المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من الروح الى الروح


متاهة الأحزان
15-03-17, 11:43 PM
أيحق لي أن أهرب إلى أقاصيص العشق من جديد
أيحق لي أن أبتعد عن ضوضاء الحزن والموت في بلادي إلى أحلامٍ وردية ربما لن تتجاوز سقف الحكايات على الورق

حسناً ...بعد طول غياب
وبل بعد طول إنقطاع عن الكتابة والبوح
خرجت بنت الروح هذه
والتي سأضيفها لشقيقتيها السابقتين

مخلوقٌ من نور

رحيل ملاك

لتكون
من الروح إلى الروح

لكل من تابع الحرف ولكل من سيتابع

جزيل شكري وكل الإمتنان

سأسكب الحرف هنا راجية من المولى عز وجل أن تنال رضا كل من حضر

متاهة الأحزان
15-03-17, 11:52 PM
نــــــشــر أول

//
//
مــن الــروح إلــى الــروح

مــن الــروح إلــى الــروح
هذا اليوم لن تعود باكراً,افتقدها صباحاً فقد غادرت دون إفطار بحسب اتفاقها مع صديقاتها
ولن تنضم إليهم على مائدة الغداء ... ستعود في وقتٍ متأخر.
نيران الحب المشتعلة في صدره دفعته إلى حجرتها تلك التي لم يطرق بابها منذ أن أصبحت نزيلتها.
كثيراً ما سأل نفسه ...لماذا يخضع لإعراضها لصمتها لتهربها الدائم منه ...؟
هل ثمة سرٍ تطويه يخافه ...؟؟؟
لكنها لم تدخل منزله لتغدر به ولم تتقبله كزوج كانت صادقة واضحة رفضته وبشده فقلبها ملكاً لأخر .
هولا يستطيع اتهامها بالخيانة وقد ادعى القدرة على الصمود أمام زوبعة رفضها حتى تهدأ وتلين
ظن أنه سيجتاز ذاك الساكن فؤادها ليكون معشوقها على أنه بدأ يستسلم للخوف من عنادهاو إصرارها وتشبثها بشخصٍ لم يتعرف إليه حتى الآن.
رغم أن عينيها تعترفان بالكثير والعينين أكثر صدقاً من اللسان.
دخل حجرتها يجيل النظر يبحث عن أي شيءٍ يراها فيه بعد طول تأمل رمى بجسده المتعب فوق السرير فلفت انتباهه دفتراً بحجم أحزانها قد خبأته تحت وسادتها بعنايةٍ فائقة.
أخذه باسم الثغر ... ماذا تراها كتبت فيه ـ هل سيجدُ بعضاً منها بين السطور ...؟
هم بفتح الصفحة الأولى لكنه تردد ...خشي أن يتعرف إلى ذاك الفارس المجهول الذي حاربت من أجله كل عالمها فيضطر لرفع الراية البيضاء , لكن سرعان مافتك به الفضول ليغرق بين حروفٍ بدأتها
بـــ مــن الـــروح إلى الــــروح
أحببتك كثيراً ولكن ...
أيها الحبيب الساكن هاهنا ... سأكتب لك ما تثرثر به روحي وأتمناك بالقرب لأحدثك به
حسناً سأبدأ الحديث ليس بثرثرات قلبي فهو لم يلتقيك حتى الآن
وإنما بحديثٍ عابر لتعرف بصدر أي عاشقةٍ تسكن.
أنا أنثى عاشقةٌ حالمة رغم هذا حياتي لم تكن يوما ولن تكون محصورةٌ بـ رجل
أنت حبٌ يسكن أعماقي أحلامٌ زمرديةٌ تزين سمائي رغم هذا لستَ كل شيء.
بمعنى آخر ...إن جمعتني بك مشيئة الله يوماً فلن أكتفي فأنا مخلوقةٌ كانت أحب الحياة وأسعى في مناكب الأرض ,لي حلم بدراسةٍ ما بوظيفةٍ بحياة مستقلة أخالط فيها من أشاء وأترك من أشاء .
أنا شخصية تحب الآخرين تعشق الرحلات شخصيةٌ لا تكتفي بما تحب وبل تتعدى هواها حتى إلى ما تكره من أشياء رغبةً بمغامرةٍ ما أو معرفةٍ لازالت تحجبها أستار الجهل.
حسناً رغم كل هذا سأحبك بجنون فقلبي لا يعرف حدا ولا يعترف بحدود يبحث عنك رغم جهلي من تكون.

خفق قلبه باضطراب وابتسامة متمردة قد ارتسمت فوق شفتيه:
أتكتب لرجلٍ لم تلتقيه بعد ... وهل كانت على يقين بأن شق الروح آتٍ إليها ...؟
وهل هو رجل جديرٌ بجنائن الياسمين في عينيها ...ترى من يكون...؟
عاد للحروف برغبة لمعرفة المزيد
يـــوم اللـقــاء
هذا اليوم هرولت إلى دفتري باكية احتضنته لأصوغ بدموع حرفا يصف لك عشقي وغرامي على أن سؤالاً طرق نفسي فبعثر كلماتي قبل أن تكتب
ترى ... هل هذا حب أم زوبعة إعجاب بفارسٍ أتى من المجهول لينقذني ثم يمضي للمجهول ذاته...؟


/
/
/

يــــــتــــــبــــــع

الــمُــنـــى
17-03-17, 02:35 PM
/
\

استرسلت في القراءة إلى أن وجدت نفسي أمام .. يتبع ..
حينها فقط أفقت ..
بداية جدا مشوقة ، وأسلوب سلس ورائع لطالما أحببته
بأنتظار وشوق للقادم من أحداث
أتمنى أن لا يطول صبرنا يا متاهة فكلي شوق للقادم

دمت متميزة كعادتك
ودام وهج حروفك

منى

متاهة الأحزان
20-03-17, 08:59 PM
الــمــنـــى

كعادتك ...ماطرة روعة وجمال

يعلم الله كم أجاهد نفسي لأحظى بقليل من الراحة ها هنا

لقلبك جنائن النرجس

متاهة الأحزان
20-03-17, 09:03 PM
إن كان الأمرُ حباً فلماذا لم أحاول معرفة من تكون ,كيف سمحت لك أن تتوه مني عبر الزحام ورحلت مكتفية بتلك الإبتسامة المشرقة تسكن روحي تجوب أرجاء جسدي الخاوي إلا منك ...
هي بضع دقائق تركت في نفسي أثرا عميق فقد جعلت منك قلبي نبضي روحي بل حتى الدماء المتدفقة في أوردتي غدت أنت .
يا إلاهي أهكذا يصرعنا الحب يلقي بنا في هاوية إنتظارٍ وترقب مابين دقة شوق صرخة حنين ولوعة احتياج.
ياااااه كم تمنيت لو أنني تمسكت بك, لو قبضت على يمينك بشدةٍ أكثر لو تشبثت بعنقك كطفلةٍ تخشى الضياع إذا أنت غبت ...
وماذا يجدي التمني وقد تركتك ترحل ...؟
بل ماذا يجدي حديثي لك ها هنا...؟
وهل ثمة أملٌ أن تقرئني يوماً ما ...؟
تجتاحني الآن ضحكة يقتلها الدمع وهل سنلتقي مجدداً كي تقرأني ؟
الصدف السعيدة في عالمنا محدودة إن لم تكن معدومة فكيف أتأمل بلقاءٍ وإن كان عابراً يروي ظمأ الروح المشتاقة لك.
ثم أنفض من رأسي هذا التشاؤم وأحدق بالفراغ متمتمة لا يأتي الغد إلا بالأمل سأنتظر الشمس في مشرقها لعلها تأتيني به ذات فجر.
أبدو أمام نفسي كحمقاء أضاعت طريقها ثم جلست تُأمِلُ نفسها أن الطريق سيأتيها ذات فجرٍ حيث تجلس ,لست على يقين لكني أدعوا الله بلقاءٍ لا ينتهي.
اعتدل جالساً وقد قبض التوتر عضلات جسده مع سؤال يطير في نفسه
هل هي عاشقةٌ منذ ذلك الزمن أم هو موقفٌ آخر من تحدثت عنه ...؟ حسناً لا بد وأن يجد اجابة صريحة على سؤاله في الأوراق التالية.
حين لانمتلك الكثير لنتذكره
بعد ذاك اللقاء على خوفي من الطريق وماحدث إلا أنني رغبت كثيراً بطيه مراراً وتكرارا
فكرت فيك أكثر من تفكيري بكلاب الطرقات الضالة,شاهدت على التلفاز دراجةً نارية فتذكرتك.
أتعلم أمراً ...؟
حين شاهدتك قبل الحادث بدقائق خلع قلبي الرعب ففكرتي عن سائقي هذه الدراجات أكثر من سيئة رغم أني لم أرى أياً منها في بلدتي سابقاً.
أنت وحدك من علمني درساً أن الأشخاص بما تحمل قلوبهم من طهر ليس في ماتعطي أملاكهم من إنطباعٍ أو أفكار.
أتمنى لو يعود ذاك اليوم من جديد فأستشعر الأمان الذي منحتني إياه حين جعلت من صدرك درعاً لي.
تعلم أني لا أملك الكثير لأتذكره ,هي بضع دقائق مضت كما تمضي الشمس غائبة لكنها تستوطن قلبي وروحي.
أتمنى لو تعود تلك اللحظات فأنشغل عن خوفي بحفظ تفاصيلك الصغيرة والكبيرة لن أكتفي بإبتسامتك المشرقة رائحة عطرك التي مابرحت نفسي للحظات
بل لن أكتفي حتى لو سجنتك في قلبي وأغلقت عليك أبوابه فأنا أعشقك ...أعشقك بطريقةٍ مجنونة.
عذراً حبيبي رغبت بالحديث إليك أكثر لكن صوت أمي يصدح بالنداء لن أطيل الغياب حتماً سأحدثك من جديد حين تهب نسائم الحب محملة بدموع الأشواق فتهتز شجيرات الياسمين التي زرعتها لك في بساتين أحلامي
فإلى ذاك اللقاء كن بخير.
لا علم لي لماذا عدت لهذه الصفحة تحديدابعد زمانٍ ليس بالقصير
ولكن أتعلم أمراً
لو أن الإنسان يعلم ما يأتيه مع الغد ماتركتك ذاك النهار دون أن تعدني بعودةٍ لارحيل بعدها أو رحيل لا عودة منه.
لو أني خمنت رياح الشقاء القادمة مع الغد لبقيت أقف خلفك أبد العمر أحتمي بك وضعفي من زوابع الحزن وأهديك عطر روحي وعالم قلبي الفسيح.
قبض يده على صدره مبتسماً وقد بدت الصورة أكثر وضوحاً لقد إطمئن قلبه ... فهي طير حبيس بين قضبان العشق ولن يقوى على الطيران بعيداً مهما حاول.
أغــداً ألــقـاك...؟
هزني الإعياء حد الموت,هذا اليوم مر ثقيلاً على نفسي فقد توجب علي بالغد المضي في نفس الطريق للمرة الأولى بعد لقائنا ولا قدرة لي على الرفض فغداً إمتحاني الأول في الثانوية العامة.
هاجم الخوف مما حدث قلبي بضراوة
/
/

يتبع

الخضيري
21-03-17, 12:30 AM
الله الله الله الله

رائعة بحق
من الروح الطاهره الى الارواح الطاهر

لي عودة للمتابعة والاستمتاع

اسعدك الله

متاهة الأحزان
23-03-17, 04:56 PM
سيد الأمل

الخضيري

شرفٌ لي متابعتك

تعلم أن النص أعلاه يحتاجك وبشدة

لقلبك الياسمين

متاهة الأحزان
23-03-17, 04:59 PM
ج3
ماذا لو تكرر الأمر...؟هل ألقاك مرةً أخرى ؟ هل تأتي من العدم اليوم أيضاً لتنقذني
خفت كثيراً ولم أتحدث عن هذا الخوف الذي لمعت وسط إعصاره فرحةٌ بأني قد التقيك ولو صدفة في نفس الطريق.
أخيراً غادرت فراشي لأقف بوهني وضعفي أمام أمي التي أدركت ما أعانيه من خوفٍ وتردد طمئنتني كثيراً حين ربتت على كتفي باسمة : أيتها الفتنة الماضية بين الناس على رجلين لا تقلقي شقيقك بالغد سيرافقك ذهاباً وإيابا.
ابتسمت فثمة حصنٌ قد ضرب بسوره العالي من حولي ...عبثت بروحي بابتسامتك من جديد ليقفز إلى رأسي سؤالٌ لست أملك له إجابة
ماذا لو ظهرت أمامي بوجود أخي ...؟
هل أتشبث بك ...هل أشتكي ما يجول بالصدر وتنطوي عليه النفس ؟ كيف أفعل بوجود هذا الحصن المنيع...؟؟؟
أنا أحبك وهل سيسمح لي أخي بانتشال هذا الحب من قعر بئر الصمت المميت ؟
لست أدري ...
ها أنا الآن أجالس زهوري التي زرعتها بيدي تتهادى مع نسائم الغروب أحدثها عنك فتذكرني بعطرك الذي يفوق عطرها قوة وروعة.
أطرق متذكراً مصعب وقصي ترى أيهم كان رفيق دربك ,ليتني خرجت إليهم منذ البداية لكنت اختصرت زمناً طويلا من العذاب وسفر أحزانٍ لم تنتهي بعد.
حسناً...مهما اشتد ظلام الليل حتما سينجلي فلا شيء يدوم للأبد هذا الحزن والصمت كذلك مهما اشتد كربهما سينفك ذات نهار
دون إحساسٍ منه تساقطت دموع حزنه على صديقين صدوقين رحلا في مقتبل العمر .

