قطرات أدبية

قطرات أدبية (https://qtrat.com/vb/index.php)
-   قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم (https://qtrat.com/vb/forumdisplay.php?f=11)
-   -   شرح قصيدة أبو ذؤيب الهذلي (( أَمِـنَ الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ )) (https://qtrat.com/vb/showthread.php?t=2483)

عبدالرحمن منصور 05-08-11 09:37 PM

شرح قصيدة أبو ذؤيب الهذلي (( أَمِـنَ الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ ))
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كانت صباح هذا اليوم مستلقي على سريري أقرأ بعض القصائد
ومررت على الكثير من القصائد التي يطرب لها القارئ حد الثمالة
وقررت أن أهديكم احدها مع بعض الشرح والتوضيح لبعض معانيها التي قد تستعصي على البعض
فاحترت ماذا أختار وعلى أي قصيدة سوف يقرُ بي القرار

فاخترت لكم قصيدة مشهورة قد قرأها الجميع أو سمع ببعض أبياتها
قد يستطيع الجميع شرحها أفضل مما سأشرحها ... ولكن هي محاولة واجتهاد .. ليس أكثر

ولكن وبرغم أن القصيدة كتبت من ألف عام وأكثر فلازالت عاطفة شاعرها غضة وطرية في أحشائها حتى اليوم
ولازال دمعة منحدرا من بين أحرفها وأبياتها حتى يومنا هذا
ولازالت صرخات صاحبها المكتومة المكلومة تطرق أذن من يحسن الإنصات إليها

هي قصيدة محملة بعاطفة كبيرة وصادقة من الحزن والأسى والفقد لدرجة أن قارئها
قد يجد الدمعة تفارق أجفانه حين يقرأها .فيا لها من قصيدة تستحق أن نقف عليها وعلى أطلال كاتبها
لفنهم ولو بشكل بسيط ما يقصده الشاعر في كل بيت من أبياتها وفي كل كلمة من كلماتها

واسمحوا لي أن أقوم بهذا الدور فهو شرف كبير أن أقدم لكم هذه الدرة الشعرية
وبكل أمانة فشرحي وتقديمي للقصيدة هو تقديم ذاتي انطباعي حسب فهمي لها ولأبياتها فقط
فهو بلا شك شرحٌ ناقص وقد يجانب الصواب أحياناً فاعتذر مقدماً عن ذلك
ولمن أراد شرح القصيدة بشكل مطول وبشكل مفصل وصحيح فعليه بالحبث عن شرح ديوان أبو ذؤيب الهذلي

وقبل هذا لنأخذ تعريفا بالشاعر ونبذةً بسيطة حن حياتها لتكون مفتاحاً يساعد على فهم القصيدة وعلى الزمن الذي كتبت فيه
//
//
//
القصيدة بعنوان ( أمن المنون وريبها تتوجع )
للشاعر ( أبو ذؤيب الهذلي )

أبو ذؤيب الهذلي : هو خويلد بن خالد بن محرِّث بن مدركة من قبيلة هذيل
عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام لكنه لم يلتقي بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته
لأنه دخل المدينة المنورة حين وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
وشهد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وشهد دفنه
ورثى النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة يقول فيها :
كسفت لمصرعه النجوم وبدرها
وتزعزعت آطام بطن الأبطح
وتزعزعت أجبال يثرب كلها
ونخيلها لحلول خطب مفدح

شهد أبو ذؤيب الكثير من غزوات المسلمين في عهد الصحابة رضوان الله عليهم
وتوفي في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ودفنه عبدالله بن الزبر قريبا من مكة
وقيل انه استشهد في إفريقيا في إحدى غزوات المسلمين ودفنه عبدالله بن الزبير هناك

مناسبة القصيدة :
توفي لأبو ذؤيب خمسة أبناء في عام واحد بسبب مرض الطاعون
فرثاهم بقصيدة طويلة تقطر أسا وحزنا ومرارة
القصيدة تقع في 69 بيتا ولكن سنأخذ ما يهمنا منها فقط وهو حدود 20 بيت فهي جوهر القصيدة
ومن المتوقع أن أبو ذؤيب نظم هذه القصيدة قبل إسلامه فليس للإسلام أثر في ثنايا القصيدة على الأقل من حيث الألفاظ
//
//
القصيدة

((أَمِـنَ الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ ))

