المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في أهمية تواصل الكتاب والادباء مع الاخرين وتواجدهم في المنتديات


ايوب صابر
14-12-16, 04:18 PM
:4لا شك ان الاديب والكاتب يحتاج الي التواصل مع الاخرين بقدر حاجته للعزلة والانقطاع عنهم.

كثير من الكتاب يعتقدون ان الأفكار تحتاج كي تتوالد الي زنزانة او صومعة او غار او أي مكان ينعزل فيه الكاتب عن الناس وبحيث ينقطع عن الاخرين للتخيل وتوليد الأفكار الإبداعية.

وكثير منهم يصبح الانقطاع عن الناس عنده أقرب الي الهوس وكأن شخصية الكاتب الاديب لا تكتمل الا بغليون ولحية كثة وعزلة وانقطاع عن الاخرين وأحيانا سوداوية وكآبة.

لا أحد يشكك في أهمية العزلة للكاتب لبلورة الافكار، فمن بين أفضل الإنتاج الإبداعي ذلك الذي يولد في زنازين السجون، وهو ما يعرف بظاهرة ادب السجون، وهو يقترب في قوته وجزالته وبلاغته من أدب الايتام.

وكأن العزلة والانقطاع عن الناس له تأثير سحري على آلية عمل الدماغ بحيث تُطبخ الأفكار هناك في مرجل العقل الباطن، وتنضج هناك لتخرج على شاكلة ابداع مميز وعبقري.

ولا نعرف على وجه التحديد ما هي الالية الذهنية التي تعمل اثناء انقطاع الكاتب الاديب عن الناس في صومعته، لكننا حتما نعرف ان مثل تلك العزلة غالبا ما تأتي بمنتج ابداعي مهول ومن طراز عميق وفاخر وعلى شاكلة " هكذا تكلم زرادشت".

والمعروف ان هذا الكتاب وحسب ما صور لنا ذلك الكاتب في كتابه المذكور كان وليد انقطاع الكاتب الوجودي الكبير نيتشه على رأس جبل مع كلبه وصقره فقط، وهناك ولدت أفكاره وكتابه الخالد المذكور، ثم نزوله من صومعته الي المدينة ليعلم أهلها ما توصل اليه من أفكار وكان زرداشت عاد ليعلم الناس الحكمة.

وعليه فليس هناك شك في ان الانقطاع عن الناس والعزلة والانكفاء في صومعة تساهم الي حد كبير في بلورة الأفكار وتوليدها وبحيث تأتي المخرجات الإبداعية أثر ذلك من العيار العبقري الثقيل.

في نفس الوقت نجد ان كثير من الكتاب لا يدركون أهمية التواصل مع الاخرين، وعرضهم أفكارهم ومخرجاتهم الأدبية، والاستماع الي تعليقات الناس عليها وهو ما يسمى في مجال الكتابة الابداعية التغذية الراجعة feed back.

وسيجد الكاتب الاديب ان حوارا مع شخص او مجموعة من الأشخاص في مقهى يتجمع فيه الادباء ليتسامروا ويتبادلوا الراي، وتتلاقح الأفكار... او حتى امام فرن خبيز او في الشارع او موقف باصات...هو مصدر مهم جدا لنضوج الأفكار لديهم ومعين لا ينقطع لولادة أفكار جديدة يمكن ان تتطور الي اعمال إبداعية مبهرة.

وفي هذا العصر، عصر المعلومات والاتصالات المتطورة نجد ان منتديات الأنترنت قد وفرت ساحة مهمة لتلاقح الأفكار من مختلف الاصقاع والبقاع والبلاد والامصار، ووفرت للكاتب والاديب فرصة لا مثيل لها لتبادل الآراء والأفكار وعرض مخرجاته الأدبية على قطاع عريض من الناس، وبالتالي استلام تغذية راجعه ربما بشكل طوفاني، ومن كل حدب وصوب ومن اشخاص وعقول ما كان له ان يتواصل معهم لولا الانترنت وما توفره من فرص للتواصل.