حين تصفعنا قسوة الموت.
هذا اليوم... تحديدا هذا اليوم لا أملك الكثير لأتحدث عنه... فقط أردت إخبارك
أحتاجك كثيراً ـ أتمنى لو أبكي على صدرك فراق من رحلوا على حين غرة دون وداع .
ذاك الوحش الممتد من بلدتي حتى العاصمة التهم أمي إخوتي وشقيقتي الصغرى تركني وحيدة يتيمة مكسورة القلب أبحث في منزلي المظلم عن بصيص نور فلا أجد إلا سواد الوحدة ووجه أبي الحزين الحائر.
كيف يفعل بي وأنا الفاتنة المدللة التي لن يقوى يوما على تركها بين جدران صماء باردة وحدها.
تعلم أيها الحبيب الغائب في عمق السماء بعد أيام يجب على أبي أن يعود إلى عمله والذئاب في بلدتي كثُر.
بلدتي التي خلعت عن نفسها ثياب التقشف والزهد والبساطة لتغدو مدينة صغيرة بلدتي التي فتحت ذراعيها تحتضن التحضر الغربي المميت فتلقي بشرفها في أزقة الماضي العتيق ليخرج من أبنائها ذئابٌ استباحوا أعراض العذارا.
هذا أمرٌ لا أجهله لكن أبي يدركه جيداً يدركه بطريقةٍ جعلته قلقاً حتى الموت.
القلق البادي على وجه أبي فتك بأعصابي وحاول النيل من قلبي وأنّا له أن ينال من قلبٍ أنت تسكنه.
خفق قلبه بشدة بكى بألم حين عادت إلى ذاكرته الجثث وتلك الياسمينة الصغيرة
كم سرق الطريق من أحبة ...كم اختار زهوراً ليسحقها دون رحمة
مسح دموعه مستغفراً فهذا قضاء الله وقدره اللهم لا اعتراض .
حدق بالصفحة طويلاً قبل الانتقال لأخرى فهنا كان الحديث عن الفقد قاتلاً.
كم ننأى بأنفسنا رغبة ببعض الهدوء وحين يرحل عنا الضجيج يستل الروح من أوقاتنا فتغدوا بلا قيمة ولا معنى.
وتذكرت وشاحي
هذا النهار صعبا للغاية فالمنزل
\
\
\

يــتــبــع

متاهة الأحزان
28-03-17, 05:18 PM
ج 4
وتذكرت وشاحي
هذا النهار صعبا للغاية فالمنزل صامتٌ صمت المقابر ...الوحدة تمزق نفسي والخوف من صوت الريح يكاد يقتلع قلبي من مكانه.
بعد أيام قليلة من رحيل الأحبة بدأت الحياة تعود لما كانت عليه من قبل مع فوارق قاتلة أبي عاد لفتح أبواب مطعمة والجيران سرعان ما انخرطوا في أعمالهم وأشغالهم لينسوا أمري ووحدتي الموحشة في قبرٍ كبير إلى حدٍ مفتوح على مصراعيه لأي لصٍ قد تسول له نفسه بالسرقة أياً كان نوعها.
هذا النهار عصفت رياح الخريف بشدة ,كنت سابقاً أعشق هذا البيت المبعثر بطريقةٍ عشوائية أعشق تلك الساحة المفتوحة إلى السماء حيث لا شيء يحجب عني قمرها ونجوم ليلها حتى أمطار الشتاء الغزيرة.
هذا اليوم راودني إحساسٌ أن المنزل لم يعد حصناً منيع يحميني كما كان سابقا فاختبأت في فراشي ترتعد أوصالي خوفاً من زئير الرياح خارج غرفتي.
فجأة تذكرت وشاحي الأبيض المورد ...سرقتني ذكريات ذلك اليوم مما أعانيه,كيف عدت أدراجك حين صرخت أستغيث عدت تحميني دون سبب واضح .
أنت هدية الله لي في ذاك اليوم...جُلُ ما أشعر بالغرابة منه الآن احتفاظك بوشاحي بعد أن انتزعته من أيدي ذئاب الطرقات كان باستطاعتك إعادته ولم تفعل كذلك أنا لم أستعده منك.
الآن أنا نادمة أشد الندم فذاك الوشاح طرزته أمي بيديها من أجلي وعدتها أن أحتفظ به ولم أفي ,ووعدتني هي بآخر أجمل منه ولم تفي فقد خطفتها يد الردى سريعا.
هززت رأسي ألقي بذكرياتي جانبا واتصلت بأبي باكية فطلب مني الذهاب إلى المطعم والبقاء بجانبه بقية النهار.
هذا اليوم أيها الفارس القابع في أعماق أعماقي رأيت أحدهم إنه سائق دراجة ,يااااه كم تختلف البواطن رغم تشابه الظاهر منها
سائق دراجة نظراته نارية وقحة ابتسامته خبيثة ماكرة عاد أدراجه خلفي ودون وعيٍ مني ركضت إلى أبي باكية ,ربما استشعر قلبي أن هذا الشخص لعنة لا علم لي أي دربٍ أتى بها
لكني تيقنت من ذلك حين سقط بين يدي والدي صريعا بعد أن كاد يصرع عفتي ويدنس طهري.
قبض يده ضاربا على فخذه بغضب وقد احتقن وجهه قهرا وغيظ ...
ليتني كنت معكم لسحقت عظامه لفقئت عينيه للقنته درساً بالشرف لا ينسى .
آآآآه من الطرقات لم تكتفي بحكايا الحزن النازفة دما حتى أتتنا بذئابٍ شوهوا صورة الإنسان فينا.
ستبقي الأطهر وهل يستطيع مخلوقا أرضيا أن يدنس طهر القمر, أنت جنة ياسمين تتراقص لمرور الريح لكنها لا تتكسر.
أتعلم كم آلمني أن نلتقي على هذا الشكل...؟
أتعلم أيها الحبيب ...تمنيت لو نلتقي مرةً أخرى وقد أقسمت على نفسي لو حدث هذا
\
\

يــتــبــع

متاهة الأحزان
31-03-17, 01:30 AM
ج5

.تمنيت لو نلتقي مرةً أخرى وقد أقسمت على نفسي لو حدث هذا سأتشبث بك سأحدثك عن قلبي عن حبي وأحلامي التي دارت من حولك لتنتهي بك
كم كنت متمردة حين اعتقدت أنني أكبر من أن تكون أحلامي وحياتي كلها محصورةٌ بـ رجل.
على أنك لست رجلاً كباقي الرجال بل لست بشراً فقد توجك قلبي ملكاً على عرشه واعتقدت أنك آتٍ إلي من السماء...ربما من كوكبٍ آخر ,كوكبٍ لا يسكنه إلا الشرفاء.
أبكي كثيراً حين أتذكر ما حدث معي ياالاهي لماذا كل هذا الوجع ...؟
أكان يفترض بي أن أسقط في مصيدةِ ذئبٍ بشري لتظهر في حياتي من جديد ؟ تلك المصيدة التي سترسل أبي لحتفه,أبي الذي قرر قبل مضيه لمصيره أن يزوجني
سأذكر كلماته ما حييت (سيحكم علي بالسجن المؤبد إن لم يكن بالإعدام فأنا قتلتُ رجلاً لا أملك دليلا على كونه حاول الاعتداء على شرفي والفتك بك لذا حدثت صديقاً لي يقيم في العاصمة وقال أنه سيزوجك من أحد أبنائه فاستعدي للأمر.
صعقت،ابعد تلك المصائب التي تكالبت علي أتزوج رجلاً لا أعرفه لم أراه يوماً بل حتى إنني لا أعلم أن لأبي صديقاً من العاصمة...ماذا أفعل ؟
كيف يهبني أبي لشخصً يعلم يقيناً أنه لن يخطو في قلبي خطوةً واحدة ...؟
لقد توسلت كثيراً أن لا يفعلوا لكن أبي قرر أن يمضي على وثيقة إعدامي البطيء وهل أسوء من موتٍ تفنى به أجسادنا إلا الزواج برجلٍ غير الذي يسكن نبضي...؟
لقد انتحبت بكيت بكاءً مرا لا أظن أن نفسي بكت بتلك المرارة من قبل فقد فقدت اليوم كل شيء.
لقد تسارعت إلى رأسي أفكار كثيرة غريبة كلها تنتهي بي للانتحار دونك.
صدمني أبي حين ربت على كتفي مردداً بحزنٍ وحسمٍ يحتاجه الموقف : أعلم أن رجلاً استوطن قلبك لكن يا ابنتي هل أحبك هو ... هل يعلم بوجودك ...هل بحث عنك ...من تحبيه سرابا يسكن رأسك فقط أما الواقع أن المتربصين بك كثر إن تركتك ورحلت سيتكاثر عليك الأقارب الذين لم نراهم إلا حين تلوح لهم فريسة من مالٍ ينهب أو عرضٍ يخدش.
أنا يا ابنتي أراك فرساً لا تليق إلا بفارسٍ يستطيع إطلاق أحلامك وأمنياتك كما تشائين في ظل حمايته ...تيقني أنني اخترت لك رجلا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني.
لقد سقطت مستسلمة لانهيار عصبي خرجت منه متزوجة لا تعرف عن زوجها أي شيء بل حتى إنني لا أعرف اسمه ربما ذكر أبي الاسم والعمر والعمل أمامي على أني لا أذكر أي شيء.
وفي طريقي للعاصمة كنت أشبه بالغائب عن وعيه، سمعت أحاديث كثيرة لم أفهم منها أي شيء فكل الكلمات طلاسم متداخلة ببعضها البعض على أني خرجت بنتيجة واحدة
زوجي الذي لا أعرفه سافر سفراً اضطراري تنفست الصعداء وبقيت في حالة غيابٍ عن الوعي أراقب الطريق بعينين باكيتين تعبت من طولها رغم هذا ألح بالدعاء أن لا تنتهي
قلبي يصفع عظام صدري بشدة آمراً ...لا تذهبي معهم فأنا لن أستكين لسواه ...قلبي متمردٌ عصي الأبواب لا يدخله إلا من اختاره فقط ,لا يخضع لسلطة عقلي بأي شكلٍ من الأشكال .
حاولت تلاوة القرآن على طول الطريق لعلي أهدأ دون جدوى ـ كلما ظهرت لي لافتة تشير لاقترابنا من العاصمة خارت قواي وفتك بي الخوف.
كيف أواجه ذلك المخلوق ؟كيف أخبره أنني لا أريده ؟ بل هل أستطيع السماح له بلمس أي جزءٍ مني حتى يميني ،تلك التي لم تصافح رجلاً يوماـ هل أستطيع مصافحته بها؟هذا محال.
ضممت قبضتي إلى صدري عائدة بذاكرتي للوراء لذلك اللقاء القصير نعم أنت وحدك من قبض على يميني وجذبني بقوة تاركاً إياي خلف ظهره أحتمي به من كواسر الطريق.
لن أسمح لرجلٍ أخر بلمسها فعطرك منذ ذاك الزمن مازال عالقاً بها.
حين توقفت السيارة وترجلت منها منكسرة القلب خطوت بينكم بلا رغبة ولا رضا لم يخطر لي ببال أن ألقاك هناك في ذلك القصر الفخم تنتظرني مع بقية أفراد عائلتك
يومها لم أرغب بالنظر في وجوه الحاضرين لكن أبي زجرني بغضب آمراً أن أحييكم وأصافحكم فرداً تلو آخر.
رفعت بصري أتعرف إليكم وبدأت أصافح وجوهكم بعيني وجها وجه صدمني وجودك معهم ووقوفك بينهم ،علمت سابقاً أن أفراد العائلة كلها بانتظاري عدا زوجي سألت نفسي ترى ما هي صلتك بزوجي ـ حقاً لا علم لي كم تعلقت عيناي بوجهك لكني رأيت والدك يربت على كتفك مشيرا لأبي لست أعلم ماذا طلب منك لكن وقعت على نفسي ثقيلة بوزن جبل كلمة (بني).
انهرت مجدداً ،انهرت اطرق الأرض باكية صارخة : أعدني من حيثُ أتيت بي واذهب للموت لأن تتركني خائفة أحتمي بجدرانٍ باردة من عواء الذئاب أرحم لي من هذا الزواج قلت لك لن أتزوج منه لست راضية قلبي ليس ملكاً لي ...ألم تفهم؟
كنت أصرخ وأبكي هذا آخر شيءٍ أذكره بعد أن فتحت عيناي في حجرةٍ لا أعرفها على سريرٍ فخم والغرفة خالية إلا من أحزاني التي لا تنتهي.
خطر لي أن أحدثك عن هذا فلجأت لدفتري فقد بتُ أكثر إصراراً على كتم لوعت قلبي وحبه والرحيل عنك رغم قربك فأنا الآن زوجة أخيك الذي سافر ولا أدري له وجهة أو طريق.
كانت عيناه معلقتان بالكلمات قلبه يخفق بشدة لا يدري لأي إحساسٍ ينقاد للحزن على حالها,للقهر من ابتعاده عنها,للندم على خضوعه لرغبتها...
أكانت تمضي للموت مستكينة حتى رأته ... هل هو حقا بر الأمان الذي ترتجيه في محيط عثراتها,لا يدري هذه التي تكاثرت على وجهه دموع فرحٍ بقلبها أم حزنٍ على أوجاعها.
\
\
\

