كانت أياماً ــ قدر الله فيها ــ أن اتغرب للدراسة من منطقتي اللتي اسكن فيها الا منطقة أخرى ..
وكانت هي التجربة الأولى لي , حيث أنتزعت من مجتمعي وأصدقائي وأهلي الى مكان اخر ..
كانت الكأبة تحوطني , والهم يتدفق في شراييني , مع أن عمي وأسرته يسكنون في تلك المنطقة ,
وأصروا علي بالسكن معهم ألا أن طعم الأرض لا يشبهه طعم ,
كنت أجلس في فناء بيتهم , وفي قلبي ما الله به عليم من الوجد والهم .على فراق الأهل والارض والأصدقاء ,التفت يمنة ويسرة ,طأطأة رأسي الى الأرض فأذا بمجموعة من النمل تحوم في المكان ..
لا أخفيكم سرا , انشرح صدري بوجود النمل وكأنه غائبا جاء ليؤنسني ..
أراقبه وهو يلتقط فتات الخبز في جد وحيوية , يسير في اسراب ومجموعات وكأنه يلعب لعبة جماعية
لسان حاله يقول : الأرض هي الأرض هنا وهناك ,ونحن عمارها لا غريب على وجه الأرض .
أسعى كما نسعى , وجد واجتهد , وابني كما نبني , (هنا يقطع عمي علي خلوتي )ولكن بعد ماذا ؟!!
بعد ان ملأت النملة صدري أملا ً وتنفست الحياة من خلالها .
(لا عيب ان نتعلم من أصغر الأشياء ولو كانت نملة )
ألم يتبسم سليمان عليه السلام من قولها ؟!!