" رسالة ضائعة "
لست أدري إن كان بإمكانكِ أن تفهميني على نحو صائب.!
ولست أدري إن كان بمقدوري أن أكون واضحا كذلك.!
فأنا لم اعش معكِ الحب يوماً بقدر ما حاولت أن أنج منه دوماً
ولكني وبكل مهارة فشلت في الأمرين معاً فشلاً ذريعاً..!!!
فلا أنا الذي من الحب نجا ولا أنا الذي قد عشته يوماً معك
ولا أنا الذي عنكِ رحل ولا أنا الذي كنتُ قربك أو معك
فلماذا علي أن أدفع كل مغارمه وقد حرمت جميع مغانمه..!!؟؟
وإلى متى على أن أرتدي الكثير من الأقنعة الباسمة والضاحكة
الهازئة والمستهترة كيلا يرى الناس مقدار التشوه الحاصل بعد رحيلك..!!؟؟
وإلى متى أمارس الكذب عليهم لأقنعهم بأني سلوتك وأني نسيتك وأني هجرتك وأني قليتك ..!!؟
و قد تلاشى من داخلي الحنين وقد تبلد في داخلي الشعور والاحساس ..!!؟؟
كي لا يشعرون بخيبتي أو يعرفون حقيقة المأساة و فداحة الإفلاس..!!
ورغم أني كذبت وزورت الحقيقة وخدعتُ وأقنعتُ عقول الناس
لكني لم أجرؤ أن اقنع قلبي برحيلك لحد الآن ..!!!
فـقلبي فيه من السذاجة والطفولة ما يمنعه
أن يفقه معنى الرحيل أو أن يفهم معنى الغياب ..!!!
إنه إذا أحب تشبث بالأشياء .
فقد تشبث بالحديد وبالحجر
فكيف بكِ وأنتِ له النبض والسمع والبصر.!!!
وكيف أقنعه برحيلكِ وأنتِ عنده كل البشر.!!!
هي فجيعة القدر و قمة المأساة و جريمة لا تغتفر.
فما هذه الرسائل التي شرعت في كتابتها منذ سنين طويلة ولم أفرغ منها لحد الأن ....
سوى كذبة كبيرة أمارسها على قلبي و أمعنُ فيها يوماً بعد يوم وأتوغل فيها أيما إغال
لأُغرق قلبي بسيل من الوهم وأغمره في بحر من الخيال لأبعده عن أرض الحقيقة
التي لو كُشفت له يوماً سيتصدع وينهار بشكل لن يكون له نهاية ولن يعرف له قرار..!!!
فلو كانت رغبتي أن أكتب لأبهر القراء ويتابعني المئات والألوف
لو كانت غايتي أن أجعلهم يقبلون جبين الكلمات ويلثمون كفوف الحروف
لعرفت كيف أكتب وأين أكتب ولكن لم يكن هذا هدفي ولا غايتي ولا مرادي.
لذلك اخترت هذه المكان الهادئ والبعيد الساكن جداً والوديع وابتعدت فيه عن الركب وشذذت فيه عن القطيع
واخترت هذه المساحة الممتدة الخالية التي لا أرى فيها غير خفقان قلبي ولا أسمع فيها سوى صوت صمتي
لأُبقي فيها قلبي بعيداً وحيداُ عن فداحة الواقع و أُخدره فيها بالوهم عن فضاعة الحقيقة.
أعترف أن لدي رغبة ملحة بالتوقف وعدم الاستمرار..!!!
ولكن هناك ما يدفعني لعدم اليأس أو الهزيمة والاستسلام
فبرغم أني في كثيرٍ من الأحيان لا أجد ما يمكنني قوله..!!!
إلا أنني لازلت أشعر أن في داخلي الكثير من الكلام
الذي لم أنطق به لحد الآن ولم أكتبه ولم يقال ...!!!
هذا الكلام التائه داخل دهاليز أعماقي ..!!
وهذه الرسائل الضائعة في سراديب روحي ...!!
يعجزُ بريد الحروف أن يأخذها إليكِ
وتضيقُ حقيبة الكلمات أن تحملها إليكِ
وتفشلُ جميع اللغات أن تنقلها إليكِ
هو حديثٌ مسجون داخل قطراتي ..!!
وحبيس داخل ذراتي ..!!
هو في روحي
وفي قلبي ونبضاتي ..!!
هو في صدري
وفي نفسي وخفقاتي ..!!
هو في صمتي
وصرخة آهاتي ..!!
هو تاريخي
وقصة مأساتي ..!!
هو صورة أعماقي
وحقيقة نفسي ومرآتي ..!!
أنا لا أدري متى يأتي ..!!
و متى يتحرر من ذاتي ..!!
لكني أعلم أن له موعد
وأكيدٌ في يومٍ أتٍ ..!!
وإن جاء يوماً فما الفائدة
فنبض القلوب مجرد شذوذ
وما شذ قلب عن القاعدة
فمن نكتب لهم لا يعلمون
وإن علموا قد لا يذكرون
وإن ذكروا قد لا يعبرون
وإن عبروا قد لا يقرأون
و إن قرأوا قد لا يفهمون
وإن فهموا قد لا يشعرون
ونحن الذين حملناهم
في ثنايا الروح
وسط حبات العيون
في تجاويف الفؤاد
وبين أهداب الجفون
وكانوا زهر الحياة
وكنا نحن الغصون
فلا والذي فطر الفؤاد
على المحبة والشجون
ما خنتُ عهدكِ
ولا قلبي خؤون
/
\
/
الوجيه