المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نداءات مَسْحورة


النّداهة
06-02-21, 10:15 AM
إنْ لم تستطِع أن تكون بخير؛ لا تَحزن، لأنّ الجميع حولَك ليسوا بخير، و أن نكون بخير ، تلك حالةٌ نفسية لا ننفك نسعى وراءها ولا ندرك ديمومتها. هي حالةٌ إنْ وصلتَ لها، لن تدوم، وستظلّ بين الخير واللاخير والحياد متنقلا في حالاتك، لكن إن كنت تريد نصيحةً من ندّاهةٍ مثلي؛ دعني أُخْبِرك: إنْ لم تستطع أن تكون بخير، فلا يزال بإمكانك أن تكون مجنونا .

النّداهة
06-02-21, 10:19 AM
بشكلٍ ما - غير مقصود - و بطريقةٍ خالصة العبثية ، أجد أنّ قائمة الأمور التي أريدها لا تنفكّ تقصر.
أمّا تلك القائمة التي أفتقدها. أوه يا إلهي.. إنّها تبدو لا نهائية الآن!

النّداهة
06-02-21, 05:11 PM
لا أعلم في الحقيقة، السبب الكامن وراء تكاتف كلّ من هم حولي، واجتماعهم غير المسبوق وغير المخطط له في ردود فعلهم تجاه أمر ما يخصني !!
يحدث ذلك؛ حين أُعلنُ لهم أنّي أشعر بالتعب، أو أنّي أتألم، أو تجتاحني رغبة في البكاء !
لا ألبث أن أُنهي حديثي، حتى تبدأ عباراتٌ من نوع ( إنتي قوية، لا تنهزي، طول عمرك قوية لا تنهاري الآن ، أوعي تبكي، ما في شي بستاهل ) بالتوافد إلى مسامعي من أفواهٍ آلفها وأخرى لا أفعل !!

أتعجب من سيكولوجية هؤلاء الناس !!
منذ متى كان حراما على القوي التعب ؟!
وعلى الحزين البكاء؟
وعلى الجريح الألم؟
لم أمرّ في حياتي كلها على قانون يُدين الدموع والتعب والألم !
ولم أتعرف قط إلى جهة رسمية أو حتى أهلية تُدين حزن الإنسان !!
عليّ أن أُخبرهم يوما عن نظريتي الخاصة بـ ( بيت العزاء ) و ( الثأر ) !
تلك التي أقتنع بها تماما، وأعلم أنّه حين يمتنع أهل الميت عن أخذ واستقبال عزائهم في فقيدهم؛ فهم بذلك يُغذّون رغبتهم وإصرارهم على الانتقام والثأر .
وحين هم يفتحون باب عزائهم؛ فإنّ مواساة الناس لهم تخفف من ألمهم وحنقهم، وبالتالي؛ تفتر رغبتهم بالانتقام، وتذوب مع كلّ يد حانية تربّتُ على أكتافهم !
في العزاء؛ يُلقي مقدمو التعزية عبارات الصبر واحتساب الأجر، وهم بذلك يعترفون بشرعية حزن أهل الميت، ويمنحونهم المباركة في ممارسة ذاك الحزن بحرية تامة !

لكن حين يتعلق الأمر بشيء مات في داخلنا !! فإنّ الجميع يعتقد بتلقائية ساذجة أنّه لا يليق بنا الحزن عليه، أو البكاء لأجله !
لكنّي لن أستمع لهم بعد الآن.. أعلم أنّ نواياهم طيبة ..
لكنّي على دراية كافية بنفسي !!
شيء ما مات في داخلي، وأحتاج أن أرثيه لأُشفى منه !
أيام ضاعت من عمري، وأحتاج أن أحزن لضياعها كي أركّز لاحقا على قادم أيامي !
وغدرٌ ألمّ بي من أقرب الناس إليّ، وأحتاج أن أبكي حالي لأتعافى من ضربة كانت شبه قاضية !
ولا شيء أسرع في الشفاء من التعبير عن خليط المشاعر هذا، يجب أن تخرج هذه السلبية من داخلي، وكلماتكم تضع أمامي حواجزا ممتدة تمنع خروجها وتؤجله !
إذن؛ اتركوني لأحزن وأتألم وأبكي .. فأنا أحتاج أن أُشفى، وأن أعترف بخسارتي كي أستطيع تجاوزها !
اتركوني لأحزن وأتألم وأبكي، فأنا أعلم تماما الحدّ الفاصل ما بين حزن التعافي، و إغراء الكآبة !!
اتركوا أمر نفسي لنفسي .. ولكم أيضا حريّة خوض هذا الشعور مثلي إن أردتم !!

