المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوق مترامي الأطراف


علي مجدوع آل علي
17-05-13, 11:26 AM
بعدما أنهى حامد صلاة العصر وبعدما ركب سيارته ظلَّ لبعض الوقت ساكناً وهو ضجر من رتابة يوميه معتادة ، فكرَّ إلى أين يذهب كي ينهي هذا الملل ، فلمْ يجد سوى السوق المركزي كي يتجول فيه لعلّهُ يجد مساحة ما تُذهب عنهُ هذا الكدر.
توجه بسيارته إلى حيث السوق المركزي الكبير في مدينته ، وكالعادةِ طبعاً لم يجد موقفاً مناسباً لسيارته، وكالعادة أيضاً وجد المواقف المخصصة للمعاقين محجوزة من قبل أحدهم، لعلّهُ معاق فكريا لذلك سيكون مباحاً له حجز الموقف، إنّهُ معاق بلا أدنى شك ولهُ أن يفعل هذا.
نزل حامد من سيارتهِ متوجهاً إلى البوابة الرئيسية التي تفتح مصراعيها لكل الناس تدعوهم إلى جلبة الإغراءات المعروضة هنا وهناك، وهو يسير وعلى حافة الطريق رأى بأم عينيه التي تصدق كل ما تراه أولئك النسوة الجالسات واللواتي يعرضن بضاعة غير مرخصة أن تُباع، حلوى وبعض ألعاب تطير من بين أماكنها حشرات وذباب وفايروسات فاتكة لا تُرى بالعين المجرّدة، أولئك النسوة من جنسيات أخرى لا تحتضن هذه البلد تراثها ، ولا يُدرى هل يرثي حامد هذه المشاهد أم هي من ترثي حالتنا للخدر الذي أصابنا، إنّه الفقر المدقع الذي دفعهن لهذا، وإنّه الإهمال منا بأن سمحنا لتلك الظواهر بالانتشار.
حال دخوله إلى السوق وقعت عيناه على بعض التماثيل الواقفة بلا حراك، شخصيات ترى حالها فاتنة للنساء المارّات من هنا والقادمات من هناك، يقوم كل تمثال بالتلويح بأرقامه التي تُمثله ، وبابتسامة كلاسيكية تُخفي أنياب ذئاب شرسة كي تكون استعراضا لقدرات الاصطياد الفاتكة، يا لهُ من مشهد قد حُرم تجربته لأنّهُ على يقين بأنّهُ ليس الزير في هذا الزمن.
في وسط السوق رغب حامد بالاستراحة قليلا بأحد المقاهي، فاختار المقهى الشهير ( ستار بكس ) كي يكون المكان الذي سيجلس فيه ليقضي وقتا مسترخيا مع قهوته التي يفضلها دائماً وهي القهوة الأمريكية السوداء والتي تتكفل بأن تجعلهُ يقظاً كي يُنجز بعض ما يتطلب إنجازه، وهو كذلك إذ بشابٍ رداءه بنطال جينز وفانيلة موشومة بعبارات انجليزية، وجههُ قد تعرّى من اللحية والشارب، يظهر عليه بعض الحماسة لأنّه تنقل من طاولة إلى أخرى قد حدّث في كل انتقال مع جلساء الطاولات بحديث لم يُعلم فحواه لأنّه كان يتحدث بصوتٍ خافت، فعلم حامد بأنّه أحد المقصودين من حديث الشاب، وتساءل لعلّه يطلب مالا، أو مساعدة ما، وإذ بالشاب واقفا أمام حامد مباشرة، فاستأذنه بلطف أن يجالسه بعض الوقت، فوافق حامد على ذلك فضولا منه كي يعلم مراد هذا الشاب، عُرضت عليه الضيافة فاعتذر بلطف، ثم قال: ألا تعلم يا أخي الكريم بأنَّ هذا المقهى تمتلكهُ شركة يهودية وبأنَّ عائد ربحه يساعد على بناء اقتصاد إسرائيل التي اغتصبت الأراضي الفلسطينية، فقال له حامد: قد علمتُ هذا ! ولكن ما الذي ترمي إليه.!
فقال الشاب: لعلّك تقاطع !! كي لا تكون أحد المساهمين في المشروع الصهيوني!
فقال حامد للشاب ساخرا : أنظر إلى هيئتك أليس عيباً بأن تكون مُقلّداً للثقافات الأخرى في الملبس !
صمت الشاب قليلاً ثمَّ قال: إنّك محق !! هل لك بأن تأذنَ لي !
فقال حامد: لك هذا ! وسأخرج بدوري من هنا !
فخرج الاثنان ثمّ افترقا بأن سار كل منهما معاكسا لاتجاه الآخر.


سابقة النشر في
20 / 5 / 1434 هـ

الــمُــنـــى
18-05-13, 04:46 PM
/
\

مفارقة عجيبة بين طرفين كان من الممكن أن يخدما ذات القضية
ليزداد وقع الفعل وليكون الحصاد مثمر ..
ولآن الرؤية غير واضحة ولا يوجد تنسيق وتنظيم أو تكاتف في تحقيقه
جاءت الأفعال متناقضة وكلها لا تحرك ساكنا في خدمة القضية الأم
وسيبقى هذا هو الحال لحين ايجاد رؤية موحدة وتنسيق وتعاون وتكاتف
بين كافة الدول والجهات والأفراد ..

كاتبنا القدير / علي آل علي
لا غابت شمس حرفك ولا حرمنا هذا
الفكر السامي ..
دمت بود

منى

علي مجدوع آل علي
26-05-13, 12:10 AM
الفاضلة / المنى

القضية أسيرة تداعيات شتى وكل يغني على شاكلته
بارك الله فيك وألف شكر لك على حسن القراءة

تحياتي
آل علي