته وذاتي بإيقاظ صورٍ يئست من معرفة سرها .
لبنى :لم أفهم ...
أسيل :سأكون واضحة كما الشمس لكن أرجو أن تفهماني ـ لبنى هذا اليوم كنت مسيرة تحت وطأة إحساس لا أفهمه لكن أرجوك لا تظني بي السوء مهما أفرطت بتصرفاتي { حدقا بها بفضول نظرت لأحمد مجدداً } أتعلمين أني أخذت بهذا الرجل {صعق أحمد من صراحتها وبساطتها .
لبنى بانكسارٍ واضح :نعم لقد بدا الأمر واضحا جليا كما الشمس .
أسيل :أحبه ولكن ...
لبنى :لكن ماذا ...أتمي كلماتك سأتقبل كل شيء مهما كانت قسوته .
أسيل :أحس بالدفء والأمان إلى جانبه أشتاق لعينيه أعشق رائحة عطره أحتاجه كما الأرض العطشى تحتاج المطر .
دمعت لبنى بوجع :تملكين كل شيء كل مقومات السعادة أما أنا فلا أملك من حطام الدنيا إلا هذا الخاتم ...هل بك رغبةٌ لانتزاعه ...؟؟!
ضغط أحمد على يد لبنى بحرارة يبث فيها شيئا من الطمأنينة :وتملكين قلب صاحبه أيضاً.
نظرت له بيأسٍ مفرط :إلى متى ...؟؟قد أجد نفسي يوما خارج أسوار هذا القلب لن ...
رددت أسيل باكية :رجوتكما أن تفهمان قلت لك أحبه ولم أقل راغبة به .
لبنى :ستحاولين ذات يوم تحت وطأة مواجع الحب وثقلها أن تأخذيه مني .
أحمد :ألا تثقين بقلبي يا لبنى ...؟؟!!
\
\
يتبع

متاهة الأحزان
06-06-10, 02:07 PM
ج5
ردت عليه بهدوءٍ غريب :وهل تنكر أن أسيل شقت صدرك وأخرجت قلبك من صومعة صمته الطويل ...؟
أخشى أن تستطيع انتزاعك مني وإن لم تسعى لأجل هذا.
أسيل :لن أحدثك الآن عن هذا الحب الكبير عن أي مشاعرٍ أخرى أجهلها تجتاحني كما الطوفان لكن ثقي سأقتل نفسي إن خانك قلبي.
هزت لبنى رأسها رافضه :لا تقولي هذا ...صدقا يكاد يقتلني حبه المجنون هو الألم الذي يجتاحنا إن خسرنا قلوبنا لكني لن أعترض فأنا لم افعل يوما ,كانت الأقدار المؤلمة تحيط بي من كل اتجاه ولم أتذمر فهذه مشيئة الله يا صديقتي
أسيل : لن أجادلك الآن ,على كل حال هيا بنا فطريق عودتي طويل .سار الثلاثة عائدين للمنزل الكبير بصمت على البوابة وقفت
أسيل دامعة بالرغم من بسمةٍ عذبة :لبنى أرجوك سامحيني .
أمسكت لبنى بيديها :لم تسيئي لي ...هي القلوب لا نملك زمام أمرها أرجوك كوني بخير .
أسيل :وهل نلتقي غداً ...؟؟؟
تبسمت الأخرى :غداً بداية أسبوعٍ جديد من العمل الشقي المتعب قد لا أستطيع.
أسيل :لكني سأسعى لأن ألقاك سأكون هنا كل يوم برفقة مهند وفريق العمل لمتابعة احتياجاتهم عن قرب أما الآن فأستودعك الله .
سارت في طريقها وقفت لبنى تراقبها إلى أن استقلت سيارتها الفخمة عائدةٌ إلى المنزل
ترى هل قررت أسيل زيارة الميتم كل يوم حقاً لمتابعة العمل فقط ..؟! أم أن هناك سرٌ آخر ..؟؟
لا أحد يعلم أن سالم دفع المبلغ المطلوب للجمعية كاملا إلا ها ومهند إذن هي تملك الذريعة لتكون هناك كل يوم من ساعة الشروق وحتى غروب الشمس.
تلك الليلة مضت ثقيلةٌ حد الإعياء
لبنى تتقلب في فراشها محاولةٌ طرد هاجسٍ بغيض بانتزاع أسيل قلب أحمد منها .
أحمد يفكر بكل ما حدث هذا النهار بمشاعر أسيل الغريبة ,موقفها في المقبرة كان صعبا هي صادقة بكل ما قالته عن مشاعرها فقد بدا حبها جليا في كل تصرف تقدم عليه ...هي تحمل إحساسا غريب والمعضلة أنه يشاركها ذات الإحساس.
هي تعرف المقبرة رغم أنها لم تزرها وربما تذكر اللافتة القديمة للمطعم صوت الموج وتلك الصخرة الصماء الميتة التي بحثت عنها بإلحاح .
ترى هل هذه مجرد أوهام تسكن قلبه أم أنها حقيقة تشير إلى سرٍ لم ينضج بعد ...؟؟!

أسيل ,ماذا عنها وكيف قضت تلك الأمسية ...؟
قرع سالم باب حجرتها فلم تجيب دخل بهدوء يتسلل ليتفقد ملاكه النائمة كعادته في كل ليلة ,ذهل بدموعها المرة وتلك الدمية البالية القديمة بين يديها قريبة من نبضها تقبلها حين وتضمها آخر
دميتي ليتك تنطقين ,ليتك تخبريني من هؤلاء الناس وجوه من تلك التي باتت بلا ملامح ولا تفاصيل ـ لماذا أحبهم رغم أنهم مجرد ذكرى شوهها الوهم كما يدعي البعض ...؟؟؟
تمزق قلب سالم حزنا وكمد لكن تلك الدمية طالما أثارت غيظه اقترب من ابنته غاضبا:
يال هذه الدمية اللعينة كم مرة سأتخلص منها حتى أستطيع انتزاعها منك ؟؟
حدقت به من بين الدموع :حين تنتزع ذاكرتي بالكامل لا بل حين تنتزع قلبي من بين الضلوع ...لا تحاول مجدداً صدقا ستقتلني بفقدانها ,يكفيني ما فقدته سابقا.
جلس بجوارها وضمها لصدره :صدقيني يا حبيبتي لا يوجد سرٍ أطويه عنك هذا محض خيال ووهم ...عليك متابعة العلاج
انتفضت :إن كانت تلك الصور محض مرضٍ كما تدعي فأنا لا أريد الشفاء منه أرجوك دعني وحدي الآن .
غادر بصمتٍ وانكسار قبل أن يغلق الباب حدق بها متأملاً أن ترأف بحزنه فتتبعه كعادتها على أنها صعقته وجففت الدماء في أوردته
:اليوم تيقنت { نظرت له بحدة }صوت الموج والصخرة الصماء لم يكونا يوما من ذكريات لندن كنت دائما على يقين أن الصورة التي تعود أدراجها لذاكرتي على حياء لصخرة شامخة في عرض البحر حاولت إقناعي أنها ذكريات الجسر المعلق فوق التايمز تختلط بذكريات رحلاتنا الكثيرة عبر المحيط ولكن ...
سالم :لكن ماذا ...؟!!
أسيل :ألن تخبرني بتلك الحقيقة الغائبة الحاضرة ..؟؟
رد عليها بغضب :الحقيقة أنه أصابك مسٌ من جنون ...الحقيقة هي أني سأعيد أعمالي وتجارتي للندن لن نبقى هنا طويلا عليك أن تستعدي للرحيل .
كانت حازمة كما لم يعرفها من قبل :ستعود لتلك البلاد مع أموالك فقط .سترحل لها وحيدا فأنا مغروسةٌ هنا حتى الممات .
أغلق الباب بغضبٍ وتوتر وانكبت على وجهها غارقةٌ بمحيط من الدموع والألم تحاول رسم تفاصيل تلك الأطياف التي تحضر من خلف ستار .
تذكر طفلةٌ ما تقفز على الأسرة تضحك ومن حولها أناسٌ كثر ربما أطفالٌ كمثلها من هم هؤلاء ...متى حدث وأين ...؟؟؟
هل هي من كانت تقفز حقا أم أنه مشهدٌ وقفت عليه في طفولتها لمراتٍ كثيرة ...؟؟
إن كانت هي الطفلة فأين تضيع منها الأسماء والملامح والتفاصيل الكبيرة والصغيرة على حدٍ سواء ...؟؟؟
ترى أين شطر دميتها الممزق ...لماذا لم تجده رغم بحثها الطويل عنه سالم لم يتلفه كما يزعم فهو يحاول إتلاف الدمية بالكامل وليس جزءً منها قد يكون صغير
ترى أي الأسرار تحمل هذه الدمية ...؟ لماذا يكرهها سالم ودائما يصب جام غضبه على تفاصيلها الضائعة لكثرة محاولات الإتلاف والتمزيق ...؟؟؟

\
\
يتبع

غاده
07-06-10, 02:28 AM
إن كانت هذه البداية
فكيف إذا تكون النهاية
لابد وإنها ستكون مدهشة جدا
متاهة الإحزان
سيدتي كاتبة راقية أنتِ
فذة وربي
حماك الله
متابعة بمحبة

مشاعر انثى
07-06-10, 03:22 AM
قرأت منذفتره من بداية تلك القصه
ولكن!
لم أرد هنا
لإنني اريد ان اتابعها بكل هدووووووووووووووووء
وبدون كلام
متاهه
بالله عليكِ اكملي اكملي
لله درك كم انتِ بارعه بالتأليف البهيّ.
مودتي

متاهة الأحزان
07-06-10, 03:25 PM
غاده

\
/

قلمٌ عذب

بفيضٍ يحتاجه الحرف

شاكرة وقوفك هنا

كوني بالجوار

فمثلك يمنح النص جمالا وعبق

محبتي

لروحك الياسمين

متاهة الأحزان
07-06-10, 03:26 PM
مشاعر أنثى

\
/

من مرورك الأول هنا

وحتى النهاية

كوني على يقين

حرفي يتراقص فرحا بك

شاكره عبورك الأنيق

كوني بالجوار

يكفيني منك شرف الحضور يا أنيقه

لقلبك البيلسان

محبتي

متاهة الأحزان
07-06-10, 03:29 PM
ج6

مضت الليلة وكأنها دهرٌ لا ينطوي ...
سالم في فراشه يحدث صورة زوجته المتوفاة ويشتكِ إليها ثقل الحمل على كاهله وصعوبة إخفاء وجه الحقيقة القاسية عن قلب أسيل وذاكرتها الحية .
أشرقت الشمس لتعري تفاصيل وجوهٍ أعياها الأرق الممتد على طول الساعات السابقة.
سميه :لبنى هل أصابك مكروهٌ يا ابنتي ...؟!
لبنى :أبداً يا خالة .
سميه :يبدو عليك الإرهاق ألم تنامي ليلة أمس ؟؟!
حاولت كتم الدمعة جلداً :لقد تعبت من التفكير بأمور المستقبل ...
سميه :كعادتك لا تجيدي الكذب ,هناك أمرٌ ما أنا واثقة حتى أحمد عندما غادر صباحاً كان مرهقا جدا و كأن الرقاد جفاه طوال الليل .
لبنى :ربما قضى ليله بذكريات ملاك وتفاصيلها الباهتة في ذاكرته ولربما صرف وقته بالبحث عن صندوقها الضائع منذ زمن .
سميه :ترى كيف ماتت ملاك ...؟؟
لبنى :أخبرتك مراراً وتكراراً أنها تعرضت لحادث سير .
سميه :نعم نعم تجمعون على أنها قضت بحادث سير لكن أياً منكم لم يصب بذاك الحادث { أطرقت مفكرة
لبنى :ما الذي تقصديه يا خالة ...؟!!
ضحكت سميه متداركة للموقف :لا شيء لا شيء البتة .
لبنى :أفهمك ـ لست الوحيدة التي لم تقتنع بمقتل ملاك .
سميه :أحمد لم يقتنع برحيلها أيضا ولكنه سلم لما أجمع الناس عليه أليس كذلك ؟؟؟!
لبنى :قلبه يحدثه أنها لم تقضي نحبها لكننا رأيناها يا خالة كان وضعها أقسى من أن نحتمله أنا وأحمد كطفلين .
سميه :لماذا ...
لبنى :ضاعت كل تفاصيلها بالحادث مزقت لأشلاء حتى وجهها الجميل احترق .
دمعت سميه بسخاء :لطفك يا رب ـ أي ذنبٍ يقترف الصغار ليقتلوا بتلك الوحشية.
لبنى :إنها الطريق يا خالة ,حسنا سأمضي لعملي حتى لا أتأخر عنه أراك بخير .
بعد ساعة وصلت أسيل لبيت الأيتام برفقة مهند وطاقم العمل حيث بدأ العمل الجاد بترميم المنزل إصلاحه وإضافة بعض المرافق له .
سميه :تعالي يا أسيل لتشربي الشاي .
جلست بالساحة الكبيرة تشرب كأس الشاي وتتأمل المكان بغبطةٍ وسعادة :
أتعلمين يا خالة ...لن أكتفي بإصلاح الجدران بعد الترميم سأقوم بتجديد الأثاث كاملا إن شاء الله أيضا سأخصص مبلغا لإقامة ورشة عمل صغيرة يديرها شباب وشابات الميتم حيث يصبح لديكم مصدراً للدخل زيادة على ما تحصلون عليه من المؤسسات والجمعيات الخيرية .
ضحكت سميه متفائلة :أنت طيبة القلب وكريمة يا أسيل بحق هذا المكان يحتاج لمثل عطائك منذ زمنٍ بعيد فقد أرهقنا الإهمال والتهميش .
أسيل :سأطرح مشروعا يقتضي إقامة مدرسة خاصة بالقرب من الميتم ينتسب لها الأطفال بالمجان ,أعتقد أني بحاجة للكثير من الوقت والجهد والمال لكن بالصبر والإرادة سنجني ثمار أفكارنا يا خالة.
انضم لهما مهند نظر لأسيل وثمة بريق في عينيه أصمَّ أذنيه عن نداء قلبه :حسناً كيف ترين بداية العمل يا خالة سميه ...؟
ردت بكل سرور :هي بداية مشجعه كما أنني الآن أكثر تفاءلا بالغد يا ولدي ,أما أنت يا أسيل أعدك سأبذل معك وإلى جانبك كل جهدي وما تبقى من عمري لعلي أكفر بهذا عن ذنوب الماضي الكثيرة.
حدقت بها أسيل تتأمل ملامحها والوجع المندفع إلى قسمات وجهها ,انقضى النهار ليعود كلٌ إلى مكانه.
اعتادت أسيل زيارة البيت الكبير كل يوم وتقديم الهدايا الدمى والحلوى للصغار كما أنها لم تنسى تقديم الهدايا الرمزية للشباب والشابات القابعين خلف جدران الحرمان منذ فجر الطفولة .
نهار الجمعة الساعة السادسة صباحا هذا يوم العطلة الأسبوعية لن يستيقظ الميتم بمن فيه إلا على صوت الخالة سميه كما هي العادة .
غادرت لبنى فراشها إلى الساحة الكبيرة :يا خالة سميه أكاد أجن متى أتخلص من هذا الكابوس ألا يحق لنا النوم حتى التاسعة على سبيل المثال.
سميه :كفاك تذمرا يا صغيرتي هذا المكان كخلية النحل لا أحب أن يسوده الصمت والهدوء أبداً.
طرقت لبنى على رأسها :آآآآآآآآه لقد نسيت علينا جمع الرحيق والحفاظ على البيوض حتى تفقس أيتها الملكة {ضحكتا سويه من القلب
سميه :قد تحضر أسيل في أي وقت .
لبنى :وهل وعدت بزيارة ...؟!!