النّداهة
06-02-21, 09:46 PM
كثيرا ما أصادفها في منامي، هي امرأة وكأنّها انعكاسي في مرآتي. لكنّها تبدو كنسخةٍ أكثر جمالا بأشواطٍ كبيرة، طاغية الجمال هو وصفٌ مناسب لها، عيناها قاتلتان، وفمها ساحر.
أمّا شعرها! حسنا، لنقل أنّه يلخّص أحلام كلّ امرأة. لها من الطّول ما يلفت إليها النّظر، تتثنّى حين تمشي، وتتموضع حين تقف.
فيها مِسحةٌ من حزنٍ هادئ، لكنّها شرّ مركّز ! ولستُ أدري إن كنتُ أراها جميلةً لأنّها شريرة، أم أنّي أراها شريرة لأنّها جميلة!
باللغة المحلّية يدعونها قرينة. يُشاع عنها أقاويلً السّوء. لكنّي أحبّ قرينتي، كلّما رأيتها تَحوّل الحُلُم إلى مغامرة، تفتح لي أسواقا قديمة، و تسحبني إلى بيوتٍ غير مسكونة.
أدور معها في مدنٍ آسرة، و نجولُ الممرّات الضيّقة، والأحياء الهادئة.
أنا أحبّها، لكن يعلم الله كم أخاف منها. لا أجد توصيفا لانطباعاتي حين أستيقظ من حلم كانت فيه، قلبٌ مضطّرب، وعقلٌ تائه، وتفكيرٌ ضبابيّ، لكن يُغلّف ذلك كلّه قشرةٌ من المتعة!

النّداهة
06-02-21, 09:49 PM
أفكّر كثيرا بشأننا، وأقول ربّما ـ لأنّ بي ما بي من ألم، وبك ما بك من ندم ـ ربّما نكون قد أخطأنا بترك الذي بيننا للنّيران. ربّما لأنّ هذا الشعور بالاحتراق في دواخلنا يُخبرنا بأنّنا تسرّعنا، ثمّ أعود وأفكّر: ربّما هو يؤلم لأنّه يهمّ، ربّما يؤلم لأنّه حقيقيّ، والحقيقيّ في هذه الدّنيا نادر!
ثمّ أعود وأفكّر ، ربّما هو فعلا حقيقيّ ويَهمّ، لذا كان مقدّرا لنا أن نبقيه حيّا وجميلا وبعيدا عن أيدينا!

النّداهة
06-02-21, 11:40 PM
أشعر بالملل، لا خصمَ أُقارعه، ولا عنيدَ أُجادله، ولا مسيء أًخطّط بتسع طرقٍ مختلفة أن أحطّمه.
لا تعقيدات ولا إشكاليّات ، مهلا لحظة، لا تعقيدات ولا إشكاليّات جديدة، فالقديمة منها بخير ولا تزال قائمة كما لو كانت جديدةً هي الأخرى.
هففف، أكبر خططي أن أخلد للنوم مبكِرة، وسأصحو بعد ساعتين لأشعرَ بالملل أكثر، وأقضي ما تبقّى من ليلتي في البحث عن مشكلاتٍ عتيقة ، أنبشها وأَبثُّ بها الحياة ، أُسامر نفسي بها، وتتناقش أنا الجديدة مع القديمة منّي كيف كان يَجدُر بالقديمة أنْ تحلّها، وتحاججها القديمة بحجّة احتجاب العلم بالأساليب الحديثة وقتَ حدوث تلك المشكلات. ونتابع ثلاثتنا الجدال حتى نغفو جميعا دون مقدّمات.
يبدو أنّني بدأت بالهذيان منذ الآن!

النّداهة
07-02-21, 11:01 AM
أنا لستُ امرأةً لطيفة.
هذه إحدى الحقائق الأساسية بخصوصي.
ليس لديّ مشاعر تتعلّق بالشّفقة أو التعاطف، لا ، صوت عقلي المنطقي الجائر يطغى على صوت قلبي، في الحقيقة؛ قلبي مضخّة خالصة، ومركز الإحساس عندي في معدتي على الأغلب.

