ج 12
شعرت بالخوف حين أدركت وجودك وهذا يتنافى تماماً مع مشاعري الحقيقية فأنت تمنحني إحساسٌ بالأمان عجز عنه كل البشر.
حقاً لست خائفة إنما هو محض ارتباكٍ بسبب فستاني القصير ...
لقد خارت قواي حين أمسكت ذراعي هاتفاً بغضب: إلى متى تهربين !!!ألم تدركي بعد أنني لن أبتلعك لن أؤذيك ...؟
رغم هذا حررت ذراعي من قبضتك وهربت أحتمي من نيرانك بجدران حجرة باردة ,يطوف بالنفس سؤالٌ أدرك يقيناً أنه لن يتناهى إلى سمعك يوماً
هل أنت رجلٌ لعوبٌ إلى هذا الحد ؟! تمنحني الإحساس بالأمان وتقتلني بسيف نظراتك الحاد ...أستمع إلى صوتك حين ترتل كتاب الله فأعلم كمَّ الطهر الساكن في أعماقك ثم تأتيني تدك حصون ثباتي أمام جبروت عشقك ؟
أتمنى لو أعلم لأي شيءٍ تُريد الوصول أعلم يقيناً أن ثمة حديثٌ عالق بين شفتيك أطلقه أرجوك فُكَ قيده وانشره على مسمعي لأعلم لأي دربٍ تريد الرحيل بي .
ابتسم وإحساسٌ مر يعتصر قلبه : لست كذلك صدقيني فلو كنت أعلم جهلك أنك زوجتي لما فعلت ذلك أبداً قبل أن أحدثك ...حسناً أنت زوجتي أمام الله سنةً وشرعاً ولم يبقى إلا القليل ليتم هذا الزواج فيكون أمام الله ثم الناس شرعاً قانوناً وعرفا.
وغضبت من نفسي كثيراً...
حين تركتك بتلك الطريقة غضبت من نفسي كثيراً وسألتها :لماذا عاجزةٌ أنا عن الوقوف أمامك بثبات ؟ لماذا أقرر منحك ولو فرصة حقيقية واحدة لتتحدث لكن سرعان ما أتقهقر أمامك منسحبة متراجعة عن قراري الأهوج !!!
كيف لي أن أصل إلى ما تريده ...كيف لي أن أخبرك أنه وبرغم الحب الكبير لن أترك طريقاً بيننا مفتوحاً فيغوينا الشيطان لنجتازه إلى نقطة لقاءٍ يسقط فيها شرفي ملطخاً بعد أن قضى والدي في سبيل حمايته ...؟
آآآآآآه من الأيام كم تمضي ثقيلةً في بعدك يا أبي كم أتمنى لو يسمح لي بزيارته وحدي فأحدثه عن معاناتي عن عذاب هذا الحب الساكن روحي وقلبي وأضحك ساخرة من أنانيتي ...أبعد كل الشقاء الذي رأيته فيه بالزيارة الماضية سأبثه همومي وأحزاني ليزداد شقائه.
بالحقيقة أنانيتي يزداد حجمها كلما مضت علي الأيام تائهةٌ متخبطة عالقة في علاقةٍ لست أدري عن طرفها الآخر أي شيء.
هربت من عينيه دموعٌ لا يعرف سرها رغم هذا ابتسم : قريباً ستتضح الأمور فقط امنحيني بعض الوقت.
هل لي بقبلةٍ أرسلها لعينك اليمنى...؟
هل لي بقبلةٍ أسكب فيها خوفٌ يفترس أوصالي وندمٌ يمضغ قلبي ... قبلةٌ تحكي لوعة الأشواق في نفسي وإباء دمعة حنينٍ أن تجري على خدي آخذة معها بضع زفراتٍ من وجع.
ترى أي حبٍ هذا الذي صرع فؤادي بك كيف أنظرُ في مرآتي فلا أجدني فكل كل الوجود غدا أنت .