\
\
يتبع

الــمُــنـــى
07-06-10, 11:25 PM
/
\

لا زلت متابعة وبشيء من الترقب والتوجس ..
بأنتظار ما ستنطق به الشفاه هنا ..؟؟
وما ستسفر عنه الأيام المقبلة ..؟؟
مودتي لكِ .. يا عذبة الحضور والحرف
منى

متاهة الأحزان
10-06-10, 06:52 PM
الــمــنــى

\
/

لحضورك باقات النرجس والياسمين

شكرا لحرفك العذب

ودي

متاهة الأحزان
10-06-10, 06:55 PM
ج7

سميه :لم تفعل ولكني أتمنى حضورها ـ أتعلمين أحببت تلك الفتاة كثيراً أحس وكأنها شطرٌ من هذا القلب .
لبنى :لأنها مدت يد العون ...؟؟؟
سميه : لا هذا لن يدفعني لحبها لكنها فتاةٌ نبيلة وقد أحبت المكان بسكانه على سوء وضعهم الاجتماعي .
لبنى :هذا صحيح ,تعلمين يا خالة لقد تغلغلت في قلوبنا بعمق دخلتها دون إذنٍ مسبق.
سميه :أحس بانتمائها لمنزل الأيتام هذا.
صعقت لبنى ـ وهل بدا ذاك الأمر واضحا حتى يلمسه الجميع بكل يسرٍ وسهوله ترى أي سرٍ يقبع وراء انتماء أسيل لمكانٍ غريب لم تعتده وطقوس الحياة فيه حاولت تجاهل كلام الخالة وتغير وجهة الحديث ـ هل خرج احمد كعادته صباح كل جمعة ...؟؟
سميه :لم أتنبه لخروجه تعلمين ,قلما نلحظه حين يغادر إلى المقبرة .
تنهدت لبنى بأسى :أحس بفشلي يزداد تفاقما كلما ذهب لزيارة الضريح .
سميه باستنكار :فشلكِ أنتِ ...؟؟
لبنى :من المفترض أن أجعله ينسى ملاك الصغيرة أن أطبب جرح ذكراها الذي لا يندمل على أني فشلت بهذا ...أتعلمين إنه لا يحس بوجودي عندما أتبعه فهي تسيطر عليه بالكامل ,أراهن لو كانت ملاك على قيد الحياة لما وصلت إلى قلبه أبداً...لكن ــ
سميه :لكن ماذا ؟أرى ملامحك وقد تغيرت ...
لبنى :أظنها فعلت ما عجزت عنه .
سميه :من ...وماذا فعلت ...؟؟؟
ردت بترددٍ واضح :أسيل يا خالة أسيل نجحت باجتياز ملاك والوصول إلى قلبه بكل سهولة في المرة الماضية ضحك قرب الضريح كما لم يضحك من قبل ,أحس بوجودها لمجرد أن همست لي متسائلة من صاحب الضريح .؟؟
سميه :شعرت بقربهما من بعضهما البعض من اللقاء الأول .
لبنى :هل سترمينِ خارج أسوار قلبه يوما ؟
سميه :لا أظن هذا فحدسي يخبرني بشيءٍ آخر أتمنى أن يصدق إحساسِ لكن كيف يفعل وملاك تجثو تحت التراب منذ سنين طويلة ؟!
صعقت لبنى :عن أي شيءٍ تتحدثين يا خالة طالما شعرت بسرٍ تطويه في قلبك .
سميه :لا شيء يا ابنتي هيا بنا لتحضير الفطور بعد قليل سيعج المكان بصراخ الجياع .
ضحكتا ضحكة مكسورة وبدأتا بإعداد الفطور .
خارج جدران الميتم على الأصح بين أحضان المقبرة هناك بالقرب من الأضرحةِ المنزوية قرب البوابة .
وقف أحمد مذهولاً واجما :ترى مالذي أتى بها إلى هنا ...؟؟هل حضرت لزيارة ملاك الصغيرة ...؟؟كلا هي بعيدةٌ عنها كل البعد ...
هل دفن عزيزٌ على القلب هنا ..؟؟لكن كيف وهي ابنة لندن وربيبة مدنها البعيدة كيف وهي لا تعرف أي شيءٍ عن هذه البلاد وقاطنيها
راقبها بصمت لوقتٍ طويل ,كانت تتنقل بين تلك الأضرحة تبحث عن مدفنٍ محدد لشخصٍ ما على أنها لم تستقر أمام أيٍ منها بعد فترة جثت على التراب تبكِ بمرارة محدثةٌ المكان بسكانه
اقترب أكثر لعله يفهم ماتقول وهي مستغرقةٌ بهذيانها الموجوع
ليتكم تنطقون ...هل عرفتموني ؟عن أيٍ منكم أبحث ؟هل زرتكم مسبقاً؟ أم أنها مجرد أحلام وهواجس وكأني على شفا حفرةٍ من جحيمٍ وجنون .
بعد بكاءٍ طويل أخذت نفسا عميق يريح القلب ويزيل شيئا من آلامه استدارت لتغادر فصدمت بوجوده حدقت به من بين الدموع وحدثت نفسها :
وأنت ـ ليتني أعرف سر الحب الذي وقر في قلبي لك ,أنا على يقين لست أعشق فيك الرجل وإنما ...مالذي أحبه لست أعلم ...
ترى هل قدر لقلبي أن يموت في بحر هواك غريقا دون أن أعرف لهذا الهوى سرا أو مرسى ؟؟!!
أطبق الصمت على صدرها بدأ قلبها يتوقف رويداً رويداً عندما تذكرت ملاك حدقت بالضريح الصغير :هل قررتِ أخذي إلى حيث أنتِ أم أنك تحاولين جلدي لأني أحببت عاشقك يا ساكنة السماء ؟؟
هكذا مضت بذات الصمت تبعها أحمد بتردد دون أن تشعر به إلى أن استقلت سيارتها عائدةٌ من حيث حضرت
عاد مقلبا نظره بتلك الزاوية راح يتفقد الأضرحة ويقرأ الأسماء عليها لا يوجد أي شخص يمت لعائلة سالم بأي صلة وبل قد يكون هو لا يعلم
أخذ نفسا عميقا محاولا تبديد الثقل عن قلبه .
لبنى :ظننت أنك أمام الضريح تعتني بأزهاره وتبكِ بصمت كما هي عادتك !
ابتسم :أهلا لبنى متى حضرتِ ؟؟!
لبنى :الآن وصلت {نظرت للزهور } تبدو عطشه ألم تسقِها بعد ؟!
أحمد :ألا تعلمين سر حضورها لهذا المكان ..؟؟!
صدمت وحدقت بوجهه :من تقصد ؟!
أحمد :وجدت أسيل هنا ..
ردت بأسى :أكانت بانتظارك ...؟؟لماذا لم تحضر إلى
أحمد :لم تكن بانتظار أي شخص بل غارقةٌ بالدموع والهم بت على يقين ثمة وجعٌ مروع يسكن قلبها .
لبنى :هل حدثتك عن وجعها ؟
أحمد :لم تنطق ولو بحرفٍ واحد ,بدت كمحتضرٍ في فراش موته هذت مع الأضرحة ببضع أسئلة لم أفهم الكثير من كلماتها وكأنها حضرت في وقتٍ باكر
كانت تتجول هنا { أشار لمكان تواجد أسيل .
دهشت لبنى :متأكدٌ أنت ؟! مالذي يدفعها للوقوف على أضرحةٍ لا تعرف قاطنيها ؟!
أحمد :هذا ما يثير حيرتي ورغبتي بالاقتراب منها أكثر ,أخبريني يا لبنى ما لذي تعرفيه عن صديقتك ؟
\
\

يتبع

مرام
11-06-10, 03:49 AM
يسعدني ويشرفني أن تكون أول وقفــه لي هنا على هذه الرائعـــة ..
يبدو أني سأكون دائمة التواجد هنا
قصة تحمل بين طياتها معــانٍ جميــلة ..
رائعــة جداً بكل تفاصيلها..



متاهة الإحزان ..
لا حرمنا الله قلمك يا مبدعــــة ..
متابعة حتى النهاية .. :)

حسين الشمري
11-06-10, 02:04 PM
متـــــــــــــــــابـــــع حـــــــــــــــــــتى النهايــــــــــــــــــــــــــــــــــة
قاصة تجبرك على متابعة حرفها <<<< متاهة الأحزان

الــمُــنـــى
11-06-10, 02:23 PM
/
\

متشوقة جدا لمعرفة الحقيقة والوصول لنهاية المطاف
بربكِ يا فتاة .. لا تطيلي علينا الأنتظار
يكفينا أنظار الأحلام والمنى

لكِ باقات ود لا تنضب

متاهة الأحزان
12-06-10, 07:41 AM
حــلا

\
/

هو شرفٌ لي ولهذا النص العاجز دونكم

أن تكوني بالقرب

سعيدة بتواجدك الدائم

متشوقه لوقع خطاك بين الحروف

محبتي وأكثر

لروحك الياسمين

متاهة الأحزان
12-06-10, 07:43 AM
حـسـين الـشـمري

\
/

ويغرق حرفي سرورا

بمتابعتك

من القلب ..شكرا لك

لك الياسمين

متاهة الأحزان
12-06-10, 07:45 AM
الــمــنــى

\
/

حرفك يشعل قلبي فرحا

ويزيد حرفي جمالاً

لاحرمتك يا عذبة الحضور

محبتي

لقلبك جنائن الحب

متاهة الأحزان
12-06-10, 07:51 AM
ج8

لبنى :اعرف أنها فتاةٌ ثرية مرفهة عاشت حياتها متنقلة بين أروع المدن في لندن وباريس .
أحمد :ألم تحضر لزيارة الوطن أبداً...؟؟
لبنى :لقد ولدت في قريةٍ ما أو مدينه لست أعرف المكان تحديداً لكنها ولدت في منزل جدها من أمها ثم سافرت برفقة والديها كانت لا تزال رضيعه لم تحضر لزيارة الوطن أبدا إلا مرة واحدة برفقة فريق سياحي قضى أسبوعا في أحد الأماكن التاريخية تعرفت عليها وتآلفنا سريعا لكن إقامتها لم تطول هذا كل ما أعرفه عنها .
أحمد :أتعلمين ...ما رأيته اليوم بأم عيني يناقض ما أسمعه منك الآن لكنها قالت لي في لقائنا الأول أنها الزيارة الأولى للوطن وهي لا تعرف هنا أي شخص...لكن .
حدقت به :لكن ماذا ....؟تكلم بما تحسه .
أحمد :ألم تشعري أنها قريبةٌ من بعض الأماكن وكأنها تعرفها حق المعرفة {نظر للبنى بحيرة }بدا هذا واضحاً جليا عند الشاطئ لكن حتى هي تؤكد على أنها لم تكن هنا يوماً.
لبنى :اسمع يا أحمد ـ هناك شيئا ربما لا تعرفه أنت لكنها من أخبرتني بذلك .
أحمد :بماذا أخبرتك ,تكلمي .
لبنى :هي تتلقى العلاج على يد طبيب نفسي ,نعم هي مريضه بالوهم أو ما شابه ألا تعتقد أن لمرضها علاقة بتصرفاتها ؟؟
ضحك بملء قلبه :يتبادر إلى ذهنك أنها مجنونة {حدقت به بصمت }أعتقد أنها تتعرض لغسيل ذاكرةٍ تام يا لبنى.
ضحكت بعفوية :غسيل ذاكرة ؟؟هل تعي ما تقول !؟
أحمد :لو كان لمرضها علاقة لظهرت تلك التصرفات بأماكن أخرى هي الأقرب لحياتها في لندن كمدينة الألعاب في العاصمة وسوق الذهب الكبير والتجمعات التجارية ,مثلها يا عزيزتي مؤكد قضت الكثير من أوقاتها بالتسوق والترفيه أليس كذلك ...؟
لبنى فقط أمهليني بعض الوقت لأتأكد من ذلك ...هيا بنا نغادر .
ذهلت من طلبه حدقت به ثم بالضريح الصغير محدثةٌ نفسها :يااااااه أي سحرٍ وجاذبية تمتلكين يا أسيل أي قوة بك سيطرت عليه حتى أنه نسي ملاك على قربه منها ...
أفاقت على صوته :ألن ترحلي من هنا معي يا حبيبة القلب {نظرت ليدة الممتدة لها}
أمسكت بها مبتسمة محاوله إخفاء قلقها من القادم ومضت معه ليمضي أسبوعاً آخر وبل يزيد .
بتلك الفترة كانت أسيل تزور الميتم كل يوم على أنها لم تلتقي وأحمد أو لبنى لم تبحث عنهما لم تحاول الحديث إليهما وكأنهما آخر ما تهتم له أو تذكره .
إذا كان حضورها اليومي بذريعة العمل ليس من أجل الحبيب الغالي ,إذن لم تكلف نفسها عناء الوصول لهذا المكان ؟؟؟
طوال تلك المدة لحظت سميه على أسيل التعب والإرهاق بين الفينة والأخرى مواقف تحدث من الصبية فتهيج الدمع في مقلتيها والألم الرهيب في رأسها وصدرها معاً.
سميه :أسيل يا ابنتي ...
أسيل :نعم يا خاله ,هل من شيء ..؟؟
سميه :أريد الحديث معكِ {لم تنظر للخالة بقيت في مكانها تتأمل اللوحة الكبيرة على الجدار في حجرة الأطفال }ألا تسمعيني يا أسيل ؟؟
ردت بخجل :أعتذر سمعتك ولكن ...
سميه :لكن ماذا ؟أتمي حديثك ولو لمرةٍ واحدة لا تبتلعي الكلمات فأنا أريد معرفة ما تخفيه وراء ـ لكن ـ هذه .
أسيل :أعتقد أن هذه اللوحة رائعة وتحمل من عبق الطفولة الكثير لست راغبة بالتخلص منها بعد طلاء الجدران سنعيدها إلى مكانها ما رأيك ؟
سميه :هي لوحةٌ قديمة وقد عاثت بها الأيام فسادا وتشويه أرى أن نلقيها على مكب النفايات .
ردت بتوترٍ ملحوظ :كلا يا خالة أرجوك ,دعيها هنا في شطرٌ من المكان
حدقت بها مذهولة :شطرٌ من المكان !وهل عرفت هذا المنزل قبل اليوم لتكون اللوحة في نظرك شطرٌ منه ؟
تبسمت :ربما لم أعرفه بعيني لم أقضي فيه شيئا من عمري لكن قلبي يعرفه ويعشقه ...ذاكرتي التي تتعرض للقتل كل يوم على يد الطبيب تكاد تصرخ بأنها تعرفه .
سميه :حسناً لأجلك أنت فقط سأبقيها على أن نجد لها مكاناً مناسب أكثر من هذا الجدار.
حدقت أسيل بالجدران والأسرة وأمسكت رأسها لئلا يتفجر من الصداع الذي تحدثه تلك الصور المتدافعة منه وإليه ...
ليتكم تصلون إلى عينيّ ليتكم تجيدون إيقاظ ما نام من ذاكرتي وإعادة الروح لما مات منها .
أمسكتها سميه بقلق :هل أنت بخير ...هل أتصل بالطبيب ؟؟؟
أسيل :كلا يا خالة لكني سأضع اللوحة على الجدار الغربي قرب النافذة الكبيرة .
سميه : ولماذا هنا بالذات ؟؟!