ربّما لهذا لا أجيد الحبّ، لا أجيد عَيشه، ولا أجيد الحديث عنه.
لكنّي أُجيد الغضب، أُجيد أن أكون متطلّبة، وأجيد إثارة الزوابع، وإدارة الأزمات بعد خلقها. أقتات التّعب، وأعيش على التوتّر.
والدتي رحمها الله، كانت تطالبني في سنوات مراهقتي أن أتابع مسلسلا ما، أو ربّما أحنّ عليها بدندنة أغنية. بدلا من اعتكافي في مكتبة أبي رحمه الله هو الآخر. مقياس الأنوثة عند أمّي متمثّل بفستانٍ و رغبةٍ في عيش الأدوار الرومانسية.
حسنا؛ هناك سبب أنّي لستُ كذلك. الحياة التي كانت بانتظاري، لم تكن فتاة رومانسية حساسة لتنجو منها.
لكنّي وفي اليد الأخرى، امرأة دائمة الحنين ، لا، لا أحِنّ إلى أشخاص ولا أماكن.
أحِنّ فقط لأوقاتٍ في بدايات عمري المُبكرة جدا، حيث كانت أعقد همومي هو اختبارٌ مدرسيّ.
أنا أحِنّ لأوقاتٍ ، لشدّة قِدَمها صرت أظنّها محض تصوّرات.
حسنا، عليّ أن أعترف بأنّي أجيد الطّبخ، وهذا يمنح مركز الإحساس عندي سعادةً غامرة - يوميا - .

النّداهة
07-02-21, 04:22 PM
خطرت ببالي فكرة للتوّ، ماذا لو كنت غير مرئيّة ليومٍ واحد؟
ماذا كنتُ لأفعل؟؟

حسنا، أعرف نفسي معرفةَ اليقين، كنتُ لأفعل المستحيل كي يرى النّاس أنّي غير مرئية!

النّداهة
07-02-21, 10:10 PM
أنا تائهة قليلا، ربّما أكثر من قليلا بقليل، هل نحن على وِفاق؟ أم أنّنا لا نزال متخاصمين؟ هل كنّا على خصام بالبدء؟ أم أنّه سوء تفاهم؟ هل فرحت بعودتي أم أنّك متبرّم وحائر كيف تخلص مني؟ هل تشتاق لي؟
اللعنة، كم أنّه من الصعب على الرّجل الشّرقي أن يقول للمرأة التي يُحبّ أنّه يحبّها! كم يلزمه من الشجاعة ليكون صادقا تجاه نفسه فقط!
أنا غير قادرة على الفهم، ما الرسالة التي يًفترض بها أن تصلني من بين أسطرك؟ ربّما بات ذهني بليدا مع كلّ هذه الحبوب التي أتناولها.
هل أنت منزعج أم راضٍ أم محايد؟ لا أستطيع تبيان حالتك. لكن لحظة، هل عليّ أن أقلق بشأن حالتك؟ أم أنّ حالتي هي الأهم؟
المفارقة هنا أنّني لا أفهم حالتي هي الأخرى، إذن؛ فالخلل عندي، داخل رأسي على الأغلب، هناك شيء ما لا يعمل كما العادة !
أشعر بنعاس شديد، لدرجة أنّني أستطيع النّوم دون أيّ من طقوسي المعتادة للنوم!

النّداهة
08-02-21, 10:55 AM
لو أنّنا ننعتق فقط، لو أنّنا ننعتق من كلّ الإضافات غير اللازمة إنّما الملتصقة بنا، لو أنّنا نتجرّد من أسمائنا وأجسادنا ووظائفنا ومراكزنا الاجتماعية وعائلاتنا وكلّ من يعرفنا، من قيودٍ ولدنا بها ولم نخترها، وأخرى فُرضت علينا دون أن نُسأل عن رأينا بها، لو أنّنا نكون في معزل عن كلّ العيون التي ما انفكّت تراقبنا، لو أنّ روحي تجلس إلى روحك، في كونٍ محايد، في بُعدٍ جديد، نتّخذ كينونةً اخترناها، ربّما كنّا أقحوانتين متعانقتين، أو ربّما فقط سحابة كبيرة ممتلئة بالدّموع، ربّما كنّا نجمتين متجاورتين، ربّما كنّا صدرين ينبض لهما قلبٌ واحد. ربّما استطعنا التجلّي في كلّ الصّور التّي تمثّلنا. ولربّما على الأغلب، بكينا ملئ عينينا في عناق أرواحنا.
ربّما جلسنا صامتين إنّما في عيوننا كلّ الحكايا. ربّما خبّأت يدي في يدك، وركضنا نعبر المسافات التّي تحدّتنا على الدّوام في كونٍ كئيبٍ سابق.
وربّما فقط احتضنتك ونمت.
ربّما، يوما ما، لن تكون هذه مجرّد أمانٍ يائسة، ربّما ستتحقّق النبوءة فيها، ونبتعد معاً إلى نعيمنا الخالص المُشتهى، أحبّ أن أفكّر بهذه الرّبما تحديدا.

النّداهة
08-02-21, 04:58 PM
حلُمتً الليلة الفائتة أنّي جائعة، فذهبتُ إلى المطبخ لأقلي البطاطا، فوجدت حبّة بطاطا واحدة، قلتُ لا بأس، تكفيني واحدة، حملتها وإذ بها عَفِنة، فرميتها و نِمت - في منامي - وأنا جائعة.