أَمِـنَ الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ ****** وَالـدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قـالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً ****** مُـنذُ اِبـتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم مـا لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً ****** إلا أَقَـضَّ عَـلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَـأَجَبتُها أَن مـا لِـجِسمِيَ أَنَّهُ ****** َأودى بَـنِيَّ مِـنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَـنِيَّ وَأَعـقَبوني غُـصَّةً ****** بَـعدَ الـرُقادِ وَعَـبرَةً لا تُقلِعُ
سَـبَقوا هَـوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ ****** فـتُخُرِّموا وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
فَـغَبَرتُ بَـعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ ****** وَاخـالُ أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَعُ
وَلَـقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ ****** فَـإِذا الـمَنِيِّةُ أَقـبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا الـمَنِيَّةُ أَنـشَبَت أَظـفارَها ****** أَلـفَيتَ كُـلَّ تَـميمَةٍ لا تَنفَعُ
فَـالعَينُ بَـعدَهُمُ كَـأَنَّ حِداقَها ****** سُـمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حَـتّى كَـأَنّي لِـلحَوادِثِ مَروَةٌ ****** بِـصَفا الـمُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
لا بُـدَّ مِـن تَـلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر ****** أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
وَلَـقَد أَرى أَنَّ الـبُكاءَ سَفاهَةٌ ****** وَلَـسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
وَلـيَأتِيَنَّ عَـلَيكَ يَـومٌ مَـرَّةً ****** يُـبكى عَـلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
وَتَـجَلُّدي لِـلشامِتينَ أُريـهِمُ ****** أنّـي لَـرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
وَالـنَفسُ راغِـبِةٌ إِذا رَغَّـبتَها ****** فَـإِذا تُـرَدُّ إِلـى قَـليلٍ تَقنَعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى ****** بـاتوا بِـعَيشٍ نـاعِمٍ فَتَصَدَّعوا
فَـلَئِن بِـهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ ****** إِنّـي بِـأَهلِ مَـوَدَّتي لَـمُفَجَّعُ
وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ ****** فـي رَأسِ شـاهِقَةٍ أَعَـزُّ مُمَنَّعُ
وَالـدَهرُ لا يَـبقى عَلى حَدَثانِهِ ****** جَـونُ الـسَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ



وسأتي لشرح القصيدة إن شاء الله فيما بعد

لحين التقيكم كونوا بألف خير
ولكم خالص التحية

عبدالرحمن منصور 05-08-11 09:49 PM

شرح القصيدة





أَمِـنَ الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ ***** وَالـدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
المنون جمع منية وهو الموت
هنا الشاعر يخاطب نفسه أو بالأصح يعاتب نفسه على شدة جزعه وطول توجعه بسبب موت أبنائه الخمسة وان موتهم كان بيد الدهر الذي لا يثنيه عن مشيئته جزع من جزع ولا اعتراض من اعترض .فهو يطوف بالناس سواسية بلا هوادة وبلا توقف فما الفائدة من طول الجزع والحزن على ما قد وقع
وقد يكون هذا البيت جزء مقدم من عتاب زوجته أميمية له على توجعه وجزعه مما أصابه
وسنرى ذلك في الأبيات التالية

قـالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً ***** مُـنذُ اِبـتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أميمة هي زوجته
وهو هنا ينقل لنا الحوار الذي دار بينه وبينها وهي تستفهم عن سبب شحوب لونه
ونحول جسمه لدرجة أن منظره أصبح رثاً مبتذلا كمنظر شخص فقير رغم ما لديه من مال وفير
الشاعر في هذا البيت يصور لنا عزوف نفسه عن مظاهر الحياة ومباهجها رغم ما يملك من أمول بعد أن فقد أبنائه لدرجة أنه أصبح شاحب اللون ناحل الجسم رث الهيئة
وأن حزنه عليهم فاق حزن أمهم عليهم فأصبحت هي من يواسيه ويخفف المصاب عليه

أَم مـا لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً ***** إِلا أَقَـضَّ عَـلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
لازالت أميمة زوجة الشاعر تسال وتستفهم... وقد تكون استفهامات حقيقة وقد تكون من خيال الشاعر لكي يوصل إلينا الصورة التي يريدها أن تصل
وهنا أميمية تسأله عن سبب الأرق الذي يلازمه
فهو لا يكاد يضع جنبه على الفراش حتى يقوم أما مفزوعاً من حلم مخيف
أو يصيبه الأرق فيظل يتقلب على فراشه متململ لا يستطيع أن يتلاءم معه أو يستريح عليه.

فَـأَجَبتُها أَن مـا لِـجِسمِيَ أَنَّهُ ***** َأودى بَـنِيَّ مِـنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أودى بمعنى هلك
الشاعر هنا يجيب على أسئلة أميمية ويخبرها عن سبب ذلك الأرق وسبب ذلك الشحوب
فهلاك أبنائه الخمسة في عام واحد و وداعهم لهذه الدنيا بلا رجعه هو سبب أرقه وسبب شحوبه

أَودى بَـنِيَّ وَأَعـقَبوني غُـصَّةً ***** بَـعدَ الـرُقادِ وَعَـبرَةً لا تُقلِعُ
الرقاد يريد به الموت
هلك أبنائي وتركوا في نفسي غصة لا تزول ودمعاً لا يتوقف على رحيلهم المر الأليم