\
\

يتبع

الــمُــنـــى
12-06-10, 08:22 AM
/
\


الغالية متاهة

لكأنكِ تثيرين ذبذبات صبري ..!!
كلما أطرقتُ رأسي بحثا عن ما بعد السطر الأخير
وجدتُ هوة من الفراغ تبتلعني ..
فعدتُ بخفي حنين ..!!
رفقا بنا يا بُنيتي ..
فلكم نحن متشوقين للوصول إلي بر الآمان ..
ممشوقة الحرف ورائعة لحد الأبداع ..
محبتي ومودتي

احمد الحسني
12-06-10, 09:58 AM
لأن القصة تحتاج الى خيال جامح والى فورة عاطفية والى إحساس كبير بالانسان وما يشعر به..فالقاص انسان من نوع آخر..من طبقة عليا.. تلامس السماء ..وتعلن الحياة بكل حالة من الحالات مهما كان الوضع
هذا التفنن في وضع البلسم على الجرح واخذ اللقطة المعبرة الجميلة هي ما يميز (متاهة ) تأخذ الوجع الإنساني وتصبغه بصبغة الأدب العريق الانيق بحيث نقرأ ونستمتع ونفرح ونتألم ونعايش جميع المشاعر من خلال قصة مليئة بالصور الرائعة

متاهة

دمتِ كما تحبين

توته
13-06-10, 07:22 PM
متاهة ... وبعد ؟؟ :)


حلقات القصة .. ساتتبعها .. حتى أعرف ما حل باللبنى .. وما نهاية حيرة أسيل ؟؟

رائعة يا خالقة الجمال .. حيث تكوني ..

حقا ولا غير .. أن .. أردنا أن نعرف لرموز الجمال معنى .. بالتأكيد .. تتوه في باحاة إبداعك .

امطرينا .. ولا تطيل علينا ..:(


وكم نحن نحفل بغرسك الطيب ... يا رفيقة

متاهة الأحزان
13-06-10, 08:51 PM
الــمــنــى

\
/

لكم يطربني وقوفك على حرفي

لكم يشد من أزري بقائك إلى جانبي

كوني بالجوار

فالرحلة لازالت تحمل الكثير

محبتي لك

وكل الود

متاهة الأحزان
13-06-10, 08:56 PM
لــحــن الــقــمــر

\
/

أي سمفونيةٌ عذبة إنطلقت من هنا ...؟

أي نورٍ هبط يحوك فجر الجمال والروعه ...؟

\

ولأنك الأكثر جمالا

ولأنك إنسانٌ سمى بقلبه

أعتز بك

بخطوك وحرفك

وأنحني لمرورك

دمت مضيئا سماء القطرات

يــا أسطورة الجمال

متاهة الأحزان
13-06-10, 09:01 PM
تـــوتـــه

\
/

يانقيه

أتعلمين ...صرخ الحرف شوقا لك

واليوم

تمطري الحرف القلم والقلب

بباقات الزهر والنقاء

منكم وبكم تعلمت كيف اصوغ الجمال

لكنه بعيدا عن وقع خطاكم وظل أرواحكم

جمالا باهتا مشوه

دمت بنقائك ياجميله

لقلبك جنائن الحب

متاهة الأحزان
13-06-10, 09:05 PM
أعتذر إن أطلت عليكم فأنا أطرح لكم ما أكتبه من فصول روايتي قبل أن تكتمل على الجهاز

لذا إلتمسوا لإطالتي العذر

أحبكم بالله

ج9

أسيل :هنا ستكون أروع
ضحكت سميه :كانت هناك لعمرٍ طويل غيرت مكانها لأجل الصبية فهم طلبوا ذلك .
ساد الصمت المكان إلى أن هدأ الصداع الذي ألم بأسيل وما أن زال عنها حتى عادت تحدق باللوحة من جديد تتلمسها بشيء من الحب والرهبة إلى أن أحست بخدوشٍ على اللوح الخشبي نظرت لها بإمعان .
بدت اليد التي خدشت اللوح في ذاكرتها واهيةٌ ضعيفة ,ترى هل هذا محض خيالٍ تحاول من خلاله رسم تصورٍ لأيدي الصبية العابثة بكل شيء
نعم ,ربما.
هي لم تعد راغبة بالمزيد من الألم الذي يستنزف قلبها وروحها معا لذا غادرت الحجرة إلى الساحة الكبيرة .
على تلك الوتيرة مضت أيامٌ أخرى إلى أن كانت تلك الأمسية
الميتم يغط في صمتٍ مميت وظلامٍ موحش فكلٌ قد أوى إلى فراشه يطلب الراحة من عناء يومٍ طويل .
تلك الأمسية بتمام الواحدة بعد منتصف الليل أغلق أحمد الباب من خلفه بهدوء وتوجه صوب حجرته فهو مرهقٌ من أيام العمل التي قضاها بعيدا عن مسكنه .
استوقفه صوت البكاء والتمتمة اقترب أكثر لعله يفهم يا الله إنها الخالة سميه تحدث تلك الصور باكيةٌ بمرارة ,دخل حجرتها مهللا مكبراً حاولت مسح دموعها والتظاهر بالهدوء لكن دون جدوى فهو سمع صوتها ورأى دموعها
أحمد :خالة سميه احتسبي عند الله هم في الجنة إن شاء الله .
عادت تبكِ بمرارة :ما يقتلني يا ولدي أنني الجانية عليهم فقدانهم هو عقابا من الله لي فقد كنت كذاك الحادث المشئوم يوما لفتاةٍ لم تقترف أي ذنب لكنه المال وحبه يا أحمد .
حدق بالصور :صورة من هذه يا خالة ,أنا أعرف أولادك وأطفالهم هذه أول مرةٍ أراها.
أخذت الصورة من يده مرتبكة :إنها صورة ,صورة ,صورة ابنتي .
ذهل من تصرفها :ابنتك لكني رأيت صوراً كثيرة لها هي لا تشبه هذه أبداً
تنهدت بوجع :تلك قصة طويلة ومره ليتني أستطيع نسيانها.
أحمد :حدثيني عن تلك القصة يا خالة لأساعدك على النسيان
حدقت بوجهه ومسحت عليه بكفيها :أنت ؟أنت تساعدني يا ولدي وهل يصفح القلب الكبير , كيف لك أن تفعل
خنقتها الحسرة مجدداً وعادت تبكي بإفراط تعب معها حتى استطاع تهدئتها بقي إلى جانبها إلى أن غطت في نومٍ عميق دون أن يصل لما أراد معرفته على أنه تيقن ثمة سر ربما يقترن به من قريبٍ أو بعيد لكنه سرٌ ثقيل يكاد يقتلها,
قد يدفعها الخوف للصمت لكن إلى متى ؟
لماذا يجتاحها الحزن كلما تأملت ملامحه ؟
من أي شيء تخاف حتى تمارس الصمت المعذب؟
كل تلك الأسئلة غادرت معه دون أجوبه .
في بيتٍ ما من بيوت المدينة التي تعج بالأضواء وتزدحم بقاطنيها ليل نهار كانت أسيل تبتعد عن والدها يوماً تلو آخر دون وعيٍ أو إرادة فقد سرق منها الميتم كل مشاعرها إرادتها ووقتها .
سالم : أسيل يا حبيبتي ,لقد اشتقت لك ألا تلاحظي أننا نعيش سوية كالأغراب ؟؟
ابتسمت :بالطبع كلا لكنها مشاغل الدنيا وأنت تعرف حق المعرفة أني بحاجة لكل لحظة من وقتي لأتعرف هذا الوطن فأنا لازلت أشعر بالغربة أحيانا كثيرة .
رد عليها بتوتر :أيكون الوطن كل الوطن في زقاقٍ بعيد مهمش بين جدران بيتٍ متهالك ؟!
ضحكت بعفويتها المعهودة :وهل هذه غيره يا سيد سالم ؟ذاك المكان يا والدي يحتاج منا للكثير ,يحتاج للجهد للوقت والمال حتى يصبح أهلاً لتربية الأيتام ,أطفال اليوم رجال الغد لذا علينا أن نرعاهم .
سالم :بذلنا له فوق ما يحتاجه من المال وأنا على أتم الاستعداد للمزيد من العطاء لكن الجهد والوقت فليبذلهم شخصاً آخر أو جهةٌ مسئولة حكومية أو خاصة على سبيل المثال .
أسيل :قلت لي أن الزقاق ككل مهمش فكيف بذاك البيت يكون محطة لاهتمام المؤسسات ؟
سالم :ألن تكفي عن زيارته كل يوم ؟؟
أسيل :سألتزم بزيارته إلى أن ننتهي من عملية الإصلاح .
سالم :عديني أن لا تعودي له بعد الانتهاء من العمل {حدقت به بذهولٍ وصمت }ماذا بك ؟؟؟هل طلبت المستحيل بعينه ؟؟

\
\
يتبع

مُتْعَب
13-06-10, 11:43 PM
سلاسة في السرد
وتتابع منظم للأحداث
حبكة القصة رائعة
واللغة سليمة

شهرزاد القصة


تلألأت حروفكِ
في سماء القصة
أبداع يتلوه أبداع

لكِ تحياتي

الــمُــنـــى
14-06-10, 03:26 AM
/
\

لن أزيد على ما قُلت هنا ..
فالروعة في السرد وترابط الأحداث، والمفاجات
تدعونا للصبر والصبر والصبر ...

متآهة الأحزان

لا فُض فوكِ ولا شُلتْ يديك على
هكذا أبداع نتذوقه بين الفنية والأخرى

باقات من الأمتنان والوداد
لكِ يا رائعة ..