صحوت بفكرة واحدة في رأسي، أنّ النّحس يلازمني حتى في أحلامي.

حسنا، لا بُدّ أنّ تفسير البطاطا العفنة سيء، لكنّي رميتها، وهذا يعني أنّي تخلّصتُ من السيء.

ورد هذا في كتاب النّداهة لتفسير الأحلام الجائعة.

النّداهة
08-02-21, 04:59 PM
في نهارٍ واحدٍ في السّنة، يحدث أن أصحو من نومي سعيدة، بلا نيّة مسبقة ولا ترتيبات. أكون إيجابية جدا، أحادث جميع من لديّ أرقامهم، أُرسل الرّسائل لجميع من أشعر - فجأة - بافتقادهم. أسأل عن أخبار كُثر، ويكون مشيي في الشارع أشبه بالتقافز ، وأُدندن « يا صحابي يا أهلي يا جيراني ،، أنا نفسي آخدكوا بأحضاني »
في نهارٍ واحدٍ في السنة يحدث كلّ هذا. ومنذ أربعة أعوامٍ لم يأتِ عليّ ذاك النّهار.

النّداهة
08-02-21, 08:16 PM
صدّقني، أنا أتسائل أكثر منك ألف مرّة ، عن الوقت الذي سأستسلم فيه وأمرّ بجانب الاعوِجاج ولا أراه، صدّقني أنا أتطلّع لذلك، فلقد مللتُ وحدتي.
أريد أن أخالط النّاس ولا أنتبه لأكاذيبهم، أو وجوههم العديدة. أريد لرأسي أن يخوض معاركي أنا، معاركي أنا وفقط.

النّداهة
08-02-21, 10:20 PM
حسنا، يبدو أنّه يومٌ مثاليّ للاعتراف والانهيار.
كان يبدو عليه ذلك منذ ليلة أمس.
أتدري، دعني أكن واضحة ومباشرة على غير عادتي
أشتاق إليك، أشتاق وجودك في حياتي، أشتاق مناكفاتنا، خلافاتي معك، تصالحنا، أشتاق فهمك لي، وأشتاق الألاعيب التي دارت بيننا. لكنّي أبدا لا أشتاق صمتنا، وبُعدنا، يا إلهي كم أكره بُعدنا.
ليس بيدي حيلة، أحب جدا لو أني أجلس لأستذكر سلسة خياناتك و خيباتي بك لأكرهك، لكنّي أجدني أشتاق إليك كما كنت أفعل دائما. ليس الأمر بيدي، إنّه قلبي الغفور لك. حتى عقلي المحايد، يبدو أنّه يختار أن يصرف نظره بعيدا في هذا الشأن.
لستُ أقدر أن أكون مجافيةً لك كما هو حالي مع كلّ من آذاني، الطريق إليك مغناطيسيّ، وأنا قطعة برادةٍ من حديد، لا حيلة لها ضدّ الجذب، جذبك أنت.
مثل يرقات الضوء، تحوم حول ما يكويها ويحرقها.
أنا أجلسُ متربّعة فوق ركامي، ركامك أنت، ركامِ كلانا، يبدو للجميع حجم انهزامي وخساراتي، لكنّ أحدا لا يبالي.
وما شأنهم لألومهم؟ ما شأنهم بمجنونة تهوى سلخ جلدها بأظفارها.
أنا لا حيلة لي غير أن أشكوك إليك. تغيب هكذا وتظنّ أنّ أيّامي بخير، دعني أقولها لك : لا، لست بخير، أيّامي بغيضة، وساعاتي ثقيلة، ولا شيء أفعله حين تختارُ صمتك، سوى انتظار أن تبوح.
إذن؛ أخبرني ما الحل ؟

النّداهة
09-02-21, 10:05 PM
أستطيع البُعد وأقدر عليه، لكنّي لا أريده! وأنت تستطيع البُعد وترغبُ به، لكنّك لا تجيده.
مثيران للشّفقة نحن، مثيران للحيرة.

النّداهة
09-02-21, 10:08 PM
يأكلُني ندَمان؛ الأوّل أنّي اقتربتُ بالبدء، والثاني أنّي طلبتُ إليك الغياب.
ويجلدُني خوفان، خوفُ الفراغ الذي لا يملؤه أحد بعدك، وخوف الحنين من جديد.
ويصلبُني ألَمان، ألمُ التأرجح الأبديّ بيننا، وألم اليقين دون وجودك!

ويذبحني في هذا الوجود قضيّة لا ثاني لها؛ أنت وكلّ المتعلقات التي تأتي معك.
ومصيري ثابت لا مفرّ منه، أن أُعذّب فيك، وبك، ولأجلك.