لكننا للأسف الشديد نجد بأن ظاهرة العزلة والنأي بالنفس عن الاخرين تظل هي الأبرز عند الكتاب والادباء، ولذلك نجد ونلاحظ عزوف غريب عجيب من الكتاب المحترفين عن النشر في المنتديات والتواجد من على صفحاتها، وهو ما يحرم الكاتب أولا وقبل كل شيء من فرصة تلاقح أفكاره ونموها وتطورها وتوالدها بصورة تجعله يستفيد من هذه الفرصة لتوليد أفكار عظيمة وخالده.

وانا هنا انصح الكتاب المحترفين قبل الهواة ان يجربوا التواجد على صفحات الانترنت ونشر انتاجهم في المنتديات الأدبية، وان يوفروا لأنفسهم فرصة التواصل مع الاخرين، وبالتالي الاستماع لتغذيتهم الراجعة، وسيجدون انهم سيجنون فائدة عظيمة من هذا التواصل ... وربما تتفتق عقولهم عن منتجات لا تقل عبقرية عن " هكذا تكلم زرادشت".

<!-- / message -->

ايوب صابر
14-12-16, 11:01 PM
اضف تعليق ...تفضل هنا

نسيان
15-12-16, 04:06 PM
(والاتصالات المتطورة نجد ان منتديات الأنترنت قد وفرت ساحة مهمة لتلاقح الأفكار من مختلف الاصقاع والبقاع)

نعم اتفق معك وبشده من بحث عن الثقافة فن الثقافة والحوار و تدوير المعلومه فليأتي للمنتديات الحوار يثري الفكر يشحذ الفكر عن البحث عن الحقيقة يضفي معلومه نقية صافيه تقدمها المنتديات لي عوده

ايوب صابر
16-12-16, 04:11 PM
استاذة نسيان

لك كل الشكر والتقدير على هذا المرور الجميل

الحمداني
20-12-16, 03:47 AM
تحية إجلال وعرفان
لقلمك النابض بكل حيوية وفكرك الشامخ بكل ماهو مفيد
أجدك هنا لم تترك مجالا لشي يقال إطلاقا فلقد أثريت الموضوع وحويته من كل جوانبه
ووضعت أسا سياته فمن أراد أن يستفيد فأنت طرحت مايفيد
وأنا أكتفي بالمتابعة
بارك الله لك في فكرك وقلمك
وزادك من نعيمه وفضله
ولك مني خالص التحايا وأطيبها

ايوب صابر
20-12-16, 09:42 AM
استاذ الحمداني

اشكر لك مرورك وتواصلك الجميل.

الــمُــنـــى
20-12-16, 06:16 PM
:
وانا هنا انصح الكتاب المحترفين قبل الهواة ان يجربوا التواجد على صفحات الانترنت ونشر انتاجهم في المنتديات الأدبية، وان يوفروا لأنفسهم فرصة التواصل مع الاخرين، وبالتالي الاستماع لتغذيتهم الراجعة، وسيجدون انهم سيجنون فائدة عظيمة من هذا التواصل ... وربما تتفتق عقولهم عن منتجات لا تقل عبقرية عن " هكذا تكلم زرادشت".

<!-- / message -->


/
/

طرح موفق ونصيحة ذهبية بأعتقادي أنها لم تأتي من فراغ
بقدر ما كانت عن تجربة خاضها كاتبنا ..
أوافقك الرأي خاصة في ظل اتساع رقعة الكتابة الإليكترونية
وانكباب الكثيرين على مواقع المكتبات الإليكترونية ..
بدلا من رفوف المكتبات الورقية لأسباب لا تخفى على الجميع ..
اضافة إلى أن تواجد الأديب وكما أسلفت أخي الفاضل
يتيح للكاتب أخذ التغذية الراجعة من الاعضاء وهذا بدوره
يثري الكاتب قبل العضو ، كما أنه يساهم في أنتشار رقع الكاتب
ويادة نسبة مبيعاته في حال النشر ...