متاهة الأحزان
16-06-10, 09:13 PM
مُـتـعَـب

\
/

أي شرفٍ أغدقته على حرفي بمرورك

وعلى شخصي بحرفك وتتبعك

\

مهما سجلت شكرا وتقدير لن أفيك

ودي وتقديري

لقلبك الياسمين

متاهة الأحزان
16-06-10, 09:14 PM
الـــمـــنـــى

\
/

عجزت عن حرفٍ يفي

جمالك حقه

من القلب ألف سلام

متاهة الأحزان
16-06-10, 09:18 PM
ج10

هزت رأسها :كلا ولكنك تعلم ,لي أصدقاء وصديقات أحبهم هناك ولن أتركهم .
سالم :يزوروك ها هنا ...ثم أخبريني كيف تتخذي من تلك الفئة أصدقاء هم يختلفون عنا و...
احتدت وبدا التوتر عليها جلياً :بأي الأشياء يختلفون ...أليسوا بشر كمثلنا ؟ ألا مشاعر لهم ؟ وهل فقدان المال سببا يجردهم صفة الإنسانية ألا تكفيهم مرارة اليتم والحرمان
تبسم برضا :اهدئي يا ابنتي فأنا لم أقصد ذلك لو كنت أراهم كما تظنين لما مددت يد العون لهم
حسنا زوريهم كما ترغبين على أن تعديني بتنظيم وقتك من جديد وإعطاء كل ذي حقٍ حقه من عمرك واهتمامك لا تبذلي لهم ما يزيد عن حاجتهم فهناك الكثيرون ممن يحتاجون لمثل عطائك يا وردتي الرقيقة .
{أخذت نفساً عميق وغادرت إلى حجرتها بصمت معلنة نهاية الحوار }
كعادتك حين نتحدث بهذا الموضوع تثوري ثم تغادري ...إلى متى يا أسيل
إلى متى نستمر هكذا ؟أرهقني بعدك عني بحق بدأت أرتب أموري لنعود إلى لندن هناك قد أستطيع استعادتك من براثن الغياب .
نظرت له بتحدي وعناد :إلا هذه لن أتغرب من جديد سأعيش هنا وأموت هنا.
تركته راكضه إلى حجرتها لأنها لن تسمح له بالحديث أيا كان .
تنهد بألم :وكأني فقدتك وانتهى الأمر .
أخيرا بعد جهدٍ كبير ووقتٍ ليس بالقصير انتهى العمل بالميتم كليا ترميما وتجديد لذا انقطعت أسيل عن زيارته
مضى الأسبوع الأول عليها بعيدا عن ذاك المكان وكأنه دهرٌ لا تمضي أيامه
تحت وطأة الشوق والحنين استقلت سيارتها عائدةٌ إليه إلا أن أمواج البحر نادتها فغيرت وجهتها ,وصلت للشاطئ للمكان الذي يتنفس فيه قلبها وقفت على الصخرة طويلاً لكن...
عادت تلك الصور تعبث بذاكرتها هذه المرة ترافق تلك الصور أصواتٌ متداخلة في بعضها أصوات أطفالٍ كثر ربما رجال ونساء ترى من هم ؟؟؟
ضغطت على رأسها بيديها دامعة إلا أنه أخرجها من دوامة الألم .
أحمد :أسيل ...منذ متى تقفين هنا ؟
نظرت له باسمة :ما أجمل الصدفة ...{تلفتت من حولها }
أحمد :هل تبحثين عن شخصٍ ما ؟!
أسيل :أين هي لبنى ؟؟
أحمد :وهل وعدتك باللقاء هنا !؟
هزت رأسها :كلا أبدا ولكن اعتقدت أنها بصحبتك
ابتسم برضا :حضرت مع بعض الأصدقاء وقدر رحلوا منذ وقت قصير .
أسيل :هل أنت مشغول ,راغبٌ بمغادرة المكان ؟
أحمد :أبدا ,أصدقك القول ؟ بي شوقٌ للبحر وبل حاجة {استدار ناظرا لوجه البحر البعيد وهي تراقبه وتستمع} هذا المكان دائما ألقي فيه مواجعي أشكو له جراحي وهموم القلب الكثيرة البحر وحده من يفهمني حين أشتكي .
اقتربت منه :قلبي أيضا يستطيع أن يفهم بل ويشعر بك أيضاً.
نظر لها وجدها تحدق به بعفويه لم تخجل أو تتردد في نظراتها كما لم تفعل بكلماتها .
أحمد :أسيل هل لك أن تحدثيني عنك وحياتك قليلاً؟؟
ابتسمت وهزت رأسها بالقبول سارت بصمت وهو يتبعها غادرت المكان إلى الشاطئ حيث تنقل خطاها فوق الأمواج المتكسرة على الرمال :
عن أي شيءٍ أحدثك يا أحمد ؟
أحمد :هل ولدت بلندن ؟
ضحكت :ولدت هنا بمدينةٍ لا أعرفها في منزل جدي .
أحمد :وهل يعقل أن لا تعرفي اسم المدينة ؟
نظرت بعيداً :هذا لا يصدق لكنه الغموض الذي لفني به والداي منذ الطفولة هما لم يحدثاني عن الوطن البتة ولم يرغبا بالعودة أبداً توفيت أمي قبل ثلاث سنوات نظرا لأمورٍ كثيرة منها إلحاحي المتواصل بطلب العودة عدنا إلى هنا .
يقول أبي أنه من أصلٍ ريفي ولأن ثمة خلافا وقطيعة بينه وعائلته لن يعود إلى منطقة الريف أبدا أما أمي فقد توفي والدها ولا نعرف عن بقية أفراد الأسرة أي شيء ...هل هذا كل ما تصبو لمعرفته ؟! نظرت له بتأمل .
ابتسم وسار مبتعداً :بالطبع كلا .
لحقت به :أنا على يقين ...ما تريد الحديث عنه قريبا من سؤالك هذا.
نظر لها نظرةً عطوفة :أريد معرفة سر ألمك ,لماذا عدت إلى المقبرة بطرف المدينة ,أي حنينٍ يكوي قلبك للمطعم الشعبي ـ ألا تري أن هذه أمورٌ غريبة محالٌ أن تأتي هكذا
نظر للصخرة ثم أشار لها ,وكأنك تعرفيها من أول زيارة للشاطئ بحثت عنها بإلحاح ,حدثيني عن هذه الأمور يا أسيل .
دمعت بسخاء :يقولن أن ذاكرتي حية أمتاز بحدتها لكن تلك الذاكرة سببت لي الشقاء والهم ,فقد أظلم ركنٌ منها على أنه لم يموت بل دائما ما يبعث لي بصورٍ ناقصةٍ مشوهة غير مكتملة وأصوات متداخلة أحاول معرفة حقيقتها منذ سنوات دون جدوى .
أقنعني والدي أني مريضةٌ بالوهم وبدأت رحلة علاجٍ لم تنتهي حتى اللحظة كما أنها لم تأتي بأي ثمر فالصور لا زالت كما هي وجوهٌ بلا ملامح أطفالٌ بلا أسماء أصواتٌ تتعالى متداخلة وكأن حناجرها لم تتقن يوما إلا فن الصراخ .
الميتم المقبرة المطعم وتلك الصخرة يا أحمد كلها مفرداتٌ تشقيني وتزيد من عنائي ,فهي أماكن تستفز تلك الصور الواهية في ذاكرتي على أنها عاجزةٌ عن إحيائها من جديد .
أتعلم ...على بوابة المقبرة شعرت بأن المكان معهود بل أنا على يقين ,زرته مرارا وتكراراً كيف لماذا ومتى ـ لست أجد إجابة
قضيت عمري كله في لندن ,كيف لي أن أعرفها ,قال أبي أنني في طفولتي زرت معه مقبرة دفن فيها أحد أصدقائه الوهم وحده من يجعلني أخلط الصور هنا وهناك لتغدو هذه قريبة مني .
لكن في آخر زيارةٍ لها رأيت حشداً من الرجال يغادرون بعد أن دفنوا أحدهم صوت البكاء والنحيب ذاك المشهد شق صدري وكأني شهدت مثله يوماً .
عدت أقنع نفسي أن الوهم من جعلني أحس بهم وكأني طفلةٌ تدور بينهم ترتشف كأس الحسرة باكية بمرارة دون أن أفقه هل هو الإحساس بالفقد من يحرقني؟
\
\

يتبع

مشاعر انثى
17-06-10, 12:59 PM
متاهه يامتاهه
اسقينا عذب هذه القصه{ فمفرداتها لاتعليق عليها }
فعلاً انتِ رائعه يامتاهه..
ارجوكِ لاتطيلي علينا
فنحنُ هنا ننتظرك.

متاهة الأحزان
17-06-10, 03:43 PM
مشاعر أنثى

\
/

لروعة حضورك تنحني أبجديتي

من القلب

شكرا لهطولك يا ندية

محبتي

متاهة الأحزان
17-06-10, 03:47 PM
ج11

حدقت به :ليتني أجد تفسيراً لبكائي في تلك الساعة الأضرحة قرب البوابة كلما دخلت المكان شعرت بندائها لي وكأنها تقول لي أمراً لست أفهمه ,ليتهم ينطقون يا أحمد لأعرف ما تقوله لي قبورهم .
دمع وهو يستمع إلى ضياعها :حسناً والمطعم يا أسيل...كيف عرفت بأن اللافتة قد تغيرت ؟حقاً هو مجرد تخمين أم أن هناك شيئاً آخر ؟
ابتسمت متعالية على الغصة في حلقها محاولة كتم دمعةٍ لاح بريقها :هذا أيضاً يثير بقلبي الألم أتعلم ...هو ليس مكاناً أصم به شيئا يثير الحنين في ذاتي .
لو أنه مجرد مكان ما خفق قلبي على أبوابه بجنون أما اللافتة لم يكن سؤالي عنها ضرباً من التخمين بل هو إحساسٌ أخبرني أنها استبدلت ,منذ زيارتنا الأولى حتى اللحظة عدت له ما يزيد على مئة مرة ليس جوعاً وإنما حنين ,حنينٌ يكويني للرائحة المنبعثة من جدرانه حنينٌ للوقوف على بابه ومراقبة زبائنه وكأنها عادةٌ قديمة مارستها في طفولتي...{أطرقت مفكرة ثم ضحكت }
يقول أبي أني كنت أتقمص شخصية الحارس حيث أحمل بندقية بلاستيكية وأقف على بوابة الحديقة العامة أو أي مكان عام وأراقب المارة كما وأدعوهم للدخول والاستمتاع بوقتهم
شقاوة الأطفال يا أحمد أليس كذلك ؟ نظرت له لتلمع تلك الدمعة الحارقة على خديها .
مسح دموعها باسماً :إذن هو الوهم من جديد يا ملاكي ؟
أسيل :هذا ما يقوله الطبيب ...{ طأطأت رأسها تخفي جيش الدموع الزاحف فوق الوجنتين }
أحمد :حسناً هيا بنا نشرب العصير ...ما رأيك ؟
حدقت بوجهه :ألا ترغب بمعرفة المزيد ؟!
أحمد :أحس وكأني نكئت جروحك وأثقلت على قلبك .
أسيل :على العكس تماماً ...منذ أمدٍ بعيد أتمنى لو أجد من يستمع لي ويفهمني شخصا لا يسخر من وجعي المشوه
أتمنى لو أجد قلبا أشكو له دون تردد حاولت أن أتحدث للآخرين عن مواجعي لكني فشلت...كانت تضيع مني الكلمات وأبدو كمن يهذي على وقع الوجع
حتى لبنى لم أتمكن من الحديث معها بهذه الطريقة ,أنت وحدك من فككت عقدت لساني وأطلقت العنان لقلبي كي يبوح بمواجعه لديك ما يكفيك أو يزيد عن طاقتك من الهم والألم وها أنا أزيد العبء وألقي بثقل همومي على صدرك.
تنهد بألم :ليتني أغسل قلبك ونفسك من الهم والكدر من الألم والجروح يا أسيل ليتني أفعل .
ببسمة رضا ردت عليه :مجرد وجودك إلى جانبي يكفي لتغسل قلبي ونفسي من الألم صحيح لقد تذكرت أمرا مهم {نظر لها بفضول}كم عمر اللوحة الخشبية في حجرة الأطفال ؟
ابتسم :يقال ثلاثة عقود أحب تلك اللوحة كثيرا ولولا أنها لعبت الأطفال الوحيدة لكنت أخرجتها إلى حجرتي منذ زمن.
أسيل :ما سر حبك لها ؟
أحمد :تلك اللوحة على قدمها وتشوه ملامحها من يدقق بطرفها الأيسر يجد عليه نحتا أحدث بقطعةٍ معدنية مدببه كالقلم
أسيل :عرفته ,يوم رأيته داهمت مخيلتي صورة ليد طفلٍ عابث قد اقدم على خدش اللوح الخشبي .
أحمد :لم يكن عبث أطفالٍ فقط ,بل هو وعدٌ قطعته ملاك على نفسها بالبقاء معي أبد العمر على أن الموت خطفها مني باكراً.
نظرت له :وكيف تعدك بنحتٍ لا يحمل أي حرف .
أحمد :كانت على أبواب السادسة لا تجيد الكتابة لكنها قالت لي ونحن نلهو أنت أروع صديق أعدك لن أصادق غيرك أو أبتعد عنك حتى أموت وقد نحتت كلامها بخطوطٍ عشوائية على يسار اللوحة كذلك فعلت أنا .
أسيل :كم كان عمرها حين ماتت ؟؟
أحمد :هي لم تموت بل غادرت إلى السماء في سن السادسة .
أسيل : متى حدث هذا يا أحمد ؟
اطرق متذكراً :منذ عشرين سنة .
صرخت مصدومة : عشرون ولازلت تبكِ على ضريحها حتى اليوم أي حبٍ تحمل لتلك الصغيرة ؟
دمع بسخاء :أتمنى لو أعرف أي حبٍ زرعته في قلبي طفلا ...تعلمين منذ مدة بدأت أحس وكأن جسدها غادر التراب ,نعم ربما عادت له الحياة من جديد .
تركته محدقا بماء البحر والأمواج القادمة من البعيد ومضت :منذ متى يعود الأموات يا أحمد ملاك ميتة لن تبعث من جديد قبل يوم البعث .
تبعها باسما: أعلم هذا علم اليقين ...لكن ماذا لو لم تكن ملاك ميتة أصلاً؟!
ضحكت بعفوية :بدأت تهذي يا عزيزي .
أحمد :لا لست أهذي .
نظرت له باستغراب :وهل دفنت حية ؟!
أحمد :قضت بحادث سيرٍ مروع احترقت دميتها كما وجهها لكن ومنذ أن زفوا لي الخبر وحتى اليوم شيئا ما في نفسي يرفض قبول هذه الحقيقة أو تصديقها {أطرق مفكراً} قد يكون للوهم دورا بحياتي أنا أيضاً.
\
\

يتبع

متاهة الأحزان
18-06-10, 02:01 PM
ج12

جلسا إلى طاولةٍ صغيرة في الكوفي وطلبا عصير الفاكهة الطازج خيم الصمت لمدة لكنها لم تطول أخذت رشفة من كأس العصير :مذاقه طيب .
أحمد :صديقي بارعٌ بإعداده .
أسيل :صديقك يعمل هنا؟
أحمد :كان طفلا معنا بالميتم لكنه غادرنا منذ أربع سنوات لقد فتح الله له أبواب الرزق تزوج وأصبح رباً لعائلة .
أسيل :وهل تزوره ؟
أحمد : وكثيراً ما أستذكر معه أيام الطفولة مع أني كنت شديد الكرة له في طفولتنا لم أتغير تجاهه إلا بعد سن المراهقة .
أسيل :ولماذا تكرهه ؟؟!
أحمد :لأنه تعامل بعداءٍ شديد مع ملاك منذ حضورها وإلى أن رحلت ربما الغيرة من أشيائها البسيطة من دفعته لمشاكستها دائما حتى أنه مزق لها دميتها الحبيبة .
أسيل :ألازلت تحتفظ بأشياء ملاك بين حاجياتك ؟
هز رأسه بأسف :فقدت كل أشيائها وبعضاً من ألعاب طفولتي ـ بعد رحيلها باغتتني مشرفة الميتم بسرقة الصندوق الصغير قالت أنها دفنته في مكانٍ بعيد .
ردت أسيل بغضب وتوتر :ولماذا فعلت ذلك ؟
أحمد :حرصاً علي أرادتني أن أنسى ملاك قبل أن أصاب بالجنون لرحيلها باعتقادها غياب الصندوق عن عيني أول خطوه على طريق النسيان
ساد الصمت ثانيةً بضع دقائق حدقت ببقايا العصير في كأسها .
أسيل :أتعلم يا أحمد كثيرا ما ذهبت برفقة والدي لجسرٍ معلق فوق نهر التايمز كما أني سافرت في عرض المحيط على متن الباخرة أكثر من مرة ,ذاكرتي دائما وأبداً حملت صوت الموج المتكسر على وجه البحر وصورة المتكررة قادما من البعيد .
أكد لي أبي أني شاهدت هذه الأشياء في أسفارنا الكثيرة ربما اقتنعت لكن اليقين يسكنني بأن صوت الموج الذي يثور في ذاكرتي مختلفا عما يشير له أبي ,صورة الباخرة الميتة في عرض البحر والأمواج تنهش جسدها تتأرجح ما بين الوضوح والغموض .
أكد لي الطبيب أنه كوني طفلة حتما لن أدرك حركة الباخرة في عرض البحر لذا حفظتها ذاكرتي كصورة لميتٍ لا يتحرك .
على تلك الصخرة وجدت ضالتي فهي الأقرب للصور المتقلبة في ذاكرتي حيث تغط في ظلامٍ مميت ,صوت الموج هنا يختلف فهو اخترق عظام الصدر ليحاكي قلبي ويخرجه عن صمتٍ طويل .
أنا على يقين سافرت على متن الباخرة أكثر من مرة ربما الوهم من جعلني أمزج صورة الباخرة بتلك الصخرة لكن وما أستغربه أني وقلبي نصغي للبحر بشوقٍ ولهفه وكأنا اعتدنا الحديث معه{رفعت رأسها تنظر في عينيه }رائحة عطرك كجدران ذاك البيت أشياء مألوفة ومع هذا لا أعرفها ربما ليست مألوفة لكني أحببتها بصدق وعمق .
هز رأسه مبتسماً :هو الوهم إذن !؟
أسيل :لأي شيءٍ تريد الوصول ؟
أحمد :للحقيقة يا أسيل ما ذكرته من مشاعر وصور لم ولن تأتي عبثاً أو حتى من فراغ ,الوهم ربما طريقا سلكه والدك ليخفي حقيقة ما .
ابتسمت :هذا ما ألح عليه به ,منذ فترة التزمت جانب الصمت فهو مريض ولا أريد أن أكون السبب في انهياره .
غادرا الكوفي إلى الشاطئ من جديد حيث غرق أحمد ببحر الماضي تنبه على سؤالها .
أسيل :أحمد من أنت من تكون حدثني عنك قليلاً .
أطرق مفكراً حدق بالأمواج القادمة :صدقاً لم أخفي عنك حقيقتي خداعا أو مكر أردت أن أخبرك إياها منذ البداية لكنك رفضت الاستماع لي أما الآن فأنا أخشى أن أفقدك .
اقتربت أكثر :تحدث عن نفسك ...من أنت كيف وصلت لمنزل الأيتام ؟؟
أحمد :أنا مجرد لقيط لا أم لا أب ولا عائلة ,أنا ثمرة لجناية رزحت بثقلها على كاهلي {تسمرت عيناه على وجه البحر يكتم دمعةً حارة رغم البسمة العذبة أحس باقترابها أكثر هي لم ترحل ,ترى هل لجمتها الحقيقة ؟}
نظر لها بذات البسمة :ألن ترحلي كالآخرين ؟؟!
ذهل بعينيها المسمرتان على وجهه اقتربت وقبضت على يده بحبٍ وحنان لا ينضب :لم تكن جنايتك ,حسناً لستُ ملاكاً هابطا من السماء ولست معصومة عن أي تصرفٍ أحمق تجاهك ولكن ثق أنني أحبك بكل تفاصيلك مهما بلغت قسوتها .
أمسك يدها وأطلق دمعه السجين :أتعلمين ,لقيط كلمة طالما جلدت بسوطها طالما عذبت بها ولأجلها حتى أصدقائي في الميتم في بعض المواقف أحس بتهميشهم لي ...لماذا ؟ فقط لأني لقيط .
عشقت لبنى لسنواتٍ طويلة كتمت الحب ولوعته فهي يتيمة لها عائلة وإن رحلت عن الوجود ,أما أنا حضرت للوجود دون عائلة جئت من الفراغ من اللاشيء .
طلبها شبانٌ كثر لهم من الأصل والفصل والحسب والمال ما لهم لكنها رفضت لأجلي أنا ,جلُّ ما أخشاه أن تفيق بعد الزواج من سكرت الحب لتندم على هذا الارتباط لتعيد هي كرة عذابي بكوني مجرد لقيط .
أطلقت ضحكةً عذبة : إن فعلت فهي لم تكن تحبك يوماً لا تكن متشائما يا عزيزي ولتنتظر الغد بشيء من الأمل الذي لا يخبو بريقه .
هكذا قضيا النهار إلى منتصف الليل كلٌ يحدث الأخر من القلب عن مواجعه ألامه وأماله إلى أن رن هاتف أسيل .
أهلاً أبي ...كيف أنت ؟؟
رد عليها :قلقُ عليك وحثها على العودة للمنزل فقد تأخر الوقت .
ضحكت بعفويتها الجميلة :أنا على الشاطئ بعد ساعة ونصف سأكون في المنزل بإذن الله .
هكذا عاد كلٌ إلى مكانه وقد طال غياب أسيل عن أصدقائها لأن سالم سقط أخيرا فريسة للمرض حيث رقد بفراشة طويلاً