النّداهة
09-02-21, 10:11 PM
كنتُ أتمنى لو أنّي استيقظت صباحا،وتذكّرتُ ما بُحت به، لأجد نفسي واحدة أخرى، فأرسل لك تنديدا و إنكارا لكلّ ما سبق وقيل.
لكنّي لم أفعل،استيقظت بالحال التي نمت بها، إن لم تكن أكثر تطرفا حتى.
هل يجب أن أكون صريحة فأجلد كلينا، أم أصمت وأدّعي أن لا شيء جديد فأُريحنا ؟
كلّ سؤال يجرجرني إلى دوّامة من الافتراضات والسيناريوهات. لماذا فقط لا تموت، أو تتلاشى هكذا مثل فقاعة هوائية.
لم كلّ ما انهرتُ أجدك هنا. لم لا تحدث هزة أرضية وتبتلع أحدنا، أو أن يُصاب واحدٌ منا بفقدان ذاكرة؟
لم لا حلول تلوح أمامي، ولم كلّ السيناريوهات تقودني للجنون؟

النّداهة
10-02-21, 10:05 PM
أنا امرأة حقودة، قلبي أسود، حين يُخطئ أحدهم في حقّي، أنا لا أغضب، ولا أُقاطع، ولا أفاوض لاستيضاح الأمر، لا أغفر ولا أنسى، أظلّ أقلّبه في رأسي حتى يظلّ طازجا وحيّا، لا تظنّوا أنّي إن تركت ما حصل للأيام، أملّ من عتبي، وأرضى. لا، فأنا أنتظر خطأ آخر لأستحضر غضبي القديم، غضبي القاتم الذي طُهي على نار هادئة، ثمّ أهبّ كزوبعةٍ هوجاء، لا يدري الذي أمامي أيّ مصابٍ قد مسّه.

أنا امرأة حقودة وغاضبة، ولا شيء مثيرٌ في الغضب سوى المفرقعات التي تضيء سماء المغضوب عليه أمامي.

النّداهة
11-02-21, 05:22 PM
يكون الإنسان وحيدا، حين يواجه واقعا غير مريحٍ له، وحدته انسحابٌ آمن، أو مهادنةٌ مسالمة، أو ردّ فعلٍ نفسيّ تجاه خيبةٍ ما، أو ربّما أدرَك أنّ في اعتزال النّاس راحةٌ آمنة، أو ربّما ببساطة، هو هادئٌ بطبعه قليل الحديث والتّفاعل مع الغير!
يكون الإنسان وحيدا، وكلّنا نظنّه اختار وحدته، نتركه وشأنه، نمرّ بجانبه ولا نلقي التّحية، نظراتنا تنكسر بعيدا عنه إن صادفناه وجها لوجه، أحاديثنا تقل وأصواتنا تنخفض إن كان بالقرب.
لكن، هل تساءلنا يوما إن كان الوحيد وحيدا، إنّما باختيارنا؟
ربّما كان ليردّ التحية علينا لو أنّنا ألقيناها عليه، ربّما كان ينظر إلينا حين هربت نظراتنا بعيدا عنه، ربّما كان يريد مشاركتنا الحديث حين اختزلناه نحن؟
نعم، يكون الوحيد وحيدا، رغما عنه، باختيار غيره، بإهمالنا، بافتراضاتنا المسبقة المغلوطة.
وأنا وحيدة، وحيدةٌ بثلاثة أرباع اختياري، وربع اختيار غيري. وحيدةٌ إلّا من أوراقي وهزائمي الثّقيلة، أجالسها وتجالسني، كغيمةٍ رمادية عملاقة، تُمطرني كآبة ولا أمَلٌ يستر أحلامي من طوفانها الجارف، أنا وحيدة، وحيدة ويائسة للدرجة التي لا رغبةَ لي أن أكون فيها على غير هذا الحال.

النّداهة
12-02-21, 11:31 AM
حين استيقظت قبل منبّهي بنصف ساعة، صار عندي فُسحةٌ من الوقت للتجوّل في الفضاء الرّقمي. صادفتني خاطرة بلغة أجنبية، ترجَمَتُها تعني " بعض الأشخاص ليس مقدرا لهم أن يرافقوا كلّ مراحل حياتنا، بعضهم يتقاطعون معنا مؤقّتا ثمّ يرحلون ليمشوا في طُرُقهم الخاصة."