يــتــبــع

نسيان
03-04-17, 03:27 PM
سافرغ لهذا الجمال لا اريد ان اقطف الزهور حتى تكتمل دورة ازهارها و تفتحها

متاهة الاحزان بالكثير اليوم و غدا افرغ واكون هنا دمت بخير دائما

متاهة الأحزان
03-04-17, 06:20 PM
نــسـيـانـ
\
\

ازدهر بمرورك الحرف


حقا افتقدت حضورك فراودني سؤال ترى هل بدر مني مايستدعي ان تقاطع النسيان حرفي

وكنت قد عزمت على سؤالك والإعتذار منك بعد أن أنتهي من هذه الرواية العاجز حرفها بغيابك

لكنك أكرم من أن تنتظري أعتذارا أو حتى عتابا لا يأتي إلا من شوقي لحضور حرفك في متصفحي

دمت للجمال عنوان

حبي وتقديري

متاهة الأحزان
03-04-17, 07:04 PM
ج6
بشرى تعطشت لها روحي
بقيت على ذلك الحال في حجرتي وحيدة أفتعل النوم كلما دخلتها الخادمة فأنا لست راغبة برؤية أي شخص, قررت الهرب بالنوم ...
يااااه كم أنا غبية هل سأنام عمرا بأكمله كي لا أمضي لزوجٍ لا رغبة لي به أو حتى كي لا ألتقي بك ...؟
كنت أصاب بالهلع كلما شعرت بخطوات شخصٍ ما قريباً من الحجرة وأخيرا لا بد لي من المواجهة مع أحدهم والحديث إليه.
ذاك الشخص حمل لي بشرا بثت الطمأنينة في قلبي شيئا ما.
إنها أم زوجي الخالة دلال والتي طلبت مني مخاطبتها بـ أمي ...أمسكت كف يدي بحنانٍ مبالغٍ فيه وفي عينيها نظرة حبٍ عميق استغربت الأمر يفترض بها أن تكرهني بعد كل الثرثرة الحمقاء التي تفوهت بها.
على أنها قبلت جبيني ترويني حباً وهدوء وأخبرتني أن ابنها أقبل على هذا الزواج لكي لا يطالب أقاربي بعودتي إليهم ,فهذا بيت زوجي وهو أحق بي منهم على أنه لن يتزوج بفتاةٍ أكرهتها الظروف أن تلجأ إليه فكيف يفعل وقد علم أنني فتاةٌ عاشقة أهدت قلبها وروحها لرجلٍ آخر...؟
قفز سؤالٌ إلى رأسي الفارغ إلا منك : كيف علم ولدك أنني أعشق سواه ...هل نقلتم له الخبر بهذه السرعة ...؟
هززت رأسي بلا مبالاة فلا يهمني كيف وصل الخبر له المهم أنني زوجةٌ على الورق سأُمضي في قصركم فترةً من الزمن ثم أغادر لا علم لي غلى أين ولست أهتم كل ما يهمني الآن أن لا أتزوج برجل وقلبي عالقاً في قبضة آخر فهذه خيانةٌ عظمى ولست بخائنة.
تركتني والدتك هادئة لا تعلم أن عاصفةً ما تتبلور في صدري من جديد.
خرجت لأعود متسائلة : هل سأحتمل وجودي في منزلٍ أنت أحد سكانه,هل سيبقى هذا العشق سجين النفس أم أنه سيخرج عن قدرتي على السيطرة لأسقط في نظركم جميعاً ببئر انحطاطٍ لا خروج لي منه.
عاصفةٌ تشقُ صدري ـ أعشقك ويجب أن لا تدرك هذا ...أقسمت سابقاً على إخبارك بما يعتمل في هذا القلب وترك قرار البقاء أو الرحيل لك وها أنت إلى جانبي ولا قدرة لي على البر بهذا القسم (لماذا أخبرك بحبي وأنا من رحلت أولاً )
رفعت عيناي للسماء فاصطدمتا بسقف الحجرة العالي رغم هذا رفعت أمنياتي بالثبات إلى الله فهو يعلم طهري وعفة نفسي وأنا راغبة إليه أن أبقى بهذا الطهر حتى الرمق الأخير.
لن أدنس نفسي بخبث الخيانة لن أستكين لهذا الحب بعد اليوم إلى أن يُطلق سراحي ويفك شقيقك أسري.
حينها سأطير...سأطير بجناحين من نور سأحلق بعيداً عنك ورغما عني سأترك لك قلبي الذي لن أعود من أجله يوما.
كان كلما انتهى من قراءتها ابتلعته أسئلة جديدة ...ترى هل قررت الرحيل حتى عن حبيبها أليس هذا ظلما منها لقلبها القابع بين يديه
تابع حروفها بنهم شديد لعله يصل إلى بر الأمان بمعرفة الطريق الأخير لخطواتها كما تريد هي لا كما تسيرها الأقدار والظروف,فهي أنثى متمردة وهو يعشق تمردها.
ومضى من الأيام ما لست أحصيه.
مضت الأيام متشابهة رتيبة نهارها كليلها بل كلها ليلاً حالك الظلام ,لم أجد فرقاً بين النهار والليل وأنا حبيسة تلك الحجرة بأثاثها الفخم .
نعم سجنت نفسي بين جدرانها فكانت الخادمة تأتيني بالوجبات حسب توقيتها في قصركم الفخم ...فطور غداء وعشاء خالفت النظام حين قررت تناول وجباتي وحيدة بين جدران محبسي.
كثيرا ما فكرت في نفسي, قبل الحضور إليكم غياب أمي عن المنزل أفقدني تنظيم أوقات الطعام والالتزام بمائدته قد يكون صعبا علي أن أعود أدراجي عن الفوضى التي أحدثتها وحدتي القاتلة إلى نظامكم العسكري.
تسللت إلى نفسي ضحكةٌ صغيرة لا أعلم سببها وهل كان الالتزام بوقتٍ محدد لتناول الطعام على مائدة تجمع العائلة نظام عسكري ...؟
تنهدت بحسرة كادت تقطع أمعائي :رحمك الله يا أمي كنت حاكماً عسكريا لا مثيل له.
عادت أدراجها لذاكرتي بعض الصور لعائلتي الراحلة بلا عودة فبدأت أذرف الدمع حسرة وكمد
انتشلتني من بكائي المر يد أحدهم تطرق الباب بخفه إنها

\
\

يــتــبــع

متاهة الأحزان
07-04-17, 05:52 PM
ج7

إنها سمر شقيقتك الوحيدة هي فتاة ناضجة متفهمه رغم هذا في قلبها طفلةٌ تعشق اللهو والضحك دخلت ممازحة ضاحكة على أن بكائي ألجم فمها
اقتربت تربت على كتفي متسائلة بحنان ... هل من خطبٍ ألم بي ...؟
تبادر إلى ذهني شكٌ أن في جعبتها حديثٌ ما عن شقيقها الغائب لست أدري لماذا انتظرت منها خبرا عن عودته للمنزل وبمجرد الشك بأمرٍ كهذا بدأ قلبي يعترض وبشدة فقد انتفض في صدري نابضاً بسرعة قاتله
لكنها لم تتحدث عنه أبداً,كانت تمازحني وتحثني على الخروج من سجني إلى العالم الفسيح من حولي وقد كررت طمأنتي بأن زوجي لن يعترض طريقي إذا غادرت هذا السجن فهو يعلم أن هذا ليس زواجاً إنما حكماً جائراً على قلبي بالإعدام.
رفضت الخروج فألحت علي بهذا الأمر وأخبرتني أنها لن تتركني للوحدة تقتل كل جميلٍ في حياتي.
غادرت لأسخر من عبارتها الأخيرة بيني وبين نفسي ( وهل كانت الحياة جميلة قبل هذا لتغدوا كذلك بعد أن...
عذرا حبيبي فقد تقتلني الغصة.
ضغط صدره بيده لعل قلبه يهدأ: ياااااه ما أقساه من إحساس يذيب كل ما تبقى فينا من قدرةٍ على الصبر ـ كم صعبٌ على العاشق أن يجد معشوقه قريباً حد الاكتواء بعيدا حد التجمد...
وأي جمالٍ يبقى في أيامنا حين نحرم من نحب رغم مثوله أمام أعيننا طيلة الوقت.
هذا إحساسٌ يدركه جيداً فقد اكتوى فيه بما فيه الكفاية.

أخيراً قررت أن أواجه نفسي
منذ شهرٍ بأكمله أول مرة أقف أمام المرآة تساءلت : لماذا اضطهد نفسي إلى هذا الحد ...؟
ألا يكفي ما شربت من مر العذاب حتى أسجن جسدي في هذا المكان الضيق على سعته؟
أطرقت مفكرة: وهل لي طاقةٌ على لقائك ... انتفضت بشدة ,هل غاب عني يوما أني لزمت حجرتي خشيت لقائك ؟
دخلت حجرتي سمر التي اعتدت وجودها فوجدتني أقف أمام المرآة متأهبة للخروج فتشبثت بي لأفعل وقفت بباب الحجرة كصنمٍ نحت هناك بلا حراك فقد كنتَ أول شخصٍ أراه خارج بابها,عدت أدراجي والغصة تكاد تقتلني تنهدت وكأني أفك قيد حروفي لأحدث سمر عن إحساسٍ أخاف من تكراره.
جثت على ركبتيها جانبي حيث انهرت باكية : أتعلمين يا سمر لازلت أذكر خطواتي الأولى بينكم,لازلت أذكر حمم البركان في صدري والتي أطلقتها في وجوهكم بلا مبالاة ولا اهتمام
ربتت على كتفي: حدثيني عن حبيبك ...أي الرجال هو ؟
صعقت جف الدمع في عيني ماذا أخبرها عنك وكيف أسرد لها بعض تفاصيلك وأنت من أنت بالنسبة لها ...لو تحدثت عنك ستتعرف إليك في نبرة صوتي ورجفة قلبي واشتياق روحي.
هززت رأسي بالرفض وتابعت حديثي :في ذلك اليوم قتلني إحساسي بالمضي إلى رجل وقلبي عالقا بيمين آخر ...إحساس آخر أخافه حد البقاء سجينة لسنين طويلة دون الاحتكاك بكم ـ حدقت بي بحيرة ـ إنه إحساس ملكةٍ أطيح بعرشها وتخلا عنها رعيتها لينقلب بها الحال من ملكة لمجرد سبيه ـ شهقت وأغلقت فمها بيديها وفي عينيها نظرة استنكار ـ
تابعت حديثي متجاهلة لرد فعلها: صدقيني ليس سهلا أن تنتزعك قسوة الدنيا من أحضان عائلتك لتلقي بك بين أناسٍ لم تعرفيهم من قبل ,الوحدة والغربة كفيلتان بجلدك حتى الموت ... ليس هذا فقط فأنا وكما تعلمين ابنة بلدة بسيطة لم أعاني الفقر والحاجة لكني أيضا لست ابنة الترف والبذخ.
انتقلت من ذاك المكان البسيط إلى قصرٍ أظنه مع حديقته يحتل مساحة بحجم بلدتي البغيضة على حبي لها,هذا الانتقال من مستوى معيشي لآخر من بيئة لأخرى تختلف كليا أمرا ليس بالسهل .
لست أدري لماذا بكيت بمرارة تتصدع لها القلوب ربما أردت بذلك الهرب من سمر وإلحاحها علي بالخروج من عالمي التعيس.
لقد أخذتني من يدي إلى جهازٍ رياضي مركون في أحد زوايا الحجرة شرحت لي كيف أستخدمه وأرغمتني على البدء
لم أكن متحمسة في البداية ولكني انسجمت مع الجهاز حتى أنني لم ألحظها حين غادرت إلى حياتها من جديد.
لقد هرولت لساعاتٍ طويلة هرولت حتى خارت قواي فهذه المرة الأولى منذ وصولي إلى هنا أبذل جهداً ولو كان يسير فقد قضيت وقتي على فراشي لم أغادره إلا للوقوف أمام الباب الزجاجي المطل على حديقة القصر في الحقيقة كثيراً ما وقفت أمام ذاك الباب ولم أفكر يوما باجتيازه إلى الشرفة الصغيرة .
وأتنفس بعمق متسائلة : هل أخشى لقائك إلى هذا الحد ...؟ربما فأنا وبالرغم من عشقي لك لا أعلم أي شيءٍ عنك ...كثيراً ما تعود أدراجها لذاكرتي لحظات لقائنا الأول فأعلم يقيناً أنك رجلٌ غيور لا يرضى لأي فتاةٍ مهانة لا يقبلها لشقيقته الوحيدة.
هذا اليوم وبعد الجهد الذي بذلته دخلت الحمام علي أجد فيه راحة لنفسي كجسدي تمنيت لو يغسل الماء عقلي وقلبي كجسدي فأتحرر منك ولكن هذه الأمنية لم أصدق بها فأنا كقلبي متمسكةٌ بك وأتمناك كل يومٍ أكثر وأرغب بسكناك في نفسي بل حتى أنني في ظل وجودك نسيت أبي.
انتفضت بشدة أبي كيف نسيته أليس هو أملي الوحيد بمغادرة هذا القصر إلى الحرية من جديد...؟ جلست في سريري ضممت ركبتاي إلى صدري ودفنت فيهما وجهي أبكي مصير أبي الذي لم يحسم بعد.
سأل نفسه: هل هي حقاً تخشى لقائي حد التزامها حجرتها كل ما مضى من وقت ...؟هز رأسه مستنكراً هي لا تخشى لقائي إنما ترفض أن تخون زوجها الذي لم تعرفه ولو بمجرد نبض قلب عاشق.