\
\

يتبع

متاهة الأحزان
19-06-10, 03:21 PM
رونــق

\
/

لك لروحك

لقلبك

باقات من الزهر

وأريج حبٍ لا ينضب

{ اللقيط أحمد وأسيل }

سيرحلان بنا إلى حيث قادتني خطى حرف قاصر لولا وجودكم الى جانبه

محبتي

متاهة الأحزان
19-06-10, 03:24 PM
ج13

بتلك الفترة كاد أن يفشي لها سراً ما ...لكنه دائماً في اللحظة الأخيرة يتذكر عهده لزوجته الراحلة فيصمت .
حين طال غياب أسيل قرر الأصدقاء زيارتها حيث تقيم .
اليوم هو الخميس وقد عاد أحمد من عمله باكراً على غير عادته استقبلته سميه بلهفتها وخوفها المعهود عليه.
سميه :خيراً يا ولدي أراك وقد عدت باكراً هل ألم بك مكروه ؟؟!
ضحك بملء قلبه وهي تجس حرارته بيديها وتتفقده كطفلٍ صغير
أحمد :أنا بخير يا خالة مدير المصنع أعطانا بقية هذا النهار كإجازة من العمل وقد منحنا امتيازاً مادي صرفه لنا قبل مغادرة أبواب المعمل .
ردت عليه بغضب :وتسخر مني ...؟؟؟ لماذا يفعل ذلك ؟؟
ازداد ضحكه :أقسم على ذلك يا خالة لقد رزق بمولودٍ ذكر بعد سبع سنوات من العلاج والحرمان من الأطفال ومن فرط سعادته أكرمنا بالمال والإعفاء من أربع ساعات من العمل الشاق .
بالمناسبة أين هي لبنى ؟؟؟
سميه :في حجرة الصغار تعلمهم بعض الدروس .
توجه حيث لبنى تلهو وتلعب :يالك من معلمة فاشلة تلعبي أثناء الحصص
ضحك الأطفال عليها فرمته بالوسائد غضباً دخل معها في عراكٍ جميل وقد انقسم الأطفال لفريقين متخاصمين كلٌ يجمع الأسلحة {الوسائد}لرئيس فريقه .
هكذا مضى الوقت سريعاً قبيل الغروب خرج أحمد برفقة لبنى وأربعةٌ من الرفاق بقصد زيارة أسيل والاطمئنان على والدها.
عرجوا على أحد المتاجر وقد اشتركوا بهدية قيمة تقدم لأسيل ووالدها على أن أحمد لم يكتفي بمشاركتهم بل اشترى دمية قطن بحجم الطفل الصغير كهدية خاصة بأسيل
ضحك الرفاق من هديته فهذه فتاةٌ ثرية بالتأكيد تعشق القطع الصغيرة القيمة كالذهب والأحجار الكريمة .
لبنى وهي تضحك :أتخيلها طفلةٌ صغيرة تلهو بهذه الدمية.
أحلام :ربما ضربتك بها أو ربما شاجرتك عليها...
وهكذا استمع لتعليقاتهم بصمت إلى أن اكتفوا .
أحمد : هل اكتفيتم أم أنه لازال في جعبتكم الكثير من السخرية والتجريح؟ لتعلموا ,حدسي يخبرني أنها تعشق الدمى رغم أننا لم نلحظ عليها ذلك ثم إن هذه الدمية محض هدية من رجلٍ يملك القليل القليل من المال ويحمل في قلبه الكثير من الحب .
صعقت لبنى وقد آلمها تجاهل أحمد لها وعدم اكتراثه بمشاعرها بعد اعترافه بحبه لأسيل أمام الجميع .
بعد مدة سمحت لدمعةٍ مقهورة أن تسافر على وجنتيها بصمت .
في المنزل الكبير استقبل الأصدقاء استقبال الملوك من قبل الخدم كذلك سالم استقبلهم ببهجة وسرور عظيم أما أسيل فقد كانت زيارتهم لها كمطرٍ من السماء يغسل مساحات القلب من جحيم الأشواق .
قدم لها أحمد الدمية متردداً ـ تراه أحسن الاختيار أم أن تهكمات الرفاق كانت صائبة ؟ ـ
أمسكتها بلطف وحدقت بتفاصيلها الرائعة أطياف بسمةٍ بدت على شفتيها وأشباح دمعه تلوح في المقلتين ,ساد الصمت لحظاتٍ طويلة رغم قصرها .
سالم :أتعلم يا ولدي ...هذه أروع هديةٍ تتلقاها أسيل منذ سنين فهي تعشق الدمى كما تعشق السماء والمطر .
ابتهج أحمد لأن إحساسه صدق باختيار ما تحبه هذه الجميلة الرقيقة ,بينما ذهل البقية ...كيف له أن يخمن أي الأشياء تعشق ؟؟!
انتهت الزيارة ورحل الأصدقاء لتستعيض أسيل عنهم بالدمية الجديدة .
ضمها سالم بحنان الأب وحبه :أما آن لك أن تتنازلي عن تلك الدمية المشوهة يا ابنتي ؟!
انتفضت بفزع :إلا تلك الدمية يا والدي أقسم هي شطرٌ من قلبي إن فقدتها فقدت الحياة كاملة .
سالم :لا سمح الله يا حبيبتي ـ أتعلمين ...أصدقائك فيهم الكثير من النبل وجمال الروح .
ابتسمت :هذا يعني أن زيارتهم لم تزعجك ؟
سالم :كيف تفعل وقد أحببتهم ,خصوصا ذاك الرجل {حدقت به متسائلة أيهم يقصد ؟} .
ابتسم بحنان :أحمد إنه شخصٌ رائع ...رائع يا أسيل .
أسيل : وهل تعرفه يا والدي ؟
سالم :ليس كثيراً يا ابنتي ...
أسيل :حدثني كيف عرفته ومتى ؟؟!
أطرق مفكراً أي كلمة تقال الآن قد تفتح عليه أبواب الجحيم ,إذن هو لن يتحدث البتة .
سالم :فيما بعد يا أسيل فأنا لازلت أحس بالتعب وأحتاج لقسطٍ من الراحة
لا تطيلي السهر تصبحي على خير وأحلاماً سعيدة .
غادرها حائرة لكنها سرعان ما نسيت الحيرة والقلق عندما ضمت الدمية الجديدة بين ذراعيها .
مضى أسبوعا آخر ليأتي أسيل اتصالا من لبنى وقت الغداء .
سالم :من يتصل بك الآن يا ابنتي ؟
أسيل وهي تبتلع طعامها على عجل : هذه لبنى سأرد عليها.
سالم :تجاهليها إلى أن تنتهي من غدائك .
أسيل : لن أطيل الحديث معها .
تركت السفرة مبتعدة مع الهاتف بعد دقائق عادت لتكمل وجبتها والسرور بادٍ على محياها .
سالم :بثيني شيئا من سعادتك
أسيل :تقول لبنى أنها وأحمد حصلا على إجازة لمدة أسبوعين وسيتزوجان خلال الإجازة .
كتم سالم قلقة وألمه :وهل أنت سعيدة بهذا الخبر ؟؟!
هزت رأسها باسمة :كثيرا ربما بحجم سعادتهما معا .
سالم :أليس هو الرجل الذي ملك قلبك يا ابنتي ؟؟!{صعقت حد تجمد أطرافها لم تعد قادرة على مضغ طعامها }أسيل صمتي لا يعني جهلي لحقيقة مشاعرك ,أنت عشقتِ رجلاً مرتبط ,أعرف مدى حبك له كيف تسعدي لزواجه بأخرى ؟!
ابتلعت طعامها وشربت رشفة ماء :كيف أفسر لكم ؟أحبه حبا مجنون,لكني لا أعشقه يا أبي أقسم لا اعشقه عشق المرأة للرجل
أحبه أحبه بملء قلبي صدري روحي وكياني لكن لم ولن أعشقه يوماً,هو يدرك هذا أما أنت لبنى والآخرين جميعكم لا يدرك حجم حبي وصورته الحقيقية .
سالم : ما هي هديتك لصديقيك يوم زفافهما ؟؟

\
\
يتبع

متاهة الأحزان
20-06-10, 06:03 PM
ج14

أسيل :رفضا أي هدية قيمة لكني سأقدم لهما عقدا للعمل بأحد شركاتك التجارية إن لم تمانع ,فهما بارعين بهذا المجال .
رد عليها ضاحكاً :هذه هديتي أنا فلتفكري بهديةٍ مختلفة.
{نظرت له باسمة يغمر الرضا قلبها ,فهذا الرجل طيب كثير العطاء دون مقابل وهي فخورةٌ به وسعيدة لكونها ابنته }
أسيل :صحيح لقد نظم الميتم رحلة إلى الشاطئ تجمع الصغار والكبار وقد دُعيّتُ لها ...هل ترافقني ؟
سالم :وفقك الله وجعلها من أجمل وأروع الرحلات ,لا تنسي يا حبيبتي غمر الصغار بالهدايا والحلوى اجعلي رحلتهم مختلفة تضرب بالذاكرةِ عميقاً وتزيل طعم الحرمان المر من قلوبهم .
أسيل :آآآآآآآآآآه من الذاكرة وما تحمل يا أبي أه ما أكثر الأشياء التي تحفر بها عميقا دون معالم أو ملامح .
حدق بوجهها صامتا فهو قلب عليها وعلى نفسه المواجع دون قصد ليختصر أي حديثٍ قد ينتهي بالخلاف ترك طعامه مدعيا انتهائه من وجبته وكثرة مشاغله .
في اليوم التالي كانت أسيل على موعدٍ مع إحساسٍ جديد ,لقد لعبت مع الأطفال وكأنها منهم ,لهت طويلاً غمرت الجميع بحبها عطفها وضحكاتها البريئة .
قبيل الغروب اجتمعت مع الأصدقاء المقربين في ذات المكان فوق الصخرة الميتة في عرض البحر المكان خطر والأمواج قويه ومرتفعه رائحة الشتاء تعصف هنا بقوة .
تكتل الأصدقاء كما الأطفال حول سميه التي أخذت تقص عليهم حكاية فتاة البحر إلا أسيل سارت بلهفة حتى بلغت نهاية الصخرة
بسرعة واندفاع ضربت موجه عاليه المكان حيث تقف .
دون وعيٍ منها هربت صارخة اجتازت سميه لبنى هشام ورائد وغيرهم الكثير لم تراهم جميعا فالخوف أعمى بصيرتها تجاوزتهم جميعاً إلى صدر أحمد حيث تعلقت بعنقه كطفلة وانكبت على صدره ترتجف باكية .
لم يملك بتلك اللحظة إلا أن يطوقها بذراعيه محاولا بث الطمأنينة في قلبها المخلوع رعباً.
مسح على رأسها وعاد بذاكرته للماضي :كملاكي تماما ,لم تلجأ يوما لصدرٍ آخر في خوفها فرحها وحزنها ياااااااه ما أقرب عفويتك إلى عفوية صغيرتي الراحلة .
أما أسيل فما أن وضعت رأسها على صدر أحمد حتى بدأت تهدأ هذا القلب نبضه قريبا منها
يا الله وكأنها غفت على هذا الصدر مرارا وتكرارا بعد فترة رفعت رأسها باكية :أهكذا ينبض قلبك ؟ ليتني ذقت مرارة اليتم والحرمان كمثلك .
ربتت سميه على كتفيها :أعوذ بالله ما هذه الأمنية يا ابنتي ؟!
نظرت لها :لو أني فقدت والدي صغيرة لعشت معكم ولكبرت على هذا الصدر لترعرعت على نبض هذا القلب يا خالة .
كلماتها كانت مطرا من جليد يجمد أوصال الحاضرين إلا لبنى وكأنها أمطرت على قلبها النار والجحيم .
هي لا تعرف كيف تتماسك أمام ما تراه ؟حين تشعر أنها بلا مكان ولا وجود بحضور هذه الأسيل ,هل تتمنى أن تتشقق الأرض لتبتلع أسيل أم لتبتلعها هي لا بل لتبتلعهما الاثنان معا وليذهبا إلى الجحيم أيضاً.
ما هذا كفي يا حمقاء إنه حبيبك وزوجك قريبا وأنت ملكة قلبه وسيدة بيته {ضحكت ساخرة }يبدو أن أسيل عازمة على هدم البيت قبل بنائه .
أفاقت على يد صديقتها تأخذ يدها بحنان وتقبلها بذلٍ وانكسار .
نظرت من حولها مذهولة :أين ذهبوا يا أسيل ؟متى رحلوا ؟
وبدأت تجفف دموعها بباطن يدها .
أسيل :قبل أن تفيقي من سكرة الوجع ومن هذيان أفكارك المرة السقيمة .
لبنى :لم أفهم ...ماذا تقصدين ؟؟!
أسيل :أقسم ما طلبت على صدره إلا الأمان فقط .
ضحكت لبنى من نفسها وسخافة أفكارها ضمت صديقتها بحنان :
بت أدرك هذا أتمنى لو أستطيع مد يد العون لك .
بكت كلٌ منهما على كتف الأخرى بحرقة ,كلٌ تبكي ألامها البعيدة كل البعد عن روح الصداقة تلك الروح التي أبت الرحيل لأجل حبٍ مجهول الوجه والطريق .
بكتا إلى أن جلت الدموع من صدريهما شيئا من الهم والكدر ثم عادتا للمجموعة ضاحكتين كما الأطفال ,أخيرا انتهى هذا النهار حيث استعد الجميع للعودة .
أسيل :صحيح لم تخبراني متى يكون الحفل ,وأي هدية تريدان مني ؟؟
أحمد :الحفل بعد أسبوع من الآن أما الهدية فيكفينا منك ووالدك شرف الحضور لحفلنا الصغير .
لبنى :نعم يكفينا شرف الحضور بمفتاح فيلا في قلب العاصمة .
ضربها أحمد على رأسها :ألا تريدين طائرة خاصة لنسافر بها سوية بعيدا عن هنا ؟.
ضحك الجميع بملء قلوبٍ عطشى لغيث السعادة ,مضى الأسبوع وأسيل لا تفارق العروسين فهي مشغولة تعد للحفل وتساعد على أكمال ما نقص وتقترح أشياء بسيطة ظريفة تعطي حفل الزفاف مذاقاً آخر وتجعل ذكراه خالدة في القلوب .
بدت وكأنها أم العريس وليست محبة هائمة في بحر هواه موقفها هذا أكد للبنى أنها لا تنوي انتزاع قلب أحمد والاحتفاظ به وصاحبه لها وحدها.
...ترى أي حبٍ هذا الذي تحمليه يا أسيل بين الضلوع وإلى أي حدٍ تستطيعي التفاني في سبيل من تحبين ؟!
أتتركيه لي طويلاً أم ستنشب نار الغيرة في روحك بعد زواجنا ؟...
بشيء من القلق نظرت لبنى للغد القريب البعيد .
تم حفل الزفاف ولله الحمد وها قد غادر العروسين الميتم إلى بيتهم الصغير حيث يكونا أسرةً رائعة ,رحيل أحمد عن المكان لم يثني أسيل عن زيارته
إذن هي لم تكن هناك لأجل حبيبها يوما وإنما لأجل المكان ذاته.
ذات نهار على حين غرة دخلت أسيل حجرة سميه الغارقة بين صور الأحبة ...جلست على السرير وبدأت تقلب الصور وتطرح الأسئلة .
من هذا يا خالة ؟
\
\