لست أدري ماذا أخبرك الآن وكم يشق على نفسي ما تعانيه،لن أنسى ما حييت تلك النظرة المتألمة في عينك وكأنك تدعوني للاقتراب ...كيف أفعل وبيننا جدارٌ لا يمكن لأيٍ منا تجاوزه.
لا يؤلمني وجود رجلٍ يحول بيننا كما يؤلمني كونه شقيقك أنت ...صرختُ سمر المفزوعة هزت جسدي وأتت على ركائز الصبر في نفسي كانت تبكِ بشدة :أحمد أصيب في عينه اليمنى
تحسستُ عيني دامعةً ليتني من أصيب ...لم أدرك حجم المعاناة التي وقعت كنت حبيسة جدرانٍ أنا من شيدها جدران وهمٍ أوجدها الخوف والأحاديث الكثيرة التي أحبسها في نفسي فتحول بيني وشمس الحقيقة.
مضى هذا النهار ثقيلاً كان جاثماً على صدري بكل لحظاته كوحشٍ استعذب الموت فوق قلبي المحترق خوفاً...لم أجرؤ على السؤال فهل فقدت البصر فيها وكيف أصيبت ؟
انتظرت حتى ساعةٍ متأخرة هذا المساء خارج سجني الذي أدمنته كنت أنتظر أي شخص آتٍ يحمل في جعبته أي خبرٍ عنك.
لم أصدق عيناي حين رأيتك تدخل الصالة حيثُ أنتظر لتلقي بجسدك المرهق فوق أحد المقاعد وأنين نفسك يفتك برأسي رغم صمتك بلحظاتٍ قصيرة كانت الأسرةُ قد التفت من حولك ولم تترك لي أنا الواقفة على بعدٍ لست أدري عن مداه أي مجالٍ لأراك أو أطمئن كل ما أعرفه أنهم وبعد بضع دقائق أفسحوا لي المجال كي أراقب بصمت أفسحوه دون قصدٍ أو حتى انتباه فألمك طغى على المكان برمته وكأنه حال بين إحساس بعضنا ببعض.
حقاً شعرتُ بأن عينك الأخرى تناديني اقتربت لأطمئن وشيئاً ما بداخلي يدفعني للوراء,لم أنتبه على دموعي التي نهضت تمسح شيئاً منها بعطف.
وكأنك سمعت سؤال قلبي الملهوف :لا داعي للبكاء فأنا بخير...
آآآآه لو تعلم كم أحتاج لهذه اليد كم أشتاق لاحتضانها ,لسكب قبلة تحكي ما عجزت عنه حروفي عليها...
لم أتراجع للوراء لأني وكالعادة أصدك وأرفض اقترابك وإنما لأمنع نفسي من السقوط على صدرك باكية فأنت الآن تحتاج منا قوةٌ تعينك على الألم لا تحتاج لضعيفٍ مثلي أتاك يتكئ على صدرك فيبثه كل وجعٍ كامنٍ بصمت.
يفتك بي سؤالٌ ربما لن تجيبه ولو بعد حين ـ ما سرُ تلك الابتسامة التي تزين بها ثغرك رغم نزف الوجع في محياك ؟! تراها روحي رغم الصمت بثتك شيئا من هذا الحب القاتل الساكن بين أضلاع صدري.
تراك علمت أنني جسدٌ خاوي إلا منك وهذا العشق ـ أدركت رضوخي لوجودك وبل رغبتي به ؟؟؟!
كل هذه أسئلةٌ معلقة بين عقلي وقلبي وفمي المغلق بإحكام ـ لكن إلى متى ...لا علم لي.
تحسس عينه اليمنى وقد عاد إلى ذاكرته ذاك النهار ثم ابتسم : كنت على يقين أنك في حالة قلقٍ قاتل لذا آثرتُ العودة للمنزل ومتابعة العلاج فيه رغم رفض الطبيب بالحقيقة وجودك بانتظاري أو حتى بانتظار أي شخصٍ يأتيك بخبرٍ عني هون علي الكثير ودفعني للشفاء وبل للرغبة بأن تبصر عيني النور من جديد.
\
\
يتبع