ج16
أمسك باسل يديه بسرعة راجياً: لا تفعل خذ جنتك وإرحل فقط ...عسكر مجرمٌ يا آسر سوف يقتلك بدمٍ بارد.
ابتسم بمرارة: وهو لم يقتلني حتى الآن..؟ ـ نظر لوجه باسل ـ لقد قتلني ألف مرة في كل لحظةٍ مضت دون أن أتذكر عائلتي وحياتي.
استرخى باسل في فراشه: سامحني يا ولدي لقد كنت شريكا بصمتي.
انتبه آسر: أنت لم تخطط لتلك الجرائم هذا ما أخبرني به عامل الكراج.
تنهد بضيق: وما الفرق بين السكوت على الباطل وبين
قاطعه آسر: الفرق كبير ثم أنت دفعت ثمن اعتراضك باهظاً على أن ورد لازالت تعتقد أنك شريك هي تحمل عبئ تلك المصائب كاملاً ويجب أن تتحرر منه.
امسك باسل يده خائفاً: إن علمت سيقتلها عسكر.
ابتسم بمرارة: لهذه الدرجة جبارٌ هو ومخيف...؟!
أغمض باسل عينيه بمرارة يسترجع بعض الذكريات ورد بصوتٍ مختنق: فوق التصور.
آسر: حسناً عدت لأسألك
بتلك اللحظة قُرع الباب لتدخل ورد في يدها كوب حليب وبعض الكعك وقد تفاجأت بوجود آسر فارس النبض وساكن القلب ابتسمت مرحبة فرد آسر تحيتها ببسمة عذبه وحركة بسيطة من رأسه وعاد يكمل حديثه.
لقد وجدتُ أوراقا كثيرة من ضمنها شهادة وفاة فارس وهي بتاريخٍ يسبق تاريخ الحادث بكثير .
فتحت ورد عينيها بصدمة وقد تعلقتا على وجه آسر ثم عادت تسأل والدها
إن كنت تعلم أن فارس حي ...لماذا أقسمت لي مراراً على موته...؟
باسل :لأن فارس مات حقاً يا صغيرتي.
تنهدت وطرقت الأرض بقدمها تكتم غضبها: ها قد عدت إذن.
قاطعها باسل: أقسم لكما فارس مات ...مات أنا لا أعرف التفاصيل فتاريخ معرفتي بعبد الله كان بعد وفاة ابنه بثلاث سنوات على أقل تقدير...لكني سمعت عن الأمر من البستاني العجوز.
كان وقع الكلمات على ورد وآسر رهيب ...فسأل بصوتٍ متهدج : ماذا تعني ... من أكون أنا هل عدتُ للصفر من جديد ...؟
استرخى باسل مبتسماً: أنت توءم فارس يا ولدي ,لقد أتيت إلى الدنيا ضعيفاً جداً بعكس شقيقك الذي سبقك إلى الدنيا ,صحيح أمينه لا بد وأنها تعرف القصة كاملة فأمها رحمها الله مربيتكما التوءم ...قال البستاني أنك لزمت الحضانة مدة شهر تقريباً لذلك عُرف عبد الله بأبي فارس على أن قدر الله نافذ خرجت أنت وكبرتما معاً حتى سن الرابعة مات شقيك مسموماً والمربية كذلك وأصابع الاتهام أشارت لذلك بعسكر لكن عبد الله لم يصدق أن شقيقة قد يفعل أما أنت فقد حملت اسم شقيقك لأسبابٍ لا يعرفها إلا الله ووالدك لكن اسمك الحقيقي آسر كما وجدت في أوراقك الخاصة .
أنا يا ولدي حين أرسلتك للغرب لم أجردك من هويتك الحقيقية كل ما فعلته أنني كتبت في دفترٍ صغير قصة لا تمت لقصتك بصلة حتى لا يفكر جورج بالبحث عن عائلتك فتعود للطاغية كي يقتلك .
سألت ورد والدها: أرسلته...ماذا تقصد ...؟
رد باسل مغالباً الغصة في حلقة: نعم يا ورد حين نجا من الحادث تعاونت مع البستاني وعامل الكراج أرسلناه للعلاج في مدينة النور فعسكر لم يعلم بنجاته لذا لم يبحث عنه وقد أرسلناه لمكانٍ لن يخطر للطاغية على بال, حين بدأ يسترد عافيته أخبرنا الطبيب أنه فاقدٌ للذاكرة فطلبت تحويله للعلاج في الخارج ...كلفني الأمر كثيراً من الأموال التي أغدقها علي الطاغية لأنه ظن أنني تخلصتُ منهما للأبد.
نظر لآسرـ نجحت خطتي لكنني لم أعتقد أنك لن تتذكر أي شيء أبداً حتى حين حدثتني ورد عن عودتك ورد فعلك حين التقيتما قررت الصمت فأنا راغبٌ بنجاتك حقاً وعسكر مجرمٌ لا يمكن لمن لا يعرفه أن يجابهه.
أطبق آسر بيدين قويتين على يد باسل شاكراً يلمع في عينيه بريق تحدي وقوة
: الآن يا عمي أشعر بالرضا والراحة لا يهم أن أتذكر كل شيء كل ما أريده الآن موافقتك على طلبي ـ ونظر لورد بحنان ـ هلا زوجتني جنة الورد هذه ...؟
ابتسم باسل: جلُّ ما أتمناه أن أطمئن أنها غدت في ظل فارسها الذي لم يرحل أبداً.
توردتا وجنتيها من نظرات آسر وهمت بالمغادرة والبسمة تعلو شفتيها فلحق بها يحدثها بجدية.
أدراها لتواجهه: سنقيم حفل خطوبة صغير ثم نرحل للجنوب سأتركك في بيت عذراء هناك ستكونين في مأمن وحين أنتهي من أمر عسكر نتزوج ونرحل غرباً حيث والداي بانتظار ليتعرفا على جنتي .
كانت عيناها تفيضان بدموع القلق والخوف: ستواجه عسكر ,إن خسرتك هذه المرة ماذا أفعل...؟
\
\
يتبع