ج9
أمرٌ لا مفر لي منه...
هذا اليوم ظننته سيمضي كسابق أيامي بين جدران حجرتي
صدمتني زيارة والدك ...إنه رجلٌ حنون صبور لكنه أيضا صاحب قرارٍ لا عودة عنه وكلمة نافذة لا فكاك منها أراد مني مغادرة الحجرة فقد آن الأوان لتعود حياتي إلى طبيعتها بعد أيامٍ قليلة ستفتح الجامعة أبوابها أم أنني سأخذل أبي وأتخلى عن حلمي بدراسة جغرافيا الأرض التي حلمت بها منذ الطفولة .
لقد رفضت ولكنه أصدر حكماً لا تراجع عنه ـ سأتناول غدائي معكم على المائدة الكبيرة فهذا قرارٌ غير قابل للنقاش ,تركني أهذي محاولةٌ إقناعه أنني أريد البقاء هكذا حتى يعود أبي
نعم سأخرج للحياة من جديد لكن لم يأتي الوقت المناسب لذلك بعد ...تركني وكأني لا أتحدثُ إليه .
انهرت باكيه :هل سنلتقي هذا اليوم ...كيف أضبط قلبي وأنظم نبضاته هل بمقدوري عدم النظر إليك إسكات لهفتي وأشواقي لعينيك لابتسامتك بل عشقي لكل تفاصيلك ؟
ماذا لو اهتزت أشجار الياسمين بروحي فغمرتكم برائحة حبي ...هل ستغفرون لي هذا العشق المريض...؟
قرعت الخادمة بابي تخبرني أنكم على المائدة بانتظاري,حين خرجتُ إليكم بلباسي كاملاً وحجابي أدركت حجم الصدمة والنظرات التي تحمل مئات المعاني والتي تبادلتموها رغم هذا لم أكترث
نعم أسكن في منزلكم لكنكم لستم عائلتي ...أنا سأرحل ـ سأرحل فور حصولي على حريتي
لستُ أدري لماذا تُرك لي مقعدٌ بجوارك وآخر مقابلك وهل كان اختياري لأي منهما قراراً فاصلاً تنتظروه بلهفه.
حقاً لا أعلم لماذا فكرت هكذا ... حسناً في تلك اللحظة كل ما رغبت به الهرب منك كيف أجلس بجوارك هادئة حتما ستسمع صوت قلبي الثائر بصدري حباً وشوق بل كيف أجلس مقابلك فتفضحني نظراتي لك ...
بسرعة ودون تفكير طلبت أن تبادلني سمر مقعدها لا تعتقد للحظةٍ واحدة أني لم ألحظ اتقاد عينيك جمراً ...هل هذا غضب أم حزن ...؟
ولماذا تغضب أو حتى تحزن لاشيء يستدعي منك أياً منهما.
انضمامي لكم أثار أحزاني التي نسيتها في خضم بحرك ...لقد تذكرت عائلتي مشاكسة إخوتي لي بل مداعبة أبي لنا جميعا ضجر أمي أحياناً من أحاديثنا التي تبدأ مع الطعام ولا تنتهي لأي سببٍ من الأسباب؟
ارتجفت شفتاي قسراً ظننت أنني أحدثُ نفسي ولم أعي أن صوتي مسموعاً ـ هذه المرة الأولى التي أتناول فيها طعامي مع عائلة بعد رحيلكم .
سماعكم لي أضعفني أمام دموعي فهرولت إلى حجرتي أكتم شهقات روحي وأصارع غياب أحبتي باسترجاع أطيافهم واستذكار تصرفاتهم.
أتعلم أيها الساكن في روحي ... رغم كل هذا حفظت بعض تفاصيلك آلمني بريق الخاتم في يمينك ...إذن أنت مرتبط,ضغطت قلبي بيدي وحمدت الله أنني كتمت سري جيداً فأنت رجلٌ مرتبط.
هذا يعني هناك محبوبة تتربع على عرش قلبك,حتما لن أزاحمها عليه وليس من حقي أن أحاول انتزاعك منها.
حسناً يكفيني عذاباً هذا النهار ـ سأنام قليلاً سأحاول الهرب من اجتماعي بكم على مائدة العشاء ولست أدري هل أنجح أم أن حكم والدك ليس قابلاً للنقض أو حتى تأجيله لعلي أنسى صور عائلتي التي تمزق ثباتي وتستنزف دموعي حين أقف بينكم كعصفورٍ رمته الرياح خارج عشه ومزق ريشه المطر.
نظر ليده اليمنى مبتسماً ... مرتبط !! ألا تعلمين من هي التي ارتبط بها قلبي وتاقت لها الروح شوقاً...؟
لو أنك تعلمين لغردت على أغصان القلب وأحلتِ يباسه بساتين.
تعلمين كم تلهفت لخروجك ...؟ربما كانت لهفتي بحجم خوفك وترددك بل وعنادك أيضاً يالك من طائرٍ حر لا يقبل عن السماء بديل رغم تكسر أجنحته أعدك بالسعادة من جديد لكن الأمر يتطلب منا صبرا فاليسر بعد العسر ولا يأتي الفرج إلا من بعد ضيقٍ وشدة.
\
\
يتبع