أولاً : كلمة الحرية فى ذاتها تناقض مبدأ التدين .. لأن مبدأ التدين إلزام و قيود بمبادئ و مناهج .. و حرية على إطلاقها تعنى أنه ليس هناك دين 00 الدين جاء لكي يعلى كلمة الحرية .. بمعنى ألا يعطيها لكل فرد على إطلاقها..و إلا صارت الحياة فوضى.. إنك حر فى أن تفعل ما تريد و أنا حر فى أن افعل ما أريد.. الرجل الذى قال أنا حر فى أن افرد يدى هكذا و فرد يديه على آخرها ..قلت له : و لكن حريتك تنتهى عند وجود أنفى .. إذن الحرية تكون بما لا يتعدى على حرية الآخرين .. فكلمة حرية لا بد أن تحدد !
هل تبيح لنفسك أن تكون لك حرية و ليس لمقابلك حرية ؟ لا.. لا بد أن تكون له حرية .. فعندما يكون لهذا حرية و لهذا حرية تختلط المسائل .. إذن الحرية لا بد أن تكون بما لا يتناقض مع حرية الآخرين .. لأن الحرية ليست لى وحدى .. و إنما للمجتمع كله أيضا... لو أن المسألة أخذت على إطلاقها لكان لصاحب القوة أن يفعل ما يشاء.. و الضعيف ينتهى.
إذن كلمة الحرية لا بد أن تحدد.. أن تكون حراً فيما لا يتعدى حدود الغير ..إذن فلقد تقيدنا أنا و أنت.. لكن من الذى قيدنا ؟ إن كان المقيد واحد منا فتكون القوة قد فرضت.. إذا لا بد أن يكون المقيد أعلى منك و منى .. إذن التقييد للحرية لا يمكن أن ينبت من مساو أبدا...و لكن ممن هو أعلى منى و منك و ليس له مصلحة فى إطلاق حركتك و عدم إطلاق حركتى ...و الناس بالنسبة إليه كلهم سواء !
إذن كلمة الحرية على إطلاقها تنافى كلمة التدين.. لأن التدين إرتباط و إلتزام بمعنى إفعل كذا و لا تفعل كذا ..لكن المبدأ الأصيل الذى يدخلك فى الإلتزام أنت حر فيه.. إذن قمة تصرفك فى الحياة أنت حر فيها .. يعنى أنت حر فى أن تؤمن بالله أو لا تؤمن ... هذه هى القمة ...و لكن إذا آمنت .. فوجب عليك الإلتزام !
من كتاب : خواطر إسلامية
الشيخ : محمد متولى الشعراوى