لم أستغرق أكثر من خمس ثوانٍ لأضحك بهستيرية، تخيّلتُ سيرة حياتي، لا، لحظة، لم أتخيّلها لأنّ التخيّل يعني الأمر الذي لم يحدث بعد، الكلمات الأجدر بي أن أستخدمها هي أنّني تذكّرت و استعرضتُ سيناريو حياتي، كنتُ أنا المشّاءة دوما، ولا زلت أنا التي لا تنفكّ تتقاطع بطُرق النّاس ثمّ تفارقهم.
طريقي الخاص مشوّه ومبتور، و انعطافاته حادّة وفي مواطن معيّنة، وبعد أن أظنّ أنّي تجاوزتُ أسوأ ما في طريقي، تُعيدني الطّريق المسعورة لأتعارك مع كوابيسي الشّرسة كأنّ انتصارا لي لم يكن!
لم أستوطن أيّ مكان، لم أترك لي أثرا في أيّ مكان، وجميع الطّرق رفضت اقتيادي طواعية!
كنتُ أًجَرُّ أحيانا، وأَجرّ أحيانا أخرى. لكن لأستذكر أيّ الأحيان كانت أكثر فيما لو خالط ذهني نسيانٌ قصديّ، يكفي أن ألقي نظرةً على جسدي المُجرجَر المهشّم، لأبتلع غصّتي.

يا لها من أفكار رائعة عن حياتي لأبدأ بها نهاري !
حقّا رائعة!

النّداهة
12-02-21, 08:51 PM
كلّما مات أبٌ لأحدهم، غمرني الشّعور باليُتم كما المرّة الأولى. وكلّما ماتت والدةُ أحدهم؛ نُبذتُ في العراء مثل المرّة الأولى.
اللهم لا اعتراض على تدابيرك، لكنّه الفقد، أثقَلَنا واستطال بنا.

النّداهة
13-02-21, 03:40 AM
أنا أرجوك بكلّ ما أستطيعه من وضوحٍ وشفافيّة ومباشَرة أنْ لا تقول لي غدًا « هو يوم ككلّ يوم، وكلّ يومٍ هو عيدنا »

لا، لا تقل ذلك.
أنا أريد وردةً حمراء، وعلبة شوكولا مرّة، ومفاجأة لا أعرف عنها شيئا.
لا تقل لي « أنتِ أعقل من هذا ، وأكبر من أنْ تراهقي الآن »
غدًا لا أريد حبّك، فقط أريد إكسسواراته!

النّداهة
14-02-21, 09:27 PM
بأيّ طريقة تنوي إثارة دهشة امرأة فقدت شهيّتها للحياة، ومات فضولها تجاه الأشياء؟ بأيّ المستحيلات ستأتي؟ وأيّ المعجزات ستجترح؟

النّداهة
16-02-21, 08:06 PM
أنا في منتصف مشكلةٍ ليست عويصة، إنّما منغِّصة عليّ سعادتي وانطلاقي، تجعلني منقبضة وتضعني في موضعٍ غير مريح، لستُ أدري إن كانت نداء صحوة لي كي تستقيم حياتي، أم أنّي لفرط توتّري صرت أغرق من اشتباكاتٍ لم تكن موجودة من قبل في حياتي، يداي ترتجفان وجسدي يرتعش، وقلبي؟ قلبي منقبض ضعيف، وأنا؟ أنا أريد أن أبكي حتّى يغلبني نومٌ لا يجيء، وحين أصحو يكون كلّ شيءٍ قد اختفى كأنْ لم يكن.
أنا لا أحبّ أن يُساء فهمي، ولم يسبق لي أن جُررت إلى صراعٍ متعدّد الأطراف وأكون فيه المُلامة!
معدتي تؤلمني، تماما كما آلمتني حين اشتبكتُ مع صديقتي المقرّبة في خلافٍ ليس لأيّ منّا يدٌ فيه حين كنّا بعمر السّابعة. الفرق فقط أنّي لن أختبئ في حضن أبي اليوم كما فعلت حينذاك، لن يمسح بيده الكريمةِ على رأسي فأدخل في نوبة بكاءٍ ليضغط عليّ بساعديه ويسند رأسي إلى صدره فأشهق طويلا، طويلا بما يكفي لأصحو من نومي وأجد نفسي في سريري وهو جالسٌ إلى جانبي، رأسه مختفٍ في كتابه لكنّي أرى ابتسامته الدّافئة ليخبرني بها أن لا شيء تغيّر، وأنّي أنا، وأنّ صديقتي بالباب تريد أن تلعب معي.
كلّا، لن يحصل أيّ من ذلك، أنا أجلس وحيدة، كرسيّ أبي مهجور، ودموعي تمسحها يداي المرتجفتان، ولا أحد بالباب ليلعب معي..
أنا حائرة، ووحيدة، وبي شيءٌ من خوف.