يــتــبــع

متاهة الأحزان
21-06-10, 12:14 PM
ج15

سميه :ولدي الكبير رحمه الله
نظرت لها بأسف :جمعكما الله في الجنة .
سميه :اللهم آمين .
أسيل :وهؤلاء الصبية ؟!
سميه :هم في الجنة الآن ...وبكت بألم
أسيل :أعتذر قلبت المواجع دون قصد .
سميه :لا عليك احتاج للحديث عن الماضي أترين هذه إنها صورة ولدي الأصغر زوجته وابنتيه أما هذه فصورة أولاد سامي وزوجته رحلوا جميعا يا أسيل تركوني ورحلوا يا ابنتي {بأسف وألم أخذت تواسي الخالة } لم يتبقى لي أحد إلا وداد ابنتي الوحيدة وهي الآن في أمريكا تعاني من مرضٍ عضال وتشرف على الموت لم ترزق بالأطفال وقد تموت في أي لحظة حرمتها منذ أن تزوجت .
أسيل :هذا كثيرٌ على قلب الأم ألبسك الله ثوب الصبر والرضا يا خالة ـ هل هذه صورة وداد؟؟
هزت رأسها باكية :هذه صورة من أخذ بذنبها أولادي
صدمت أسيل :لم أفهم من تكون ؟؟؟
سميه :هذه دلال يا ابنتي حكايتي معها طويلة سأخبرك بها لاحقاً أترين هذا الصندوق لها فيه الكثير من الصور لولديها وزوجها رحمهم الله .
أسيل :ماتت وأسرتها ؟!
سميه :بل هي زوجها وابنتها
{همت بفتح الصندوق وإخراج الصور على أن رنين الهاتف شغلها عن ذلك لزمت أسيل مكانها تتأمل صور أولاد وأحفاد سميه الذين قضوا بحادثٍ مروع على الطريق السريع .
لقد دونت سميه على ظهر كل صورة تاريخ التقاطها وقد كتبت على إحداهن تاريخ رحيل الأحبة نعم فقدتهم تمام الثانية عشرة ظهرا في الرابع عشر من تموز قبل ثماني سنوات
يا الله ثماني سنوات وهي تعيش كل يومٍ وليلة مع مجرد صور وإحساسٍ قاتل بالذنب الكبير ...ترى أي ذنبٍ ذاك الذي دفعت ثمنه باهظاً ؟؟
أفاقت من غيبوبة الأفكار على صراخ الصغار :ماما سميه ماتت ماما سميه ماتت.
أسرعت لتجدها ملقاةٌ على الأرض تكاد تلفظ أنفاسها نقلتها للمشفى وقد أفاد الطبيب أنها تعرضت لجلطة على الدماغ وحالتها حرجة جداً
قد لا تموت ولكنها ستكون شبه حية مضت فترة طويلة وسميه قابعة في المشفى تتلقى العلاج بتلك الفترة تطوعت أسيل لإدارة الميتم إلى أن يتم تعين طاقم إشرافي كامل له.
سعادتها باستقطاب اهتمام المؤسسات الحكومية والخاصة للميتم وبل للزقاق كاملا خفف عن قلبها ألمه لسقوط سميه .
بعد مدة قُدّر للخالة أن تعود للميتم لكنها مشلولة القدمين ضعيفة البصر ثقيلة اللسان بلا ذاكرة .
هي أعطت المكان الكثير من الجهد والوقت وبذلت في سبيله الكثير وقد آن للميتم بقاطنيه أن يرد للخالة ولو جزء يسير من أتعابها عليه.
آخر عملٍ قررت أسيل القيام به كإدارية متطوعه اجتثاثُ شجرتين كبيرتين بطرف الساحة وزراعة المكان بأشجار الفاكهة المثمرة عوضاً عنهما.
وقد بدأت بتنفيذ الفكرة فور استحضارها ...وسط الضجيج والفوضى قرع الباب ودخل العروسين فقد حضرا لزيارة بيتهم الكبير والاطمئنان على الخالة العطوفة .
جلس أحمد بجوار سميه ونسي معها العالم بأسرة أما لبنى فقد انزوت مع أسيل تبكِ بشيء من المرارة.
أسيل :هل من مشكلة ...ألست سعيدة بزواجك يا صديقتي ؟؟!
لبنى :سعيدة رغم أن المرارة والحسرة تعتصر قلبي
أسيل :هل من مشاكل بينكما؟!!
لبنى :كلا أبداً ,احمد رجلٌ عطوف واسع القلب نير العقل بإمكانه إدارة حياتنا بسعادة في ظل أي ظرف.
أسيل :إن كان هذا رأيك به فما الذي ينغص على عروسنا فرحتها ؟!
لبنى :أنتِ يا أسيل {صعقت الأخرى حد الصمت بينما زادت لبنى ببكائها المقهور }قديما أحسست بفشلي لأني لم أنتزع ملاك من قلبه وذكرياته حتى أني لم أستطيع مواساته بفقدها لكني الآن أحس بمرارة الفشل ذاته وحرقت الفقد كلما أتى ذكرك على لسانه
لقد استوطنت قلبه وعقله لم تدعي لملاك إلا بقايا صدره الذي أغلق دوني فأنا أصغر من أن أطرد ملاك وضريحها الصغير من صدره أو حتى مشاركتها إياه .
ربتت أسيل على ظهرها بحنان :لا تعطي الأمر أكثر مما يستحق ...فهذا محض وهم صدقيني {وضحكت }يبدوا أن الوهم شرير يخطف منا السعادة ليجعلها باهتة الألوان واهية الحضور دائماً .
لبنى :إنه يحبك حباً يفوق مقدرتي على الحديث عنه
أسيل :وهل يجافيك بسبب هذا الحب ؟!
هزت رأسها نافيه :كلا أبدا لن أفتري عليه هو يغمرني ...
قطع عليهما الحديث صراخ طفل قادم نحوهما يحمل بين يديه صندوقا صغير :عثرت على كنز ...عثرت على كنز .
أخذت أسيل الصندوق المتآكل بفعل الرطوبة وطول الرقاد تحت التراب وبدأت تتأمل به وتقلبه كأنها تعرفه ربما ملكت صندوقا مشابها في لندن ..

حدقت لبنى بالصندوق مذهولة :يا الله هل يعقل هذا إنه صندوق ملاك وأحمد ,هل كان راقدا بالجوار كل السنوات الماضية بينما نحن نبحث عنه بعيداً!!؟{تجاهلت أسيل ما سمعته وبدأت تحاول فتح الصندوق } لا تفعلي قد يكسر قفله بين يديك فملاك لم تعطي سر مفتاحه لأي شخص إلا أحمد والصندوق بالي أي حركه ستتلف قفـ...{صمتت مذهولة فقد فُتح بيسرٍ وسهوله حدقت بأسيل } كيف فعلتِ ذلك ؟؟!
على أن الأخرى تستمر بتجاهلها لكلمات لبنى وتقلب ما في داخله استخرجت دمية صغيرة شبه باليه .
رفعتها متأمله :يااااه كم تشبه دميتي التعيسة {تقلبها فتلحظ التصاق بقايا يد للعبة أخرى عليها ,تدمع بمرارة } هل يعقل أن تكون الشطر الممزق من دميتي القديمة ...لكن كيف هذا ؟! بالله أخبريني
دون مقدمات يخطف أحمد اللعبة من يدها :دمية ملاكِ الصغيرة يا الله كم اشتقت لها .
عانقها بشوقٍ مرير بلوعة حبٍ وحنين وأسيل ذاهلةٌ مصدومة عادت للبنى
: أخبريني ما حكاية هذه الدمية ...؟
لبنى :لا أذكرها جيداً لكنها لعبة ملاك التي مزقها هشام بكت لأجلها طويلا ولسببٍ ما تنازلت عنها لأحمد بينما احتفظت هي باللعبة الأم التي احترقت معها بالحادث .
انتفضت أسيل ,كيف تصل لها التتمة وقد احترقت مع جسد صاحبتها بحادثٍ يلفه الكثير من الغموض ؟!
انزوت جانبا لتحدث الصديق القريب من القلب إنه مهند لقد رجته أن يحضر لها الدمية البالية من غرفتها الخاصة سرا عن والدها .
ففعل على أن سالم شك بأمر المستندات التي ادعى مهند حاجته لها لذلك بحث عنه وعن ابنته .
في الميتم وسط ضجيج الذكرى ودموعها بدأت ذاكرة سميه تعود للوجود من جديد
اقترب منها أحمد :أرأيت يا خالة دمية ملاك كانت بجواري طوال السنين الماضية دون أن أعلم .
أخذتها منه بيدٍ ترتجف تأملتها طويلاً ثم بدأت تبكِ تعالت على عجزها عن النطق وأخذت تسرد لهم أحداث القصة المدفونة في أعماق القلب .
ملاك,ملاك ,دلال محسن باشا ووائل الطيب آه يا قلبي كم أثقلت عليك بالصمت حتى أحمد جميعكم درتم في فلك العذاب والبؤس بسبب جشعي وطمعي اغفر لي يا رب سامحيني يا دلال سامحيني يا ملاك {اقتربت أسيل تحمل الصندوق الصغير أخذته سميه وقبلته باكيه }هو كل ما ملكته تلك الصغيرة كان طعماً لها انتزعتها به من أحضان قلبٍ يحتضر.
جثت أسيل باكية :سألتك بالله يا خالة أي سرٍ تطويه بين الضلوع ؟
\
\

يــتــبــع

هيــام
21-06-10, 02:06 PM
...
خجلى كثيراً
أين كنتُ عن هذة الرائعة
تابعتها بالخفاء و راقتني كثيراً:)
تقبلي مروري البسيط
وددتُ أن أخبركِ بأنني قريبة يا عزيزتي
و متابعة لآخر المطاف لا تطيلي شوقتني كثيراً !
متاهة الأحزان
يا أعظم من تعلقتُ بها يوماً
كل آيات الشكر تسافر إليكِ
أروع فتاة و أطهر قلب
لا عدمتكِ يا صديقتي
حديث صغير
بطلي من متابعة يلي بالي بالك
و أقول عنك أحسن وحده :D
هلكتيني :p
بحبك وربي بحبك ..!!
...
محبتي تسبقها ورودي
هيـام

غاده
21-06-10, 03:51 PM
للسرد هنا حس جذاب لأبعد حد
متاهة الإحزان
إلا سلمت أيامك من كل الإحزان
ننتظر المزيد

متاهة الأحزان
22-06-10, 01:17 PM
الــهــيـام

\
/

متابعتك لقلمي الصغير

كانت عونه منذ البداية

حتما لي كل الشرف بوقوفك إلى جانبي

صدقيني يا صديقة

أنا أحسن واحدة لأني تعرفت إليك

ولأنك إتخذت من قلبي سكناً:rolleyes:

\

أما ذاك الذي أتابعه فلن أكف عنه:(

أتعلمين

هو يحكي رومنسية الإحساس

وليست رومنسية الرغبات والشهوات

مثل هذه القصص غذا قلبي يا أخيه:p

لك حبي واحترامي

جنائن الورد لقلبك الجميل

متاهة الأحزان
22-06-10, 03:26 PM
غاده

\
/

للحرف هنا موجٌ لا يعلوا إلا بكم

شكرا لمتابعتك

سأنتظرك على رصيف النهاية

كوني بالقرب ليحلوالهطول

محبتي

متاهة الأحزان
22-06-10, 03:33 PM
ج16

سميه :سر زواج دلال باشا من وائل الطيب حفيد الجد صاحب المطعم الشعبي {أخذت نفسا عميق وأطرقت تتذكر فالنطق ثقيل والذاكرة لم تشحن بعد بما يكفي عن الماضي البعيد ...وصل مهند بشطر الدمية الآخر
أخذته أسيل وأحمد يراقب مصعوقا بعد برهة مد يده طالبا اللعبة
أسيل :هل هذا هو شطر الدمية الممزقة ؟؟!
أمسك بها وقلبه يضرب بقوة :أنها هي ,تلك الدمية لم ولن أنساها يوما مهما غيرت الأيام من تفاصيلها .
قربها من الدمية الصغيرة فأمسكتها سميه
ألصقتهما ببعض وعادت تبكِ التصاق الدميتين أعاد لها شيئا مما فقدته ذاكرتها
أذكرها ,كانت لدلال أصلا وقد أهدتها لطفلتها فضيق ذات اليد حرمها من شراء الدمى الجديدة لملاكها الصغيرة
ركع أحمد أمامها :وكنت تعرفين دلال أم ملاك لماذا أنكرت ذلك لماذ قلتي أنك لا تعرفين عائلتها ؟
تنهدت بحزن :لأجل المال يا ولدي لأرضي الطاغية محسن ...
أسيل : ألم تتذكري شيئا آخر يا خالة ؟
سميه :أذكر أن دلال خرجت عن مشورة والدها وتزوجت وائل الطيب سكنت معه منزلا جعل نصفه مطعما شعبي يدر عليهم القليل من المال الذي يقتاتون منه .
وضعت في حملها الأول توأمين رائعين طفلٌ وطفله هما أحمد وملاك.
حدقت بوجه أحمد فرجاها بانكسار :تابعي يا خالة أرجوك تابعي .
سميه :بعد ستة أشهر خطف محسن أحمد الصغير أخذت مالاً كثير مقابل ضياعه حيث أضعه في مكان لا تصل له دلال
حضرت بأحمد لهذا الميتم مدعية أنه لقيط ومحسن لن يربي لقيط حرصت دلال على ملاكها بعد أن يئست من عودة أحمد أو معرفة المصير الذي آل إليه .
بعد ثلاث سنوات أقل أو أكثر حملت مرةً أخرى فطلبت الرحيل عن البلدة لتحافظ على حملها وطفلتها معاً على أن وائل قضى حتفه بحادثٍ ما إنه القضاء والقدر {ضحكت ساخرة }ملكت الدليل على تورط محسن بالجريمة البشعة لكن المال ألزمني جانب الصمت من جديد
مكثت دلال في منزل زوجها المغدور وقد زارته في مدفنه وطفلتها مراتٍ كثيرة إلى أن أعياها الفقر والمرض
لازلت أذكر وجه ملاك وهي تراقب والدها والتراب ينهال عليه من كل جانب لتكون نهاية حياةٍ كاملة هناك ربما هي لم تدرك أنه والدها وأنه لن يعود لكن نحيب الأم وبكائها المر أثر في قلب الصغيرة .
كانت سميه تتحدث وتلك الصور تعود لذاكرة أسيل أكثر وضوحا وقد بدأت تربط ما بين مشاعرها والصور المبهمة بالدمية الممزقة وبالحب الكبير الذي حملته للمكان برمته ولأحمد كشخص وبل كقلب ينبض في صدرها.
سميه :اضطرت دلال للعودة إلى الفيلا بعد أن أجهضت جنينها وقد رقدت قعيدة الحسرة والألم تعاني من قسوة العائلة عليها.
كانت ملاك تحتفظ بصندوق أمها حيث تحفظ فيه أشيائها البريئة كطفولتها البسيطة كحياتها في حي الفقراء ...هذا الصندوق وبكت بمرارة
أحمد :ما باله الصندوق يا خالة ؟
سميه :طلب مني محسن أن ألقي ملاك بأي مكانٍ بعيد قبل أن يفتك بها لازلت أذكر التصاقها بأمها والخوف منا جميعاً حاولت بكل الطرق إبعادها عن والدتها ليكون سهلاً علي إلقائها بعيداً دون لفت انتباه دلال الراقدة في فراش المرض وقد فشلت .
بعد فترة سرقت الصندوق وأخفيته خارج المنزل الكبير وحين طلبته مني قلت لها أن ترافقني لأعيده لها في البداية رفضت فهي ككل الأطفال يلتصقون بأمهاتهم إن أحيطوا بالغرباء على أن رغبتها بعودة صندوقها الثمين أخضعتها لطلبي .
بكت سميه بحرقه حتى كاد قلبها يتوقف :تعود الآن لذاكرتي صورة الصغيرة حين عانقت أمها مودعة ودمعة تتقلب في مقلتيها وبطلاقة الطفولة [تردد ,بوخد علبتي وبرجع ماما أنا بحبك كتير ]وعادت تعانق أمها وتذرف دموعا صامتة على صدرها قبلتها من جديد وقد أحست دلال بمكري حاولت إقناع الصغيرة بالبقاء إلى جانبها لكني المسيطرة فأنا أقف بالجوار ألح على ملاك بالمضي لاستعادة صندوقها الثمين فهو يحوي كل ما تملكه طفولتها العذبة البريئة .
أعدته لها فقد أشفقت عليها لأنها لن ترى أمها مجدداً وهذا ما كان ماتت دلال كمدا وحسرة وملاك قبعت بين جدران هذا الميتم كطفلة مجهولة النسب
على أنها تحفظ اسم أمها وأبيها ...قالت للجميع بابا وائل راح بعيد وماما دلال بس تشرب الدوى بترجع على البيت وبرجع عندها
هذا الحلم المستحيل راود الطفلة إلى أن وسكتت تكفكف الدمع وتستجمع ما بقي من ذكريات .
كان الميتم غارقاً بصمتٍ كصمت المقابر لا صوت فيه إلا بكاء سميه وكلماتها
أنفاس أسيل المتلاحقة وخفقات قلب أحمد
الذي ردد بقلق :إلى أن ماذا ...؟
بكت بيأس :ربما إلى أن ماتت .
سألتها أسيل باكية : وهل ماتت حقاً ...إذا كان هذا كيف وصلت دميتها إلى قلب لندن ؟
تعالا صوت سميه باكية :أقسم لا أعرف كل ما أعرفه أنها أحبت أحمد بجنون شارفت على الهلاك لفراق أمها أحمد وحده من عوضها الحنان الغائب وأسبغ على قلبها حباً ورضا
لقد تغيبت لسنواتٍ طويلة بعد موت محسن عدت لأجمعهما كأخوين على أن المشرفة السابقة أخبرتني بموت الصغيرة بحادثٍ أليم
أقسم كنت عازمة على كشف الحقيقة لكن متى ...! بعد فوات الأوان عندها وجدت أن إفشاء السر لن يعود إلا بالمزيد من الألم والجراح لقلب أحمد الفتى مرهف الحس كريم النفس .
بكى أحمد :إذن لم أكن لقيطا وملاك شقيقتي وتوأمي لقد فقدتها مرتين أي قسوةٍ هذه ...أي ألامٍ أعملت في صدري دون أي ذنب ؟!
انحنت بذلٍ وانكسار :سامني يا ولدي لقد اقتص الله لعذاباتكم الكثيرة مني فقد رحل أولادي بحادثٍ مجنون لم يتبقى لي منهم إلا ثيابا غارقة بالدم تفوح منها رائحة الموت والعذاب ...حتى وداد ماتت في أمريكا دون أن أراها دفنت دون أن أودع جسدها
أنا زوجتها في سن السادسة عشر هاجرت مع زوجها وحرمتها كانت عقيما لا تنجب الأطفال وهاهي بعد أربعة عشرة سنة من الغياب والغربة توارى الثرى وأنا أشتهي ضمها .
رفع أحمد رأس سميه بيديه :لن تذلي مرةً أخرى لقد حصدت زرعك عفا الله عنك وسامحك يا خالة ,لكن قلبي يتفطر حزناً ملاك لم تموت أليس كذلك ,ساجن إن لم أعرف هذا السر .
بتلك اللحظة أتى الصوت من الخلف مختنقاً بدموع قد سجنت طويلاً
التفت له الجميع إنه سالم منهارا يبكي بمرارة
\
\

يــتــبــع

الــمُــنـــى
22-06-10, 06:11 PM
/
\

سؤال يراودني كلما قرأت فصلاً جديدا من هذه الرائعة القصصية ..
ما الذي يجعل كاتبة متمكنة مثلكِ وبارعة في هذا المجال
من أن لا تنشر قصصها بأسمها الحقيقيى وتعرضها على أحد المجلات المتخصصة
أو أحدى دور النشر أو أحدى المجلات الأدبية التي تهتم بأبداعات الشباب ..
لمساندتها في تحقيق حلمها ..؟؟

متآهة الآحزان
حفظكِ الله لأهلك ومحبيك
وثقي سعيدة جدا برقي حرفك وسردكِ الأدبي
الأكثر من رائع ..
سأبقى هنا رابضة لحين وضع نقطة السطر الأخير
مودتي ومحبتي

متاهة الأحزان
23-06-10, 10:50 AM
هي الأقدار ياعزيزتي

نعم

هي إرادة المولى أن ييبقى الحرف سجيناً بيني وبيني

\

صدقا حتى تسطير الحرف هنا كان ضربا من مستحيل

\

الـــمــنـــى

\
/

رغم تقدمنا وتطورنا وإتساع أفاقنا

لازالت هناك عقولٌ ترى

أن الحرف محض سخافة

وما يخطه القلم هنا بعثراتٌ بلهاء

\
/

أتعلمين أمراً يارفيقة

جل ما أتمناه

أن لا يأتي يوما أفقد فيه نفسي من بينكم

لتكون الحروف هنا ومن أعانوها ذكرياتٌ تقبع خلف جدران الممنوع

\
/

أثرت ألما لم يكن يوما ليصمت

على أني راضيه

قلمي بكم يرتقي

ومعكم يكبر

أنتم يا خير الصحبة

لك حبي وتقديري

فخورة بعودتك لنصٍ أصابه الألم منذ غيابك

متاهة الأحزان
23-06-10, 10:53 AM
أعتذر

فقد يكون هذا الجزء طويلا حد الإرهاق

لأنه ـــ الجزء الأخير

ـ سامحك الله يا أم سامي لقد أفقدتني ابنتي انتزعتها من أحضان القلب بإفشائك هذا السر .
ركض له أحمد بدمعه ولهفته :أخبرني أرجوك أخبرني كيف ماتت ملاك وما علاقتها بأسيل كيف وصلت دمية شقيقتي ليد ابنتك ؟!
جثا على الأرض : أنا عقيمٌ يا ولدي طفت مدن الغرب بحثا عن علاج دون جدوى عدت وزوجتي نبحث عن طفلٍ أو طفلة يملأ بيتنا بالحركة والحياة فقد مللنا صمت المقابر وظلامها المخيف .
قادتنا إرادة الله إلى هنا ووقع اختيارنا على الرائعة ملاك حاولنا أخذها لكنك حرصت على حمايتها منا والحفاظ عليها فشلنا بانتزاعها منك بشتى الطرق ,طلبت من زوجتي أخذكما سوية لكنها رفضت فأنت لقيط وهي لن تربي لقيط لذا رسمت خطةً ماكرة لأنتزع الصغيرة من أحضان قلبك فقد أخرجناها إلى السوق بحجة شراء الهدايا لها ولكم أخذت معها الدمية البائسة فهي لم تفارقها طوال سنين عمرها .
في السوق أخذناها من المشرفة وقلنا أنها قضت بحادث سير
ردد أحمد مصعوقاً : الجثة والضريح أنا رأيتها في ثلاجة الموتى بأم عيني!
هز سالم رأسه :تلك أخرى كانت في التاسعة قوة الحادث الذي تعرضت له شوه ملامحها ومزقها لأشلاء لذا صعب عليك كطفل أن تميز أن الجثة لفتاةٍ مختلفة ,تلك الجثة دفنت في مقبرة شمال العاصمة حيث تقيم عائلتها ولأجلك أنت تم بناء ضريحٍ صغيرٍ فارغ سجل عليه اسم ملاك التي أضحت بين ليلةٍ وضحاها فتاةٌ لندنيه اسمها أسيل .
بالحقيقة يا ولدي هي لم تنساكم أبدا بكت لفراقكم سنين طويلة لكنها وككل الأطفال لابد من منافذ على قلبها وذاكرتها لغسلهما من الماضي وشوائبه العالقة .
جهدت وزوجتي بإقصائكم عن قلبها وعقلها ترددنا معها لأماكن كثيرة تحمل صفات الأماكن التي عرفتها معكم مع المدة وطول الأيام أقنعناها أن ما تذكره محض وهمٍ يختلط بالحقيقة ليشوه صورها الرائعة .
جثت أسيل باكية قرب والدها : إذن أنا تلك الطفلة لقد أعملتم في قلبي وذاكرتي خنجر الوهم البغيض .
بكى بمرارة :سامحيني يا صغيرتي فأنا لم أرغب بفقدانك والعودة وحيدا من جديد .
ضرب أحمد الأرض بقبضتيه حسرة :لقد أفنيت عمري باكيا على صدر ضريحٍ فارغ لا لم يكن كذلك فقد أودعت فيه قلبي وزرعت على جنبيه أزهار عمري رويت تربته بدماء عيني كيف فعلتم بي ذلك ؟؟
كيف خطفتم عن أغصان قلبي طيره الشادي
نظر لملاك بعين الحب ذاته لترمي بنفسها على جسده
أحبك يا أخي أقسم أحبك يا أحمد طالما قلت لهم أني أحبك بجنون لست أعشقك جميعهم لم يدركوا حقيقة حبي وصورته إلا أنت يا عوني وسندي
ضمها لقلبه المشتاق :كذلك أحببت يا توأم الروح ألم أخبرك ذات نهار أن ملاكي غادرت الضريح وعادت للحياة من جديد
آآه لكم أحبك وأشتاقك يا أريج الزهر وعطرة الفواح
أمام ذاك المشهد الرائع رغم قسوته وألمه اهتز الميتم على صوت البكاء جميعهم يذرف الدمع حسرةً ومرارة
ياه ...بعد عشرين سنه تعودين للحياة من جديد يا ملاك ...بعد هذا العمر تعودي لتقولي
أن أحمد هو أخاك الوحيد وأنه ليس لقيطا كما نعته الجميع !؟؟
أبعد كل هذه السنين تعودي بقلبٍ نابضٍ بالحب لا يتنكر للمكان وبنيه ,بعد هذا الغياب تعودي بذاكرةٍ طمستها الغربة بوجوهٍ دون معالم فتزيل الستار الثقيل عن قصةٍ من وجع تمزق القلوب حسرةً وكمد .
رحمة الله الواسعة لعبادة أتت بمطرٍ غزير هطل على القلوب ليغسلها من جحيم الغياب والأجساد ليذيب عنها معالم الشقاء والتعب وعلى الأرواح لتحلق كطيورٍ طاهرة في سماء الحب
هطل المطر ليغسل الصدور من أي ثمرٍ للحقد والضغينة أو النقمة ربما أوجدها الوجع ذات نهار.
بعد ليلٍ طويل مليء بالدموع خلد الميتم للهدوء والنوم
فجر اليوم التالي استيقظ المكان بطيوره وسكانه على صوت الخالة سميه بالساحة وكلماتها الثقيلة
يا خلية الحب أفيقي من سباتك ...يا خلية الحب هذا فجرٌ جديد هيا لتجمعوا رحيق العطاء معا هيا لتنعموا بعيشٍ رغيدٍ معاً
اجتمعوا حولها من جديد ترف على وجوههم أطياف السعادة تتراقص على شفاههم ضحكاتٌ بريئة تخرج من أعماق قلوب تشتاق البسمة .