كيف لي بسؤالك ...؟
مضت تلك الليلة ثقيلة حد الإعياء ...حتى الفجر مضى ببطءٍ قاتل وأنا أنتظر

\
\

يتبع

متاهة الأحزان
08-04-17, 06:10 PM
ج8


فكرت بالخروج من سجني بحثاً عن أمك أو شقيقتك وما أن تلمس يدي مقبض الباب حتى أذكر أنك أول من رأيته بالأمس خارج حدود مملكتي الصغيرة بينكم فأتراجع.
ياااااه كم سيطرت الرهبة من لقائك على نفسي ...صدقاً لست أخشاك إنما أخشى من قلبي المتيم بك,حاولت التشاغل عن أمر أبي بالتفكير فيك وذهلت حين أدركت أنني وحتى الآن لم أعرف أبسط شيءٍ عنك ...ترى ما هو اسمك....؟
يوم حضوري لقصركم تحدث والدي عن مراد تُرى أنت صاحب الاسم أم هو شقيقك الهارب مني إلى ما لا نهاية على ما يبدو.
هززت رأسي بعنف أطرد منه شقيقك الذي تجاوزك إلى أفكاري على حين غرة,فزعت من أحدهم حدثني من الخلف بصوتٍ مربك
نظرت لها برعب :سمر ماذا بك ...؟
ضحكت كالمجانين: أعشق انتشالك من جحيم أفكارك بهذه الطريقة.
أمسكت بها برجاء :أخبريني ما هو مصير أبي ...ما لذي سيئول إليه حاله ...؟
قطع سؤالي ضحكها ولكن بريقاً ما لمع في عينيها وهي تجيب :كل ما أعرفه أن أبي وكل أحمد بالأمر وهما يتحدثان عن القضية في المكتب الخاص .
هززتها بذات الرجاء :وأين أجد أحمد هذا لأسئلة ...؟
ابتسمت: هل أنت جادة ؟ـ أومأت برأسي مؤكدة فأشارت بيدها للغرفة المقابلة ـ إنه هناك.
نظرتُ للباب المقابل بدهشة :هل هو ...
لم تنتظر تتمة السؤال: أحمد يدرس القانون رغم أنه من عشاق الكيميائيات لكن حاجة أبي له في الشركة التي ستئول له يوما ما دفعته لهذه الدراسة رغم هذا له مختبرٌ صغير يمارس فيه هوايته المجنونة.
كنت أستمع لها بلسانٍ معقود فأنا بالأمس كنت أتوق شوقاً لمعرفة اليسير عنك سألتها دون تفكير : هل أنهى دراسته الجامعية ...؟
ضحكت ضحكة انتصار: ألم يخبرك والدك كم عمره ؟ـ هززت رأسي بالنفي فربتت على كتفي ـ
هو شقيقي الأصغر سنة جامعية ثانية إنه في العشرين من عمره لكنه رجل ...رجلٌ لا يشق له غبار في معارك الدنيا القاسية ...أتعلمين أمراً أحمد يصغرني بثلاث سنوات رغم هذا يفوقني نضوجا وخبرة أما أنا فلازلت طفلة تعشق اللهو والضحك.
ابتسمت ساخرةً من نفسي : أما أنا ففي الثامنة عشر مع هذا اعلم يقيناً أنني تجاوزت العقد السادس من العمر بعد كل ما مر عني من وجع.
لم تعلق تركتني ذاهبة وكأنها تعمدت ترك بابي مفتوحا كي أمضي إليك ...لكني لم أفعل أغلقت بابي وعدت لفراشي أبكي مصير أبي وقلة حيلتي بالوصول إليه .
لم أفكر ولو للحظة بسؤالك فأنا قررت أن لا أنصاع لقلبي العاشق وحديثي إليك حتماً سيدفع قلبي لتمرد من جديد لقد شقيتُ حتى توصلت لهدنةٍ مع الحب تساعد قلبي على السقوط في غيبوبةٍ قد تكون طويلة ...على أي حال لن أسمح له باليقظة من جديد إلا حين أحصل على حريتي.
بلا رغبةٍ مني عاد مراد أدراجه إلى نفسي فتساءلت بسخط : وأين يختبئ هذا المعتوه ...ألم يخبرهم أنه لا يريدني زوجةً وقلبي مع سواه ,لماذا يمارس الغياب حتى الآن أيظنني دميةٌ تملكها فلا هو راغبٌ بها ولا هو تاركها كي لا تكون ملكا لسواه؟
أعلن قلبي ثورته فضحكت منه: أيها البائس الشقي تعلم أنني لا أبحث عن حبٍ آخر إنما أتلهف للخلاص مهما كانت عواقبه.
حاولت أن لا أفكر أن لا أتذكر أن أبحث عن أي شيء أشغل به نفسي شيء غير مصير أبي المجهول أو معشوق القلب القابع قريباً قرب الوريد من النبض البعيد بعد الشمس عن الأرض وغير مراد الذي لا أعلم عنه أي شيء والذي يبدو لي كسحابة صيفٍ مرت مثقلةٌ متثاقلة رغم هذا لم تمطر خيراً أو شر
بالحقيقة لم أجد إلا مصلاي كملاذٍ أفِرُ إليه من ثقل الهموم وتكاثر الأفكار على نفسي.
استلقى على السرير وحاول أن يسترخي فقد شد التوتر عضلات جسده حتى أحس بالإرهاق طرق رأسه بحافة السرير محدقا بسقف الحجرة والدفتر بين يديه تصارع رأسه أفكاراً كثيرة وفي كل مرةٍ تصرعه صورة وجهها الباكي وهي تكتب لحبيبٍ فقدت كل أملٍ في لقائه والراحة على صدره يوماً مهما كان قريباً ... بل إن هذا القرب أشقاها.


\
\

يتبع

متاهة الأحزان
13-04-17, 12:40 AM
ج9


أمرٌ لا مفر لي منه...
هذا اليوم ظننته سيمضي كسابق أيامي بين جدران حجرتي
صدمتني زيارة والدك ...إنه رجلٌ حنون صبور لكنه أيضا صاحب قرارٍ لا عودة عنه وكلمة نافذة لا فكاك منها أراد مني مغادرة الحجرة فقد آن الأوان لتعود حياتي إلى طبيعتها بعد أيامٍ قليلة ستفتح الجامعة أبوابها أم أنني سأخذل أبي وأتخلى عن حلمي بدراسة جغرافيا الأرض التي حلمت بها منذ الطفولة .
لقد رفضت ولكنه أصدر حكماً لا تراجع عنه ـ سأتناول غدائي معكم على المائدة الكبيرة فهذا قرارٌ غير قابل للنقاش ,تركني أهذي محاولةٌ إقناعه أنني أريد البقاء هكذا حتى يعود أبي
نعم سأخرج للحياة من جديد لكن لم يأتي الوقت المناسب لذلك بعد ...تركني وكأني لا أتحدثُ إليه .
انهرت باكيه :هل سنلتقي هذا اليوم ...كيف أضبط قلبي وأنظم نبضاته هل بمقدوري عدم النظر إليك إسكات لهفتي وأشواقي لعينيك لابتسامتك بل عشقي لكل تفاصيلك ؟
ماذا لو اهتزت أشجار الياسمين بروحي فغمرتكم برائحة حبي ...هل ستغفرون لي هذا العشق المريض...؟
قرعت الخادمة بابي تخبرني أنكم على المائدة بانتظاري,حين خرجتُ إليكم بلباسي كاملاً وحجابي أدركت حجم الصدمة والنظرات التي تحمل مئات المعاني والتي تبادلتموها رغم هذا لم أكترث
نعم أسكن في منزلكم لكنكم لستم عائلتي ...أنا سأرحل ـ سأرحل فور حصولي على حريتي
لستُ أدري لماذا تُرك لي مقعدٌ بجوارك وآخر مقابلك وهل كان اختياري لأي منهما قراراً فاصلاً تنتظروه بلهفه.
حقاً لا أعلم لماذا فكرت هكذا ... حسناً في تلك اللحظة كل ما رغبت به الهرب منك كيف أجلس بجوارك هادئة حتما ستسمع صوت قلبي الثائر بصدري حباً وشوق بل كيف أجلس مقابلك فتفضحني نظراتي لك ...
بسرعة ودون تفكير طلبت أن تبادلني سمر مقعدها لا تعتقد للحظةٍ واحدة أني لم ألحظ اتقاد عينيك جمراً ...هل هذا غضب أم حزن ...؟
ولماذا تغضب أو حتى تحزن لاشيء يستدعي منك أياً منهما.
انضمامي لكم أثار أحزاني التي نسيتها في خضم بحرك ...لقد تذكرت عائلتي مشاكسة إخوتي لي بل مداعبة أبي لنا جميعا ضجر أمي أحياناً من أحاديثنا التي تبدأ مع الطعام ولا تنتهي لأي سببٍ من الأسباب؟
ارتجفت شفتاي قسراً ظننت أنني أحدثُ نفسي ولم أعي أن صوتي مسموعاً ـ هذه المرة الأولى التي أتناول فيها طعامي مع عائلة بعد رحيلكم .
سماعكم لي أضعفني أمام دموعي فهرولت إلى حجرتي أكتم شهقات روحي وأصارع غياب أحبتي باسترجاع أطيافهم واستذكار تصرفاتهم.
أتعلم أيها الساكن في روحي ... رغم كل هذا حفظت بعض تفاصيلك آلمني بريق الخاتم في يمينك ...إذن أنت مرتبط,ضغطت قلبي بيدي وحمدت الله أنني كتمت سري جيداً فأنت رجلٌ مرتبط.
هذا يعني هناك محبوبة تتربع على عرش قلبك,حتما لن أزاحمها عليه وليس من حقي أن أحاول انتزاعك منها.
حسناً يكفيني عذاباً هذا النهار ـ سأنام قليلاً سأحاول الهرب من اجتماعي بكم على مائدة العشاء ولست أدري هل أنجح أم أن حكم والدك ليس قابلاً للنقض أو حتى تأجيله لعلي أنسى صور عائلتي التي تمزق ثباتي وتستنزف دموعي حين أقف بينكم كعصفورٍ رمته الرياح خارج عشه ومزق ريشه المطر.

نظر ليده اليمنى مبتسماً ... مرتبط !! ألا تعلمين من هي التي ارتبط بها قلبي وتاقت لها الروح شوقاً...؟
لو أنك تعلمين لغردت على أغصان القلب وأحلتِ يباسه بساتين.
تعلمين كم تلهفت لخروجك ...؟ربما كانت لهفتي بحجم خوفك وترددك بل وعنادك أيضاً يالك من طائرٍ حر لا يقبل عن السماء بديل رغم تكسر أجنحته أعدك بالسعادة من جديد لكن الأمر يتطلب منا صبرا فاليسر بعد العسر ولا يأتي الفرج إلا من بعد ضيقٍ وشدة.