النّداهة
17-02-21, 09:50 PM
أرأيت وأنت تدور في شوارع حيّنا، امرأة ترتدي تنوّرة بلون مدينتها؟
لا أعلم لم تلاحِقُ أعيُن المارّة تلك المرأة كلّما خطّت بأرجلها أخاديد غائرة في أرْصِفة المدينة. هل يحملقون في عينيها؟ حزنهما أم الكحل الأسود فيهما ما يجذب؟ هل يتسائلون عن انحناء ظهرها؟ تشوّه فيهِ أم همومٌ نزلت بكاهلها فأثقلته؟ وهل يبحثون في صوتها عن بقايا ضحكاتٍ ميّتة؟ أم يطمحون في أن تتقوّس شفاهها المكتنزة إلى أعلى ولو خطأً؟
أنا أراها كلّ يوم، في مرآتي الطّويلة القلّابة، ولا تمنحني تلك التّعسة أيّة إجابات مهما حملقت بها!.

النّداهة
18-02-21, 06:58 AM
هذا الصّباح عاديّ، وأنا منذ أيّام، فِكري محايد، وقلبي فراغ. مِزاجي مسالِم، وصوتي بعيد، استجاباتي آليّة، وكلّ أوراقي بيضاء.
لا ثورات تلوح في الجوّ، لا معاركَ ثقيلة، لا نزاعات فكريّة، ولا اعتلالاتٍ نفسيّة، لا رائحة لتغييرٍ جديد.
أُحسّ أنّ في جوفي فراغ، وأنّي بحاجةٍ لتعبئته، ثورتي القادمة مرهونةٌ بطبيعة ما سيملؤه، انطلاقاتي الواسعة الجريئة محكومةٌ بكيف يتحدّث هذا العالم إليّ، وانكماشي على نفسي في قوقعتي متعلّق بكيف أتقبّل حديث هذا العالم معي!
أنا امرأة تُشعلها المواجهات، و تملؤها الجدالات طاقةً، أنا امرأة أهوى التّمشي على خطوط النّار، والتّقافز بين الأزمات. أحترفُ موازنة كلّ مائل، وأُجيد امتصاص الصّدمات. أنا امرأة لا تجلّي لي إلّا بالتّعب، ولا راحةَ لي إلّا وفي ثناياها النّسيان.
أنا امرأةٌ يُشبهني البحر، وتُقلّدني البراكين. أنا امرأةُ المساحات الشّاسعة ولا يختصر حضوري شيء.

النّداهة
03-04-21, 10:30 PM
هل دخلت معرضا فنيا للرسم الكلاسيكي القديم من قبل؟
هل رأيت لوحةً خطفت أنفاسك لحظة دخولك المعرض، وظلّت تقود خطواتك لها اقترابًا؟
حتى إذا ما دنوت منها وارتدّت أنفاسك عن زجاجها، سرت في جسدك كهرباء صاحَبها انقباض أمعائك وغمرك الاشمئزاز والنّفور، لأنّ الخطوط الصغيرة تبدو الآن كالتجاعيد، وضربات الفرشاة الغائرة، تصبح الآن ندوبًا مرئيّة.
فتقتل هذه التفاصيل القريبة جمالية عموم اللوحة من بعيد.
هل قتلت لوحةٌ كلاسيكية ذائقتك الفنية بتفاصيلها ؟

حسنا، قد حدث لي هذا مرارا، وممّا يحدث لي أكثر، أنّه كلّما رقّ قلبي لذكرى كبيرةٍ لنا. يُهشّمني الحنين بكُلّيتها، بضع ثوانٍ فقط. فإذا ما تداركتُ ثنايا تلك الذكرى، استجرّ عقلي خذلانك لي، فينقبض قلبي ويتسامى الحنق إلى عقلي صعودًا .
فتشتعل نار الغيظ و يعلق طعم المرار في حلقي.
يتغيّر قلبي عندها ويعود لي، يُعلن براءته منك - ولو مؤقّتًا-.
أمّا عقلي فيبدأ بسحب كلّ متعلّقاتك، لا أقول أنّ سحب كلّ ذكرى لك عندي هو هيّن، أو أنّه قد تمّ وانتهى.
هي عملية مستدامة، أنت تدري؛ ذكرى جميلة تحتال عليّ، تفاصيل بسيطة تجرجر معها تفاصيل قبيحة، انقباضٌ ثمّ غيظٌ ومرار، أختمها بمحاولات استخراج للذاكرة.

ففي النّهاية؛ أنا المتفرّج المفتون غُبْنًا؛ وذكرانا لوحةٌ كلاسيكية مهشّمة.

النّداهة
06-04-21, 05:22 PM
وَ ممّا سقط منكَ أثناء الفِراق؛ وداعٌ لائق، وكلمةٌ تُقال كي تصير ذكرى..

النّداهة
09-04-21, 05:30 PM
أتُحِبّني؟
تاريخها عندي قديم..