كاتبنا القدير / ايوب صابر
متابعة لكل ما تطرح
زادكم الله من علمه ورزقه
ونفعنا بما يخطه يراعكم
تحيتي

منى

ايوب صابر
21-12-16, 07:21 AM
مرحباً استاذة منى

صحيح تماماً اجد انني استفدت كثيرا من التواصل مع الاخرين عبر الشبكة العنكبوتية وتعلمت كثيرا حتى أظنني تعرفت على الادب وفنون الكتابة والنقد والحوار من خلال الشبكة العنكبوتية اكثر من الجامعة.
لكن التوصية تأتي ايضا من واقع فهمي بسيكولوجية الكتابة الابداعية وولادة النص الابداعي وأهمية التغذية الراجعة في ترسيخ المعلومات وبحيث تصبح عملية توليد النص الابداعي سهلة وغنية من حيث المواصفات الفنية .
وأظن ان المبدع لا يتطور في فنه الا اذا عرض مخرجات عقله الابداعيه وحصل على نقد وتعليق وهكذا حيث يحصل من خلال عملية العرض على تحفيز إضافي تجعله قادر على الاستمرار في الكتابة وتحقيق قفزات نوعية في الانتاج. وهذا ينعكس إيجابا على الادب والمحتوى العربي الذي نحتاج جميعا لتغذيته وتطويره .
ومرة اخرى العزلة مهمة حتما للكاتب تساهم في اختمار الأفكار لكن التواصل لا يقل في اهميته عن العزلة من حيث اثره في تطوير فنيات العملية الابداعية وتلاقح الأفكار والاتيان بجديد. *