سَـبَقوا هَـوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ ***** َفـتُخُرِّموا وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ
سبقوا هواي .. ما هو هوى الشاعر هنا قد يكون هو أن يرى أبنائه أبطالا صناديد شرفاء كرماء قد يكون كذلك
ولكن هذا الهوى وهذه الأمنية لم تتحقق فقد سبقتها أمنية أبنائه بمعانقة الموت ولقائه
ولكن الموت صرعهم بسهامه التي اخترقتهم كالنبال فأودتهم صرعا

فَـغَبَرتُ بَـعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ ***** وَإَخـالُ أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَعُ
غبرت : بمعنى مكثت
ناصب: بمعنى شاق ومتعب
أخال : أظن وأتوقع
فهو يقول مكثت بعد رحيل أبنائي في عيش شاق ومتعب وأظن أني سوف ألحق بهم واتبعهم إن بقيت على هذه الحالة
وهو في هذا البيت لا يشكوا فقد أبنائه فحسب لكنه يشكوا افتقاده لمن يساعده ويعينه على مشاق الحياة بعد موت أبنائه
فقد أصبحت الحياة بعد موتهم شاقه ومضنية ومتعبة لا يقوى عليها لدرجه انه قد يهلك لو مكث على هذه الحال

وَلَـقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ ***** فَـإِذا الـمَنِيِّةُ أَقـبَلَت لا تُدفَعُ
هنا تتجسد عاطفة الأبوة وحرصه الأب على أبنائه ودفاعه عنهم ضد كل شر أو مكروه
ولكن أتاهم مالا طاقة لأبيهم بدفعه عنهم وهو الموت
واستخدام حرف الجر الباء في قوله ( بأن أدافع عنهم ) للاستدلال على السرعة في الحركة أو ردة الفعل للدفاع عن أبنائه

وَإِذا الـمَنِيَّةُ أَنـشَبَت أَظـفارَها ***** أَلـفَيتَ كُـلَّ تَـميمَةٍ لا تَنفَعُ
ألفيت : بمعنى وجدت
التميمة : هي ما يعلق على الصدر من خرز أو غيره لدفع الأضرار أو الأمراض
أو العين أو السحر وهي من العادات الجاهلية التي نهى عنها الإسلام
الشاعر هنا يصف الموت ويشبهه بوحش كاسر لا تنفع معه التمائم حين يُنشب أظفاره في صدر ضحيته فلا يتركه إلا وقد قضى عليه

فَـالعَينُ بَـعدَهُمُ كَـأَنَّ حِداقَها ***** سُـمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
حدقة العين هو سوادها
سملت أي فقئت
فهو يقول عيني بعد رحيل أبنائي كأنها فقئت بشوك حتى أصابها العور وهي لازالت تدمع
وهذا يدل على شدة الحزن والأسى الذي أصابه على فقد أبنائه لدرجة أن سواد عينيه قد ذهب من شدة البكاء والحزن عليهم



وفيما بعد سوف أكمل شرح بقية الأبيات إن شاء الله
فلكم خالص التحية والتقدير

ماااريا 05-08-11 10:37 PM

أهلاً بك أستاذ وجيه و بهذا القلم الرصين

ذو الاسلوب الرشيق الممتع الجذاب

مرحبا بنا معك في عالم يضج بالثقافة

الأجمل والأروع والحضور العذب

الماطر بالنقاء ومترف بالعبق

والمعلومات الجميلة

تحيتي وتقديري

وبانتظار المزيد

دمت بحفظ الله

عبدالرحمن منصور 06-08-11 04:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مــاريا (المشاركة 63609)
أهلاً بك أستاذ وجيه و بهذا القلم الرصين

ذو الاسلوب الرشيق الممتع الجذاب

مرحبا بنا معك في عالم يضج بالثقافة

الأجمل والأروع والحضور العذب

الماطر بالنقاء ومترف بالعبق

والمعلومات الجميلة

تحيتي وتقديري

وبانتظار المزيد

دمت بحفظ الله

أهلا ماريا
أهلا بهذه الفراشة التي تطير من زهرة لتحطَ على زهرة
لتنشر أريجها وعبقها في الأرجاء

وبما أن هذا هو أول موضوع لي في هذا القسم بعد توليك إشرافه
يشرفني أن اهديهِ لكِ أولاً وللجميع ثانياً

وأنتِ تستحقين الأفضل والأجمل بكل تأكيد
فنشاطكِ واضح وتفاعلك مع كل ما يطرح شي يدعوا للإعجاب والفخر

