نظرت بعيداً : أتعلم ...كنت أحس بحبه الكبير على أنه لم يبادلني يوما أكثر من النظرات والبسمات إلا التحية ...كان هذا طوال السنة الجامعية الأولى لقد التقيت به هنا مرة واحدة ,حيث دعانا مرسيل لرحلةٍ تخيم تحت إشرافه أما أنت فقد كنت في سفر يخص دراستك .
التقيت به هنا آه لو تعلم كيف كانت لحظاتنا صاخبةٌ رغم الصمت ثرثارة رغم موت الحروف فوق الشفاه عيناه كانتا دائما أكثر قدرة على التعبير من الكلمات .
لقد زرعنا قرب تلك الشجرة بعض الزهور زعمت كذبا أنها زهور صداقة لا غير وأنا أزرعها زهور حب مجنون .
أتعلم استمر جــون يعتني بهذه الزهور لمدةٍ طويلة حتى قبل سفره بأسبوعين فقط حضر لهنا واعتنى بحديقة القلوب الصغيرة ...أنا أيضا فعلت كمثله لكني لم ألتقي به هنا مرةً أخرى إلا عندما أخبرني بتلك الحقيقة الغائبة في قلبه وروحه .
نظر لها متسائلاً : عن أي حقيقة تتحدثين ...؟؟؟
لــورا : حبه وشغفه وقراره بالتضحية حتى النهاية لأجلك ـ جون رحل وهو يعتقد أنه السبب في إصابتك الحادة .
ضحك مــارك وهو يغيب في الأفق وجماله :أتعلمين ...هو أحمق تلك الرصاصة العمياء أخطأته لتصيبني ,لم أفتديه بنفسي أمامها قلت له هذا مرارا على أنه لم يكترث لــورا هذا المكان شهد أياما رائعة في حياتنا منذ الصغر اعتدنا الحضور هنا لنبث للنهر ألامنا أحزاننا كما حضرنا له مرارا ليشاركنا أفراحنا لهونا وضحكنا .
حتى فترة قريبة كنت هنا ألهو معه كما الأطفال شجارٌ صراخٌ وعراك ينتهي بالضحك والتعب حد النوم فوق هذه الأعشاب .
انتهى ذاك النهار وكلٌ منهما لم ينهي الحديث عن ذكرياته بعد , تهيئا للانصراف
اعتدل مارك جالساً: ألازلت تحبيه كما في السابق ألم يخبو بريق إحساسك بعد ...؟؟؟ {نظرت له بصمت ودمعة تتقلب في مقلتيها}...حسنا لقد فهمت الآن .
أعدك بأن نكون دائما وأبدا أبناء سبستيان قولا وفعلا سأتركك وقلبك الهائم في بحر الماضي .
نهضت تنفض التراب عن ثيابها : مــارك ينتابني إحساس عميق يقول لي أن جــون لازال حيا في مكانٍ ما على هذه الأرض ,انتظريه فهو سيعود يوما ما .
ضحك ونهض مسرعاً : أيتها الحمقاء أي عودة تلك التي تنتظرين لست أنكر أنا كمثلك أتحرق شوقا له وأتمنى أن يعود ذات نهار ولكن الميت ...
صرخت به :أرجوك لا تكمل أقول لك لازال جــون حيا وإلا لكان قلبي مات منذ زمن .
تركته ومضت إلى السيارة تكتم دمعة شوقٍ وحنين ...تبعها بصمت ليعود كلٌ إلى مكانه .
أخيرا توظفت لــورا معيدة في كلية الآداب التي تخرجت منها سابقا وقد كان لجــوانا فضلٌ في هذا الأمر .
ذات نهار وهي تغادر فناء الجامعة حدث أمرٌ ما جعلها تركض للرصيف المقابل دون وعي ثمة شخصٌ كان يمر من هناك شدها بجنون لكنها فقدته سريعا .
أما مارك فقد عاد له الألم الشديد في رأسه فعاد للمشفى لإجراء فحصا دوري اعتاد عليه منذ زمن,على أن طبيبا ما قد لفت انتباهه فلحق به حتى غرفته الخاصة هناك وقف واجما مذهول لا يصدق عيناه ...