ايوب صابر
21-12-16, 09:13 AM
التربية الرقمية
[1]
تعلمنا الكتابة أول مرة، في الكُتاب، على اللوح الذي كنا نمحوه بالصلصال، ونكتب عليه بأقلام القصب المغموسة في الصوف والصمغ (السماق) الأسود. وحين دخلنا المدرسة العمومية، كتبنا على اللوح الأسود بالطباشير أولا، ثم انتقلنا إلى الكتابة على الدفتر بقلم الرصاص ثم بالريشة العريضة الرأس بالعربية، والرقيقة في الفرنسية، إلى أن انتهينا بالكتابة بالقلم الجاف أو الحبر في ما بعد.
مرحلة طويلة جدا، عانينا فيها كثيرا مع الصلصال والصمغ ونجر رؤوس القصب وشقها من الوسط، ثم مع الطباشير الذي يلوث أيادينا ووزراتنا، ثم مع المداد والمنشفة، جاءت بعدنا أجيال، اشتغلت بالعجين وحولته إلى أشكال، وباللوحات السحرية التي يكتب عليها بأقلام ملونة نظيفة. وها هم الرضع الآن من أطفالنا «ينقرون» على الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية ويتنقلون بين أيقوناتها وروابطها بسلاسة ومرونة لا تتأتى في الكثير من الأحيان لكبار السن. وما قلناه عن تعلم الكتابة، نقوله عن القراءة، حيث كانت صناعة الكتاب المدرسي بدائية وصوره باهتة، وقد تطورت الآن كثيرا مع الزمن.
يكمن الفرق بين الجيل السابق والأخير في كون الأول «يمسك» بالأقلام ويتدرج في استعمال أنواعها حتى يمتلك مهارة الخط، ويصبح قادرا على الكتابة. ولهذا السبب كان خطنا بصفة عامة جميلا وموحدا. وحين تظهر لي، عندما أصحح أوراق الامتحان، ورقة متميزة بخطها الواضح والجميل عن باقي الأوراق التي يُكتب كل منها بشكل رديء وغير مقروء، أدرك جيدا أن صاحبها من الجيل القديم، وأن لا علاقة له ممن تربوا على وسائل مختلفة في تعلم الكتابة. أما الجيل الجديد (جيل المستقبل)، فهو «ينقر» على لوحات مفاتيح وعلى روابط تجعله يتعلم بسرعة، وبدون معلم، ويتيح له هذا التطور الذي حصل مع التكنولوجيا الجديدة للمعلومات والتواصل تعلم الأشياء بسرعة فائقة تفوق الأزمان التي كنا نقضيها لتعلم الكتابة أو القراءة.
بين «المسك» و»النقر» مسافة زمانية وإدراكية تتحدد من خلال الانتقال من اليدوي إلى الرقمي. ولا يمكن الاستفادة من الإمكانيات التي توفرها هذه التكنولوجيا، بدون استغلال تلك المسافة بانتهاج تربية جديدة أسميها «التربية الرقمية». وبدون تدخل الأسرة والمؤسسة التعليمية في الوطن العربي لاستغلال هذه الإمكانيات الرقمية في التربية والتعليم، سنترك المجال مفتوحا للأجيال الجديدة من امتلاكها بمنأى عن المدرسة أو الجامعة، وحينها سيكون تعلمها مبنيا على الخطأ والصواب بدون توجيه أو إرشاد يجعل تلك المسافة قابلة للملء بما يجعل الاستفادة من الزمن متاحة وممكنة.
إن التلميذ والطالب في الوطن العربي، وهو يتعلم أو يبحث، يعيش زمانين مختلفين ومتناقضين: زمن التعلم والبحث التقليدي في المؤسسة، وزمن استكشاف ما تقدمه البرمجيات الرقمية من جديد، وهو منفرد وأعزل. وهذه الازدواجية تجعله يرى عالم التعلم التقليدي هو عالم «التحصيل»، بينما عالم الزمن الثاني هو عالم «الترفيه». يبدو ذلك واضحا في كونه منفردا يضع السماعتين على أذنيه، ليس للتعلم أو السعي نحو امتلاك معلومات ومعرفة جديدتين، ولكن للاستماع أو الموسيقى أو مشاهدة مقاطع صورية متحركة أو ممارسة ألعاب الفيديو الرقمية.
إن التربية الرقمية هي الوسيلة الوحيدة لردم الفجوة بين المسك والنقر، وذلك بجعل زمن «النقر» للتعلم والبحث أيضا، وليس للترفيه فقط، باعتباره امتدادا وتطويرا لزمن «المسك». ولعل دخول زمان هذه التربية، لجعل إدراك الامتداد واردا ومتأصلا في الذهن، يبدأ من الروض لتمكين المتعلم من تمثل «الجدية» في التعامل مع ما هو رقمي.
لقد بدأنا تعلم الكتابة بتعلم نجر القصب، وكيفية إمساك القلم، وما كان يصاحب ذلك من عملية «صناعة» الصمغ الذي كنا نكتب به، فنشتري الصمغ من العطار، وننتقي قطعة الصوف من البيت، ونتعلم كيفية المزج بين المكونات في الدواة لتوفير المادة التي نكتب بها. ومعنى ذلك أن تعلم الخط كان مرتبطا بتعلم تقنية صناعة الأداة التي نكتب بها. لكن المتعلم الآن لا يتعلم تقنية استعمال الوظائف التي تزخر بها الوسائط الجديدة. إنه يكتفي بما يحتاج إليه لتشغيلها أولا، وبواسطة الخطأ والصواب، قد يوسع مجال بعض الوظائف التي لا تستثمر كل الإمكانات التي تحتوي عليها هذه الوسائط.
حين أتابع الآن ما يكتب عن لغة التعلم، في مجال التربية والتعليم، من نقاشات إيديولوجية وسياسية، ونطرح أسئلة حول: التعلم بالدارجة أو العربية أو الأمازيغية، ونحن في الزمن الرقمي، أخلص إلى أننا لا نناقش عمق الأشياء التي تسهم في دخولنا زمن التربية الرقمية، وأننا ما نزال نغرق في سجالات عقيمة حول الوسيط اللغوي. ولا نعني بذلك إلا أننا ما نزال نفكر بذهنية المسك، ونحن في زمن النقر؟ بل إننا نعود بذهنية المسك إلى بداية الفتح الإسلامي في المغرب، حيث كان ينبغي طرح الأسئلة حول «اللغة» أو «اللغات» التي ينبغي جعلها وطنية أو رسمية. أما الآن، وعندنا لغة للكتابة صار لها تاريخ، علينا أن نتجاوز نقاشات تعيدنا إلى الوراء، وأن علينا الانتقال إلى الثقافة الرقمية، ولا يكون مبدؤها إلا بامتلاك التكنولوجيا ودخول التربية الرقمية.

٭ كاتب مغربي

التربية الرقمية
سعيد يقطين