النّداهة
11-04-21, 04:25 PM
الفاضلة فيروز غنّت وقالت ( رجعِت الشتويّة.. ضل افتكر فييّ )
أمّا أنا - ونحن على أعتاب صيفٍ لاهب - فأُعلن أنّك تستطيع الآن أن تنساني ..

النّداهة
07-05-21, 10:33 PM
مرّ وقتٌ طويل مذ تحدّثت عنّا، أتَظنّ أنّني نسيت؟
لا، لم أفعل، ربّما كنت مشغولة قليلا عن التفكير المعتاد بنا، لكنّ النّسيان بيننا غير مطروح للنّقاش، واحتمالاته تبدو مستحيلة الآن وقد قطعنا معاً كلّ الذي قطعناه، حسنا، لنكن صادقَيْن، لم نقطع معا أي شيء، لقد تقطّعنا معا على كلّ شيء، كل شيء تقريبا!
أنا وأنت نبدو لمن ينظر لنا من الأعلى، كشخصيتيّ قصيدة ملحمية، لا يلتقيان، لا ينفصلان، معلّقان هكذا بلا أمل ولا عتب!
رضينا بما لدينا، وقبلنا واقعنا غير المقبول !
خَلّدتنا الاستحالات، و نُقِشت تعقيداتنا في ذاكرة القلب. لا نحن ننسى، لا نحن نشفى، ولا نحن نبدأ من جديد. سنظلّ مرتبطين معا دون أن نكون معا.
وهذا الذي بيننا، يا إلهي! كم شوّهنا الذي بيننا حتى فقد ملامحه و أخذ هيئة الظلال الدّاكنة التي تمتصّ أرواحنا.
لم نتركه يولد، بل استجرَرناه غصبا، ثم لم نتركه ينمو، بل شذّبناه مرارا، شذّبناه للدّرجة التي غيّرنا فيها هيئته، ومسمّاه، و شوّهنا بها انعكاساته علينا، فغدونا فارغَيْن من الحياة، وما قلوبنا إلّا مضخّات صدئة مهترئة. تنبض ولا تشعر، تخفق ولا تأمل.
وهل نحن قتلناه؟
لا، نحن كلّما خمدت ناره، نفثنا فيها رياحا مسمومة تبعثه من جديد، بكامل تشوّهاته واستحالاته!
كان الأجدر بنا، أن نخوض المغامرة حتى آخرها، أو ندير ظهورنا ونمضي، لكن لا، كنّا أكثر كبرياء من الاعتراف بالضعف فنغلق الباب، وأكثر جبُنا من أن نفتحه على مصراعيه، فماذا فعلنا؟
تركناه مواربا، وصارت حياتنا من وقتها بين بين !
هل تشمّ كآبتي إذن؟
ليست كآبة صدقني، إنّها أنا فقط حين أفتح عينيّ من حلم جميل، ثم تمرّ لحظتين فقط، لأشعر بطعم مرارة الواقع الحقيقيّ في حلقي.
فهل تذوقها أنت؟

النّداهة
14-05-21, 03:30 PM
آه يا عقلي
كيف لي أن أستوعب المعايير المزدوجة وأنا الواضحة الشفافة؟
كيف لي أن أتفهم التفسيرات العشوائية الهوائية وأنا المنظمة المنطقية؟
وكيف بحق الله، كيف يمكن اعتبار الحقائق المشوهة هي الثابت الأصيل وأنا المرجعيّة الدقيقة؟!
أقول لك يا عقلي، أنت لست لهذا الجسد، ولا لهذه الحياة، ولا لهذا النمط.
سنبقى مدهوشين معا من تضارب ما يسكنك من أفكار، وما يحدث حولنا .
سيبقى الامتعاض شعورنا لفترة طويلة من الزمن. وسنظل نتنهد كلّما اختار الناس أن لا يفهموا، أن لا يسمعوا، أن لا تُقال لهم الحقيقة.
سيفضلون دوما نسختهم الخاصة من الحقيقة، وسيرجّحون أراءهم هم حول ما يحدث فعلا. و سيُغمضون عيونهم عن حقائقك الجليّة.
فتعال بنا ننسى، بالطريقة التي اعتدنا النسيان بها.
نفاق آخر لن يقتلنا، لكنه حتما سيقتلهم في عيوننا.

النّداهة
27-08-21, 05:52 PM
لا ينفك الجميع بتمنّياتهم لي أن أجد ما أبحث عنه، ولا أنفك أنا أقول لهم تمنّوا لي ديمومته؛ فقد وجدته مسبقا.

وما بين إصرارهم أنّ ما وجدته ليس ما أبحث عنه، وبين قناعتي أنّي قد وصلت منتهى مبغاي، تُصاب الأمنيات الدّائرة بيننا بالفصام، فلا هم يرون رِضاي، ولا أنا أصاب بجشعهم للمزيد!