\
\

يتبع

متاهة الأحزان
13-04-17, 01:16 AM
ج10

اعتدت الأمر بعد عناء ...
ما حدث على الغداء لم يرحمني من انضمامي للمائدة على العشاء هكذا مرة تلو أخرى اعتدت على الأمر أضحى خروجي من الحجرة أمرٌ سهل رغم خوفي الدائم من لقائك.
كثيراً ما أسأل نفسي عن صمتك المبالغ فيه ...هل هي طبيعتك أم أنك تستفزني بحديث عينيك وصمت فمك...؟
نعم تلك النظرات التي تستفزني تحاول استخراج ما في قلبي من مشاعر دون خوفٍ من عائلتك ـ لماذا تفعل بي ذلك ...! إن كنتَ تُدركُ أنني عاشقةٌ هائمة في بحر هواك, كيف لا تدرك أنني زوجة أخيك وإن كان زواجي حبراً على ورق ...؟!
بل يصدمني تقبل عائلتك للأمر ...تُرى هل لبيئتكم علاقةٌ بهذا ,نعم هذا الوسط كثيراً ما سمعت عنه الحكايات المفرطة بالانحدار
عشقٌ يجمع رجلٌ متزوج بزوجة آخر ورجالٌ جُلَّ اهتماماتهم فتياتهم الكثُر وزوجاتهم غارقاتٌ في بحار ملذاتٍ لا تنتهي ...ترى هل عائلتك تحلل تلك العلاقات بدعوى الحرية رغم ما ألحظه فيكم من تمسكٍ بالصلاة والصيام والتلاوة .
نعم ...كُثُر من يفصلون دينهم عن دنياهم وهم إلى هلاك ...أهز رأسي بعنف ألقي تلك الأفكار منه ...هذا محال فأنتم على خُلقٍ يكفي لأن لا تخفي بواطنكم ماتظهره
يا إلاهي سيصيبني الجنون ...
كثيراً ما رغبت بسؤلك ...لكن خوفي من هذا القلب يمنعني ويدفعني بعيداً .

حدق بسقف الحجرة مفكراً ...هل ظننتِ أنني أتلاعب بكِ ...؟ هل أبعدك عني خوفك من رغبتي بعلاقةٍ عابره ... لماذا لم تفكري ولو للحظة بطريقةٍ مختلفة
طرق رأسه بحافة السرير ... أحبك أكثر فكونك متزوجة دفعك بعيدا حتى لا تسقطي بشرك الخيانة رغم كرهك لزوجٍ آثر الغياب
ربما لو كانت فتاةٌ أخرى في موقفك لجرفها تيار الحب للهاوية لكنك تألقت في عليائك وقد زاد قلبي شغفاً بعد المنال.

وتعرفتُ إليكم ...
كانت سمر كعادتها كثيرةُ الحديث ولا تكترثُ لإعراضي عن شقيقها وكأنها عَشِقت جفائي له
لا علم لي بسببٍ حقيقي دفعها للحديث
لي أخوة ثلاث لكن أحمد شقيقي الوحيد ...أما عصام

\
\
يتبع

متاهة الأحزان
15-04-17, 02:24 PM
ج11

وتعرفتُ إليكم ...
كانت سمر كعادتها كثيرةُ الحديث ولا تكترثُ لإعراضي عن شقيقها وكأنها عَشِقت جفائي له
لا علم لي بسببٍ حقيقي دفعها للحديث
لي أخوة ثلاث لكن أحمد شقيقي الوحيد ...أما عصام ومراد فقد تبناهم والدي ورباهم كأبناء له ولم يفرق يوما بالمعاملة بيننا وإياهم .
ذهلت ونظرت لها متلهفةٌ لتتمة الحديث ... لم ينجبا والداي لفترة طويلة دون سببٍ واضح غير أنها إرادة الله ,لقد رزقا بطفلهما الأول بعد عشرة سنوات من الزواج
ربى والدي عصام الذي فقد والديه إثر حادث كانا صديقين العائلة المقربين في الغربة لذا رباه والدي منذ أن كان في الثالثة من عمره,ثم ربى مراد بعد أن انتزعه من يد زوج أمه القاسي.
بعد أن رزقا بي عادا إلى الوطن تركا بلاد الغربة لأهلها سكنا هذا المنزل منذ البداية وكما تقول أمي هو منزل سعادة وبشر حيث رزقها الله بأحمد بعد السكن فيه بسنةٍ ونصف منذ أن تخرج عصام غادر إلى بلاد الغربة وأعاد شركة والده لما كانت عليه قبل أن تغلق أبوابها بانتظار وريثها الوحيد ولم أراه إلا مراتٍ قليلة حين كان يأتي زائراً.
أما مراد ...زَفَرت بقوة ورأيت دمعة معلقة في عينيها نظرت لي فصرفت بصري عنها وكأن أمره لا يهمني البتة,نعم لا أريد معرفته ولا أطيق كوني أسيرته.
ابتسمت بحزن :أن تستمعي إلى وجعي ...؟!
استفزني صوتها الباكي رغم جفاف الدمع في عينيها ربتت على يدها ونظرت لها لتستمر بالحديث
حشرت رأسها بين كفيها مستسلمة لسيل من الدمع المقهور :أعشقه أعشقه بجنون حاولت نسيانه وحبه الكبير بلا فائدة
شهقت تعشق أخيها وكأني نسيت أنه ربيب والديها فقط
نظرت لي :هو في مثل عمري أتى به والدي وأنا في سن الخامسة ...أحببته كثيرا التصقت به التصاق الروح بالجسد,نعم منذ الطفولة لم أختلف معه أبداً لم أفارقه لأي سببٍ كان لم أتشاجر معه وكأن الحب انساب في نفسي طفلةً لأكبر في ظله عاشقةٌ يكاد يصرعها حبٌ محرم في نظر العائلة.
ابتسمت ساخرة حين تذكرت نظراتك التي تذهب عقلي أمام عائلتك دون أن يردعك أياً منهم ...أليس محرماً على الرجل أن يوقع قلب زوجة أخيه في شباكه ...؟!!
هل حرم في هذا القصر على الفتاة عشق ربيب والديها وحلل للرجل أن يستميل قلب فتاةٍ متزوجة ...؟
أخرجتني من غيبوبة أفكاري حين شهقت باكية : لم يكن وقوف والدي في طريق هذا الحب حائلاً بيني وإياه وإنما مرضه من دفعه ليبتعد فقد صارحني بحبه لي رغم هذا قرر الابتعاد فمرضه قاتلٌ لا شفاء منه.
حدقت بها مصدومة أبحث في تعابير وجهها عن صفة المرض أو اسمه هل هو وباءٌ التقطه من هذا الوسط السقيم.
وكأنها أدركت ما يدور في نفسي هزت رأسها تمسح دموعها:مريضٌ بالقلب لا تدعي شيطان الأفكار يودي بك إلى وديان سحيقة.
نظرت لي نظرة لست أفهم مغزاها ثم تابعت: أحمد كما أخبرتك سابقا شقيقي الوحيد رجلٌ في زمانٍ لا رجال فيه...انه مرتبط
(صرعت قلبي كلمتها أشاحت بوجهها عني وكأنها لا تريد رؤية انفعالاتي مع كلماتها)
نعم مرتبط يعشق فتاةً لا تبرح روحه صدفةٌ جمعته بها منذ زمن ... بحث عنها طويلاً ولم يجدي بحثه نفع .
لبس خاتم الزواج في يده رغم اعتراض والدي لكنه صاحب قرار ...إما أن يبقى خاتمها في يده وهي في قلبه أو يعثر عليها ذات نهار فتنقل الخاتم بيدها من يمينه إلى يساره وتسلمه قيادة سفينة أيامها وتحتمي به من زوابع الدنيا.
كلماتها كادت تقتلني ـ أين هي تلك الشمطاء وهل ثمة فتاةٌ ترفضُ عاشقاً كأنت ...؟
نظرت لي بحزن :تعلمين أعتقد أنه لن يتجاوز رفضها بسهولة (حدقت بها معقودة اللسان هل التقى بها ...هل رفضته ...هل أعرضت عنه ...أي شمطاءٍ تلك ...؟!!
وكأنها سمعت أسئلة قلبي العالقة بجوفي
فهزت رأسها مؤكدة :نعم رفضته وبشدة وقد التزم الصمت احتراماً لرأيها لكنه محاربٌ عنيد قال لي ذات مرة أنه سيدك حصن صمتها سيمتلك قلبها رغماً عنها سيطرد ساكنه عاجلاً أم آجلا لكن الأمر يحتاج إلى صبرٍ مميت.
تركتني أهذي في فراشي باكيه :أي أقدارٍ هذه أبجديتي تعجز عن وصف حبي لك وأنت بجانبي أعجز عن الفرار إليك بهذا القلب وما يحمل ورغم كونك بجانبي إلا أنك تهرول بقلبك خلف من أسكن قلبها سواك
أي معادلةً هذه وهل ستُفَكُ ذات نهار ...هل يحدث زلزالاً يعيد دفق الحب إلى مجاريه الحقيقية ...؟
كنت أهذي ولم يتوقف هذياني إلا على وقع سؤالٍ حطمني ـ إن كان عاشقاً لأخرى لماذا يتحدث إلي بعينيه ...هل بتتُ رخيصةً إلى هذا الحد ...؟! رخيصةً يتسلى بها إلى أن يصل إلى قلب حبيبته...؟؟؟
يااااااه أي فكرةٍ تطحن عظام صدري الآن ...حاولت طرد تلك الأفكار واستسلمت للنوم بعد بكاءٍ طويل.
أطرق مفكراً لماذا لم تسألي نفسك ما معنى نظرات سمر ...؟بل لماذا حدثتك عنا
لو أنك تعمقت أكثر لعرفت الحقيقة كاملة ـ لو أنك اجتزت قلقك وخوفك بخطوةٍ واحدة لما تألمت بهذا الشكل.

سؤالٌ لن تسمعه يوماً...
صدقاً خرجت من حجرتي لأن المنزل فارغ لا أحد فيه إلا الخادمة سمر وأنا والدتك في الجمعية والدك في الشركة وأنت في النادي.
كثيرا ما كنت أغادر حجرتي دون حجابي حين أعلم أن المنزل فارغ ,انشغلت بصندوق الموسيقى الصغير فقد تعطل فجأة ولم أشعر بك إلا حين وقفت خلفي بابتسامتك المشرقة
شعرت أن عيناك تخترقاني بنظراتٍ أكثر جرئه ...هل ثمة علاقة بين تركي حجابي ونظراتك المتسلطة ...؟هل أنا فاتنةٌ حد الإغواء كما كانت أمي تقول...؟!

\
\

يتبع

متاهة الأحزان
17-04-17, 12:56 AM
ج 12

شعرت بالخوف حين أدركت وجودك وهذا يتنافى تماماً مع مشاعري الحقيقية فأنت تمنحني إحساسٌ بالأمان عجز عنه كل البشر.
حقاً لست خائفة إنما هو محض ارتباكٍ بسبب فستاني القصير ...
لقد خارت قواي حين أمسكت ذراعي هاتفاً بغضب: إلى متى تهربين !!!ألم تدركي بعد أنني لن أبتلعك لن أؤذيك ...؟
رغم هذا حررت ذراعي من قبضتك وهربت أحتمي من نيرانك بجدران حجرة باردة ,يطوف بالنفس سؤالٌ أدرك يقيناً أنه لن يتناهى إلى سمعك يوماً
هل أنت رجلٌ لعوبٌ إلى هذا الحد ؟! تمنحني الإحساس بالأمان وتقتلني بسيف نظراتك الحاد ...أستمع إلى صوتك حين ترتل كتاب الله فأعلم كمَّ الطهر الساكن في أعماقك ثم تأتيني تدك حصون ثباتي أمام جبروت عشقك ؟
أتمنى لو أعلم لأي شيءٍ تُريد الوصول أعلم يقيناً أن ثمة حديثٌ عالق بين شفتيك أطلقه أرجوك فُكَ قيده وانشره على مسمعي لأعلم لأي دربٍ تريد الرحيل بي .

ابتسم وإحساسٌ مر يعتصر قلبه : لست كذلك صدقيني فلو كنت أعلم جهلك أنك زوجتي لما فعلت ذلك أبداً قبل أن أحدثك ...حسناً أنت زوجتي أمام الله سنةً وشرعاً ولم يبقى إلا القليل ليتم هذا الزواج فيكون أمام الله ثم الناس شرعاً قانوناً وعرفا.

وغضبت من نفسي كثيراً...
حين تركتك بتلك الطريقة غضبت من نفسي كثيراً وسألتها :لماذا عاجزةٌ أنا عن الوقوف أمامك بثبات ؟ لماذا أقرر منحك ولو فرصة حقيقية واحدة لتتحدث لكن سرعان ما أتقهقر أمامك منسحبة متراجعة عن قراري الأهوج !!!
كيف لي أن أصل إلى ما تريده ...كيف لي أن أخبرك أنه وبرغم الحب الكبير لن أترك طريقاً بيننا مفتوحاً فيغوينا الشيطان لنجتازه إلى نقطة لقاءٍ يسقط فيها شرفي ملطخاً بعد أن قضى والدي في سبيل حمايته ...؟
آآآآآآه من الأيام كم تمضي ثقيلةً في بعدك يا أبي كم أتمنى لو يسمح لي بزيارته وحدي فأحدثه عن معاناتي عن عذاب هذا الحب الساكن روحي وقلبي وأضحك ساخرة من أنانيتي ...أبعد كل الشقاء الذي رأيته فيه بالزيارة الماضية سأبثه همومي وأحزاني ليزداد شقائه.
بالحقيقة أنانيتي يزداد حجمها كلما مضت علي الأيام تائهةٌ متخبطة عالقة في علاقةٍ لست أدري عن طرفها الآخر أي شيء.
هربت من عينيه دموعٌ لا يعرف سرها رغم هذا ابتسم : قريباً ستتضح الأمور فقط امنحيني بعض الوقت.