لبنى :آآآآآآخ يا رأسي ,منذ اليوم ستنتقل ملاك للعيش معنا في بيتنا الصغير لننعم بالنوم فجر الجمعة حتى العاشرة صباحاً أليس كذلك ؟
رد سالم بسرعة :كلا لن تفعل .
ملاك :يا غبية إن فعلت سأكون عزولاً لن أسمح لك أن تبتعدي وأخي عني .
وضع أحمد يده على عينيه وردد بأسى :زوجتي الحبيبة لن يفرقونا مهما حاولوا
اهتزت جدران المنزل من دوي الضحكة التي انطلقت بعفوية أما سالم
فقد أمسك بيد أحمد بانكسار :يا ولدي أعدك لن أعترض على زواجك من هذه البغيضة الدميمة بعد اليوم على أن تعود لأحضان أبيك عد لمنزلي الذي سكنته الأشباح برحيلك .
غضبت لبنى وطرقت الأرض بقدمها :هل بت أنا بغيضة دميمة ألن تشكر الله فقد قبلت الزواج من ابنك المهوس هذا وهكذا مضى نهارٌ جميل
عندما حل الغروب وقبل أن يتفرقوا كلٌ لمكانه جلس سالم مع أحمد زوجته وأخته
ردد بشيء من الرجاء :اسمع يا ولدي أنا أعلم حجم الألم وعظم الجرح الذي شققنا به صدرك قديما لكني الآن رجلٌ مسن وحيد لا أهل لي ولا ولد إلا هذه الحبيبة
ليس عدلاً أن أمنعها عن الرحيل معك والسكن في بيتك كما أنه ليس عدلاً أن يخوي بيتي على عروش الموت من جديد
أقسم أني أحببتك طفلا ورغبت بتربيتك لكنها مشيئة الله من حالت دون ذلك أما اليوم فأنت تراني أخطو نحو النهاية لا أحد يعيش للأبد يا ولدي .أحمد :أمد الله في عمرك يا عم .
دمع بحرقه :ألن تناديني كأسيل عفوا أقصد كملاك {حدق أحمد بأخته متسائلً فابتسمت } ألن تناديني يا والدي ؟
هز أحمد رأسه باسماً :والد ملاك هو والدي
ابتسم سالم برضا :إذن منذ اليوم أنت وزوجتك ستنتقلان للحياة في منزلي لأن أسيل ثمة منزلٌ آخر يفتح لها أبوابه ويناديها بحبٍ وصدق {نظر لها فطأطأت رأسها خجلاً وقد تورد خديها}
أحمد :أي منزلٍ يا والدي؟!
سالم : يا ولدي مهند يحبها بصدق وقد طلب الزواج منها أجل الموضوع إلى أن تنتهي من إدارة الميتم وها قد انتهى الأمر وآن للعاشقين أن يلتقيا ويستريحا من عناء طريق الحب الطويل
أما هذه المرأة البائسة المسكينة لقد عانت كثيرا ودفعت ثمن أخطائها ما يفوق قدرتها على الاحتمال لذا سآخذها لمنزلي بمساعدة الخدم سأقوم أنا بنفسي على شئونها إلى أن يقضي الله أمرا كان مقضيا وفي هذه الحالة يتوجب عليك أن تدير الشركة الأم أما هاتين الشقيتين فدعهما يختاران ما يريدانه من مرافق العمل .
أطرق أحمد مفكرا :لا أستطيع الموافقة فأنا لن أخلع عني ثوب حياتي البسيطة لن أترك الكد والجهد لأعيش حياة الترف والثراء هذا فوق قدرتي النفسية .
سالم : لم أقول عش برغدٍ وثراء خذ قدر حاجتك من المال وما تبقى منه قم بتحويله لدور الأيتام والجمعيات الخيرية لترميم الطرق وعلاج الصغار من مرضى السرطان
اجعل ما يزيد عن حاجتك نفقه تعيل بها الفقراء وتنجز بها المشاريع لتجمع الأيدي العاملة والتي لا تجد بابا للرزق
تهللت الوجوه والقلوب بالبشر :أصدقا ما تقول ؟؟!!!
سالم :وأقسم عليه ملاك تعرفني حق المعرفة لم أعد يوما بشيء وأعود عن وعدي أو أنكثه لأجل الفقراء والمحتاجين يا ولدي اقبل هذا العرض ولا تنسى أن تمنح كل محتاجٍ حاجته فهذا هو سر التوفيق والنجاح كما أنه الطريق إلى رضا الله .
هكذا أضحى منزل سالم منزلاً لأحمد وزوجته وللخالة سميه التي قضت نحبها بعد فترةٍ قصيرة

أما ملاك فاقترانها بالعشيق الذي غاب عن ساحة العقل والقلب في خضم أحداث الميتم ورحلة العودة للحقيقة لم يمنعها عن فعل الخير ومد يد العون والحب للجميع كما أنه لم ينسيها أن تقف على ضريح والدها وائل الطيب وأمها دلال لتقرأ على روحيهما الفاتحة .


الـــنـــهــايـــــة

متاهة الأحزان
23-06-10, 10:57 AM
بـعـد الـتـحـيـة

\
/

آل قطرات الكرام

أعضاءً وزوار

كنت هنا برفقتكم لأيامٍ طويله

أعتذر إن كنت أطلت عليكم

\
/

كنت هنا مع محاولةٍ أخرى لكتابة الرواية

يجتاحني الأرق أحياناً فأنا قد أسرفت هاهنا بالسرد

ربما وقعت على مواطن الملل

وربما أدركتني الأخطاء الكثيرة ولم أنتبه

\

لكل من مر

تقبلوا إعتذاري عن طول الرحلة وأمنياتي أن إستمتعتم معي بها

\

بقي أمرا آخر

متاهة الأحزان

قلمٌ جد صغير ...بكم يرتقي وتحت ظلكم يكبر

\

سأنتظر على رصيف النهاية

أي ملحوظة أو تقويما للخطأ بكل حب ورضى

ابنة هذا الصرح

أعتز وأفتخر بكم

الــمُــنـــى
23-06-10, 01:30 PM
/
\


سأعود للتعقيب .. يا رائعة ..
على ما وقعت عليه عيناي هنا وأنا أتابع
بكل شوق هذا السرد القصصى الأكثر من رائع ..
ولحين ذلك تقبلي مني خالص
الوداد وفائق التقدير

مشاعر انثى
23-06-10, 03:31 PM
ياااااااااااااااااه
كم راقت لي هذه القصه التي ابحرت بنا في عالم اعتبره ربما واقعي

جمال روعة تلك {الاسيل التي ابحرت بنا مع ذاك اللقيط احمد}
ومع مرارة تلك السنين والتضحيات
يااااااااااااااااه

كم انتِ رائعه يامتاهه
كم انتِ رائعه ياحروف متاهه
وكم انتَ سخي ياقلم متاهه

القديره متاهة الاحزان
من قلب المشاعر احييكِ على روحك الطيبه
وروحك البهيه التي اخذت خيالاتنا الى خيال واسع وجميل مع تلك القصه ..

شكراً لوقتك الذي امضيتيه مع طرح القصه
وشكراً لكِ على إعطاءك لنا قصه استمتعنا بها حقيقةً
وشكراً لكِ ياسيدة القصه
مودتي.

متاهة الأحزان
23-06-10, 08:22 PM
الــمــنـــى

\
/

سأنتظرك سأنتظرك سأنتظرك

دمت بروعتك ونقائك

الى حين عودتك

تلك التي يشتاقها القلب قبل القلم


جنائن الياسمين لقلبك

محبتي واحترامي

متاهة الأحزان
23-06-10, 08:30 PM
مـشـاعـر أنـثـى

\
/

تلك الرحلة الشاقه

طريق العودة الذي قطعته أسيل لأحضان أخيها

لم تأتي من فراغ

هي فيها من مواجع الواقع الشيء الكثير

حمدا لله أني لم أقف على مثل هذا العذاب يوما

لكنه الخيال الذي صال وجال في مسارح الواقع الأليم

\
/

لك من القلب ارق التحايا

وجزيل الشكر على المتابعة


لكم أنت رائعه

لك حبي واحترامي

فهمي السيد
23-06-10, 11:54 PM
أسيل :كم كان عمرها حين ماتت؟؟
أحمد :هي لم تموت بل غادرت إلى السماء في سن السادسة .
أسيل : متى حدث هذا يا أحمد ؟
اطرق متذكراً :منذ عشرين سنة .
صرخت مصدومة : عشرون ولازلت تبكِ على ضريحها حتى اليوم أي حبٍ تحمل لتلك الصغيرة؟
دمع بسخاء :أتمنى لو أعرف أي حبٍ زرعته في قلبي طفلا ...تعلمين منذ مدة بدأت أحس وكأن جسدها غادر التراب ,نعم ربما عادت له الحياة من جديد .
تركته محدقا بماء البحر والأمواج القادمة من البعيد ومضت :منذ متى يعود الأموات يا أحمدملاك ميتة لن تبعث من جديد قبل يوم البعث
كل يبكي ليلاه
وهنا بكيت , ما أدركت وما وعيت
كانت دموعي للعين بيت
الوارفة / متاهة الأحزان
من أنتِ أيتها القابضة على حروف اغتالت وقتي
4 ساعات قرأتها برغم شغفي لباب النهاية أمتعتني
إلا أنني لبست روح أحمد
عشته بروحي
يا لكِ من ساحرة
للحروف بين أناملك فتنة
أثملتني ومازلت أهذي
عذرا عن إسرافي سيدتي
لكل مقام مقال
دمتِ يا ذات النقاء
تحيتي وتقديري .

الــمُــنـــى
24-06-10, 02:53 PM
/
\


ولِجتُ إلي هنا سبع عشرة مرة ( عدد أجزاء القصة )
في كل مرة أُمني نفسي بنقطة السطر الأخير، إلي أن وصلتُ لها.
وفي كل مرة تزداد لهفتي لقراءة المزيد والمزيد من حرفك
بصدق والله ودونما مجاملة ..
رآقت لي كثيرا رغم طول الأجزاء، لكن مع ذلك لك أُصب بالملل والنفور
بالعكس كنت أتمنى مواصلة القراءة لمعرفة النهاية. وهذا برأئي إن دل
على شيء فهو يدل على مقدرة الكاتبة على شد أنتباه القاريء من خلال تميزه بالتالي :
* جمال اللغة والبيان المستخدمان في القصة.
* تسلل الأحداث والبراعة في التوقف عند نقطة تجعل القاريء متشوقا أكثر وأكثر على المتابعة.
* براعة القاصة في الحبكة اللغوية أو ما يُسمى بالعقدة.
* النهاية غير المتوقعة والتي برعتْ الكاتبة في حبكها.
* أستطاعت الكاتبة أن تشد القاريء لوضع عدة تصورات واحتمالات قد تكون عليها النهاية ( ومع ذلك لم نوفق لها ) .
* الحس العالي والمشاعر الأنسانية ، أستطاعت القاصة أن تجعلنا نعيشها وبحرفنة شديدة، وكأننا نشاهد مسلسل تلفزيوني رائع جدا.
* دفء المشاعر والتعايش مع القصة، في كل جزء من أجزاءها.
كل هذا وأكثر وجدته هنا .. يا شهرزاد القصة ( كما أسماكِ الأخ : متعب ).

الرائعة لحد الترف .. متآهة الأحزان
وجدتكِ هنا أروع وأجمل وأذكى
لكِ من قلب المنى كل الود والحب
جنائن من الفل والياسمين
لشخصكِ الكريم

غاده
26-06-10, 07:54 PM
الكاتبة القديرة
متاهة الإحزان
\
لا أخفيك بقراءة آخر حرف
لهذه الـفاتـنة
صفقت بجدارة لك
فقد نجحتِ في استلاب
كل حواسي ولبُي و وجدانيِ
أنتِ نجمة في سماء
القصة والرواية
والسرد القصصي الماتع
مزيداً يا غيمة لا تكفي
عن إرواء الذائقة
رائعة بل أكثر
\
بتلات الإعجاب مهداة لأناملك

متاهة الأحزان
20-07-10, 10:44 PM
فــهــمــي الـسـيـد

\

حرف ماطرٌ بالروعه

شكرا لوقفتك الكريمه

ودٌ واحترام

متاهة الأحزان
20-07-10, 10:50 PM
الــمـــنـــى

\
/

وقفت على ردك مرارا وتكرار

كنت ولازلت أستقي من حرفك الرضا بما طرحت

والسعادة بالوصول لما أردت

فأنا بصدق

أردت أن أغرق من يمر من هنا

بأنبل وأطهر وأدفء المشاعر

ورغم هذا

قلقت كثيرا تجاه الوقوع على مواطن الملل

\
/

كنت ولازلت شمسا بين الحنايا

تمد قلمي الصغير بالكثير من العبق والثقة

لك حبي واحترامي

جنائن الياسمين لقلبك

ياغيمة العطاء

متاهة الأحزان
21-07-10, 12:46 AM
غــاده

\
/

الإبداع المطلق

سعيدة بك هنا

وكلي على وتر السعادة يتهادا أن نال نصي إعجابك

وإرتقى ليرضي ذائقتك الجميله

كم أنت رائعة الهطول

لقلبك جنائن الحب وباقات الياسمين

الوردة الظامية
29-07-10, 02:05 AM
متاهة الإبداع ..

سررت كثيراً بإكتمالها الذي أنتظرته طويلاً ..

راااااااائعة وأكثر راقت لي كثيراً قرأتها بشغف لم يتوقف إلا بالنهاية

وددت لو طالت أكثر ليطول استمتاعي أكثر ..

لاأعلم ماأقول ولكن شكراً من القلب لإبداعك الذي أشعرني كأني أعيش

بين أفراد تلك القصة ..

دمتي مبدعة ..

متاهة الأحزان
29-07-10, 09:56 AM
الــوردة الـظـامـيــة

\
/

وسعيدٌ بك الحرف هنا

الشكر كل الشكر لكم ياخير الصحبة

صحبة في ظل مدادهم كبر هذا القلم

إمتناني لوقفتك الكريمة هنا

جنائن الياسمين لقلبك يارقيقة

:m36: