عند تصفحي لأحد المنتديات وقف مع قصيدة أعجبتني رقتها وجمالها للشاعر عبد الله الرياني
أحببت أن أطلعكم عليها لجمالها ورقتها وقد قال أنه أسماها
أسميتُها .. "حبيبتي" :
توقّفَتِ القلوبُ عن الحَراكِ *** فقالوا : ما دهاكَ وما دهاكِ؟
فقلتُ لهم: دهاني ما دهاها *** كِلانا واقعٌ تحتَ الشِّباكِ
وأحلى من عيونِ الشّعر عَيْنٌ *** تغنّى الشعرُ فيها وافتداكِ
رويُّ قصيدتي يَروي عِطاشًا *** وأروى منْهُ فيها من رَواكِ
ومَنطِقُكِ الرّخيمُ أزجَّ سمْعي*** وطلعتُكِ البهيّةُ كالمَلاكِ
وحاجاتُ الأنامِ إلى هواءٍ *** كحاجةِ قلبي الشاكي هواكِ
طلبْتُ يديكِ مِنْهُ فردّ أنْ " لا" *** ثكلتِ أيا حبيبَتنا أباكِ
وإنّي عاشقٌ فأقولُ ماذا *** وكلُّ العاشقين لديّ شاكِ
أغارُ عليكِ من ثوبٍ رُقاقٍ *** إذا لمسَ الحريرَ به يداكِ
ومن شِعْرٍ إذا يحدوهُ راعٍ *** ففنّشَ سمعكِ الغالي سَباكِ
ومن ماءِ الوَضوءِ أغارُ لمّا *** توضّأتي ومن عودِ الأراكِ
أغارُ عليكِ مِنْكِ إذا ألِفْتِ الْـ***ـمَحبّة بيننا ممّا اعْتراكِ
أغار عليكِ من نفسي ومنّي *** ومن عيني -أغارُ- إذا تراكِ
صباحَكِ مُطرقًا ولديّ طبْعٌ *** يُقِضُّ مَضاجعًا لي في مساكِ
ولولا في الصبابةِ ذَوْقُ وَجْدٍ *** لأبديتُ المحبّةَ في غلاكِ
ولكنّي أحِبُّكِ ثمّ أُخفي *** لكيلا أن يكونَ به أذاكِ
فإنّ العِشقَ نارٌ معْ رياحٍ *** تهِبُّ فكيفَ إن شَمِلتْ غَضاكِ
وأعلمُ أنّ في قلبي لهيبًا *** وأعلمُ أنّ عندَكِ مثلَ ذاكِ
ولكنّ التّعفّفَ حالَ بيني *** وبينَكِ بل دوائي في دواكِ
فمحتارٌ أنا أدنو فأهوى *** وآهاتي ستَنْبُتُ في حَشاكِ
أمَ اجْفوْ والجَفاءُ به جُروحٌ *** فأنكأُها وجَفْوي قد شجاكِ
رهينٌ بين قطعٍ دونَ وصلٍ *** ووصلٍ ثمّ قطعٍ وانفكاكِ
فما بالُ القطيعةِ لازمَتنا *** وعانَقْنا المصيبةَ باشتراكِ
ظَفِرْتُ بغيمةِ الأشواقِ ليلا *** ولم أظفرْ بفجْري من نَدَاكِ
وقد مرَّتْ بنا الأيامُ تترى *** تعلّمُنا التّضاحُكَ والتّباكي
ألمّ بقلبِي المُضنى بلاءٌ *** فأبكي إن عجِزتُ عن التّشاكي
وأثقلَ دهرِيَ الجِسْمَ المُعنّى *** كأنّي والزّمانُ على عِراكِ
وأخباري تروحُ بكلِّ أرضٍ *** فقولي لي إذا خبَري أتاكِ
ألم تدريْ بأنّ العِشقَ سِجنٌ *** حُبِسْتُ به وتُهمتُه هواكِ
ويأسرُني به سِلسالُ شوقي *** فأبدى لي فؤادَكِ واصطفاكِ
وأحلُم في الليالي كُلَّ حُلْمٍ *** سوى فيما أرى فيهِ سِواكِ
إذا صرخَ الحنينُ بكلّ وجْدٍ *** يردُّ على مسامِعه صداكِ
لآلِئَ منطقٍ تُبدي الثّنايا *** فأسمعُ -إذ حدرْنَ بهنّ- فاكِ
فهلّا قُلتِ: هاتِ الحُبَّ قدْحًا *** فأُمزُجُ كأسَنا وأقولُ: هاكِ
فقُلتِ: كفاكَ من حُبِّي -حبيبي- *** هلاكٌ فيكَ، قلتُ: وقدْ كفاكِ!
فزِنْزاناتُنا في السّجنِ تحكي *** معاناتي وآلامَ الهلاكِ
فإنّي إن ضللتُ إليكِ أُهدى*** وإنّكِ إن ضللتِ أنا هُداكِ
فإمّا أن يلُمَّ اللهُ شملا *** لنا فيُضيءُ في قلبي سَناكِ
ويجمعُ ربُّنا بين الحنايا *** ويَحْبوني الإلهُ بما حباكِ
وإمّا أن تموتي قبلَ يومي *** فأبكي إن مررتُ على ثراكِ
وإمّا أن أموتَ أنا فتبكيْ *** عَلَيَّ فتُجزئيْ عنّي البواكي
وإمّا أن نموتَ فليس بعدي *** وبعدَ حبيبتي ناعٍ وباكِ