هل لي بقبلةٍ أرسلها لعينك اليمنى...؟
هل لي بقبلةٍ أسكب فيها خوفٌ يفترس أوصالي وندمٌ يمضغ قلبي ... قبلةٌ تحكي لوعة الأشواق في نفسي وإباء دمعة حنينٍ أن تجري على خدي آخذة معها بضع زفراتٍ من وجع.
ترى أي حبٍ هذا الذي صرع فؤادي بك كيف أنظرُ في مرآتي فلا أجدني فكل كل الوجود غدا أنت .
لست أدري ماذا أخبرك الآن وكم يشق على نفسي ما تعانيه،لن أنسى ما حييت تلك النظرة المتألمة في عينك وكأنك تدعوني للاقتراب ...كيف أفعل وبيننا جدارٌ لا يمكن لأيٍ منا تجاوزه.
لا يؤلمني وجود رجلٍ يحول بيننا كما يؤلمني كونه شقيقك أنت ...صرختُ سمر المفزوعة هزت جسدي وأتت على ركائز الصبر في نفسي كانت تبكِ بشدة :أحمد أصيب في عينه اليمنى
تحسستُ عيني دامعةً ليتني من أصيب ...لم أدرك حجم المعاناة التي وقعت كنت حبيسة جدرانٍ أنا من شيدها جدران وهمٍ أوجدها الخوف والأحاديث الكثيرة التي أحبسها في نفسي فتحول بيني وشمس الحقيقة.
مضى هذا النهار ثقيلاً كان جاثماً على صدري بكل لحظاته كوحشٍ استعذب الموت فوق قلبي المحترق خوفاً...لم أجرؤ على السؤال فهل فقدت البصر فيها وكيف أصيبت ؟
انتظرت حتى ساعةٍ متأخرة هذا المساء خارج سجني الذي أدمنته كنت أنتظر أي شخص آتٍ يحمل في جعبته أي خبرٍ عنك.
لم أصدق عيناي حين رأيتك تدخل الصالة حيثُ أنتظر لتلقي بجسدك المرهق فوق أحد المقاعد وأنين نفسك يفتك برأسي رغم صمتك بلحظاتٍ قصيرة كانت الأسرةُ قد التفت من حولك ولم تترك لي أنا الواقفة على بعدٍ لست أدري عن مداه أي مجالٍ لأراك أو أطمئن كل ما أعرفه أنهم وبعد بضع دقائق أفسحوا لي المجال كي أراقب بصمت أفسحوه دون قصدٍ أو حتى انتباه فألمك طغى على المكان برمته وكأنه حال بين إحساس بعضنا ببعض.
حقاً شعرتُ بأن عينك الأخرى تناديني اقتربت لأطمئن وشيئاً ما بداخلي يدفعني للوراء,لم أنتبه على دموعي التي نهضت تمسح شيئاً منها بعطف.
وكأنك سمعت سؤال قلبي الملهوف :لا داعي للبكاء فأنا بخير...
آآآآه لو تعلم كم أحتاج لهذه اليد كم أشتاق لاحتضانها ,لسكب قبلة تحكي ما عجزت عنه حروفي عليها...
لم أتراجع للوراء لأني وكالعادة أصدك وأرفض اقترابك وإنما لأمنع نفسي من السقوط على صدرك باكية فأنت الآن تحتاج منا قوةٌ تعينك على الألم لا تحتاج لضعيفٍ مثلي أتاك يتكئ على صدرك فيبثه كل وجعٍ كامنٍ بصمت.
يفتك بي سؤالٌ ربما لن تجيبه ولو بعد حين ـ ما سرُ تلك الابتسامة التي تزين بها ثغرك رغم نزف الوجع في محياك ؟! تراها روحي رغم الصمت بثتك شيئا من هذا الحب القاتل الساكن بين أضلاع صدري.
تراك علمت أنني جسدٌ خاوي إلا منك وهذا العشق ـ أدركت رضوخي لوجودك وبل رغبتي به ؟؟؟!
كل هذه أسئلةٌ معلقة بين عقلي وقلبي وفمي المغلق بإحكام ـ لكن إلى متى ...لا علم لي.

تحسس عينه اليمنى وقد عاد إلى ذاكرته ذاك النهار ثم ابتسم : كنت على يقين أنك في حالة قلقٍ قاتل لذا آثرتُ العودة للمنزل ومتابعة العلاج فيه رغم رفض الطبيب بالحقيقة وجودك بانتظاري أو حتى بانتظار أي شخصٍ يأتيك بخبرٍ عني هون علي الكثير ودفعني للشفاء وبل للرغبة بأن تبصر عيني النور من جديد.

\
\
يتبع

متاهة الأحزان
19-04-17, 11:30 PM
ج 13

ومات أبي ....
أصبت بالذهول حين علمت أنكم تعدون حجرة استقبالٍ خاصة بأبي فهو محكومٌ بالسجن المؤبد ,ترى هل استطاع والدك بماله ومنصبه إخراجه من السجن أم أن الصورة مختلفةٌ عن هذا...؟
لم أدرك أن أبي يغادر السجن إلى سريرٍ أبيض قد لا يمكث عليه إلا بضع ساعات ومنها إلى آخر منازل الدنيا...
حين رأيته صُرع قلبي ومعه آخر أملٍ لي بالرحيل عن هذا القصر أو حتى بالخلاص من هذا الزواج الذي رفضته كل جوارحي.
لم أفارق أبي ولو للحظات ...ثلاثةُ أيامٍ وأنا قابعةٌ بجواره أنتظر صحوةً منه مهما كانت قصيرة وبلا فائدة غيبوبةٌ أخذته مني إلى الضريح
حين سقط في بئر الموت السحيق صرخت بكى قلبي وانتحبت روحي كنت أحتاج لأي شخصً أتكئ على صدره فأفرغُ ما في نفسي من قهر.
الآن فقط أدركت أنني بحاجة إلى ذاك الزوج الغائب ليته بجواري الآن فأنا أحتاج لشخصٍ ليس محرماً علي السقوط على صدره وبين ذراعيه.
وكأنك علمت بحاجتي ؟هل سمعت أمنيتي ؟أم أنك أدركت مدى ضعفي وعجزي عن رفضك ؟! نعم لم أشعر بنفسي إلا وأنا على صدرك باكية أختبئ من الموت ورهبته أراقب بذهول حاولت الابتعاد حتى لا تظنوا بي الظنون لكنك ضممتني بقوةٍ أكثر.
هل أصدقك الحديث :لقد شعرت بالدفء استنشقت عبير الحياة وكدت أنسى رائحة الموت التي ملئت المكان ... بقيت على تلك الحالة حتى سقطتُ في نومٍ عميق هذا كل ما أعرفه.
تقول سمر أنك حملتني بين ذراعيك كطفلة صغيرة ووضعتني في سريري كي أغرق في بحرٍ من الهدوء إلى حين صحوة.
ضغط قلبه بيده: كنت على يقين أنك بحاجتي صدقا شعرت بالسعادة وأنت على صدري كم تمنيت لو طالت تلك اللحظات لو امتدت لسنوات طويلة لما ارتويت من قربك.

ماذا بعد...
مضت الأيام ثقيلة على نفسي بعد رحيل أبي رغم هذا لم أستطيع العودة لسجني فوالديك لي بالمرصاد, كما أنني لن أترك جامعتي أو أتغيب عنها بسبب وفاة أبي فهي باب الأمل الوحيد الذي سأجتاز من خلاله كل المحن التي أعانيها.
في هذه الأيام كان يتوجب علي قضاء نصف نهاري ويزيد في الجامعة بينما أظن أنك تفرغت تماما للمنزل ومن فيه ,فأنت قلما تغادر المنزل ,لست أعلم سبباً واحدا يدفعك لترك الدنيا ومن فيها من خلفك.
ربما موجة اكتئاب بسبب حبيبتك أو أنه تفرغٌ من نوعٍ خاص ...فهذه الفترة ستقضيها أحلام في منزلكم ولا يخفى على أيٍ منا عشقها لك وهيامها بك ومحاولاتها المستميتة استمالت قلبك.
آه لو تعلم كَمَّ الغيظ في قلبي منها,كيف تجرؤ هي على الاقتراب منك حد الالتصاق رغم إدبارك عنها ولا أمتلك نصف شجاعتها لمجرد الحديث إليك رغم وجود ما يستدعي الحديث بيننا.
فقد أخبرتني سمر أن أملاك أبي تم التنازل عنها لي أنا شخصيا قبل وفاته وليس من حق أي فرد من عائلته المطالبة بإرثٍ أو ما شابه.
منذ البداية علمت أن الأمور القانونية موكلةٌ لك ...أليس هذا سبباً كافيا لأتحدث معك؟!
كنت أفكر بجدية في هذه الأملاك وكيف سأتصرف بها ـ شيءٌ واحدٌ يمنعني إنه الخوف من الوحدة ,الخوف من الوقوف بوجه الريح بصدرٍ عاري لا يحميه أحد ـ
أنا يا حبيب القلب مهما اشتد عودي سأبقى فتاةٌ عاجزة عن الدفاع عن نفسها في مجتمعٍ يعج بالذئاب, وأعود للأنانية ذاتها...فأنا لا أمنحك فرصةً تريح نفسك من عناءٍ يجثو على هامتك فيسحقها رغم هذا أحتمي بك من كل شيءٍ يحيط بي حتى أنني أحتمي بك من نفسي ومن أفكاري ...ترى متى أعود براقة الضمير شفافة الروح تؤثر على نفسها ولو كان بها خصاصة ؟
متى أقف أمامك بثبات وأسمح لك بالحديث العالق في حنجرتك منذ أن التقينا...؟!
وجود أحلام في هذا المنزل لا يطاق ...هذا ما رأيته في وجوهكم جميعا لكنكم تركتم لها فرصة المحاولة المستميتة في الحصول على قلبك ولست أدري لماذا سمحتم لها رغم الغيظ المكتوم في صدوركم منها ومن تصرفاتها الطائشة.
تُرى هل لهذا الأمر علاقةٌ بي أم أنها مجرد أوهام؟! لماذا أحس بتسلط نظراتكم علي حين تجلس هي بجوارك مغازلةً ممازحه ...لن أفتري عليك فأنا ألحظ نفورك منها وابتعادك عنها رغم أن وضعها هذا رتيبٌ ومعتاد منذ سنوات كما علمت من سمر.
بالحقيقة خطر لي سؤالٌ بعيدٌ عني كل البعد ...هل يعقل أنها تمثلُ عليك الحب والغرام وتسعى للارتباط بك فقط من أجل المال والمصالح الشخصية ؟
هل ثمة شخصٌ يستطيع بيع مشاعره إلى هذه الدرجة من أجل متاعٍ زائل ...أنت تستحق الحب بل وأكثر من ذلك
حسناً لا يهم لن أكترث لهذه الأفكار على أنني لو كنت مكانها لوهبتك قلبي بصدق أو لتركتك بسلام تحلق في فضاءٍ أنت تستحقه مع من اخترتها بقلبك وروحك.
\
\
\

يتبع

متاهة الأحزان
19-04-17, 11:33 PM
ج 14

حدثينا عن حبيبك الغائب ...
هذا اليوم انتزع قلبي من مرقده سؤال والدك...
حدثينا أي الرجال هو حبيبك ؟صوبت نظري نحوك مباشرة وكأني أستغيث بك من جحيم السؤال ...لكن الفضول البادي على وجهك كفيلٌ بإخباري أنك لن تفعل ...لن تنقذني من هذه الورطة ليس هذه المرة.
نظرت من حولي أبحث عن شيءٍ لا أعرفه حين تكرر سؤال والدك بنبرةٍ أكثرُ إلحاحاً فأجبته بسؤالٍ قاتل: لماذا تسأل لتسحق كرامتي على أعتاب منزله كما فعل بي والدي ها هنا...؟؟؟
رأيت مشاعر لا يمكن لنا أن نراها إلا حين ينطق من جاشت بصدره وأنّا لأيٍّ منكم أن ينطق...أكان سؤالي أحرَّ من سكينٍ بيد قاتل متعجرف.
آثرتُ الانسحاب بصمت لأحدثُك هنا لأسألك بيني وبين نفسي لأصدقك الكلام
هل بإمكاني بعد هذه المدة الطويلة أن أصرح بحقيقة حبي والحديث عنك ببساطة هذا محال.
لو تعلم كم يقتلني الندم إذ أني لم أصارح سمر بالحقيقة كاملة من قبل...آه لو أني فعلت يوم دخولي منزلكم لو فررتُ إليك منهم واشتكيت لك حالي ,كم كنت غبية ذاك النهار إذ أنني على يقين من حمايتك لي .
لماذا آثرتُ الابتعاد ولم أفكر بالخلاص ...نعم ذاك النهار كان صراخي بوجوهكم مجرد هرب من الواقع وهل يجدي الهربُ نفعاً !؟
أليس من الأجدر بنا أن نواجه المواقف بحسم منذ البداية فالبداية الحاسمة أسهل من هربٍ يتلوه اعترافاً يمزق صورنا التي جاهدنا أنفسنا طويلا حتى رسمناها صادقة وردية.
أحاول الآن أن أصف لك ما في قلبي أن أحدثُك كما اعتدت ...لكن غصةٌ ما تقف بحلقي تكاد تقتلني وسؤالٌ يشتتُ عزيمتي...
لماذا تصرون على معرفته ...وأي فائدةٍ سأجني إن تعرفتم إليك في ذاتي ...؟!بماذا أبررُ صمتي عن غياب أخيك وأشواقي التي لا تنتهي لحضورك لانفعالاتك بل لكل تفاصيلك التي أثملت قلبي دون كأسٍ أحتسيه .
آه لو تعلم كم الذل الذي سحقني حين زوجني أبي بتلك الطريقة ـ وهل كنتُ إلا مجرد متاع انتقل بموجب صك تملك من يد الأب إلى يد الزوج دون أن يسأل أحدهم قلبي.
وعلى ذكر قلبي أتساءل لو أنك الزوج الذي طرق بابي دون علمٍ مني أو إذن ماذا كنت سأفعل ؟
وأضحك كطائرٍ ذبيح,لم أكن لأفعل أي شيء أنا فقط كنت سأطير في عالم الحب بأجنحة مجنونة لا تعرف للسماء حد ...ربما أتبخر للسماء فرحاً وأعود للأرض غيثا يروي أزهار العشق وأقاصيصه .
آآآآآآآآآآآآآه لو أن هذا ما حدث... سأترك الحديث إليك الآن فقلبي أجهش بالبكاء حين جلدته بسوط التمني .
انتهى من حروفها غارقا بمحيط دمعٍ ووجع مسح دموعه محدثاً نفسه: أتعاني كل هذا الألم بصمتٍ مفرط أيقتلها خبر عودة مراد ولازالت تزهر بيننا وتنثر عبير عفويتها على قلوبنا أي مخلوقةٍ هذه ...أي طهرٍ فيها وأي عبق لها؟
أعاد الدفتر إلى مكانه بعنايةٍ فائقة ونظر لساعة يده فخفق قلبه بشدة هي الآن حتما في طريق العودة ...انسحب إلى حجرته بصمت مضى وكأنه لم يستمع إلى حديث روحها لكن روحه مازالت تحلق من حولها.
في اليوم التالي
\
\
\
يتبع