لك كل الشكر على كرم الحضور
ولك خالص التحية والتقدير

عبدالرحمن منصور 07-08-11 03:25 AM

نكمل شرح بقية الأبيات



حَـتّى كَـأَنّي لِـلحَوادِثِ مَروَةٌ ***** بِـصَفا الـمُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
الحوادث: بمعنى المصائب
مروة : هي إن كانت كما أفهمها نوع من أنواع الحجارة يكون لونها أبيض
وهي عادة ما توضع كشارة يتدرب عليها من يتعلم الرماية لأن لونها الأبيض يساعد على رؤيتها من بعيد
أما صفا المشرق فأتوقع أنه مكان من الأرض لا أعلم أين يقع بالتحديد
وتقرع بمعنى تضرب
فالشاعر في هذا البيت شبه نفسه بالمرة التي تقرع ولكنها تقرع بالمصائب كل يوم
وهذه كناية عن كثرة ما أصابه من الرزايا والمصائب في حياته


لا بُـدَّ مِـن تَـلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر ***** َبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
التلف : هو عطب وهلاك كل شيء .. وإن أطلقناها على الإنسان فهي تعني الموت
المصرع : مصرع الإنسان هي نهايته وموته
وفي هذا البيت حكمة فلابد لكل نفس أن تموت إما في أرضها وبين أهلها أو بأي ارض أخرى
وهو هنا يواسي نفسه ويعزيها ويقول لا تأسي على ما قد أصباك فأنه مصير كل إنسان


وَلَـقَد أَرى أَنَّ الـبُكاءَ سَفاهَةٌ ***** وَلَـسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
السفاهة : ضد الحلم وهي من الجهل
ولع : أي أغرم وتعلق بالشيء
المُفجع : هو من ألمت به نازلة من نوازل الدهر على حين غرة فتألم لما أصابه وفُجِع
والشاعر في هذا البيت يلوم نفسه ويعاتبها على كثرة وطول بكائه لأنها صفة تنافي الحلم والحكمة ولا يجب أن تكون فيه
وأن كل شخص أصابته نازله إن لم يتحلى بالحلم والحكمة سوف يطول بكائه ونحيبه حتى كأنه مغرم بطول البكاء



وَلـيَأتِيَنَّ عَـلَيكَ يَـومٌ مَـرَّةً ***** يُـبكى عَـلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
مقنع : بمعنى مكفن أي وكفنك ملفوف عليك
حكمة أخرى يرسلها لنا الشاعر وموعظة وإقرار بأن الموت سوف يَطال كل حي
فهو يقول بأن كل شخص سوف يأتي عليه يوم يلف في كفنه ويبكي عليه أهلهُ وأحبتهُ من حوله وهو لا يسمع بكائهم
وهي مواساة أخرى يواسي بها الشاعر نفسه


وَتَـجَلُّدي لِـلشامِتينَ أُريـهِمُ ***** أنّـي لَـرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
التجلد : هو إظهار الصبر على الشدائد
التضعضع : هو الخضوع والذل
والشاعر هنا يخبرنا بأنه رغم عظيم حزنه وجليل مصابه وغزير دموعه فهو يخفي كل ذلك عن أعين الناس
ويبدي لهم تجلده وصبره وأنه لا ولن يخضع ولا يذل ولا يستكين لما يصيبه من أحداث في هذه الحياة كي لا ينال منه الشامتون فيذموه أو يشمتون به
وهذه صفة جميلة وعظيمة يتحلى بها شاعرنا


وسأكمل ما تبقى من أبيات في وقفة قريبة إن شاء الله

لكم التحية

نسيان 31-07-12 09:14 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن منصور (المشاركة 63697)
نكمل شرح بقية الأبيات







وسأكمل ما تبقى من أبيات في وقفة قريبة إن شاء الله


لكم التحية

يسعد صباااحك استاذي عبدالرحمن
شرح جميل لقصيدة رائعة و تعريف بشاعر اجهله
وضعتها بالمفضلة لاعاود قراءتها و الشرح لاتعلم
السؤال المطروح اين تكملة الشرح
وهل هناك قصائد قد قمت بشرحها بالمنتدى
لاني فعلا هذا اللي ابحث عنه

طبت و طابت جهودك ومسعاااك

نسياااان

عبدالرحمن منصور 31-07-12 08:55 PM

اهلا نسيان
لا .. ليس هناك قصيدة أخرى قمت بشرحها
وبخصوص تكملة شرح القصيدة
فبما أنك معانا في دورة تذوق النص الأدبي
سيكون هناك العديد من القصائد التي سنقوم بشرحها إن شاء الله
والتي ستكون أعلى قيمة من هذه القصيدة

لك التحية

انثى الغيم 24-12-12 04:35 PM

,’

عبدالرحمنْ منصور..~

أطال الله عمرك على هذا المَجهود
شرحْ وصل الى درجةْ الاتقان

شكرا عظيمه استآذي

دمت بخير

أبو الطيب 27-05-20 01:52 PM

بوركت جهودك...سلمت أخي


الساعة الآن 12:56 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع قطرات أدبية 2009