متاهة الأحزان
22-04-17, 11:49 PM
ج15

في اليوم التالي على المائدة عبث بخاتمه وقد ذهب في عالمٍ آخر عاد من شروده على صوت والدته ...بعد الغداء تبعها لصالة الجلوس ورمى بجسده على المقعد بطريقةٍ أربكتها راقب مبتسماً وكأنه يثير قلبها عنوة فهو راغبٌ بقراءة المزيد ...راغباً بالإنصات لها أكثر.
قرر انتظار الغد فقد تأتي معه فرصة أكثر ملائمة للحديث الصريح ...نعم هو يريدها بشغف لكنه لا يريدها مترددة خائفة مكسورة العنفوان... سيسقيها حباً حتى ترتوي ويسندها حتى تشمخ ثم يأتي عالمها عاشقاً لا يثنيه عن جنا زهرها أي شيء.
انتظر خروجها للجامعة فعاد أدراجه لحجرتها ,بحث تحت الوسادة ولم يجد شيئاً ـ بحث هنا وهناك إلى أن وجد ضالته فاستلقى في سريرها باسترخاءٍ تام.

أتعلم أيها الحبيب الساكن أعماق أعماقي ...
هذا اليوم كان شاقاً بطريقة قاتله ،نعم أعشق الرحلات على أن طيفك لم يتركني بسلام،كم ثار الحزن بداخلي وأنا أتمناك بجواري ...هذا النهار لو أننا قضيناه معاً لشعرت بنكهةٍ أخرى للحياة.
حسناً حاولت التمرد والنسيان على أني عدت للمنزل بخطى سريعة يجرني إليك الشوق عطشٌ يذبح روحي... أول مكانٍ دخلته صالة الجلوس بحثاً عنك ويا خيبتي لا أثر لك ...هل غادرت المنزل هذا النهار ...؟!.
حسناً عدت إلى حجرتي طلباً للراحة على أن رائحة عطرك اتخمت أنفاسي ...لا تضحك ولا تتهمني بالهذيان لست أعلم سبباً واحداً يدفعك لدخول محبسي لكنها رائحة عطرك ...شئت أم أبيت أنت حضرت إلى هنا وأبى عطرك أن يغادر معك.
لو تعلم كم الراحة الذي تسلل إلى نفسي بل حتى أنني نسيت كل شيء واحتضنت دفتري لأحدثك على صفحاته كما اعتدت ...لقد لحظت قطراتٌ مبعثرة فوق صفحاته .
تُرى من هذا الباكي الذي قرأني ...؟!
هزني الرعب ...من المتسلل إلى حجرتي وهل وصل إلى دفتري حقاً أم أن هذه محض أوهام صنعها التعب والجهد المبذول طوال النهار ...؟!
هل ثمة علاقة بين رائحة عطرك والدمع على دفتري ...ألقيت برأسي على حافة السرير تصارعني أفكارٌ كثيرة ...حسناُ سأحاول إقناع نفسي أنني بكيت حين حدثتك لعل السكينة تعود لي فأغرق في نومٍ تحتاجه كل جوارحي.
ضغط قلبه الثائر بيده مبتسماً: لهذا حرصت على إخفاء الدفتر بمكانٍ مختلف ... لا تحاولي فقد بت متلهفا لحديثك لصدقك لصفائك لذا سأجده في كل مرة أبحث فيها عنه.
على مائدة الغداء ...
هذا اليوم على مائدة الغداء سرقتك فتاتك منا ... وسرقتني أنت من الجميع.
كم أتمنى لو استطعت اجتياز الوجود إلى أفكارك ,إلى عالمك الخاص كي التقيها كي أحدثها عنك وآتيك بها.
حقاً ليتني استطيع ...تعلم كم يؤلمني أن أتمنى حضورها ؟ هي يا حبيبي المذبح الأخير الذي سألقي على أعتابه قلبي ببرودٍ وصمت...هي حقاً آخر تاريخٍ يجمعني بك فلن ألتقيك بعدها.
لا تحاول الفرار إلى داخلي أو حتى أن تثبت لي أنني لن أقوى على تركك حتى بوجودها...فهي نارٌ ستضرم بكل ما تبقى مني رغم هذا أدعو الله في سجودي أن يعيدها لك.
نداء أمك لم ينبهك من غيبوبة الأفكار وحسب ... بل سُكِب ماءً طهور على جحيم جروحي ,عدت لطعامي وقد قررت الاكتفاء بوجودك الآن ولن أفكر بالغد أبداً.

تنهد يفك قيد أنفاسه المحبوسة في صدره: ليتك تأتيني بها ليتك تدركين أنك جل أمنياتي وقربك كل ما أريده من هذه الفانية ...

\
\
يتبع

متاهة الأحزان
26-04-17, 06:00 PM
ج16

مراد في طريقه إلينا ...
وفي صالة الجلوس ...لست أدري هل تَعَمّدت إرباكي حين ألقيت بجسدك فوق المقعد المجاور ؟
حسناً ما أخبرنا به والدك كفيلاً بانتشالي من كل شيءٍ يدور من حولي ...مراد في طريقه إلينا
لماذا هيئ لي أن نظراتكم مصوبة نحوي كالسهام تخترق صدري ؟تُرى لماذا ترقرق الدمع في عينيك وهذا الكم من الذهول والوجع البادي على وجه سمر .
صورة مراد بين أصابع والدتك المرتجفة حركت فضولي فانتزعتها أنظر لهذا الحاضر الغائب.
أتعلم كم أذهلني هذا التشابه بينكما ... كنت أدقق في الصورة وأعود لوجهك كأنني أبحث عن فارق بين صورتين متطابقتين ...تراني التقيته هو وعشقته هو واختلط الأمر علي حين رأيتك ...هذا مستحيل.
هززت رأسي ألقي منه هذه الفكرة ،أعدت الصورة مكانها وفررتُ فيك إلى حجرتي فأنت وحدك من عشقته ـ نعم أنتما متشابهين لكن قلبي عشقك أنت لا سواك.
في وقتٍ لاحق أخبرتني سمر أن مراد ابن خالتكما الكبرى وأنت نسخةٌ عنه بالوجه والجسم والأخلاق فارقٌ بسيطٌ بينكما لا يعرفه إلا قلبٌ عاشق... إنها ابتسامتك.
وقد زدت سمر في صمتي أن رائحة عطرك لا تجاريها رائحة رجلٍ آخر على وجه هذه الأرض.
أطرق مفكراً: إذن هي تتحدث عن رائحة عطرٍ لن يتعرف إليها أحدٌ سواها ...ألهذا الحد عالقة بي بعالمي أسكت الأفكار في رأسه وابتسم رغم ضوضاء الحزن الآتي.
أعاد الدفتر إلى مكانه بعناية فائقة وغادر المكان على وعدٍ بالعودة,مضت الأيام سوداء حالكة الظلام ثقيلة صامتة يفترس المنزل حزنٌ قاتل وقد مزق القلوب رحيل أحد الأحبة .
هم ليسو سواءً في هذا الحزن ...وكما هي عادت البشر يبدأ المصاب كبيراً ثم يصغر فيصغر حتى يتلاشى لكن ليس هذه المرة ...الميت لن ينسى فسمر عاشقة أقسمت على إقامة النصب التذكارية له حتى في قلوب من حولها.
يكفي يا سمر ...أهكذا يبكي العاشق المذبوح برحيلهم على ضريح من يحب ؟تَقُضين مضجعة فكفي.
رفعت رأسها عن ضريحه تضم صورته إلى صدرها: لا تكوني جبانة كمثلي لا تفترشي التردد أرضا وتتظللي الصمتُ سماءً ...غادري إلى من تحبي اهديه رحيق نفسك وطهر قلبك فالموت لا ينتظر.
آه لو تعلمي كم الندم الذي يقتلني ...لماذا تركته يمضي وقلبي معه إلى دار الفناء ولذت بنفسي تحت أجنحة الصمت والتردد.
أدركي حبيبك قبل أن يباغتكما الموت اتركينا وعودي له أطلقي أجنحتك في كبد السماء وابحثي عن معشوق قلبك بإصرار بصبرٍ وثبات ولا تقبلي لصدره بديل.
تَركَتها وغادرت إلى جامعتها تركتها صريعة الدمع والندم لا تملك من حبيبها إلا حفنة ذكرياتٍ وبعض الصور.
أما أحمد فقد عاد لذات الحجرة ربما يبحث عن جرعة مخدرٍ تسكت هذا البكاء في قلبه بحث عن دفترها واستلقى كعادته على السرير ليغرق فيها وحدها ليبحر في عالم أفكارها وأحزانها.
أقسم لم أدعو بضرٍ يمسه...
رباه أغثني فأنت المغيث رباه أخرجني مما أنا فيه...ولمن منكم أعتذر ؟كيف أخبركم أني لم أدعوا في سجودي بضرٍ يمسه إنما كنت أطلب من ربي الخلاص.
فغداً يصل مراد هذا المنزل ,ربما في الغد يتعرى وجه السر المخبئ بين أضلعي ربما تبزغ شمس حقيقة غاصت في ظلام الغياب طويلا.
قلبي يرتجف خوفاً من إماطة اللثام عن وجه مشاعري رغم هذا أقسم لم أدعو بضرٍ يمسه
إلهي كم هو فاتنٌ ذاك النبيل الغائب في غياهب الموت ...حقاً لم أعلم أنه في مراحل مرضه الأخيرة لذا عاد مودعاً لكم على أن الموت لم يمهله فرصة الوداع الأخير.
عاد لكم جسداً مسجى فوق نعشه اصفرار وجهه لم يمنع ذاك النور المنبعث منه ـ يااه أي رجل كان هذا المراد حتى أشرق بهذا الكم من النور حين رحل.
سأصوغ لكم اعترافي يوماً ما أغلفه باعتذارٍ صادق وقسم ثابت أني لم أدعو بالسوء له يوماً ثم أرحل ...فأنا فتنةٌ كما تقول أمي لكني بصدق لعنةٌ تأتي على كل من تقترب منه بالويل والمحن.
هذا اليوم مزقني نزيف الدمع على وجوهكم ونحيب سمر الذي ما أسكته حتى المخدر ...ماذا أفعل طوال اليوم تهت بين دموعكم كطفلة تضيع بين الجنائز.
آآآآه يا أمي لو أنك اخذتيني في حضنك ذاك النهار لمن تركتيني ؟سامحك الله يا أبي أي لعنةٍ زرعت في منزل صديقك.
سأبكي اليوم وغداً وما بعدهما لن أبكي نفسي وإنما سأبكي ذاك الراحل الذي تشبثتم به بقلوبكم حتى بعد أن طواه الردى,سأبكي دعائي الطويل في سجودي بالخلاص مما أنا فيه فلو أني شككت يوماً أن دعائي سيرحل به إلى عالمٍ آخر لقبعت في زاوية حجرتي أمضغ جروحي وأبتلع حزني بكل رضا.
اللهم أكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد.
كان غارقا بدموعه أيرحل بك الحزن إلى هذا النوع من الأفكار ...حقا تعتقدين أن دعائك من رحل به.

\
\
يتبع

متاهة الأحزان
26-04-17, 06:04 PM
ج17

كريمٌ زوجي كغيمةٍ أثقلت بالعطاء...
أيها الحبيب تذكرت أمرا فأردت السؤال عنه رغم تلاطم أمواج بحر الحزن في صدري.
حين التحقت بالجامعة وجدت بطاقتي الشخصية كما هي عزباء لا وجود لاسم الزوج فيها ولا أخفيك سراً لقد بحثت عن أي شيءٍ في أوراقي يشير إلى زواجي فلم أجد.
خلصتُ إلى فكرة واحدة ...قد تزوجت زواجاً شرعيا غير مسجل لقد أدركت أخيرا كم غمرني هذا الزوج بكرمه وعطائه إذ أنني لن أسجل حين يفك قيدي مطلقة .
لو تعلم كم أمقت هذه الحالة...لقد رأيت بأم عيني نسوة سحقهن المجتمع بلا رحمة لأنهن مطلقات دون النظر إلى سببٍ واحد دفعهن للطلاق.
هنا سأضع راياتي لكم تحية لا تليق إلا بمثل طهركم بدأً بزوجي مرورا بعائلتك وانتهاءً بك فقد أثبتم لي أن هذا الزواج لم يكن يوما صك تملك إنما رغبةٌ حقيقية وصادقة بحمايتي دون الوقوع في حرام.
الآن أدركت أن زوجي قبل أن يكون جسراً أعبر عليه بخطواتي مهما كانت قاسيه من عالمٍ شرس لا بر أمان فيه يؤويني إلى عالمكم الطاهر عالمكم الذي لم أجد فيه إلا كل الخير الحب والأمان.
حقا في منزلكم وجدت الحب والرعاية التي فقدتها بفقد أسرتي رغم أنك تستفز قلبي وصمتي في كل لقاءٍ أيا كان وقته ومكانه.
تُرى هل فعلت ذلك عامداً إيذائي آه لو استطيع الاستماع إليك ولو لمرةٍ واحدة قبل أن تختلف بنا سبل الدنيا وتضيع مني في زحمة الأيام المقبلة.
هزَّ قلبه الخوف ...تُرى هل قررت الرحيل أخيراً؟
وهل لي بحديثٍ أخير يا أحمد...
هل لي ببضع كلماتٍ أيها الساكن أعماق أعماقي ؟فهذه المرة الأخيرة التي أحدثك بها
رجوتك اتركني أمضي بسلام فأنا قريبا وقريباً جداً سأرحل عنكم دون حتى مجرد النظر خلفي ,لن أعود يوما ...أنا أحببتك أكثر مما ينبغي ـ عشقتك وقد آن لعمر العشق أن ينتهي لن أجر على قلبك مزيداً من أعاصير الشتاء لن آتيك بالويل من جديد فقط اصفح عني واغفر لي زلتي التي أدمت عينك اليمنى ذاك النهار فأنا من تسلل إلى المختبر الصغير في باحة القصر بعد مغادرتك.
تسللت أبحث عنك في أشياء تعشقها أبحث عن قلبك في ذاك المكان وقد أدركت مؤخراً أن إصابتك كانت بسبب عبثي بأشيائك الخاصة .
نعم أنا من عبث بعبوات المواد الكيميائية وغير أماكنها ...بحق ركعت شكرا لله أن سلمت عينك وأسألك الاستمرار على العلاج حتى يتم الله شفائها.
\
\

يتبع

متاهة الأحزان
26-04-17, 06:06 PM
ج 18

لم يستطيع منع شهقات روحه فهي قررت الرحيل حقاً...هل ستقتله بذات الطريقة التي سبقها إليها مراد ولكن بوجهٍ مختلف؟
هو متمسكٌ بها حتى النهاية ولن يسمح لها بالرحيل لكن ماذا لو لم تستجيب...؟
غادر حجرتها على غير هدى جلس في فناء المنزل الواسع ينتظرها.
حين رأته أشاحت بوجهها تخفي كل البؤس الذي قرأه قبل قليل ...وللمرة الأولى منذ حضورها يشق صمت الكون صارخاً باسمها.
ياسمين ...تجمدت في مكانها وكاد قلبها يتوقف عن النبض ...وهل كان اسمها يوما بهذا الجمال
ياسمين انتظري ـ وضع يده على كتفها الأيسر وأدارها لتكون في مواجهته ـ تعلمين أن في جعبتي الكثير لأخبرك به ...أنا لن أتحدث طويلا سأكتفي بأن أخبرك أن رحيل مراد لا علاقة لك به ,أنت دعوت الله بالخلاص مما أنت فيه على أن مراد لم يكن يوماً الطرف الأخر ليمسه دعائك بسوء فاتركي عنك ألم القلب وتأنيب الضمير.
حدقت بوجهه مذهولة تأبى دموعها السفر لم تعلق ولو بحرف واحد وقد طاف في قلبها سؤالٌ كعادتها تكتفي به عالقاً في جوفها
تُرى سمر من أخبرته أم أنه حقاً يقرأها ...؟
لم ينتظر طويلا: وأيضاً أنا لستُ رجلا لعوب ,قلبي لم تفتح أبوابه إلا لياسمينةٍ واحدة احتضنها بدفء لكنها رفضه بقسوة بشدة لا تتناسب معها ...أردت اجتياز الحدود التي أوجدتِها لكن جبروت صدك وإعراضك ألزماني مكاني لفترةٍ طويلة على أنني عاشقٌ يحتضر في ظل حضورك كما في غيابك.
لن أسألك الآن البقاء بل سأفتح لك أبواب الرحيل على مصراعيها لتختاري لكن إن أرداني رحيلك قتيلاً لمن تعتذري إلى نفسك ...لوالدي أم لمراد الذي قتله دعائك كما تظنين ؟
ـ خلع خاتمه من يمينه ووضعه في يدها ضغط أصابعها فوق الخاتم ـ هو بيدك ولك القرار إما أن تعيديه وإما أن تلقيه بعيداً حينها سأغيب...سأغيب كشمسٍ آن لوهجها أن ينطفئ وقبل أن تنظري لخاتمي تعالي لتري شيئاً آخر.
قبض على يمينها كما فعل سابقا ومضى بها إلى حجرته أمام الجميع ...لم يكترث أحداً لما يحدث أتصدقُ الآن أن كل ما عاشته وهماً قاتلاً نسجته بيدها واختبأت خلفه رافضة لشمس الحقيقة تغزو روحها فتذيب صقيع عذاباتها الكثيرة؟
مضى بها إلى حجرته لم يتوقفا إلا بجانب سريره الفخم أشار لوسادته بصمت.
أما هي فما أن وقع بصرها على الوشاح حتى عرفته أخذته بيدين مرتجفتين تبكي بحرقه
: إذن هو معك ؟أنت احتفظت به لأنك أردته وليس سهواً منك؟؟!
عادت له بعينين باكيتان قسوة صمته,تنهد يفك قيد حروفه التي ألجمها طويلاً
:في ذاك النهار أخذته عنوه فقد وقعت في قلبي موقعاً ليس سهلاً علي الرحيل عنك بعده وذلك الموقف ليس سهلا أن أجتازه إليك ,لقد عدت لتلك البلدة مراراً وتكراراً لعلي ألتقي بك من جديد على أنك رحلت كسحابة صيف أتت تظللني ثم رحلت عني عطشاً لا ترويه أنهار الدنيا مجتمعة.
أدركني اليأس فقررتُ سؤال شقيقيك مصعب وقصي فهما صديقين صدوقين وحتما سيساعدانِ على معرفة السبيل إلى من أحب.
غادرت العاصمة إلى تلك البلدة لكني لم أصل فقد توقفت للمساعدة في إخلاء من أصيبوا بالحادث لأدرك أنهم أصدقائي والدتهم شقيقهم الأكبر والشقيقة الصغرى تلك الياسمينة الصغيرة التي رأيتك في وجهها النازف.
سألتها هل لك أختٌ أخرى أشارت إلى صدري مردده تحاول قهر الموت عاشقٌ أنت وأحسبك تبحث عنها إنها ياسمين.
لذا أسرعت في زواجي منك حتى قبل حضورك لم أشأ أن أخسرك لأي سبب والتأجيل سيردي قلبي قتيلاً.
في تلك اللحظة خفق قلبها بجنون : هذا هو سبب زواجك مني وهل أنت الزوج الذي رفضته لأجلك.
هز رأسه باسماً: ثناني عن القرب منك صراخك بالرفض حين رأيتيني ولم أدرك ظنك أن زوجك في سفر إلا حين استمعت إليك ـ نظرت له بذهول ـ نعم أنا من بكى فتناثر دمعه على أوراق دفترك أنا من عشقك وحاول الاقتراب فصددتيه كي لا تخوني زوجك وتدنسي طهرك.
أنا عاشقٌ يفتديك بعينيه الاثنتين وليس باليمنى منهم فقط... الآن لك حرية الاختيار فإما على سفر وإما على استقرار... لن أرغمك على قبول هذا الزواج من جديد.
تركها في حجرته عائدا لصالة الجلوس ,نظرت في خاتمه لتجده قد نقش عليه تاريخاً ما ...هذا التاريخ أعاد لذاكرتها المشهد ذاته نعم جذبها من يمينها لتستقر خلفه فيحميها لكنه في الحقيقة زرعها بين عظام صدره وفي النبض منه ثم وبعد حين ربما بعد أن التقى شقيقتها وربما بعد حضورها لمنزلهم نقش اسمها بجوار تاريخ لقائهما الأول.
اكتفت من التفكير تلفتت من حولها تحلق في عالمه الخاص فلفتت انتباهها علبة الموسيقى خاصتها والتي تحطمت بسببه في لقاءٍ سابق ,جلست على الأريكة تتأملها بسرور وتذكر يوم أهداها إياها شقيقها قائلاً
:هذه العلبة وضعت قلبي فيها لك هدية فلا تكسريها أو تفقديها فتفقدي قلبي معها.
عادت تبكي :أنت لم تكتفي بحمايتي فقط بل حفظت لي أحبتي بهداياهم فهذا وشاحي ورائحة يدي أمي عالقةٌ به وهذه علبة الموسيقى قد عادت وكأنها لم تكسر وقلب أخي بحبه وخوفه علي لا زال يسكنها...فبماذا أجزيك وكيف أرد جميل صنيعك؟؟
خرجت إلى حيث تجتمع العائلة تعبث بخاتمه في توترٍ واضح جلست بجواره وللمرة الأولى منذ دخولها هذا المنزل
:نعم أعترف أنك من تربع على عرش قلبي من أجلك رفضت زواجي وكدت أقتل نفسي لا علم لي ما علاقة زوجي بمراد ومن أين أتت قصة السفر تلك أنا كنت شبه غائبةٌ عن الوعي لكن عقلي التقط الاسم وقصة السفر هالني وجودك بين أفراد العائلة وسحقت عام صدري علاقتك بمراد...اشتعلت روحي غضبا فأنا لم أهب نفسي لرجلٍ سواك قبل أن أعرف لك طريق فكيف أفعل وقد بتت أقربُ إلي من وريدي؟
أقسمت سابقا على الاعتراف لك بحبي وأشواقي وعلى قربك عجزت عن البر بهذا القسم أما الآن وقد آن لي أن أختار فأنت تعلم أنني لن أختار بديلا عنك إلا كفناً أمضي به إلى عائلتي وإن كنت كل عائلتي.
جذبت يساره وألبسته الخاتم نظرت في عينيه نظرة مشرقة رغم الحزن الذي مر
:أنا أقر بهذا الزواج وأرضى به قلبا وروحا وجسد...أتمناك بقربي على الدوام فلا تتركني لا تبتعد لأي سببٍ كان.
سكب قبلة على جبينها وضمها إلى قلبه: أنت دنياي فإن ابتعدت يوما فاعلمي إلى تراب.
أقفلت فمه بيدها دامعة ورجته أن لا يذكر الموت مجدداً فقد أخذ منها الكثير ربت على كتفها بحنان
:لن أذكره مجدداً سنمضي معا في دروب الدنيا نبني حياتنا الخاصة ولكن لي رجاء ـ حدقت بعينيه ـلا تكفي عن الحديث إلي استمري حتى أرتوي .
ضحكت كطفلةٍ صغيرة: سأتحدث لك في كل حين حتى يدركك الصداع من ثرثرتي وسأشتكي منك إليك ولن أقبل عنك بديلاً أقف في ظله أحتمي به وأروي ظمأ روحه بأريج بساتيني.

\
\

الــنــهـــايــــه

متاهة الأحزان
26-04-17, 06:10 PM
تمت بحمد الله

أعتذر على الإطاله والتأخير في الحلقات فالأمر كان خارجا عن الإرادة
\
\
شاكره لكل من تابع بصمت أو حتى من خلف ستار

وأخص بشكري وامتناني الأخ الفاضل

عبد الرحمن منصور ـ الــوجــيــه ـ

أشكره على النصح والإرشاد كما أشكره على هذه الشاشة التي احتضنت أقلامنا وبوح قلوبنا

دمتم في حفظ الله